الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
563 - المهدوي (000 - 621 هـ)(0000 - 1224 م)
.
عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي، كان أميا من كبار الصوفية، وعلى أميته يقرأ القرآن وكان يلبس مرقعة زنتها سبعون رطلا.
حضر محي الدين بن العربي مجالسه عند إقامته بتونس قبل انتقاله إلى المشرق، ونوّه بشأنه في كتابه «الفتوحات المكية» وفي الرسالة التي وجهها إليه من مكة في ربيع الأول سنة 600 وتعرف برسالة «روح القدس» وتسمى أيضا «بمشاهد الأنوار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية» .
وصرح باسمه في همزيته، ويظهر أنه استفاد منه علما وحقائق ما كان يعرفها من قبل لأنه لم يخف إعجابه به، ولقد ميزه عن شيوخه بثناء وتقدير وإعجاب.
ويقال إن أبا مدين استقر بتونس مدة عند رجوعه من الحج، وكان يجتمع بمسجد بسوق السكاجين (وإلى يومنا هذا يسمى بمسجد أبي مدين) بالشيوخ عبد العزيز المهدوي، وأبي سعيد الباجي، وأبي علي النفطي، والطاهر المزوغي السافي، وجرّاح بن خميس، وأبي عبد الله محمد الدباغ (والد صاحب معالم الإيمان) وأبي محمد صالح بن محمد بن عبد الخالق التونسي، وأبي يوسف الدهماني، فهو إذن ممن أخذ عن أبي مدين.
وتلامذة المترجم كثيرون منهم أبو سعيد الباجي الذي تولى غسله بعد وفاته (التي كانت في رجب أوت) وصلّى عليه، ولحده في قبره بمرسى جرّاح (كانت تعرف في القديم ابن عبدون، وجرّاح هو ابن خميس دفين
المرسى من ضواحي تونس، وكان من شيوخ ابن العربي أيضا ذكره في «الفتوحات المكية» الباب الخامس والعشرون).
وكان يقوم بسياحات من باب المجاهدة ومخالفة النفس، فمن المهدية انتقل للتعبد في المنستير ومنها انتقل إلى تونس، ومن المجاهدة والمخالفة للنفس ما في قصة شهوته للسردين وهو صائم، فقد حكى عن نفسه ما يلي: «كنت في البداية في حال المجاهدة، وكنت صائما فأكلني أنفي، وكان يوافق في العادة أكل السردين، فجاءتني النفس فقالت:
أكلني أنفي تعني السردين، فاعترضت عنها. فقالت يا ترى آكله مطبوخا أو مقلوا فقلت: هذه ترشيش وما طلعت الشمس عليّ إلاّ أبيت في بلد فخرجت من البلد فانقطعت النفس وهلكت».
وأوليته يكتنفها الغموض، ولعله تلقى التصوف في مبتدأ أمره عن شيخ متأثر بالإسماعيلية مع عدم إدراك المقاصد. والإسماعيلية اندسوا في صفوف الصوفية، وبثوا كثيرا من مبادئهم البالغة الخطورة في الزيغ والانحراف ولهم قدرة على التلون والنفاق حسب الظروف والمحيط، فالواحد منهم يتظاهر بأنه سني إن عاش وسط السنيين أو صوفي إن خالط الصوفية، ومجوسي أو يهودي إن قذفت به الظروف لمعاشرة هذه الطوائف إمعانا في التلبيس والخداع وخلق المناخ الملائم لبث السموم والانحراف.
وكان لظهور أبي الحسن الشاذلي ومدرسته رد فعل للحركة الصوفية المتأثرة بالإسماعيلية في تونس ورد فعل لمدرسة ابن العربي، والشاذلي امتداد لمدرسة الغزالي.
والمترجم من القائلين بوحدة الوجود، واللاهجين بالحقيقة المحمدية المقتبسة من نظرية الفيض والانبثاق عند الأفلاطونية الحديثة وهذه الحقيقة والنور الإلهي مشاركة لله في تدبير العالم، وهي نظرية ابتدعها الشيعة
الإسماعيلية، وسرت منهم إلى أوساط التصوف المنحرف والمعتدل عن حسن نية وبدون إدراك صحيح لمقاصدها ومراميها.
وعن الحقيقة المحمدية قال الدكتور عبد القادر محمود إنه «قال بها الصوفية الفرس المتأثرون بالمجوسية، وتسربت إلى الشيعة والصوفية، وانصهرت فيه النظرية الشيعية والصوفية في فلسفتها الكاملة في بوتقة المزج الأفلاطوني، ومن أوائل القائلين بها الحلاّج.
إنها أول تعين لله، ومنه تفرعت المخلوقات صدورا وفيضا استنادا إلى الأفستا التي تقول:«إن إله الخير لم يخلق الكون وما فيه من كائنات روحية ومادية خلقا مباشرا بل خلقه عن طريق الكلمة الإلهية المشتركة» (الفلسفة الصوفية في الإسلام القاهرة 1966، 67 ص 99).
ومما يدل عل تأثره بالأفلاطونية الحديثة قوله: «اعلم أن العقل هو أول المبتدعات، وهو واسطة بين الحق والخلق، مقبل على الحق لأن الأول أولى بالأول» .
والإسماعيلية الباطنية يدينون بكثير من نظريات هاته الفلسفة الوثنية الشركية، وربما كان المترجم من أتباع الاتجاه الصوفي لهذه الطائفة، ولذلك روى عنه مجالسه بتونس محيي مناهج وآراء الإسماعيلية محي الدين بن العربي، كما جالس غيره من أصحاب هذا الاتجاه المشبوه، فقد روى كتاب «خلع النعلين» لابن قسي عن ابنه نزيل تونس.
وهو من القائلين بالنفس الكلية أو الروح الكلية، وهي مما تسرب إلى الإسماعيلية، ودانوا بها فعند ما تكلم على قوله تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} قال: اعلم أن المراد هنا الروح الكلي الذي ورد أن نصفه ثلج، ونصفه نار، وهو يدعو اللهمّ كما ألّفت بين الثلج والنار