الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
428 - القابسي (324 - 403 هـ)(926 - 1012 م)
.
علي بن محمد بن خلف المعافري ابن القابسي، أبو الحسن وأحيانا تحذف ابن قبل القابسي، والمعافري نسبة إلى قرية المعافرين من قرى قابس، دثرت قبل القرن التاسع هـ على ما يستفاد من كلام ابن ناجي.
وقال غيره كالقاضي عياض ومتابعيه إنه لم يكن قابسيا وإنما كان له عم يشد عمامته مثل شد القابسيين فسمي القابسي بذلك. ولا يخفى ضعف هذا التفسير، والصحيح أن النسبتين إشارة إلى القرية والبلد اللذين أصله منهما، وهو قيرواني، وهو ابن خالة ابن أبي زيد القيرواني مثل محرز بن خلف على ما يبدو.
كان مقرئا محدثا فقيها أصوليا أشعريا زاهدا متقللا من الدنيا. كان حافظا للحديث ورجاله منقطع القرين. وكان ضريرا، وقيل عمي في كبره.
أخذ قراءة القرآن عرضا وسماعا على أبي الفتح بن يدهن وعليه اعتماده، وسمع الفقه من جماعة كأبي العباس الأبياني، وأبي الحسن بن مسرور الدباغ، وأبي عبد الله بن مسرور العسال، وأبي محمد بن مسرور الحجام، ودراس بن إسماعيل الفاسي نزيل القيروان، وغيرهم.
ورحل إلى الحج وعمره اثنتان وخمسون سنة (1) في سنة 376/ 986
(1) في شجرة النور الزكية «ورحل سنة 352 فحج» والصواب ما ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك «وكانت رحلته إلى المشرق وسنه اثنتان وخمسون سنة» فتكون رحلته على هذا سنة 376.
فسمع بمصر ومكة من حمزة الكناني، روى عنه سنن النسائي، ومن أبي زيد المروزي، وأبي أحمد محمد بن زيد الجرجاني روى عنهما صحيح البخاري وهما عن الفربري عن البخاري، وهو أول من أدخل رواية صحيح البخاري إفريقية وروى عن أبي الحسن بن حيويه النيسابوري، والذي ضبط له صحيح البخاري سماعا على أبي زيد المروزي بمكة هو أبو محمد الأصيلي بخط يده. لبث بالمشرق خمس سنوات. وكان مع عماه من أصح الناس كتبا وأجودها ضبطا، يضبط كتبه بين يديه ثقات أصحابه.
أقرأ الناس القرآن مدة بالقيروان ثم انصرف عن الإقراء لأنه بلغه أن أحد أصحابه استقرأه الأمير فقرأ عليه.
قال أبو عمرو الداني: «أقرأ الناس بالقيروان دهرا ثم انقطع عن الإقراء لما بلغه أن بعض أصحابه استقرأه السلطان فقرأ عليه، فشغل نفسه بالحديث والفقه إلى أن رأس فيها وبرع» .
تفقه به أبو عمران الفاسي، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله المالكي، وأبو علي حسن بن خلدون، وعتيق السوسي، وعمر العطار، وابن الأجدابي، وابن محرز، وروى عنه من الأندلسيين: أبو عمرو الداني المقرئ، وحاتم بن محمد الطرابلسي، والمهلب بن أبي صفرة، وغيرهم.
ولما جلس للناس وعزم عليه في الفتوى تأبّى وسد بابه دون الناس فقال لهم أبو القاسم بن شبلون: كسروا عليه بابه لأنه قد وجب عليه فرض الفتيا هو أعلم من بقي بالقيروان، فلما رأى ذلك خرج عليهم ينشد:
لعمر أبيك ما نسب المعلّى
…
إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرّت
…
وصوّح نبتها رعي الهشيم
ثم بكى حتى أبكى الناس، وقال: أنا الهشيم ثلاثا، والله لو أن في الدنيا خضراء ما دعيت أنا.
وكان يفضل كتاب ابن المواز في الفقه على سائر الأمهات، وقال: إن صاحبه قصد بناء فروع أصحاب المذهب على أصولهم، وغيره إنما قصد لجمع الروايات، ونقل مقصود السماعات - كذا نقله القاضي عياض. وبالعكس كان يؤاخذ العالم المصري أبا إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان القرطي (بضم القاف وكسر الطاء بعدها ياء النسبة، ت 355/ 965) بأن كتبه فيها غرائب من قول مالك وأقوال شاذة عن قوم لم يشتهروا بصحبته ليست مما رواه ثقات أصحابه واستقر من مذهبه، كذا ذكره القاضي عياض، وأورد له الوشريسي في «المعيار» مجموعة من فتاويه وكذلك البرزلي.
ومن مواقفه في تغيير المنكر والذب عن دين الله بصفته شيخ فقهاء القيروان يبدو بوضوح في قضية ابن أخي حاضنة باديس، فقد كان بالمهدية نصراني ابن أخ لحاضنة باديس بن المنصور الصنهاجي، افتض هذا النصراني صبية شريفة، فلما سمعت بذلك العامة رجعوا إليه فقتلوه، وبلغ ذلك باديس فعظم ذلك عليه وأرسل قائدا بعسكر إلى المهدية، وقال لهم: اقتلوا من هو قدّ السيف إلى فوق وبلغ ذلك القابسي، فدخل المحراب، وأقبل على الدعاء، فلما وصل القائد إلى قصر مسور قرب المهدية بات فيه، فقام بالليل وهو سكران يمشي على السطح فمشى في الهواء وسقط على رأسه وانتثر دماغه، وجاءت البرد إلى باديس بذلك، وأعلم بدعاء الشيخ أبي الحسن، فرعب لذلك وقال لأبي العرب وكبار رجاله تمشون إلى الشيخ، فلما ضربوا عليه بابه وأعلم بهم قال: تمضون للجوامع حتى يأتيكم العلماء، ولم يدخلهم داره، ووجه إلى أصحابه أبي بكر بن عبد الرحمن، والخواص، وابن