الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجع البطن فمات فطلبنا الماء نغسله فلم نجده فلففناه فى ثيابه فدفناه فسرنا غير بعيد فاذا نحن بماء كثير فقال بعضنا لبعض لو رجعنا فاستخرجناه ثم غسلناه فرجعنا فطلبناه فلم نجده فقال رجل من القوم سمعته يقول يا علىّ يا عظيم يا حليم يا عليم أخف موتى أو كلمة نحوها ولا تطلع على عورتى أحدا فرجعنا وتركناه* وفى الصفوة عن عمرو بن ثابت قال دخلت فى أذن رجل من أهل البصرة حصاة فعالجها الاطباء فلم يقدروا عليها حتى وصلت الى صماخه فأسهرت ليله ونغصت عيش نهاره فأتى رجلا من أصحاب الحسن فشكى ذلك اليه فقال ويحك ان كان شئ ينفعك الله به فدعوة العلاء الحضرمى التى دعا بها فى البحرين وفى المفازة قال وما هى رحمك الله قال يا علىّ يا عظيم يا حليم يا عليم فدعا بها فو الله ما برحنا حتى خرجت من أذنه لها طنين حتى صكت الحائط وبرأ*
(ذكر الغزو الى الشام وما وقع فى نفس أبى بكر من ذلك وما قوّى عزمه عليه)
* فى الاكتفاء حدّث سهل بن سعد الساعدى قال لما فرغ أبو بكر من أهل الردّة واستقامت له العرب حدّث نفسه بغزو الروم ولم يطلع عليه أحد فبينما هو كذلك اذ رأى شرحبيل بن حسنة فى المنام صورة غزو الشام وبعث أبى بكر جندا فجاءه شرحبيل وجلس اليه فقال يا خليفة رسول الله أحدّثت نفسك أن تبعث الى الشأم جندا قال نعم حدثت نفسى بذلك وما يطلع عليه أحد وما سألتنى الا لشئ فأخبره شرحبيل بما رأى فأوّل أبو بكر ببعثه جندا الى الشام وفتحها عليهم ثم انه بعد ذلك أمر الامراء وبعث الى الشام البعوث* وعن عبد الله بن أبى أوفى الخزاعى وكانت له صحبة قال لما أراد أبو بكر أن يجهز الجنود الى الشام دعا عمر وعثمان وعليا وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وأبا عبيدة بن الجراح ووجوه المهاجرين والانصار من أهل بدر وغيرهم وشاورهم وكلهم استصوبوا رأى أبى بكر وقالوا ما رأيت من الرأى فأمضه فانا سامعون لك مطيعون لا نخالف أمرك وعلىّ فى القوم لا يتكلم فقال له أبو بكر ماذا ترى يا أبا الحسن فقال ارى انك مبارك الامر ميمون النقيبة فانك ان سرت اليهم بنفسك أو بعثت اليهم نصرت ان شاء الله تعالى قال بشرك الله بخير ومن أين علمت هذا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال هذا الدين ظاهرا على كل من ناواه حتى تقوم الساعة وأهله ظاهرون فقال أبو بكر سبحان الله ما أحسن هذا الحديث لقد سررتنى سرّك الله فى الدنيا والاخرة ثم انه قام فى الناس خطيبا ورغب الناس فى الجهاد ثم أمر بلالا فأذن فى الناس انفروا أيها الناس الى جهاد عدوّكم الروم بالشأم وأمير الناس خالد بن سعيد وكان خالد بن سعيد من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن فلما ولاه أبو بكر الجند الذى استنفر الى الشام أتى عمر أبا بكر ومنعه من ذلك وكان أبو بكر لا يخالف عمر ولا يعصيه فدعا يزيد بن أبى سفيان وأبا عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة فقال انى باعثكم فى هذا الوجه ومؤمركم على هذا الجند وانى باعث على كل رجل منكم من الرجال ما قدرت عليه فاذا قدمتم البلد ولقيتم العدوّ فاجتمعتم على قتالهم فأميركم أبو عبيدة بن الجراح وان أبو عبيدة لم يلقكما وجمعتكما حرب فيزيد بن أبى سفيان الامير وأمروا بالعسكر مع هؤلاء الثلاثة وبلغ ذلك خالد بن سعيد فتهيأ بأحسن هيئة ثم أقبل الى أبى بكر وسلم عليه وعلى المسلمين ثم جلس فقال لابى بكر أما انك كنت وليتنى أمر الناس وأنت غير متهم ورأيك فىّ حسن افعل ما ترى فخرج هو واخوته وغلمته ومن معه فكانوا أوّل خلق الله عسكر ثم خرج الناس الى معسكرهم وكتب أبو بكر الى اليمن يستنفرهم يدعوهم الى الجهاد ويرغبهم فى ثوابه وبعث الكتاب مع انس بن مالك فبلغ اليمن وقرأ الكتاب على أهلها فأجابوا حتى انتهى الى ذى الكلاع فلما قرأ عليه الكتاب دعا بفرسه وسلاحه ونهض فى قومه وأمر بالعسكر فعسكر معه جموع كثيرة من اهل اليمن وسارعوا فنفر فى ناس كثير وأقبل بهم الى أبى بكر فرجع انس فسبقه بأيام فوجد
أبا بكر بالمدينة ووجد ذلك العسكر على حاله وأبو عبيدة يصلى بذلك العسكر فلما قدمت حمير معها أولادها ونساؤها فرح بهم أبو بكر وقام وقال عباد الله ألم نكن نتحدّث فنقول اذا مرت حمير معها أولادها نصر الله المسلمين وخذل المشركين فأبشروا أيها المسلمون قد جاءكم النصر* قال وجاء قيس ابن هبيرة بن مكشوح المرادى معه جموع كثيرة حتى سلم على أبى بكر ثم جلس فقال له ما تنتظر ببعثة هذه الجنود قال ما كنا ننتظر الا قذومكم قال فقد قدمنا فابعث الناس الاوّل فالاوّل فانّ هذه البلدة ليست ببلدة خف ولا كراع قال فعند ذلك خرج فدعا يزيد بن أبى سفيان فعقد له ودعا ربيعة بن عامر من بنى عامر بن لؤى فعقد له ثم قال له أنت مع يزيد بن أبى سفيان لا تعصه ولا تخالفه ثم قال ليزيد ان رأيت ان توليه مقدّمتك فافعل فانه من فرسان العرب وصالحاء قومك وأرجو أن يكون من عباد الله الصالحين ثم خرج أبو بكر يمشى ويزيد راكب فقال له يزيد يا خليفة رسول الله اما أن تركب واما أن تأذن لى فأمشى معك فانى أكره أن أركب وأنت تمشى فقال أبو بكر ما أنا براكب وما أنت بنازل انى أحتسب خطاى هذه فى سبيل الله* وفى الرياض النضرة عن ابن عمر أنّ أبا بكر مشى مع يزيد بن أبى سفيان نحوا من ميلين فقيل له يا خليفة رسول الله لو انصرفت فقال لا انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اغبرت قدماه فى سبيل الله عز وجل حرمهما الله على النار ثم أوصاه بوصايا ثم أخذ بيده وودّعه فخرج يزيد فى جيشه قبل الشأم وكان أبو بكر كل غدوة وعشية يدعو فى دبر صلاة الغداة ويدعو بعد العصر* قال انس لما بعث أبو بكر يزيد بن أبى سفيان الى الشام لم يسر من المدينة حتى جاءه شرحبيل بن حسنة وأخبره برؤيا رآها فقال أبو بكر نامت عينك هذه بشرى وهو الفتح ان شاء الله لا شك فيه وانت احد أمرائى فاذا سار يزيد بن أبى سفيان فأقم ثلاثا ثم تيسر للمسير ففعل فلما مضى اليوم الثالث أتاه من الغد يودّعه فأوصاه بمثل ما اوصى به يزيد بن ابى سفيان ثم ودّع ابا بكر وخرج فى جيشه قبل الشأم وبقى معظم الناس مع ابى عبيدة فى العسكر يصلى بهم وابو عبيدة ينتظر فى كل يوم أن يدعوه ابو بكر فيسرّحه وابو بكر ينتظر به قدوم العرب عليه من كل مكان يريد أن يشحن أرض الشام ويريد ان زحفت الروم عليهم أن يكونوا مجتمعين فقدمت عليهم حمير فيها ذو الكلاع واسمه أيفع وجاءت مذحج فيها قيس بن هبيرة المرادى معه جمع عظيم من قومه وفيهم الحجاج بن عبد يغوث الزبيدى وجاء حابس بن سعد الطائى وعدد كثير من طى وجاءت الازد فيهم جندب بن عمرو بن جمزة الدوسى وفيهم أبو هريرة وجاء جماعة من قبائل قيس فعقد أبو بكر لميسرة بن مسروق العبسى عليهم وجاء قباث بن أشيم فى بنى كنانة فأما ربيعة وأسد وتميم فانهم كانوا بالعراق قال فخرج أبو بكر فى رجال من المسلمين على رواحلهم حتى أتى أبا عبيدة بن الجراح فسار معه حتى بلغ ثنية الوداع فأوصاه وناصحه ثم انه تأخر وتقدّم اليه معاذ بن جبل فأوصى كل واحد منهما صاحبه ثم أخذ كل واحد منهما بيد صاحبه فودّعه ودعا له ثم تفرّقا وانصرف أبو بكر ومضى ذلك الجيش وقال رجل من المسلمين لخالد بن سعيد وقد تهيأ للخروج مع أبى عبيدة لو كنت خرجت مع ابن عمك يزيد بن أبى سفيان كان أمثل من خروجك مع غيره فقال ابن عمى أحب الىّ من هذا فى قرابته وهذا أحب الىّ من ابن عمى فى دينه هذا كان أخى فى دينى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووليى وناصرى على ابن عمى قبل اليوم فأنا به أشدّ استئناسا واليه أشدّ طمأنينة فلما أراد أن يغد وسائرا الى الشأم لبس سلاحا وأمر اخوته فلبسوا أسلحتهم عمرا وأبانا والحكم وغلمته ومواليه ثم أقبل الى أبى بكر عند صلاة الغداة فصلى معه فلما انصرفوا قام اليه هو واخوته فجلسوا اليه فحمد الله خالد وأثنى عليه
وصلى على رسوله ثم أوصى أبا بكر بالوصايا الحسنة ثم قال هات يدك يا أبا بكر فانا لا ندرى أنلتقى فى الدنيا أم لا فان قضى الله لنا فى الدنيا التقاء فنسأل عفوه وغفرانه
وان كانت هى الفرقة التى ليس بعدها لقاء فعرّفنا الله واياك وجه النبىّ صلى الله عليه وسلم فى جنات النعيم فأخذ أبو بكر بيده فبكى وبكى خالد وبكى المسلمون وظنوا انه يريد الشهادة وطال بكاؤهم ثم انّ أبا بكر قال انتظر نمش معك قال ما أريد أن تفعل قال لكنى أريد ذلك فقام وقام الناس معه حتى خرج من بيوت المدينة فما رأيت أحدا من المسلمين شيعه أكثر ممن شيع خالد بن سعيد يومئذ واخوته* فلما خرج من المدينة قال له أبو بكر انك قد أوصيتنى برشدى وقد وعيت وانى موصيك فاسمع وصايتى وعها فأوصاه بوصايا ثم اخذ بيده فودّعه ثم أخذ بأيدى اخوته بعد ذلك فودّعهم واحدا واحدا ثم ودّعهم المسلمون ثم انهم دعوا بابلهم فركبوها وكانوا قبل ذلك يمشون مع أبى بكر ثم قيدت معهم خيلهم فخرجوا بهيئة حسنة فلما أدبروا قال ابو بكر اللهمّ احفظهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم واحطط أوزارهم وأعظم اجورهم ثم انصرف ابو بكر ومن معه من المسلمين* وعن محمد بن خليفة أن ملحان بن زياد الطائى اخا عدىّ بن حاتم لأمه أتى ابا بكر فى جماعة من قومه من طى نحو ستمائة فقالوا له سرّحنا فى اثر الناس واخترلنا واليا صالحا نكن معه وكان قدومهم على أبى بكر بعد مسير الامراء كلهم الى الشأم فقال ابو بكر قد اخترت لك افضل امرائنا اميرا وأقدم المهاجرين هجرة ألحق بأبى عبيدة بن الجراح فقد رضيت لك صحبته وحمدت لك أدبه فنعم الرفيق فى السفر والصاحب فى الحضر قال فقلت لابى بكر قد رضيت بخيرتك التى اخترت لى فاتبعته حتى لحقته بالشأم فشهدت معه مواطنه كلها لم أغب عن يوم منها* وعن ابى سعيد المقبرى قال قدم ابن ذى السهم الخثعمى على ابى بكر وجماعة من خثعم فوق تسعمائة ودون الف بنسائهم واولادهم فشاوروا ابا بكر فى أن يخلفوهم عنده ام يخرجوا معهم فقال ابو بكر قد مضى معظم الناس ومعهم ذراريهم ولك بجماعة المسلمين أسوة فسر فى حفظ الله وفى كنفه فانّ بالشام امراء قد وجهناهم اليها فأيهم احببت ان تصحبه فاصحبه فسار حتى لقى يزيد بن ابى سفيان فصحبه* وعن يحيى بن هانئ بن عروة ان ابا بكر كان أوصى ابا عبيدة بقيس بن مكشوح وقال له انه قد صحبك رجل عظيم الشرف فارس من فرسان العرب لا أظنّ له عظم حسبة ولا كثيرنية فى الجهاد وليس بالمسلمين غنى عن مشورته ورأيه وبأسه فى الحرب فأدنه وألطفه وأره انك غير مستغن ولا مستهين بأمره فانك تستخرج منه بذلك نصيحته لك وجهده ووجده على عدوّك ودعا ابو بكر قيسا فقال له انى بعثتك مع أبى عبيدة الامين الذى اذا ظلم كظم واذا أسيئ اليه غفر واذا قطع وصل رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين فلا تعصين له أمرا ولا تخالفنّ له رأيا فانه لن يأمرك الا بخير وقد أمرته أن يسمع منك ولا تأمره الا بتقوى الله فقد كنا نسمع أنك شريف بئيس مجرّب وذلك فى زمان الشرك والجاهلية الجهلاء فاجعل بأسك وشدّتك ونجدتك اليوم فى الاسلام على من كفر بالله وعبد غيره فقد جعل الله فيه الاجر العظيم والعز للمسلمين فقال ان بقيت ولقيت فسيبلغك من حيطتى على المسلم وجهدى على الكافر ما يسرّك ويرضيك فقال أبو بكر افعل ذلك فلما بلغه مبارزته البطر يقين بالجابية وقتله اياهما قال صدق قيس ووفى وبرّ* وعن هاشم بن عتبة بن أبى وقاص قال لما مضت جنود أبى بكر الى الشأم بلغ ذلك هرقل ملك الروم وهو بفلسطين وقيل له قد أتتك العرب وجمعت لك جموعا عظيمة وهم يزعمون انّ نبيهم الذى بعث اليهم أخبرهم انهم يظهرون على أهل هذه البلاد وقد جاؤك وهم لا يشكون انّ هذا يكون وجاؤك بأبنائهم ونسائهم تصديقا لمقالة نبيهم يقولون لو دخلناها وافتتحناها نزلناها بأولادنا ونسائنا فقال هرقل ذلك أشدّ لشوكتهم اذا قاتل القوم على تصديق فما أشدّ على من كايدهم أن يزيلهم أو يصدّهم قال فجمع اليه أهل البلاد وأشراف الروم ومن كان على دينه من العرب فقال يا أهل هذا الدين انّ الله قد كان اليكم محسنا وكان لدينكم معزا
وله ناصرا على الامم الخالية