الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهجرة وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب وتوفى فى رجب سنة تسع من الهجرة ونعاه النبىّ صلى الله عليه وسلم يوم توفى وصلى عليه بالمدينة وأما النجاشى الذى ولى بعده وكتب اليه النبىّ صلى الله عليه وسلم يدعوه الى الاسلام فكان كافرا لم يعرف اسلامه ولا اسمه وقد خلط بعضهم ولم يميز بينهما* وفى صحيح مسلم عن قتادة أن النبىّ صلى الله عليه وسلم كتب الى كسرى والى قيصر والى النجاشى والى كل جبار يدعوهم الى الاسلام والى دين الله وليس بالنجاشى الذى صلى عليه* قال ابن اسحاق فذكر لى انه بعث النجاشى بعد قدوم جعفر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرها ابن النجاشى من البحر فى ستين رجلا من الحبشة فركبوا سفينة فى اثر جعفر وأصحابه حتى اذا كانوا فى وسط البحر غرقوا ووافى جعفر وأصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبعين رجلا وعليهم ثياب من الصوف منهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة يس الى آخرها فبكوا حين سمعوا القرآن فأسلموا وقالوا ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى فأنزل الله تعالى ولتجدنّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى يعنى وفد النجاشى الذين قدموا مع جعفر وهم سبعون وكانوا أصحاب الصوامع* وقال مقاتل كانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من أهل الشام وقال عطاء كانوا ثمانين رجلا أربعون من أهل نجران من بنى الحارث واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية روميون من أهل الشام كذا فى معالم التنزيل* وفى الكتاب الاخر يأمره أن يزوّجه أم حبيبة ابنة أبى سفيان وكانت قد هاجرت الى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش الاسدى فتنصر هناك ومات كما سيجىء فى هذا الموطن وأمره فى الكتاب بأن يبعث اليه بمن قبله من أصحابه فجهز النجاشى مهاجرى الحبشة وبعثهم فى سفينتين مع عمرو بن أمية الضمرى الى المدينة* روى انّ النجاشى دعا بحقة من عاج فجعل فيها مكتوبى النبىّ صلى الله عليه وسلم وقال لا يزال فى أهل الحبشة خير وبركة ما دام فيهم هذان المكتوبان* وأورد صاحب الاعلام ان كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم فى أيدى ملوك الحبشة باق الى الان يعظمونه*
(ذكر كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم الى قيصر مع دحية بن خليفة الكلبى)
* قيل ان اسم قيصر هرقل وقيل أغطس وقيصر كلمة افر نجية معناه شق عنه* وسببه على ما قاله المؤرخون ان أم قيصر ماتت فى المخاض فشق بطنها وأخرج فسمى قيصر وكان يفتخر بذلك على الملوك ويقال انه لم يخرج من الرحم ثم وضع هذا اللقب لكل من ملك الروم كما لقبوا ملك الترك خاقان وملك فارس كسرى وملك الشام هرقل وملك القبط فرعون وملك اليمن تبع وملك الحبشة النجاشى وملك فرغانة اخشيد وملك مصر فى الاسلام سلطان فأخذ دحية كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوجه الى بصرى لان النبىّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يدفع الكتاب الى عظيم بصرى وهو الحارث ملك غسان ليدفعه الى قيصر ولما انتهى دحية الى بصرى وكان حينئذ عظيم بصرى فى حمص فبعث رجلا مع دحية ليبلغه الى قيصر وقيصر ذاهب الى ايليا وهو بيت المقدس لانه لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص الى ايليا شكرا لله عز وجل فيما أولاه من ذلك* فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التمسوا أحدا من قومه وكان أبو سفيان حينئذ بالشام فى رجال من قريش قدموا تجارا فى زمان الهدنة فأتى بأبى سفيان وأصحابه فسألهم عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيجىء ذكره الواقدى من حديث ابن عباس* وفى حديث غير هذا ذكره أيضا الواقدى عن محمد بن كعب القرظى ان دحية الكلبى لقى قيصر بحمص لما بعثه اليه رسول الله وقيصر ماش من قسطنطينية الى ايليا فى نذر كان عليه لئن أظهر الله الروم على فارس ليمشين حافيا من قسطنطينية الى ايليا وليصلين فيه
ففرشوا له بسطا ونثروا عليها الرياحين وهو يمشى عليها حتى بلغ ايليا ووفى بنذره فقال لدحية قومه لما بلغ قيصر اذا رأيته فاسجد له ثم لا ترفع رأسك أبدا حتى يأذن لك قال دحية لا أفعل هذا أبدا ولا أسجد لغير الله أبدا قالوا اذا لا يأخذ كتابك ولا يكتب جوابك قال وان لم يأخذه فقال له رجل منهم أدلك على أمر يأخذ فيه كتابك ولا يكلفك فيه السجود قال دحية وما هو قال ان له على كل عقبة منبرا يجلس عليه فضع صحيفتك تجاه المنبر فانّ أحدا لا يحركها حتى يأخذها هو ثم يدعو صاحبها فيأتيه قال أما هذا فسأفعل فعمد الى منبر من تلك المنابر التى يستريح عليها قيصر فألقى الصحيفة فدعا بها فاذا عنوانها كتاب العرب فدعا بالترجمان الذى يقرأ بالعربية فاذا فيه من محمد رسول الله الى قيصر صاحب الروم فغضب أخ لقيصر يقال له نباق فضرب فى صدر الترجمان ضربة شديدة ونزع الصحيفة من يده فقال له قيصر ما شأنك فقال تنظر فى كتاب رجل بدأ بنفسه قبلك وسماك قيصر صاحب الروم ما ذكر لك ملكا فقال له قيصر انك والله ما علمت أحمق صغيرا مجنون كبيرا تريدان تخرق كتاب رجل قبل ان أنظر فيه فلعمرى لئن كان رسول الله كما يقول لنفسه أحق أن يبدأ بها منى وان كان سمانى صاحب الروم لقد صدق ما أنا الا صاحبهم وما أملكهم ولكن الله عز وجل سخرهم لى ولو شاء لسلطهم علىّ كما سلط فارس على كسرى فقتلوه ثم فتح الصحيفة فاذا فيها* بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى قيصر صاحب الروم سلام على من اتبع الهدى* أما بعد* يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ فى آيات من كتاب الله يدعوه الى الله ويزهده فى ملكه ويرغبه فيما رغبه الله من الاخرة ويحذره بطش الله وبأسه كذا فى الاكتفاء* وفى الصحيح وكان ابن الناطور صاحب ايليا وهرقلة أسقفا على نصارى الشام يحدّث ان هرقل حين قدم ايليا أصبح يوما خبيث النفس مهموما فقال له بعض بطارقته قد استنكرنا هيئتك قال ابن الناطور وكان هرقل حزاء ينظر فى النجوم ماهرا فى الاحكام النجومية يستخرج أحكام الاجسام السفلية من آثار الاجرام العلوية عالما بسائر القواعد النجومية فقال لهم حين سألوه أجل انى رأيت الليلة حين نظرت فى النجوم أن ملك الختان قد ظهر فمن يختتن من هذه الامة قالوا ما نعلم يختتن الا اليهود فلا يهمنك شأنهم وهم فى حكمك وسلطانك واكتب الى مدائن ملكك فليقتلوا من فيها من اليهود فتستريح من الهم فبينماهم على أمرهم اذ أتى هرقل رجل اسمه عدى بن حاتم وهو رسول عظيم بصرى برجل من العرب يقوده وهو دحية بن خليفة الكلبى فقال أيها الملك ان هذا من العرب يحدّث عن أمر عجيب قد حدث ببلاده فقال هرقل لترجمانه سله ما هذا الحدث الذى ببلاده فسأله فقال دحية خرج من بين أظهرنا رجل يزعم انه نبىّ فاتبعه اناس وخالفه آخرون فكانت بينهم ملاحم فتركتهم على ذلك فلما أخبره قال هرقل اذهبوا به فجردوه فانظروا أمختون هو أم لا فجرّدوه ونظروا اليه فاذا هو مختون فحدّثوه انه مختون وسألوه عن العرب فقال هم يختتنون فقال هرقل هذا والله الذى رأيته هذا ملك هذه الامة قد ظهر أعطوه ثوبه ثم دعا صاحب شرطته فقال له قلب لى الشام ظهر او بطنا حتى تأتينى برجل من قوم هذا الرجل يعنى النبىّ صلى الله عليه وسلم* قال أبو سفيان ان هرقل أرسل اليه فى ركب من قريش صاحب شرطته وكان أبو سفيان وأصحابه حينئذ تجارا بالشام بمدينة غزة فى المدّة التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هادن فيها أبا سفيان وكفار قريش اى فى زمان الهدنة فأتوهم بايليا وهو بيت المقدس وكان هرقل حينئذ فيه فدعاهم الى مجلسه وحوله عظماء الروم ودعا ترجمانه فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذى يزعم انه نبىّ فقال أبو سفيان أنا أقربهم نسبا فقال ادنوه منى وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره