الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهم مالك أنظرونى حتى أخرج اليكم بنار من أهلى فأخذ سعفا من النخل وأشعل فيه نارا ثم خرجوا يشتدّون حتى دخلوا المسجد فحرقوه وهدموه وتفرّق أهله عنه وأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذلك الموضع كناسا تلقى فيه الجيف والنتن والقمامة ومات أبو عامر الراهب بالشام وحيدا طريدا غريبا وسأل عمر بن الخطاب رجلا منهم ماذا أعنت فى هذا المسجد فقال أعنت فيه بسارية فقال عمر أبشر بها فى عنقك فى نار جهنم* وروى ان بنى عمرو بن عوف الذين بنوا مسجد قباء سألوا عمر بن الخطاب فى خلافته ليأذن مجمع بن حارثة فيأمّهم فى مسجدهم فقال أليس بامام مسجد الضرار فقال له مجمع يا أمير المؤمنين لا تعجل علىّ فو الله لقد صليت فيه وانى لا أعلم ما أضمروا عليه فلو علمت ما صليت فيه معهم وكنت غلاما قارئا للقرآن وكانوا شيوخا قد غشوا نفاقهم وكانوا لا يقرؤن من القرآن شيئا فصليت ولا أحببت مما صنعوا شيئا الا انهم يتقرّبون الى الله ولا أعلم ما فى أنفسهم فعذره عمر وصدّقه وأمره بالصلاة فى مسجد قباء فهذه قصة مسجد الضرار ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة خرج الناس لتلقيه وخرج النساء والصبيان والولائد يقلن
طلع البدر علينا
…
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
…
ما دعا لله داعى
وقد وهم بعض الرواة كما تقدّم وقال انما كان هذا فى مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من مكة وهو وهم ظاهر لان ثنيات الوداع انما هى من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة الى المدينة بل اذا توجه منها الى الشام وقد سبق البحث عنها فى أوّل مجيئه المدينة وفى البخارى لما رجع النبىّ صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال ان بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا كانوا معكم حبسهم العذر ولما أشرف صلى الله عليه وسلم على المدينة قال هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه فلما دخل المدينة جاءه من كان تخلف عنه فحلفوا له فعذرهم واستغفر لهم وأرجى أمر كعب وصاحبيه حتى نزلت توبتهم فى قوله تعالى لقد تاب الله على النبىّ والمهاجرين والانصار الى قوله وعلى الثلاثة الذين خلفوا وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة ابن الربيع وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك فى رمضان كذا فى الاكتفاء والله سبحانه وتعالى أعلم*
قصة كعب بن مالك
قصة كعب بن مالك وارجاء أمره* فى الاكتفاء قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك وقد كان تخلف عنه من تخلف من المنافقين وأولئك الرهط الثلاثة من المسلمين من غير شك ولا نفاق كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية كما مرّ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه لا تكلمن أحدا من هؤلاء الثلاثة وأتاه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون له ويعتذرون فصفح عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعذرهم الله ولا رسوله فاعتزل المسلمون كلام أولئك النفر الثلاثة فحدّث كعب بن مالك قال ما تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة غزاها قط غير انى كنت تخلفت عنه فى غزوة بدر وكانت غزوة لم يعاتب الله فيها ولا رسوله أحدا تخلف عنها وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انما خرج يريد عير قريش فجمع الله بينه وبين عدوّه على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة حين تواثقنا على الاسلام وما أحب أن لى بها مشهد بدر وان كانت غزوة بدر هى أذكر فى الناس منها وكان من خبرى حين تخلفت عنه فى غزوة تبوك انى لم أكن قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنه تلك الغزوة والله ما اجتمعت لى راحلتان قط حتى اجتمعتا لى فى تلك الغزوة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها الا ورّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حرّ شديد واستقبل غزو عدوّ كثير فجلا للناس أمرهم ليتأهبوا لذلك أهبة وأخبرهم خبره بوجهه الذى يريد والمسلمون من تبع
رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ يعنى بذلك الديوان وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار وأحنت الظلال والناس اليها صفر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز المسلمون معه وجعلت أغد ولأتجهز معهم فأرجع ولم أقض حاجة فأقول فى نفسى انى قادر على ذلك ان أردت فلم يزل ذلك يتمادى بى حتى شمر الناس بالجدّ وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازى شيئا فقلت لعلى أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحق بهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بى حتى أسرعوا وتفارط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم وليتنى فعلت فلم أفعل وجعلت اذا خرجت فى الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم يحزننى اننى لا أرى الا رجلا معموها عليه فى النفاق أو رجلا ممن عذره الله من الضعفاء ولم يذكرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس فى القوم بتبوك ما فعل كعب بن مالك فقال رجل من بنى سلمة يا رسول الله حبسه برداه والنظر فى عطفيه فقال له معاذ بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا منه الا خيرا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغنى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه قافلا حضرنى بثىّ فجعلت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخط رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا وأستعين على ذلك كل ذى رأى من اهلى فلما قيل لى انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظلّ قادما راح عنى الباطل وعرفت أنى لا أنجو منه الا بالصدق فأجمعت أن أصدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاء المخلفون من الاعراب فجعلوا يحلفون له ويعتذرون وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وأيمانهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم الى الله تعالى حتى جئت اليه فسلمت عليه فتبسم تبسم المغضب ثم قال لى تعال فجئت أمشى حتى جلست بين يديه فقال لى ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك فقلت بلى والله كنت اشتريت ظهرا وما كان لى من عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عندك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضى الله فيك فقمت ثم سألت الناس هل وقع لاحد مثل ما وقع لى قالوا نعم رجلان كان حالهما مثل حالك فقالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قيل لك فقلت من هما قالوا مرارة بن الربيع الضمرى وهلال بن أمية الواقفى فذكر والى رجلين صالحين فيهما اسوة ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا نحن الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبتنا الناس وتغيروا علينا فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فامّا صاحباى فاستكنا وقعدا فى بيوتهما يبكيان وأمّا أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج وأشهد الصلوات مع المسلمين وأطوف فى الاسواق ولا يكلمنى أحد وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو فى مجلسه بعد الصلاة فأقول فى نفسى هل حرّك شفتيه بردّ السلام علىّ أم لا فبينما أنا أمشى بسوق المدينة اذا نبطى من أنباط أهل الشام ممن قدم المدينة بالطعام يبيعه يقول من يدلنى على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له حتى اذا جاءنى فدفع الىّ كتابا من ملك غسان فاذا فيه أمّا بعد فانه قد بلغنى أنّ صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فألحق بنا نواسك فقلت بعد ما قرأت ذلك الكتاب هذا ايضا من البلاء فألقيته فى التنور وأحرقته حتى مضت أربعون من الخمسين فاذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانى فقال انّ رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت أطلقها أم ماذا أفعل فقال لا بل اعتزلها ولا تقربها وأرسل الى صاحبىّ مثل ذلك فقلت لامرأتى ألحقى بأهلك فتكونى عندهم حتى يقضى الله
فى هذا الامر فجاءت امرأة هلال