الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القبلي بمكان يعرف برأس الفرطاس على مقربة من ثكنة قديمة مبنية تحت الأرض في شكل دهاليز يصل عمق بعضها إلى خمسة وأربعين مترا، وقد تحولت مع مرور الزمن إلى منتزه، ولعله نزل في أحد هذه الدهاليز وسقط وأصابته رضوض فخرج منه متعبا منهوكا مرضوضا فأصابه أجله، وكان لموته لوعة وأسى في أوساط زملائه بالجامعة ولدى تلامذته الكثيرين، وقد كان فقده - وهو في أوج عطائه - خسارة على التدريس والبحث المبتكر، فقد كان أستاذا ملتزما بالعلم والأدب الخلاق، وله بحوث وفيرة بالعربية والفرنسية نشرتها المجلات، وهي تتسم بالابتكار والتقصي، والروح العلمية الجادة الملتزمة.
مؤلفاته:
1 -
علم أصوات العربية لجان كانتينو نقله إلى العربية، وذيله بمعجم صوتي فرنسي عربي نشرته الجامعة التونسية، تونس 1966، 224 ص.
2 -
اللحمة الحية، ديوان شعر على الطريقة الحديثة، نشر دار سيراس، تونس، الطبعة الأولى في 1970 والطبعة الثانية 1982 في 68 ص وفي آخره شعر بالفرنسية في 28 ص كتب له مقدمة زميل المترجم وصديقه الأستاذ توفيق بكار، جاء فيها ص 8 «شعر القرمادي عديم الوزن قليل القافية وهو مع ذلك شعر، والشعر ما إذا أزلت عنه دربكة الأوزان وتصفيق القوافي ظل شعرا لأن الشعر الجوهر والروح، وليست الأوزان والقوافي سوى وسائل محلية تزيد الشعر الحسن حسنا
…
وتغطي عيوب الآخر».
ومناقشة الأستاذ بكار تطول نجتزئ منها بما يلي: «إن الشعر كسائر الفنون له شكليات لا بد من مراعاتها وهي هنا الوزن ولو على الطريقة الحديثة من وحدة التفعيلة، ودعواه أن الشعر الجوهر والروح غير صحيح على إطلاقه فهل أن النثر الذي فيه خيال وبعض الفقر
الموزونة المقفاة يعد شعرا؟ لا يعد شعرا وإن كان فيه بعض عناصر الشعر، ثم إنه يستدرك أن الأوزان والقوافي تزيد الشعر الحسن حسنا وتغطي عيوب الآخر وفي هذا اعتراف بفضل الوزن والقافية على الشعر وأنهما تزيدان الحسن حسنا، أما دعواه أن القافية والوزن يغطيان عيوب الشعر غير الحسن فغير صحيح فإن الشعر الضعيف والذي فيه حشو يبقى بادي السوأة للعيان لا تستره القوافي والأوزان، ثم إن للشعر لغة خاصة تميل إلى التركيز، وعدم الإفراط في ذكر التفاصيل، وعدم التكرار الممل والبعد عن الإسفاف، وتناول المعاني الصغيرة والأشياء التافهة بحجة الاستمساك بالواقعية».
وقال في ص 6: «وهذا عذاب القبر يجرده من هوله فإذا هو (موربريزبارتي) وعشاق تحت اللحود وبين الحشرات وهذه طقوس الموت لا يبيح منها إلاّ أن يبول القط على ضريحه» .وهو يشير إلى قصيدته التي هي بعنوان: «نصائح إلى أهلي بعد موتي» ص 20 ولا تمنعوا القطط من البول على ضريحي، فقد اعتادت أن تبول على جدار بيتي، أهذا شعر؟ إنه أشبه بالكلام العادي الذي لا رواء فيه ولا جمال ولا خيال زيادة عن تفاهة المعنى، فما يهم القارئ أن تبول القطط أو غيرها على ضريحه، ثم لاحظ ما في لفظة البول من ذوق وبعد عن الشاعرية.
وقال الأستاذ بكار في ص 8: لقد لوى عنكوش (1) البلاغة بيدين خشنتين فهو يحدثك بلغة يعرب ولغة الحلفاوين معا ويقطع «المألوف (2) بالعروبي» وأن عباراته العامية لتنفلق في الكلام الفصيح «كالتقريعة» بين المتأدبين «تضر تقريعة» الصحة والعافية.
صحيح أنه أكثر من استعمال الكلمات العامية، وحاول
(1) كلمة دارجة بمعنى العنق.
(2)
الغناء على الطبوع الأندلسية.
الأستاذ بكار أن يبررها ولكنه كلام غير مقنع لأن هذه الألفاظ التي أوردها يمكن تعويضها بالفصيح، ولاستعمال الألفاظ العامية مجال في غير الشعر الفصيح، ولأن هذه الألفاظ التي أوردها لا شحنة معنوية أو نفسية لها حتى يقال إن تفصيحها يفسد مذاقها، وفي قصيدة الأمل ص 27:
عام الفيل وعام الفيل
…
فيل عام وعام
ليال وأيام
…
ثم أمل
عام الفيل وعام الفيل وعام الفيل
…
فيل عام وعام
ليال وأيام
…
ثم أمل
عام الفيل وعام الفيل وعام الفيل
…
ثلاثة أعوام وفيل
تململ وجرح
…
عام الفيل وعام الفيل وعام الفيل وعام الفيل
قتل وألف وأربعمائة وواحد وستون يوما
…
قلق وضجر ثم هل
إلخ
هل في هذا التكرار الممل نفحة من نفحات الشعر؟ ونكتفي بإيراد هذا القدر من الديوان وبه يتبين للقارئ أنه ليس بشعر أو الأحرى أن يسمى خواطر منثورة.
إني لست خصما للشعر العصري الحديث، لكن المجيدين في