الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
477 - الكندي (000 - 435 هـ)(0000 - 1043 م)
.
عبد المنعم بن محمد بن إبراهيم الكندي القيرواني المعروف بابن بنت خلدون، وهو ابن أخت الشيخ أبي علي حسن بن خلدون البلوي.
كان له علم بالأصول، وحذق الفقه والنظر والهندسة تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن، وأبي عمران الفاسي، وأخذ عن ابن سفيان المقرئ وبه تفقه اللخمي وأبو إسحاق بن منصور القفصي، وعبد الحق الصقلي، وابن سعدون، وغيرهم. وكان له حظ من الحساب والهندسة، يحكى أنه دبر جلب ماء البحر من ساحل تونس إلى القيروان، وسوفه خليجا من هناك بنظر هندسي ظهر له فمات قبل نفاذ رأيه فيه.
وله رحلة دخل فيها مصر، وكان قدوة في العلم والدين. قال فيه الإمام المازري: لم تمنعه الإمامة في الفقه من الإمامة في الهندسة، ولما مات رثاه عبد الله بن يحيى الشقراطسي في قصيدة:
وقلت لعبد المنعم بن محمد
…
تنال جسيمات وتقضي مآرب
له تعليق على المدونة.
له تآليف أخرى لم يسمها مترجموه.
المصادر والمراجع:
- الأعلام 4/ 317.
- ترتيب المدارك 4/ 771.
- شجرة النور الزكية 107.
- معالم الإيمان 3/ 128 - 129.
- معجم المؤلفين 4/ 193، 6/ 195.
- بلاد البربر الشرقية في عهد الزيريين (بالفرنسية) 2/ 727، 728.
478 -
الكوّاش (1)(1137 - 1218 هـ)(1735 - 1803 م).
صالح بن حسين بن محمد الكواش الكافي، ينتهي نسبه إلى الشيخ عبد السلام بن مشيش الحسيني، وارتحلوا من المغرب إلى الكاف، وانتقل محمد من الكاف إلى تونس، ونشأ بها ولده حسين في تعاطي الفلاحة، وكان كواشا بكوشة سيدي المشرف.
ولد المترجم في ربيع الأول، وكان والده في مزرعة له فسمع في تلك الليلة هاتفا ينادي يا صالح ثلاثا، فلما رجع إلى أهله وعلم بازدياد ولده سمّاه صالحا، واعتنى به في حفظ القرآن، فظهرت عليه نجابة، كان بها مؤدبه يملي عليه ما يمكنه فيحفظه بالإعادة مرتين أو ثلاثا. ولما بلغ أربع عشرة سنة توفي والده فأقبل على التعليم بجامع الزيتونة، فقرأ الأزهرية على حسونة الترجمان، وعلّم الكلام والمنطق، وقطعة من شرح العقائد النسفية بجميع حواشيها على الشيخ محمد الغرياني، وقرأ على عبد الكبير الشريف، وحمودة الريكلي، ومحمد المنصوري شارح مختصر خليل، وعبد الله الغدامسي معقول العلوم ومنقولها، وأحمد اللعلاع، ومحمد بيرم الأول، وغيرهم. وارتحل إلى طرابلس لطلب العلم، فأدرك بها الشيخ محمد التاودي بن سودة الفاسي فختم عليه الشفا، وقرأ هناك التفسير والحديث على الشيخ محمد أكنسوس المغربي. ورجع إلى تونس على أكمل حال من التحصيل وولي مشيخة المدرسة المنتصرية بعد وفاة
(1) الكواش كلمة بربرية معناها فران المخبزة شاعت في استعمال اللهجة التونسية منذ قرون ولا معنى لإرجاعها إلى أصل عربي لأنه مجرد تمحل وتكلف.
قاضي الحاضرة الشيخ إبراهيم المزاح الأندلسي في ذي القعدة سنة 1175/ 1762، وأقرأ بها ودرس بجامع الزيتونة أيضا.
أخذ عنه إبراهيم الرياحي، وأحمد زروق الكافي وأخوه محمد السنوسي، وإسماعيل التميمي، وحسن الهدة السوسي، وأجازه بما في ثبته، وصالح بن محمد الفلاني السوداني عند ما جاور بتونس طلبا للعلم، وأجاز لمرتضى الزبيدي ولم يذكره في حرفه من المعجم المختص. وهو من مشايخه كما صرح بذلك في ترجمة محمد بن خالد العنابي من معجمه وفي غيره من إجازاته.
وقد رحل من تونس على عهد الأمير علي باي حيث أنكر على قراء الأحزاب أسلوب قراءة القرآن الذي أفضى إلى تغيير، وشدد عليهم النكير في النهي حتى وقع اضطراب بين العامة، فاضطره الأمير إلى الرحيل، ورجع بعد حين.
وكان متحليا بالزهد وملازمة التقشف، لا تأخذه في الله لومة لائم، حاضر الجواب، لا يتهيب فيما يخطر بباله سواء عنده الأمير والمأمور، استدعاه الأمير حمودة باشا إلى منزله في بعض الليالي مع جماعة من العلماء، فلما استقر بهم المجلس بادر بعض المماليك يصلح السراج، فوقعت ذبالة الشمعة بحجر المترجم، فرمى بها، وقام وخرج وهو يتلو {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ} (سورة هود: 13).
وسأله مرة بعض الوزراء المماليك عن اسم أبيه وحرفته، وقصد بذلك استنقاصه حيث إن أباه كان كوّاشا، ففهم المترجم قصده فقال له: أنا ابن فلان الكواش، وأنت ابن من؟ فسكت الوزير المملوك، وكان ذلك بحضرة الأمير والجمع الغفير فقال المترجم: أنت ابن جوان أو ابن نيكولا أو أنطون إلى غير ذلك من أسماء الكفر، فحصل للوزير خجل فبكته ومقته.
ولما ولي المدرسة المنتصرية كان من أحباسها دار يسكنها شيخها، وسكنها المترجم حتى تداعت فأتى بنفسه إلى الأمير حمودة باشا وطلب منه أن يصلحها من بيت مال المسلمين حيث كان الوقف لا فاضل في ريعه لإصلاحها، فرغب منه الأمير أن يشتري له دارا تبقى لولده، ووكيل الوقف يصلح دار الوقف من فواضله فقال له: أما ولدي فالله له، وليس من حسن العهد أن نسكن دار الوقف حتى تتداعى، ثم نتركها خرابا، فراجعه الأمير فأصر على ذلك، فأمر بإصلاحها. وكان الوزير يوسف صاحب الطابع يأتي بنفسه لتفقد ترميمها عناية بصاحب الترجمة.
وكانت له حافظة قوية يكاد يحفظ كل ما يطالعه. كان يقرئ المطول وشرح عبد الباقي الزرقاني على مختصر خليل، ويمر بمحل الدرس بحانوت بعض الكتبيين، ويأتي في درسه بما لا يوجد فوقه من التحرير مما يعجز عنه بعد طول مطالعة النحارير، ونقل من حواشي المطول ما مرّ على نظره السنون.
وذكر أنه أنكر على أيمة جامع الزيتونة التزامهم تأخير صلاة الظهر، وكان إمام الخمس إذ ذاك أبا حفص عمر المحجوب، فبلغه فقال:
سبحان الله أينكر الشيخ هذا العمل، وقد قال أبو إسحاق الشاطبي في «الموافقات» إن ذلك جائز، فنقل كلامه هذا لصاحب الترجمة فقال للمخبر قل له: اقلب الورقة تجد في نهاية كلامه قوله: ما لم يتخذ ذلك عادة، وكأن الشيخ عمر المحجوب لم يستقص كلام الشاطبي مطالعة فتأمله فإذا هو كما قال صاحب الترجمة.
وقال له الأمير علي باي يوما: يا شيخ صالح قد اجتمع فيك ما تفرق في غيرك من العلم والفضل وجعل يعدد محاسنه لكن ليس لك حظ من السياسة، فأجابه صاحب الترجمة بقوله: أنا من أعلم الناس بالسياسة، غير أنكم معاشر الأمراء تريدون أن تخالفوا الشرع ونساعدكم على مخالفتكم.