الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
466 - الكرّاي (0000 - 1115 هـ)(0000 - 1703 م)
.
أبو الحسن بن أبي بكر بن أحمد بن محمد بن عمر بن علي بن ميمون الكرّاي من أحفاد الشيخ الصالح علي الكراي أبي بغيلة، العالم الصوفي الوفائي نسبا وطريقة (من فروع الطريقة الشاذلية)، الولي الصالح.
ولد بصفاقس، وبها نشأ، وقرأ على فقهاء بلده كوالده، والشيخ عبيد الأومي وهو عمدته، وعن غيرهما، وارتحل إلى الأزهر وقرأ به، واشترى من القاهرة أجزاء حديثية نادرة كمشيخة ابن الجوزي، والأربعين حديثا لصدر الدين البكري، وغيرهما، وحصل له الجذب على يد الشيخ علي الوحيشي القيرواني، فساح مدة، ثم رجع إلى صفاقس، وأنشأ زاويته المشهورة، واشتغل بنشر العلم وانتفع به جماعة منهم خليفته على الزاوية الشيخ محمد المراكشي الذي أخذ عليه العهد أن يجتنب المناصب الشرعية، فقبل منه العهد، ووفى به، ثم استأذن من المترجم في حج بيت الله الحرام، فلما رجع أقامه مقامه في حياته وصار يعمل الميعاد (مجلس الوعظ) يوم الجمعة بقراءة كتب الوعظ والسير والمغازي على عادة أهل صفاقس في ذلك التاريخ، ويعلّم التلاميذ علوم الطريقة والحقيقة، وكتب المترجم في وقفه واستخلافه للشيخ المراكشي أنه يقبض دخل الزاوية وينفق عليها، ولا حساب عليه ولا يدخل في ذلك معه أحد، وكلما فضل عنده شيء من غلال الوقف يشتري به عقارا للزاوية فكثر بذلك دخلها واتسع حالها.
وجرت على المترجم محنة على عهد قائد صفاقس ابن عطية جلّي سنة 1088/ 1678 في زمن الفتنة بين الأخوين علي باي ومحمد باي ابني مراد باي.
وعند ما تغلب علي باي على أخيه استلزم ابن عطية بلد صفاقس، والناس يعرفون ظلمه، فحاروا ويئسوا، فالتجأ أعيانهم إلى زاوية سيدي علي الكراي بعيالهم، وأودعوا أمتعتهم وأثاثهم بدار بعض حفدة الشيخ القريبة من الزاوية، ودخل ابن عطية جلي إلى البلد ليلا بصحبة نحو ستين فارسا من أتباعه ما بين مماليك وصبايحية، وأخرجوا من بالزاوية، واستولوا على ما في الدار، وذلك يوم السبت 13 صفر 1088 هـ، وفي نفس اليوم هجم ابن عطية جلي وهو سكران على المترجم وأخرجه من الزاوية، وأجبره على المشي لداره، ثم ندم على فعلته.
وتطورت الأحداث بسرعة فاستولى محمد باي على الحكم، فأرسل ابن الانكشاري إلى صفاقس بصحبة عشرين فارسا للقبض على ابن عطية جلّي الذي التجأ إلى زاوية سيدي علي الكراي هو وأتباعه عند ما بلغه الخبر فأخذهم السيف والرصاص، وربطت أرجلهم بالحبال، وجرّوا بالأزقة. وكان بين إخراج المترجم من زاويته وقدوم ابن الانكشاري خمسة أيام، ولذلك سمي بالخموسي، وما زال معروفا بهذا اللقب إلى يومنا هذا، وللناس عقيدة إلى الآن أن من حلف به في زاويته كاذبا لا بد أن تصيبه نائبة بعد خمسة أيام، ولهذا يتحاشى أفجر الخلق وأعتاهم عن الحلف بالزاوية كذبا.
ولبث المترجم معتكفا بزاويته مدة خمسين سنة بين ذكر وعبادة ونسخ وتأليف إلى أن وافاه أجله.
ويحكى عنه أنه كان يفتتح مجلس وعظه بأبيات من نظمه تناسب الموضوع، يقرأها منغمة تنغيما موسيقيا حسب طبوع المألوف، وإلى الآن