الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما قال زيد فدعا سالما مولى ابى حذيفة ليستعمله فأبى عليه فدعا ابو بكر خالد بن الوليد فامره على الناس وقال لهم وقد توافى المسلمون قبله وبعث مقدّمته أمام الجيش أيها الناس سيروا على اسم الله وبركته فأميركم خالد بن الوليد الى ان ألقاكم فانى خارج فيمن معى الى ناحية خيبر حتى ألاقيكم* ويروى أنه قال للجيش سيروا فان لقيتكم بعد غد فالامر الىّ وانا أميركم والا فخالد بن الوليد عليكم فاسمعوا له وأطيعوا وانما قال ذلك أبو بكر لان تذهب كلمته فى الناس وتهاب العرب خروجه* ثم خلا بخالد ابن الوليد فقال يا خالد عليك بتقوى الله وايثاره على من سواه والجهاد فى سبيله فقد وليتك على من ترى من أهل بدر من المهاجرين والانصار فسار خالد ورجع أبو بكر وعمر وعلىّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص فى نفر من المهاجرين والانصار من أهل بدر الى المدينة* وفى الصفوة لما خرج أبو بكر الى أهل الردّة كان خالد بن الوليد يحمل لواءه فلما تلاحق الناس به استعمل خالد او رجع الى المدينة*
(ذكر وصية أبى بكر الصديق خالد بن الوليد حين بعثه فى هذا الوجه)
* قال حنظلة الاسلمى بعث أبو بكر خالد بن الوليد الى أهل الردّة وأمره أن يقاتلهم على خمس خصال فمن ترك واحدة من الخمس قاتله شهادة أن لا اله الا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصيام شهر رمضان وحج البيت وأمره بأن يمضى بمن معه من المسلمين حتى يقدم اليمامة فيبدأ ببنى حنيفة ومسيلمتهم الكذاب فيدعوهم ويدعوه الى الاسلام وينصح لهم فى الدين ويحرص على هداهم فان أجابوا الى ما دعاهم اليه من رعاية الاسلام قبل منهم وكتب بذلك الىّ وأقام بين أظهرهم حتى يأتيه أمرى وان هم لم يجيبوا ولم يرجعوا عن كفرهم واتباع كذابهم على كذبه على الله عز وجل قاتلهم أشدّ القتال بنفسه وبمن معه فان الله ناصر دينه ومظهره على الدين كله كما قضى فى كتابه ولو كره الكافرون فان أظهره الله عليهم ان شاء الله تعالى وأمكنه منهم فليقتلهم بالسلاح وليحرقهم بالنار ولا يستبق منهم أحدا قدر على أن يستبقيه وليقسم أموالهم وما أفاء الله عليه وعلى المسلمين الا خمسه فليرسل به الىّ أضعه حيث أمر الله به أن يوضع ان شاء الله تعالى* وعن عروة بن الزبير قال جعل أبو بكر يوصى خالد بن الوليد ويقول يا خالد عليك بتقوى الله والرفق بمن معك من رعيتك فان معك أصحاب رسول الله أهل السابقة من المهاجرين والانصار فشاورهم فيما نزل بك ثم لا تخالفهم وقدّم أمامك الطلائع ترتد لك المنازل وسر فى أصحابك على تعبية جيدة فاذا لقيت اسدا وغطفان فبعضهم لك وبعضهم عليك وبعضهم لا عليك ولا لك متربص دائرة السوء ينظر لمن تكون الدبرة فيميل مع من تكون له الغلبة ولكن الخوف عندى من أهل اليمامة فاستعن بالله على قتالهم فانه بلغنى أنهم رجعوا باسرهم فان كفاك الله الضاحية فامض الى أهل اليمامة سر على بركة الله*
(ذكر مسير خالد الى بزاخة وغيرها)
* قالوا وسار خالد بن الوليد ومعه عدى بن حاتم وقد انضم اليه من طىء ألف رجل فنزل بزاخة وكانت جديلة معرضة عن الاسلام وهى بطن من طىّ وكان عدى بن حاتم من الغوث وقد همت جديلة أن ترتد فجاءهم مكيث بن زيد الخيل الطائى فقال أتريدون أن تكونوا سبة على قومكم لم يرجع رجل واحد من طىّ وهذا أبو طريف عدى بن حاتم معه ألف رجل من طىّ فكسرهم فلما نزل خالد ابن الوليد قال لعدى يا أبا طريف الا نسير الى جديلة فقال يا أبا سليمان لا تفعل أقاتل معك بيدين أحب اليك أم بيد واحدة فقال خالد بل بيدين قال عدى فان جديلة احدى يدىّ فكف خالد عنهم فحاءهم عدى فدعاهم الى الاسلام فأسلموا فحمد الله وساربهم الى خالد فلما رآهم خالد فزع منهم وظنّ أنهم أتوا للقتال فصاح فى أصحابه السلاح فقيل له انما هى جديلة أتت تقاتل معك فلما جاؤا حلوا ناحية وجاءهم خالد فرحب بهم وفرح بهم واعتذروا اليه من اعتزالهم وقالوا نحن لك حيث أحببت فجزاهم خيرا فلم يرتد
من طىّ رجل واحد فسار خالد على تعبيته وطلب اليه عدى أن يجعل قومه مقدّمة أصحابه فقال يا أبا طريف انّ الامر قد اقترب وأنا أخاف ان أقدّم قومك فاذا لحمهم القتال انكشفوا فانكشف من معنا ولكن دعنى أقدّم قوما صبرا لهم سوابق وثبات وهم من قومك* قال عدى الرأى ما رأيت فقدم المهاجرين والانصار ولم يزل خالد يقدم طليعة منذ خرج من بقعاء حتى قدم اليمامة وأمر عيونه أن يختبروا كل من مروا به عند مواقيت الصلاة بالاذان لها فيكون ذلك أمانا لهم ودليلا على اسلامهم وانتهى خالد والمسلمون الى طليحة وقد ضربت لطليحة قبة من أدم واصحابه حوله معسكرون فانتهى خالد ممسيا فضرب عسكره على ميل أو نحوه من عسكر طليحة وخرج يسير على فرس معه نفر من أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم فوقف من عسكر طليحة غير بعيد ثم قال يخرج اليه طليحة فقال أصحابه لا تصغروا اسم نبينا وهو طلحة فخرج طلحة فوقف فقال خالد انّ من عهد خليفتنا الينا أن ندعوك الى الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وأن تعود الى ما خرجت منه فنقبل منك ونغمد سيوفنا عنك فقال يا خالد أنا أشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله وانى نبىّ مرسل يأتينى ذو النون كما كان جبريل يأتى محمدا وقد كان ادّعى هذا فى عهد النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم لقد ذكر ملكا عظيما فى السماء يقال له ذو النون وكان عيينة بن حصن قد قال له لا ابا لك فهل أنت مرينا بعض نبوّتك فقد رأيت ورأينا ما كان يأتى محمدا قال نعم فبعث عيونا له حيث سار خالد بن الوليد من المدينة مقبلا اليهم قبل أن يسمع بذكر خالد وقال ان بعثتم فارسين على فرسين أغرين محجلين من بنى نضر بن قعين أتوكم من القوم بعين فهيؤا فارسين فبعثوهما فخرجا يركضان فلقيا عينا لخالد بن الوليد فقالا ما وراءك فقال هذا خالد بن الوليد فى المسلمين قد أقبلوا فأتوا به اليه فزادهم فتنة وقال ألم أقل لكم فلما أبى طليحة على خالد أن يقرّ بما دعاه اليه انصرف الى معسكره فاستعمل تلك الليلة على حرسه مكيث بن زيد الخيل وعدىّ بن حاتم وكان لهما صدق نية ودين فباتا يحرسان فى جماعة من المسلمين* فلما كان فى السحر نهض خالد فعبى أصحابه ووضع ألويته مواضعها ودفع اللواء الاعظم الى زيد بن الخطاب فتقدّم بها وتقدّم ثابت بن قيس ابن شماس بلواء الانصار وطلبت طىّ لواء يعقد لها فعقد خالد لواء ودفعه الى عدىّ بن حاتم فلما سمع طليحة حركة القوم عبى أصحابه وجعل خالد يسوّى الصفوف على رجليه وطليحة يسوّى أصحابه على راحلته حتى اذا استوت الصفوف زحف بهم خالد حتى دنا من طليحة فلما انتهى اليه خرج اليه طليحة بأربعين غلاما جلدا من جنوده مردا فأقامهم فى الميمنة فقال اضربوا حتى تأتوا الميسرة فتضعضع الناس ولم يقتل أحد منهم ثم أقامهم فى الميسرة ففعلوا مثل ذلك وانهزم المسلمون فقال رجل من هوازن حضرهم يومئذ انّ خالدا لما كان ذلك قال يا معشر الانصار الله الله واقتحم وسط القوم وكرّ علينا أصحابه فاختلطت الصفوف واختلفت السيوف بينهم وضرس خالد فى القتال فجعل يقحم فرسه ويقولون له الله الله فانك أمير القوم ولا ينبغى لك أن تقدم فيقول والله انى لا عرف ما تقولون ولكنى والله ما رأيتنى أصبر وأخاف هزيمة المسلمين* وفيما ذكر الكلبى عن بعض الطائيين أنه نادى يومئذ مناد من طىّ يعنى عند ما حمل أولئك الاربعون غلاما على المسلمين يا خالد عليك سلمى وأجأ فقال بل الى الله الملجأ قال ثم حمل فو الله ما رجع حتى لم يبق من اولئك الاربعين رجل واحد وقاتل خالد يومئذ بسيفين حتى قطعهما وترادّ الناس بعد الهزيمة واشتدّ القتال وأسر حبال بن أبى حبال فأرادوا أن يبعثوا به الى أبى بكر فقال اضربوا عنقى ولا ترونى محمديكم هذا فضربوا عنقه* وذكر الواقدى عن ابن عمر قال نظرت الى راية طليحة يومئذ حمراء يحملها رجل منهم لا يزول بها فترا فنظرت الى خالد أتاه فحمل عليه فقتله فكانت هزيمتهم فنظرت الى الراية تطؤها الخيل والابل والرجال حتى تقطعت ولقد
رأيته يوم طليحة يباشر
الحرب بنفسه حتى ليم فى ذلك ولقد رأيته يوم اليمامة يقاتل أشدّ القتال ان كان مكانه ليتقى حتى يطلع الينا منبهرا ولما تراجع المسلمون وضرس القتال تزمل طليحة بكساء له ينتظر بزعمه أن ينزل عليه الوحى فلما طال ذلك على أصحابه وهدّتهم الحرب جعل عيينة بن حصن يقاتل ويذمر الناس* قال ابن اسحاق قاتل عيينة يومئذ فى سبعمائة من فزارة قتالا شديدا حتى اذا ألح المسلمون عليهم بالسيف وقد صبروا لهم أتى طليحة وهو ملتثم فى كسائه فقال لا ابا لك هل أتاك جبريل بعد ذلك قال يقول طليحة وهو تحت الكساء لا والله ما جاء بعد فقال عيينة تبالك سائر اليوم ثم رجع عيينة فقاتل وجعل يحض أصحابه وقد ضجوا من وضع السيوف* فلما طال ذلك على عيينة جاء طليحة وهو مستلق متشح بكسائه فجبذه جبذة جلس منها وقال له قبح الله هذه من نبوّة ما قيل لك بعد شئ فقال طليحة قد قيل لى ان لك رحا كرحاه وأمرا لن تنساه فقال عيينة أظن قد علم الله أن سيكون لك أمر لن تنساه يا فزارة هكذا وأشار لها تحت الشمس هذا والله كذاب ما بورك له ولا لنا فيما يطالب فانصرفت فزارة وذهب عيينة وأخوه فى آثارها فأدرك عيينة فأسرو أفلت أخوه ويقال أسر عيينة عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائى فأراد خالد قتله حتى كلمه فيه رجل من بنى مخزوم وترك قتله* ولما رأى طليحة أنّ الناس يؤسرون ويقتلون خرج منهزما وأسلمه الشيطان فاعجزهم هو وأخوه فجعل أصحابه يقولون له ماذا ترى وقد كان أعدّ فرسه وهيأ امرأته النوار فوثب على فرسه وحمل امرأته وراءه فنجابها وقال من استطاع منكم أن يفعل كما فعلت فليفعل ولينج بأهله ثم هرب حتى قدم الشأم وأقام عند بنى جفنة الغسانيين وفى كتاب ابى يعقوب الزهرى انّ طليحة قال لاصحابه لما رأى انهزامهم ويلكم ما يهزمكم فقال له رجل منهم أنا أخبركم أنه ليس منا رجل الا وهو يحب أنّ صاحبه يموت قبله وانا نلقى أقواما كلهم يحب ان يموت قبل صاحبه* وذكر ابن اسحاق أنّ طليحة لما ولى هاربا تبعه عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم وقد كان طليحة أعطى الله عهدا أن لا يسأله أحد النزول الا فعل فلما أدبرنا داه عكاشة يا طليحة فعطف عليه فقتل عكاشة ثم أدركه ثابت فقتله ايضا طليحة ثم لحق بالشأم وقد قيل فى قتلهما غير هذا وهو ما ذكره الواقدى عن عميلة الفزارى وكان عالما بردّتهم انّ خالد بن الوليد لما دنا من القوم بعث عكاشة وثابتا طليعة أمامه وكانا فارسين فلقيا طليحة واخاه مسلمة ابنى خويلد طليعة لمن وراءهما من الناس وخلفوا عسكرهم من ورائهم فلما التقوا انفرد طليحة بعكاشة ومسلمة بثابت فلم يلبث مسلمة ان قتل ثابتا وصرخ طليحة بمسلمة أعنى على الرجل فانه قاتلى فكرّ معه على عكاشة فقاتلاه ثم كرّا راجعين الى من وراءهما وأقبل خالد معه المسلمون فلم يرعهم الا ثابت بن أقرم قتيلا تطؤه المطىّ فعظم ذلك على المسلمين ثم لم يسيروا الا يسيرا حتى وطئوا عكاشة قتيلا فثقل القوم على المطىّ كما وصف واصفهم حتى ما تكاد المطىّ ترفع أخفافها وفى كتاب الزهرى ثم لحقوا أصحاب طليحة فقتلوا وأسروا وصاح خالد لا يطبخن رجل قدرا ولا يسخنن ماء الا أثفيته رأس رجل وأمر خالد بالحظائر أن تبنى ثم أوقد فيها النار ثم أمر بالاسرى فألقيت فيها وألقى يومئذ حامية بن سبيع بن الخشخاش الاسدى وهو الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على صدقات قومه فارتدّ عن الاسلام وأخذت أم طليحة أحد نساء بنى اسد فعرص عليها الاسلام فأبت ووثبت فاقتحمت النار وهى تقول
يا موت عم صباحا
…
كافحته كفاحا
اذ لم أجد براحا
وذكر الواقدى عن يعقوب بن يزيد بن طلحة أنّ خالدا جمع الاسارى فى الحظائر ثم أصرمها عليهم فاحترقوا وهم أحياء ولم يحرق أحد من بنى فزارة فقلت لبعض أهل العلم لم حرق هؤلاء من بين أهل الردّة فقال بلغت عنهم مقالة سيئة شتموا النبى صلى الله عليه وسلم وثبتوا على ردّتهم* وذكر غير يعقوب أنّ