المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌509 - المدني (1317 - 1404 هـ) (1899 - 1983 م) - تراجم المؤلفين التونسيين - جـ ٤

[محمد محفوظ]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الفاء

- ‌415 - الفاسي (0000 - 1243 هـ) (0000 - 1833 م)

- ‌المرجع:

- ‌416 - الفاسي (368 - 430 هـ) (979 - 1039 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌417 - الفائز (1321 - 1372 هـ) (1902 - 1953 م)

- ‌المراجع:

- ‌418 - فتاتة (0000 - 1115 هـ) (0000 - 1704 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌420 - الفراتي (1050 - 1131 هـ) (1641 - 1719 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌421 - الفرزدقي (0000 - 479 هـ) (0000 - 1086 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌422 - الفكروني (0000 كان حيا بعد 1046 هـ) (1637 م)

- ‌المراجع:

- ‌423 - فقّوسة (0000 كان حيا 1214 هـ) (1800 م)

- ‌المراجع:

- ‌424 - الفقي (1310 - 1399 هـ) (1892 - 1979 م)

- ‌المراجع:

- ‌425 - الفورتي (1300 - 1374 هـ) (1882 - 1954 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌426 - الفيتوري (0000 - 1088 هـ) (0000 - 1678 م)

- ‌المراجع:

- ‌حرف القاف

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌428 - القابسي (324 - 403 هـ) (926 - 1012 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌429 - قاره باطاق (0000 - 1197 هـ) (0000 - 1783 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌430 - ابن القاضي (1105 - 1180 هـ) (1692 - 1766 م)

- ‌المراجع:

- ‌431 - القبجي (0000 - 1262 هـ) (0000 - 1846 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌433 - قدّور (1304 - 1383 هـ) (1884 - 1963 م)

- ‌المرجع:

- ‌434 - قدية (0000 - 1372 هـ) (0000 - 1952 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌435 - القرطاجني (608 - 684 هـ) (1211 - 1285 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌436 - القرطبي (000 - 636 هـ) (0000 - 1239 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌437 - القرمادي (1354 - 1402 هـ) (1933 - 1982 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌438 - القريشي (كان حيا 851 هـ) (1447 م)

- ‌المراجع:

- ‌439 - القزّاح (1238 - 1323 هـ) (1823 - 1905 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌440 - القزاز (نحو 345 - 412 هـ) (956 - 1021 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌441 - القسنطيني (816 - 878 هـ) (1414 - 1474 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌442 - القسنطيني (000 نحو 940 هـ) (0000 - 1534 م)

- ‌المرجع:

- ‌443 - ابن القصار (كان حيا بعد 790 هـ) (1388 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌445 - القصري (000 - 322 هـ) (000 - 935 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌القطان - ابن الكحالة446 -القطان (288 - 333 هـ) (901 - 945 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌448 - القفصي (000 - 305 هـ) (000 - 917 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌449 - القفصي (776 - 843 هـ) (1375 - 1438 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌450 - القفصي (000 - 336 هـ) (000 - 947 م)

- ‌المصدر:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌452 - القلشاني (773 - 847 هـ) (1381 - 1444 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌القلانسي - الزبيري454 -القمّار (1210 - 1285 هـ) (1800 - 1874 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌455 - القليبي (1318 - 1374 هـ) (1900 - 1954 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌456 - ابن القوبع (664 - 738 هـ) (1266 - 1338 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌457 - قويسم (نحو 1033 - 1114 هـ) (1623 - 1702 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌458 - القيرواني (000 - 514 هـ) (0000 - 1120 م)

- ‌المرجع:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌460 - القيسي الصفاقسي (706 - 741 هـ) (1307 - 1343 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرفالكاف

- ‌462 - ابن الكاتب (000 - 408 هـ) (0000 - 1018 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌463 - الكافي (1278 - 1380 هـ) (1861 - 1960 م)

- ‌مؤلفاته المطبوعة:

- ‌ومما هو مخطوط:

- ‌المراجع:

- ‌464 - الكتاني (كان حيا 684 هـ) (1286 م)

- ‌المرجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌466 - الكرّاي (0000 - 1115 هـ) (0000 - 1703 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌467 - ابن الكردبوس (كان حيا - 575 هـ) (1179 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌468 - ابن كرم (0000 - 1234 هـ) (0000 - 1813 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌469 - كريّم (1243 - 1315 هـ) (1827 - 1897 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌471 - الكعاك (كان حيا - 1312 هـ) (1894 م)

- ‌المرجع:

- ‌472 - الكعاك (1318 - 1396 هـ) (1900 - 1976 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌473 - الكلاعي (نحو 613 - 693 هـ) (1216 - 1293 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌474 - ابن الكمّاد (كان حيا بعد 679 هـ) (1280 - 81 م)

- ‌المرجع:

- ‌475 - الكمرائي (0000 - 1031 هـ) (0000 - 1624 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌الكناني - ابن الكاتب476 -الكناني (1222 - 1292 هـ) (1807 - 1875 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌477 - الكندي (000 - 435 هـ) (0000 - 1043 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌وختامها:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌479 - الكوّاش (0000 - 1232 هـ) (0000 - 1818 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌480 - الكومي (كان حيا 880 هـ) (1475 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌481 - الكوندي (نحو 1028 - 1119 هـ) (1619 - 1708 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌482 - الكيلاني (0000 - 1274 هـ) (0000 - 1857 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌حرفاللام

- ‌483 - لاز أغلي أو لاظ أوغلي (0000 - 1319 هـ) (0000 - 1901 م)

- ‌المراجع:

- ‌484 - اللؤلؤي (272 - 318 هـ) (885 - 930 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌485 - ابن اللبّاد (250 - 333 هـ) (864 - 944 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌487 - اللبي (839 - 893 هـ) (1425 - 1487 م)

- ‌المراجع:

- ‌488 - اللّبيدي (360 - 440 هـ) (977 - 1048 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌489 - ابن أبي لحية (كان حيا 1032 هـ) (1622 م)

- ‌المراجع:

- ‌490 - اللخمي (000 - 299 هـ) (000 - 912 م)

- ‌المصادر:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌492 - اللطيف (0000 - 1273 هـ) (0000 - 1857 م)

- ‌ مؤلفاته

- ‌المراجع:

- ‌493 - اللّلياني (000 - 650 هـ) (0000 - 1260 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌حرفالميم

- ‌494 - المارغني (1281 - 1349 هـ) (1865 - 1931 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌495 - المازري (453 - 536 هـ) (1061 - 1142 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌496 - ابن المازق (0000 - 1354 هـ) (0000 - 1936 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌497 - ماضور (1150 - 1226 هـ) (1737 - 1811 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌498 - المالطي (000 - 537 هـ) (0000 - 1143 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌499 - المالقي (1309 - 1400 هـ) (1889 - 1980 م)

- ‌آثاره:

- ‌500 - المالكي (بعد 453 هـ) (1061 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌502 - المتيّم (000 نحو 440 هـ) (0000 - 1040 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌503 - المحجوب (0000 - 1222 هـ) (0000 - 1807 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌504 - المحجوز (0000 - 1119 هـ) (0000 - 1707 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌505 - ابن محرز (000 نحو 450 هـ) (0000 - 1068 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌506 - ابن محمود (كان حيا 1178 هـ) (1764 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌507 - محمد الرشيد باي (1123 - 1172 هـ) (1710 - 1758 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌508 - مخلوف (حوالي 1280 - 1360 هـ) (1864 - 1941 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌509 - المدني (1317 - 1404 هـ) (1899 - 1983 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌510 - المدني (1307 - 1378 هـ) (1889 - 1959 م)

- ‌مؤلفاته في التفسير:

- ‌وله شرح على بعض الأحاديث:

- ‌وله من الرسائل:

- ‌ومن مؤلفاته في التصوف خاصة:

- ‌وله مؤلفات في مسائل فقهية:

- ‌المراجع:

- ‌511 - ابن مراد (0000 - 1399 هـ) (0000 - 1979 م)

- ‌512 - المرادي (من رجال القرن السادس هـ) (الثاني عشر م)

- ‌المرجع:

- ‌513 - المراكشي (0000 - 1148 هـ) (0000 - 1736 م)

- ‌المصدر:

- ‌514 - المرجاني (633 - 699 هـ) (1235 - 1300 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌515 - ابن مرزوق (000 - 472 هـ) (0000 - 1080 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌516 - المرزوقي (1336 - 1402 هـ) (1916 - 1981 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌517 - المزاتي (000 - 471 هـ) (0000 - 1078 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌518 - المزاح (0000 - 1175 هـ) (0000 - 1762 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌520 - المسراتي (0000 - 1043 هـ) (0000 - 1634 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌521 - المسراتي (576 - 646 هـ) (1180 - 1248 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌522 - المسراتي (0000 - 1085 هـ) (0000 - 1675 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌523 - ابن مسرور (000 - 325 هـ) (000 - 937 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌524 - ابن مسعود (0000 - 1234 هـ) (0000 - 1818 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المراجع:

- ‌526 - المشيرقي (1293 - 1382 هـ) (1885 - 1962 م)

- ‌آثاره:

- ‌المرجع:

- ‌527 - المشيشي (0000 - 1310 هـ) (0000 - 1892 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌528 - المصعبي (0000 - 1207 هـ) (0000 - 1783 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌529 - المصعبي (0000 - 1188 هـ) (0000 - 1775 م)

- ‌المراجع:

- ‌530 - المطوي (1347 - 1385 هـ) (1929 - 1965 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

- ‌531 - المعافري (167 - 262 هـ) (784 - 874 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌532 - معاوية (0000 - 1294 هـ) (0000 - 1877 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌533 - ابن المعز (422 - 501 هـ) (1031 - 1108 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المغازلي - الخميري534 -المغامي (000 - 288 هـ) (000 - 901 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌535 - المغراوي (من رجال القرن 12 هـ) (18 م)

- ‌536 - مغوش (000 - 947 هـ) (0000 - 1540 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌537 - ابن مفرّج (000 - 308 هـ) (000 - 921 م)

- ‌المرجع:

- ‌538 - ابن مفوّز (596 - 661 هـ) (1200 - 1262 م)

- ‌المصدر:

- ‌539 - المقدم (من رجال القرن 12 هـ) (18 م)

- ‌540 - المقدمي (من أهل القرن 12 هـ) (18 م)

- ‌المرجع:

- ‌541 - مقديش (1154 - 1228 هـ) (1742 - 1813 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌542 - مقديش (0000 - 1251 هـ) (0000 - 1836 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌543 - المكفوف (000 - 308 هـ) (000 - 920 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌544 - المكني (0000 - 1122 هـ) (0000 - 1710 م)

- ‌المرجع:

- ‌545 - المكودي (0000 - 1169 أو 70 هـ) (0000 - 1158 أو 59 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌546 - المكي (0000 - 1352 هـ) (0000 - 1933 - 34 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌547 - الملتاني (000 - 644 هـ) (0000 - 1246 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر:

- ‌548 - الملا أو المنلا (0000 - 1209 هـ) (0000 - 1795 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌549 - ابن ملوكة (0000 - 1276 هـ) (0000 - 1860 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌550 - المليكشي (000 - 740 هـ) (0000 - 1340 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌551 - الممسي (000 - 333 هـ) (000 - 945 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌552 - المناري (0000 - 1266 هـ) (0000 - 1850 م)

- ‌المصدر:

- ‌553 - المناري (000 نحو 750 هـ) (0000 - 1350 م)

- ‌المصدر:

- ‌554 - ابن مناس (000 - 390 هـ) (000 - 999 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌555 - مناشّو (1302 - 1354 هـ) (1884 - 1933 م)

- ‌المراجع:

- ‌556 - ابن المناصف (563 - 621 هـ) (1168 - 1223 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌557 - ابن منّ الله (000 - 493 هـ) (0000 - 1100 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌559 - المنصوري (كان حيا في النصف الأول من القرن 12 هـ) (18 م)

- ‌المراجع:

- ‌560 - ابن أبي المهاجر (من رجال النصف الأول من القرن 3 هـ)(القرن 9 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌561 - المهدوي (000 - 440 هـ) (0000 - 1048 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌562 - المهدوي (000 - 631 هـ) (0000 - 1233 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌563 - المهدوي (000 - 621 هـ) (0000 - 1224 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المراجع:

- ‌564 - المهدوي (000 - 595 هـ) (0000 - 1112 م)

- ‌المصدر:

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌566 - المهيدي (1322 - 1389 هـ) (1902 - 1969 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌567 - المهيري (1304 - 1393 هـ) (1888 - 1973 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌568 - المؤخر (كان حيا سنة 1118 هـ) (0000 - 1707 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌569 - المؤخر (1072 - كان حيا بعد 1117 هـ) (1661 - كان حيا بعد 1705 م)

- ‌المصادر:

- ‌570 - المورالي (نحو 1318 هـ) (1900 م)

- ‌المراجع:

- ‌571 - الميّانشي (بعد 381 هـ) (991 م)

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌572 - الميّانشي (000 - 581 هـ) (0000 - 1185 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌573 - ابن ميّة (0000 - 1338 هـ) (0000 - 1920 م)

- ‌مؤلفاته:

- ‌المرجع:

- ‌574 - الميلي (0000 - 1248 هـ) (0000 - 1833 م)

- ‌تآليفه:

- ‌المراجع:

الفصل: ‌509 - المدني (1317 - 1404 هـ) (1899 - 1983 م)

‌509 - المدني (1317 - 1404 هـ)(1899 - 1983 م)

.

أحمد توفيق بن محمد بن أحمد بن محمد المدني التونسي مولدا وقانونا، الجزائري إقامة ووفاة، وأتاه لقب المدني من جده الأعلى المولود بالمدينة المنورة، وكان أولا اسمه أحمد زاده، توفيق الضابط التركي فتحي بك القائد العام للجيش العثماني بطرابلس الغرب. وذلك أثناء مأدبة عشاء صغيرة بدار السيد المختار كاهية بتونس.

قدمت أسرته من الجزائر قبل سنين من احتلال تونس، وهي عائلة شتتها الاستعمار بقي البعض منها بالجزائر والبعض منها بتونس ومنهم الأستاذ الشاعر الهادي المدني (الحاكم المتقاعد المحامي الآن) وأصل سلفه يعرفون بالقبي هاجروا من غرناطة إلى الجزائر وهم أشراف.

الخطيب الساحر، السياسي المناضل، الكاتل الغزير الإنتاج، المؤرخ وله شعر قليل.

دخل الكتاب وعمره خمس سنوات فحفظ القرآن الكريم، وكان وهو ما يزال في الكتاب يطالع الصحف التونسية، وتفتق ذهنه عن السياسة العامة وأساليبها وأكاذيبها، وفي أوقات الفراغ يلتف حوله زملاؤه، من صبيان الكتاب فيحدثهم عن أمور السياسة كما سمع وكما قرأ، ويبدو أن للبيئة العائلية تأثيرها في توجيهه نحو السياسة، وفضح أساليب الأوروبيين في التكالب على ديار العروبة والإسلام ومظالمهم وبالخصوص الفرنسيين، وأسرته شاركت في معارك الجهاد ضد الاستعمار الفرنسي وتعلق الآمال على الدولة العثمانية، فكان وهو في طور الصبا

ص: 263

يستمع إلى ما يدور في مجالس العائلة ويتأثر بها مما يدل على ذكاء وقّاد وسرعة تقبل وانفعال.

وفي أول سنة 1909 انتقل من الكتاب إلى المدرسة القرآنية الأهلية التي يديرها الشيخ محمد صفر، وبعد سنتين أصبح أستاذا له السيد الشاذلي المورالي، وكانت له ميول سياسية وطنية وإسلامية وكان له نعم الأستاذ، ومن أساتذته الشيخ الشاذلي الجزيري، وفي أوقات الفراغ يلتف حوله التلاميذ كما كان شأنه في الكتاب يروي لهم ما اختزنته ذاكرته من أحاديث أبيه وجده للأم وخاله، ويستفز هممهم للعمل والثورة في كل الميادين وتقويم الأخلاق، والسعي لجمع كلمة المسلمين، ومقاومة المطامع الأوروبية التي كانت تكتنف ديار الإسلام من كل جانب.

والتزم هو والمحيطون به أن يشتري كل واحد منهم صحيفة معينة من صحف تونس أو من صحف ومجلات مصر وإستانبول ثم يقع تداولها بينهم.

في سنة 1911 عند ما هاجمت إيطاليا ليبيا جمع حوله بعض المتحمسين من أبناء المدرسة فكان يطوف الأسواق ومختلف الحارات يحرّض على الجهاد، ويتوجه بالقارص من القول إلى رواد المقاهي العربية معيرا إياهم بأنهم أصبحوا من القواعد بينما غيرهم يموت في سبيل الله وفي سبيل الوطن وكان مع أصحابه يجمع النقود القليلة للهلال الأحمر العثماني.

وكان يحفظ عن ظهر قلب كل القصائد المثيرة المنشورة في الصحف الشرقية وخاصة أشعار الرصافي فكان يرتاد الأسواق والمقاهي العربية ويقول لهم: اسمعوا ما يقوله الرصافي الشاعر العظيم عن جهاد المسلمين في طرابلس، فتتجه إليه الأبصار، ويشتد به الحماس وهو يلقي القصيدة وتحمر أحداقه ويتهدج صوته ويزداد ارتفاعا وهو يرى الناس يتأثرون ويبكون أحيانا وهم يستعيدون القصيد.

ص: 264

وفي معركة الزلاج 7 نوفمبر 1911 كان من بين الذين يطوفون بالأسواق والمقاهي وينادي بأعلى صوته نموت ولا نسلم زلاجنا.

وفي سنة 1913 انتهت دراسته بالمدرسة القرآنية وخرج منها ملمّا بمبادئ اللغة الفرنسية وكان خلال السنتين الأخيرتين خطيب المدرسة وكاتبها المبرز، فأثناء الحفل الشهري الذي توزع فيه الإجازات على المتفوقين كان أستاذه الشاذلي المورالي يأخذ بيده ويقوده إلى فوارة رخامية تتوسط البهو الأكبر، فيصعد فوق حافتها ويقول له بلهجة الوالد الآمر حدّثهم عن موضوع كذا، وكان - مهما كان الموضوع - يتدرج إلى الحديث عن حالة الوطن وحالة المسلمين، والواجب عن الدين والوطن اليوم وغدا. أما المواضيع الإنشائية التي كان يكتبها ويطيل النفس فيها ويحررها بقلم حار ويضمنها آراءه وأفكاره عن حالة الوطن وحالة الإسلام والواجبات نحوهما، فقد كانت بأمر من المدير الشيخ محمد صفر تنسخ وتعلق عند باب كل قسم، ويقبل الطلبة على قراءتها.

وقد اتضح مما سبق أن لوسطه العائلي تأثيرا كبيرا على ميوله واتجاهاته السياسية، وللمدرسة القرآنية دورها في إعداده للخطابة والكتابة.

بعد مبارحة المدرسة القرآنية دخل جامع الزيتونة، وكان يتابع الدروس بصفة حرة لا يشارك في امتحانات آخر السنة لأنه لم يكن له رغبة في تقلّد الوظيف، واختار لنفسه دروسا على جماعة من الأساتذة كالشيخ محمد النخلي في التفسير، والشيخ محمد بن يوسف في البلاغة، والشيخ محمد الصادق النيفر في الفقه، والشيخ محمد بن القاضي في النحو والصرف، والشيخ محمد بن شعبان في المنطق والشيخ معاوية التميمي في آداب اللغة العربية، وكان يلازم الدروس عشر ساعات كل يوم دون انقطاع تبتدئ بعد أداء صلاة الصبح وتنتهي بعد أداء صلاة العشاء مع ما يتخلل ذلك من حفظ مختلف المتون، كما دخل المدرسة

ص: 265

الخلدونية ودرس فيها التاريخ على الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب وانعقدت بينه وبين أستاذه روابط المحبة والتقدير والاحترام وأهدى له أستاذه مجموعة من مؤلفاته.

وكان نهما في المطالعة وهو ما يزال تلميذا كان للسيد علي بوغدير دكان صغير بسوق الكتبية وكان يعير الكتب للراغبين بالأجرة وخاصة الروايات، كل راغب يتناول الرواية مقابل عشر صنتيمات لمدة ثلاثة أيام ثم يرجعها ويأخذ رواية أخرى أو كتابا آخر لمثل تلك المدة وبمثل ذلك الأجر وقد أعجب يومئذ بروايات ميشال زيفاكو التاريخية بترجمة طانيوس عبدة، وقد فتحت هذه الروايات أمام عينيه نافذة واسعة على عالم كان مجهولا لديه، واكتسب منها ما كان ينقصه من الاطلاع على حالة وعلى تفكير وعلى تعبير العالم الغربي، وكان يطالع أيضا في مكتبة المدرسة الخلدونية، وتعرف في هذه الفترة على رجلين كان لهما تأثير على مجرى حياته هما السيدان حسين الجزيري والصادق الرزقي، وفي إحدى اللقاءات بحسين الجزيري أمام دكان علي بوغدير عرض عليه حسين الجزيري أن ينضم إلى أسرة جريدة «الفاروق» الصادرة بالجزائر، وكان الجزيري يراسلها بانتظام أسبوعيا، ونشرت له جريدة «الفاروق» في نوفمبر 1914 مقالا بعنوان «الإدمان أول وزراء السوء» وهي أول مقالة له في الكتابة الصحفية، وكتب بهاته الصحيفة نحو خمس مقالات لتعطل الصحيفة واضطهاد صاحبها، وكان لبعض تلك المقالات رنّة استحسان، ورمقته من أجلها أعين الناس بالتقدير والإعجاب. وكان سبب تعطيل هاته الصحيفة نشرها لمقالته «بين لجج الهواجس» .

وفي سنة 1915 اتفق هو وطائفة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة على التخطيط لإثارة انتفاضة ضد فرنسا تبتدئ بواسطة قبيلة بني يزيد في الجنوب التونسي وتعم مدن الجنوب، وفكر في حمل زملائه الطلبة الجزائريين على القيام بانتفاضة ضد فرنسا في بعض المدن الجزائرية كتبسة

ص: 266

وغيرها، وفي أثناء التخطيط عثروا على نشيد وطني ناري للشاعر الشاذلي خزنة دار فاستخرج منه نسخا عديدة وزعها على الجمهور، وسافر إلى قابس بعد أن راسل السيد علي فارس بالحامة الذي تعرف به أيام الدراسة بالزيتونة، وكان سفره ظاهريا بحجة التعرف على تجارة التمر، والاجتماع بالتجار لأنه تظاهر بأنه سيصبح تاجر تمور، وفي قابس تفاوض مع تجار التمور، ومعه كراس سجل فيه كل ما قيل عن التمور، ثم خلا بالسيد علي فارس، وأعلمه بأن قضية تجارة التمور ما كانت إلاّ ستارا لإخفاء المهمة الحقيقية عن أنظار العدو وعن أنظار المتطفلين، وأعلمه عن الدور الخطير الذي سيضطلع به شخصيا عند التنفيذ، ودار نقاش بينه وبين السيد علي فارس عن الصعاب والعقبات التي تحول دون قيام انتفاضة ضد الجيش الفرنسي، والسيد علي فارس كان على صلة بواسطة المكاتبة بنوري باشا بطرابلس، ورجع إلى العاصمة خلال العشر الأول من شهر جانفي 1915 فأخذ يتجول في الأسواق يجادل التجار حول التمر وأسعاره وأنواعه، ويعرض عليهم أنواع ما عنده من البضاعة وأسعارها.

وكان يتعمد الكلام بصوت جهوري، ويتظاهر بشيء من ثقل السمع حتى يرفع محدثه صوته، كل ذلك لكي يعلم الجواسيس ويعلموا أسيادهم أنه أقدم بكليته على تجارة التمر.

في خلال شهر فيفري 1915 دق على باب داره الجاسوس البشير بو خريص وقال له إن سيدا قادما من الخارج يود مقابلتك وهو هنا فتفضل معي لتراه، وتبعه وما خطا خطوات واجتاز منعرج الطريق حتى وجد نفسه محاطا بطائفة من أعوان البوليس الفرنسيين، وتقدم إليه كوميسار القسم السياسي مسيو كلابي قائلا له: عندي أمر بتفتيش غرفتك فخذني إليها من فضلك، قال هذا وتوجه نحو الدار ودخل ودخلت الجماعة وراءه وهو بينهم مندهش، وذهب بهم إلى المكان الذي ينام فيه وإلى جانبه مكتبه، وبعد التفتيش نحو الساعة جمع ما وقع حجزه

ص: 267

من أوراق ومحفظة طلب منه الكوميسار أن يصحبه إلى دار الشرطة، وفيها وقع استنطاقه وبعد ذلك زج به في السجن في الزنزانة رقم 15، وبعد تردد تأقلم وتعود على حياة السجن وطعامه، وفي المدة الأولى أقبل على التنقل بالصلاة وتلاوة القرآن العظيم، وهاله أنه تعثر في شيء من سورة الأنعام، فطلب من أهله مصحفا حتى لا ينسى شيئا من كتاب الله، ثم أقبل بنهم على المطالعة، وطلب من أسرته أن يمدوه بكتب عينها لهم، وخصص وقتا لدراسة الفرنسية حتى أصبح عارفا بها.

وفي غرة نوفمبر 1918 خرج من السجن، وعاد إلى حضور الدروس بجامع الزيتونة.

وفي سنة 1920 أمد جريدتي «الصواب» و «الوزير» بمقالات متوالية ممضاة باسم «المنصور» اتقاء لشر الإدارة وعملها التنكيلي ضد السادة الثلاثة من الأعيان الذين ضمنوا فيه لدى الكتابة العامة للحكومة بعد خروجه من السجن ألا يشتغل بالسياسة. ونشر في صحيفة «المشير» ترجمة لمقال هنري دي شامنير صاحب المجلة البرلمانية بباريس، وهي فصل لاذع ينتقد فيه انتقادا قاسيا الإدارة الاستعمارية بتونس، وقد اقتبس قصة ذلك من كتاب «تونس الشهيدة» ويوم بروز الفصل المترجم بجريدة «المشير» تهافت الناس على «المشير» يختطفونه من الباعة، فلم يبق بالسوق إلاّ بعض أعداد فقط حجزتها الإدارة وأمرت بإغلاق جريدة المشير. وهذا الفصل المترجم يعري السياسة الفرنسية بتونس ويشنع بوسائلها وأهدافها.

وكان يكتب المقالات السياسية لمختلف الصحف باسم «المنصور» تارة وبدون إمضاء تارة أخرى فعرف بوطنيته ومقدرته القلمية في أوساط النخبة التونسية يومئذ، فكانوا يستدعونه لأخذ رأيه وتكليفه بعمل نحو بعض المهمات، وهم محمد التليلي صاحب مطبعة التليلي، ومحمد الجعايبي صاحب جريدة «الصواب» ومحمد بن عمار، وعلي كاهية.

ص: 268

في منتصف شهر ماي من سنة 1920 جاء صديقه الشيخ المنصف المنستيري إلى حلقة الشيخ محمد بن يوسف الصباحية يقول له إن والده يطلب من فضلك أن تزوره هذه العشية بالبيت في المرسى فهو يريد أن يتحدث إليك في أشياء، وذهب إليه (هو الشيخ حمودة المنستيري) وبعد السلام والترحيب والقهوة قال له: إن إخوانك الذين تعرفهم من رجال الحزب الحر الدستوري يرون ضرورة انضمامك للعمل في صفوفهم وإنهم قرروا أن تكون ضمن اللجنة التنفيذية العليا للحزب أثناء الانتخابات المقبلة لأنهم يحتاجون لعملك منذ الآن بصفة منظمة وقد عرضت عليهم رأيا فقبلوه بارتياح والكلمة الأخيرة لك. وقبل بارتياح المقترحات وأبدى له أنه يقبل ما يرتئيه قبل أن يعرف تفصيله وطلب منه أن يوضح له الرأي فقال له: أن تكون ابتداء من الغد بصفة رسمية كاتبا في مكتب ابني الطاهر وابن أخي الصادق، فتشتغل ظاهريا بضبط حساباتهما الزراعية، أما مهمتك الأساسية الحقيقية فهي أن تكون كاتبا للحزب حافظا لأسراره أمينا على أوراقه ريثما يكون للحزب مقر، وريثما يتم انتخاب اللجنة التنفيذية الثانية، وعندئذ تباشر عملك بصفة ظاهرة جلية.

قال له: والدراسة؟ قال أظن أن أمدها قد انتهى، وفي ساعة كفاح كهذا الكفاح الذي نباشره اليوم تهون غاية الذات ولا نعيش إلاّ غاية الوطن.

ومن الغد باشر العمل، وفي نفس اليوم جاءه الشيخ حمودة المنستيري بأوراق الحزب وحساباته وقائمة أعضائه وهكذا استطاع أن يقوم بالمهمتين، ترتيب حسابات مالية وزراعية وترتيب دفتر لها والقيام بأعمال متنوعة تتصل بالحزب.

لما قرر الحزب إنشاء مجلة «الفجر» وهي في ظاهرها مجلة أدبية علمية فكرية، وباطنها الوسيلة الشرعية الوحيدة لجمع أموال الحزب

ص: 269

وتغطية مصاريفه الكثيرة، واختاروا للمجلة مكانا بشارع باب البنات، وكان على رأسها العالم الأديب الشيخ راجح إبراهيم الذي تعرّف به وانعقدت بينهما أواصر صداقة وتقدير كل منهما لصاحبه. وأسندت إليه إدارة وتحرير مجلة «الفجر» واستمر ذلك إلى أن أصبحت للحزب موارد، وإلى أن كثرت وتشعبت الأعمال، وكثرت المسئوليات، فترك «الفجر» واشتغل بالمعمعة الكبرى، وكان قبل ذلك انتخب بإجماع لعضوية اللجنة التنفيذية، وعين أمينا عاما للقلم العربي بها.

وكان أثناء عمله باللجنة التنفيذية ثائرا متطرفا عنيدا بخلاف بقية الأعضاء، وكانت هذه خطته في الخطب والمظاهرات التي يسوقها. حاول الأستاذ حسن قلاتي زعيم الحزب الإصلاحي أن يجره إلى حزبه، ويغريه بإسناد رئاسة تحرير جريدة «البرهان» لصاحب الترجمة، فأبى وبقي ثابتا على مبادئه منضويا تحت لواء الحزب الحر الدستوري.

وفي سبتمبر 1921 انتدبته اللجنة التنفيذية للقيام بجولات في المدن والقرى لتأسيس الشعب، وعينت معه السيد محمد الجعايبي العضو في اللجنة التنفيذية وصاحب جريدة «الصواب» وخطب في الجمهور الخطب الحماسية الثورية، ونجح نجاحا كبيرا في إثارة حماس الجماهير وانضمامهم إلى الحزب.

وكان كل يوم يكتب مقالا سياسيا يحلل فيه الحالة السياسية الخارجية، وكان في هذه المقالات ينوّه بالكفاح الشعبي في كل مكان مثل كفاح الشعب التركي، وكأنه يقول للشعب بين السطور هذا هو الطريق الوحيد الذي يوصل إلى إدراك الحقوق، كما كان يشيد بالكفاح الشعبي المصري بزعامة سعد زغلول، كما كان يشيد بكفاح شعب ارلندا، ولم يكتف بما كان ينشره في الصحف عن كفاح ارلندا بل نشر رسالة مستقلة عن ذلك الكفاح تحت عنوان «الحرية ثمرة الجهاد» اختطفتها أكف الناس فما غابت شمس النهار الذي صدرت فيه حتى

ص: 270

كانت قد انتهت، وطالب الشعب بإعادة طبعها فنشرها في مجلة «الفجر» كما كان يعالج الأحوال السياسية في المشرق العربي، ويشيد بنهضة الشرق العربي، وينبه الأذهان إلى حالة فلسطين وألاعيب الإنكليز واليهود لجعلها وطنا قوميا لليهود، وكان إلى جانب ذلك يكتب حول القضايا المهمة التونسية بنفس الأسلوب.

كانت تصدر بلاهور جريدة أسبوعية اسمها «منصور» تدافع عن وحدة الإسلام، وعن الخلافة العثمانية فجاءته منها رسالة تطلب إليه أن يسمح لها بترجمة مقالاته ونشرها في جريدة «منصور» بإمضائه المعروف «المنصور» وأجاب وسمح، فكانت «منصور» بالهند تنشر أسبوعيا مقالات «المنصور» بتونس، وازداد اهتماما في الدفاع عن الهند والتبشير بنضال الهند القريب.

وكان بعد ذلك سندا للجنة الدفاع عن حقوق سوريا وفلسطين، وهذه اللجنة كان يمثلها الأمير شكيب أرسلان، وإحسان الجابري، ورياض الصلح، وابتدأ ارتباطه بالأمير شكيب أرسلان، واستمرت تلك الصلة قوية متينة فعّالة أثناء انتقاله منفيا إلى الجزائر إلى أن لبت روحه الطاهرة دعوة ربها.

لما صدر قانون التجنيس في 20 ديسمبر 1923، ووقف رجال المجلس الشرعي موقفا ضعيفا متخاذلا هو أقرب إلى تأييد التجنيس من أي شيء آخر، ذهب إليهم بنفسه وقابلهم واحدا واحدا، وكان يصحبه المرحوم الأستاذ عثمان الكعاك، فكانا يقابلان بالترحيب، ويخاطبان بالاحترام ويقولان لهم: إن التجنيس حرام وكفر، وكان الجدال العنيف يطول بينهم، وهم مصممون على الموقف الذي ثبت فيما بعد أنهم اتفقوا عليه وهم كارهون عند الملك الحبيب باي عميل الاستعمار الفرنسي المطيع وتابعه الذليل.

ص: 271

وساند حركة العمال التونسيين التي أسسها الدكتور محمد علي الحامي، وتوسط لهم - والحركة في بدء التكوين - في تبرع الحزب بخمسة آلاف فرنك، وهو مقدار لا بأس به في ذلك الوقت، والحزب في ضائقة مالية وقع تخطيها بأريحية ومبادرة معقولة من الشيخ حمودة المنستيري.

وفي خلال سنة 1924 استمر على عمله ونشاطه وأصبح يحرر لجريدة «الزهرة» مقالا يوميا عن السياسة الخارجية، كانت مرآة صادقة لحركة التحرير العالمية وخاصة ما يتعلق منها بالشرق.

ووقع تعيينه كاتبا للوفد الثالث الذي سافر إلى باريس في 29 نوفمبر 1924 للدفاع عن مطالب التونسيين، وتلطيف جو الدعاية المسمومة المغرضة، التي أشاعها في باريس المقيم العام لوسيان سان والاستعماريون، وإفهام الحزب الاشتراكي حقيقة وضع الحزب لأن الاشتراكيين منذ تأييد الحزب لحركات العمال ظنوا أنه أصبح متفقا مع الشيوعيين ضدهم، فجاهروا الحزب بالعداء، ولم يعودوا من أنصاره ومؤيديه.

بعد أيام من رجوع الوفد الثالث إلى تونس طرق عليه باب الدار طرقا متواصلا في ليلة حالكة الجلباب شديدة البرد، فنزل، وأعلمه الطارق أن الشرطة ستفتش منزله غدا فعليه الاستعداد لإخفاء ما ليس في صالحه بقاؤه، فانكب على فرز أوراقه وجمع كل ما له صلة بالحزب، وجعله في لفافة وأودعه في بيت مجاور له على ملك الشيخ حسن السناوني وفي الغد داهمت الشرطة منزله، وفتشوا الأوراق فلم يجدوا شيئا يهمهم أمره.

بعد هذه الحادثة بنحو شهرين دعاه إلى مكتبه بالجمعية الخلدونية مديرها الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، وعرض عليه ترك السياسة مؤقتا، والسفر إلى القاهرة أو دمشق للدراسة دراسة جامعية حتى النهاية،

ص: 272

وترجع بعد ذلك إلى تونس رجلا كاملا عالما، فقال أنى لي ذلك وأنا لست صاحب مال، وكيف أنفق على نفسي وأنا مملق.

قال: لا تخف ولا تخش شيئا فهنا لك من يتعهد لك بالنفقة ومن يرعاك ويكفيك كل حاجاتك قل إنك تقبل السفر من أجل الدراسة وستجد من يمدك بالمال، ويهيئ لك في القاهرة أو دمشق سبيل الحياة الكريمة، فوقف وتقدم خطوة نحو الباب، وقال: قل للذين أرسلوك أيها الأستاذ إن هذا الشخص الضعيف الذي يقف الآن أمامك لا يباع ولا يشترى، ولا يساوم كغيره من الرجال، أنا مكافح مناضل، سأبقى هنا في مركز النضال والكفاح، وما على الذين أرسلوك إلاّ أن يزجوا بي من جديد في السجن، أو يبعثوا بي إلى المنفى، أو ينفذوا فيّ حكم الإعدام فأموت شهيدا في سبيل الله، أمّا أن أخون وأتراجع وأستخذي فذلك لا يكون إطلاقا. ووقف الشيخ شاحبا متجهما، وتقدم نحوه فقبل جبينه وهو يقول: والله قد كنت أعلم أنك تقول هذا وأكثر من هذا، وقد قلت لهم: إن هذا الشاب من طينة أخرى، فقالوا لي: جرب على كل حال، اذهب الله يحفظك ويسترك وما عند الله خير وأبقى. وخرج من عنده وقد أيقن أن مدة وجوده بتونس أصبحت محدودة، فازداد شدة وحدة، وأقدم مرتاحا مطمئنا على النفي مصيره المحتوم.

ولم يكن نشاطه محصورا في العمل الحزبي والصحافي، بل شارك في ميدان التأليف والنشاط الاجتماعي فكان عضوا في لجنة الخلافة الإسلامية، بعد إلغاء الأتراك لنظام السلطنة، وإعلانهم استقلال الخلافة عن الدولة وهو الذي كوّن هذه اللجنة، وضم إليها جماعة ممن كان يرى فيهم الخير والهمة والمشاركة في الرأي من أمثال محي الدين القليبي، ومحمد معلّى، وعثمان الكعاك، والحبيب المزيو وغيرهم وكانوا عشرة رجال عقدوا اجتماعا بمنزله في شارع الديوان، وأسندوا له الرئاسة، وقرروا توجيه برقية للخليفة عبد المجيد.

ص: 273

وما عتمت السلطة التركية قبل مرور سنة أن أعلنت إلغاء الخلافة نهائيا وإبعاد الخليفة عن أرض الوطن، فكان لذلك رنّة حزن وأسى بأغلب البلدان الإسلامية ومنها تونس، وأرسل إلى حسن راغب ممثل تركيا بباريس برقية احتجاج صارخ

وانتظمت المراسلة بينه وبين الخليفة عبد المجيد ردحا من الزمن واتفقا - بناء على اقتراحهما - أن يكون مجلس الخليفة في بقعة من بقاع العالم الإسلامي الحر، يشمل خمسين عالما من أكبر علماء العالم الإسلامي من مختلف المذاهب الإسلامية، تكون مهمته تحت رئاسة الخليفة، لدراسة مشاكل العالم الإسلامي المختلفة، والسعي الحثيث من أجل تحقيق كل ما يجمع العالم الإسلامي ويعيد له قوته ومنعته وحريته، ويصدر مختلف الفتاوى التي تكون مرجعا دينيا لجميع العالم الإسلامي، وهكذا وعلى هذا النمط استمرت الاتصالات بينهما، نحو تحقيق الهدف الأسمى إلى أن نفي من تونس، ثم فصل الموت بينهما، وقضى الله على هذا المشروع العظيم، وكان من أعمال لجنة الخلافة أن علاقة متينة تكونت بينه وبين مولانا محمد علي، وشوكت علي، وسليمان الندوي من الهند.

وكوّن مع نخبة المجمع العلمي التونسي وهم زين العابدين السنوسي، وعثمان الكعاك، والطاهر صفر، ومحمد بن حسين، بعد عقد اجتماع بنادي قدماء الصادقية وحرر المترجم قانونه الأساسي وعرضه على اجتماع المؤسسين، فنقحوا بعضه، ثم أقروه على صورته النهائية، وبعد المصادقة على القانون الأساسي تشكلت اللجنة التأسيسية من الأساتذة: مصطفى الكعاك، وعبد الرحمن الكعاك والطاهر صفر، والشاذلي خزندار، والمكي بن حسين، ومصطفى آغا، والتيجاني بن سالم، وعثمان الكعاك، وزين العابدين السنوسي، والمترجم.

ثم اختارت اللجنة التأسيسية مكتبا مؤقتا من السادة: زين

ص: 274

العابدين السنوسي، والمترجم وعثمان الكعاك كي تباشر نيابة عنهم تقديم القانون للحكومة والمفاوضة معها في شأنه، وقدمت هذه اللجنة القانون الأساسي الدوائر المسئولة يوم 15 ماي 1924 ولم تتصل هذه الهيئة بمصادقة الحكومة إلى يوم إبعاده من تونس، فمات المشروع.

ثم شارك في تأسيس الرابطة القلمية في رمضان من سنة 1342/ 1924 ووضع لها القانون الأساسي وتوالت الاجتماعات مدة أشهر قليلة إلى أن صدر الأمر بإبعاده من تونس، فهمد المشروع ثم انهار.

وإزاء تضييقات الحكومة من الاكتتاب وجمع المال ومنع الاجتماعات العامة وملاحقتها، والضائقة المالية أخذت بخناق الحزب إذ أصبح لا يكاد يجد ما يكفي لدفع أجرة النادي ولا مرتبات صغار العمال، وهداه تفكيره هو وجماعة إلى تكوين فرقة تمثيلية من الشباب المنتمين للحزب، وسمّوها فرقة «السعادة» وأسندت إليه رئاستها وكانت مداخيل حفلاتها بعد دفع المصاريف الأكيدة تدفع لإعانة مال الحزب.

بعد الاستعداد الحسن والدعاية الكافية لتمثيل رواية طارق بن زياد، وقبل رفع الستار بنحو ساعة جاء أمر الحكومة بمنع تمثيل هاته الرواية.

في يوم السبت 5 جوان 1925 نفاه الاستعمار إلى الجزائر تخلصا من عناده في المقاومة ونشاطه الصحفي في فضح الاستعمار وأساليبه الملتوية بحجة أنه من الرعايا الجزائريين. وكان الاستعمار يريد تسديد ضربة قاسية إلى الحزب بإبعاد العناصر النشيطة القوية فيه، فأبعد العناصر التونسية ذات الأصل الجزائري كالمترجم، والشيخ عبد الرحمن اليعلاوي الذي نفي إلى الجزائر أيضا (ووالداهما جزائريا الأصل) والعناصر الجزائرية كالشيخ إبراهيم طفيش الذي نفي من تونس فاختار القاهرة مقرا له وتوفي بها، والشيخ صالح بن يحيى الذي أرجع إلى وادي

ص: 275

ميزاب، وغداة نفيه أصبحت البلاد التونسية مضربة عن العمل، وقامت مظاهرات في المدن شتتها البوليس بقسوة وعنف.

وقضى بعناية بضعة أيام ثم انتقل إلى قسنطينة، ولبث بها أسبوعا اجتمع فيها بالشيخ مبارك الميلي الذي لديه معرفة سابقة به، والشيخ عبد الحميد بن باديس، وغيرهما، ودارت بينهم شجون من الأحاديث ثم بارح قسنطينة إلى الجزائر العاصمة، وفيها قضى ليلته الأولى في فندق متواضع قرب حديقة، وفي الصباح لما نزل من البيت إلى البهو وجد في انتظاره محمد الموهوب، ومحمد رضا الأكحل وهما ابنا بنات عمه قدور المدني، وقد بحثا عنه قبل ذلك في الفنادق المحيطة بالحديقة وذهبا به إلى منزل السيد إبراهيم الموهوب (والد الشخص الأول) وهو رجل من الطبقة البورجوازية الثرية يعيش عيشة مترفة، وخصص له غرفة في منزله، وجعل له مقرا مؤقتا بمتجره الفسيح يغشاه صباح كل يوم للتعرف بالناس، وقصده هناك جماعة كان لهم الحظ الأوفر فيما بعد في نجاح الحركات التي كوّنها أو التي شارك فيها. وكان - كعادته - يسجل يوميا ما سمع، ويرسم صورة لمن عرف من الرجال، وما سمع من الأفكار، وبعد شهر ونيف أقام له جماعة المجلس البلدي بالعاصمة حفل تكريم بمناسبة عودته للجزائر بعد مغادرة أهله لها منذ ما يزيد عن الستين سنة، وأقيم الحفل في مقهى من أفخر مقاهي ومطاعم الضواهي الجزائرية، وخطب في الحفل من رحب به ونوّه بمكانة العائلة وعودة الدر إلى معدنه، وبعد ذلك وقف خطيبا وأطنب في ذكر أريحية الأجواد ومروءة المجاهدين، ونوه بمكانة الدين ولغة الضاد في حياتهم وتكوينهم وبمكانة وطنهم ذي الشرف التليد، ودعاهم إلى النظر إلى المستقبل، وأن النصر بالإيمان والعمل والكفاح، إلى غير ذلك من المعاني التي تحفز الهمم للعمل الجدي المثمر، والتي تغرس الكرامة والاعتزاز في النفوس.

أرادت الحكومة الجزائرية أن تغلله بقيد من قيود الوظيف يضمن

ص: 276

له الرخاء المادي، وتستغل نشاطه الصحفي في التحرير في جريدة «المبشر» الرسمية، فأرسلت إليه الشيخ أبا القاسم الحفناوي ابن الشيخ صاحب «تعريف الخلف برجال السلف» مفتي الجزائر، والمحرر بجريدة «المبشر» وعرض عليه ما ذكر من رغبة الحكومة، فرفض العرض في لطف.

تولى تحرير قسمي السياسة الداخلية والخارجية لمجلة «الشهاب» منذ أن أنشأها الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى آخر عدد صدر منها، ومقالاته كانت خلوا من الإمضاء كي لا يقال عنها إنها من تأثير حزب الدستور التونسي، ومن بينها مقال كان له دوي كبير وضجة عارمة عنوانه «كلمة صريحة» رد به على فرحات عباس في تنكره للوطنية الجزائرية، وقد نسبه شارل اندري جوليان في كتابه «إفريقيا الشمالية تسير» للشيخ عبد الحميد بن باديس لأنه من غير إمضاء.

وكان يغتنم الفرص ليقف خطيبا حافزا للهمم، ومنبها للفطن، ومثيرا للحماس، مبينا مساويء الاستعمار وداعيا إلى الحفاظ على الذاتية الوطنية والعربية الإسلامية في وقت يسعى الاستعمار جاهدا للفرنسة ومسخ الذات، ومن العجائب أن هذا لم يكلفه عنتا من سجن أو نفي لأن والي الجزائر إذ ذاك موريس فيوليت الفرنسي الحر اليساري النزعة الديمقراطي غير راض عن سياسة فرنسا في الجزائر.

وفي يوم 6 جانفي 1926 وصل إلى الجزائر السيد مصطفى صفر موفدا من الحكومة الاستعمارية بتونس للاتصال بالمترجم وحمله على العدول عن الكفاح السياسي، فقصده في مكتبه بمتجر الدخان وتبادل معه أطراف الحديث، وتناولا طعام الغداء بمطعم فاخر، ودارت بينهما شجون من الأحاديث عن الأدب والعلم والثقافة، إلى أن قال له: أتريد الرجوع إلى تونس؟ فأجابه أود الرجوع السريع على أنني قد فتحت في الجزائر فتحا جديدا، ولن أتخلى عن الجزائر إطلاقا.

ص: 277

فقال له: إذا أردت الرجوع لتونس سريعا فلا تفكر في حزب ولا تتكلم عن ملية، ودع عنك الأوهام والخرافات، تستطيع أن تعيش بقلمك في الصحافة، وتستطيع أن تتخصص في التأليف، وقد مارسته مشكورا ونجحت فيه، إنما تذكر قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين، فدع عنك هذا الجحر السياسي الذي لدغت فيه، وفكر في والدك الشيخ، وأمك العجوز، وإخوتك الصغار، إنهم جميعا في حاجة إليك، وإن الوطن الصغير قبل الوطن الكبير، ومن يدري بما تأتي به الأيام، ولا تزال شابا، ولك علم وثقافة، وتتمتع بمركز ملحوظ في وطنك، فطلق - ولو مؤقتا - خرافة الحزب وهوس الدستور، وكلنا يعينك على تكوين مركز ممتاز بعيدا عن ذلك. ورفض في لطف هذا العرض وهذه المساومة.

وفي مساء ذلك اليوم امتطى القطار راجعا إلى تونس، وشيعه مجاملا، وأدرك من محاورته مع مصطفى صفر أن الجزائر الرسمية تحاول أن تتخلص منه بالتي هي أحسن، وأن تونس الرسمية تحاول أن يرجع إليها تائبا.

ولم ينسه إخوانه في الحزب بتونس، فقد زاره يوم 5 جوان 1926 السادة، صالح فرحات الأمين العام الثاني للجنة التنفيذية، ومحي الدين القليبي، ومحمد الصالح ختاش، والشاذلي خير الله، وبعد ثلاثة أيام من وصولهم قفى على أثرهم الشيخ راجح إبراهيم.

وكان متين الاتصال بتونس عن طريق أعضاء اللجنة التنفيذية ورجال الشعب المختلفة، وكان يتصل بمعدل 750 رسالة شهرية في أوائل الأمر من كل الجهات، وكان يجيب على الكثير منها، أما اللجنة التنفيذية فكان معها على اتصال يكاد يكون يوميا بواسطة السيد محي الدين القليبي.

ص: 278

وعاش مدة عام ونصف عيش اللاجئين القانعين ليس له من المورد إلاّ 50 فرنكا يتقاضاها شهريا من جريدة «النجاح» مقابل تحرير مقالات عن السياسة الخارجية كان يمضيها «الخبير» وما اتصل به من الحزب وهو لا يعدو 920 فرنكا.

وزاره السادة من آل المنستيري، الطاهر والصادق ومحمد المنصف وعرض عليه الطاهر والصادق المنستيري اقتراحا يتمثل في تقديم رأسمال له يبلغ الستين ألف فرنك على أن يفتح محلا تجاريا، وتكون الأرباح مناصفة بينهم.

واستجابت السلطة الاستعمارية الفرنسية بتونس لوالديه وسمحت له بقضاء نصف شهر بتونس في رخصة مؤقتة من أجل عيادة والديه اللذين ساءت حالتهما الصحية، وارتحل من الجزائر في 13 ديسمبر 1926 إلى تونس. وبعد حلوله بتونس اكتشف الشيخ راجح إبراهيم طريقة مبتكرة لتكريمه من لدن إخوانه بتونس إذ بث فيهم دعوة لتقديم كتاب له مما صدر بمصر خلال السنة الأخيرة يحمل اسم مهديه وزاد على ذلك أن اختار نحو 150 كتابا من مكتبة السيد محمد الأمين، وحرر بها قائمة، فالإخوان يختارون من تلك القائمة ما يودون إهداءه له، وتشطب أسماء الكتب التي اشتراها الأحباب حتى لا يكون لديه ما هو مكرر، ولم تنقض أيام قليلة حتى كانت المائة والخمسون كتابا عنده، وزاد عليها عدد من الإخوان كتبا أخرى من خزائنهم الخاصة، فما رجع إلى الجزائر إلاّ وهو يحمل نحو المائتي كتاب.

وبعد أن قابل عددا من التجار وخاطبهم في أمر تزويد متجره الذي سمّاه «المستودع التونسي» أعلنت إحدى الجمعيات الفنية عن تمثيل رواية «أموزيس» بالمسرح البلدي يوم 22 ديسمبر 1926 وأراد شهود ذلك الحفل فذهب وجلس منفردا فوق كرسي من الطابق الأوسط، وما كاد الشعب يراه حتى تهاطل القوم مسلمين، ثم انقلب السلام هتافا، ورفع

ص: 279

الستار عن الفصل الأول فسكت الناس حتى إذا نزل الستار عادوا إليه بصفة أشد وطأة وأكثر حماسا فما وسعه إلاّ الانسحاب عند ما رفع الستار عن الفصل الثاني، ولبث ينتظر رد فعل الإدارة الفرنسية، وعلى الساعة الرابعة من مساء الغد جاءه عون سري يحمل إليه أمرا إجباريا بمغادرة تونس صبيحة اليوم الموالي إلى الجزائر قبل إتمام النصف شهر المسموح به بيومين، وجاء في ذلك الأمر أن هذا الإبعاد الجديد وقع من أجل مظاهرات المسرح البلدي أثناء رواية مثلت «من أجله خاصة» .

وباشر عمله التجاري نحو سنتين وتبين له أنه لا يصلح للتجارة، فباع متجره وأرجع رأس المال لصاحبيه مع منابهما من الأرباح. وبعد انسحابه من التجارة أسس نادي الترقي، وتولدت عنه حركات بناءة صحيحة كانت للجزائر بعثا، وكانت للقومية الجزائرية نشورا، وألقيت بالنادي محاضرات عديدة وانبثقت عنه مشاريع اجتماعية عديدة، وبرامج عمل لمقاومة سياسة التجنيس والاندماج ومساعدة الكفاح الفلسطيني، ومن أهم هذه المشاريع تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي كانت ركنا متينا في بناء القومية الجزائرية.

وقد قام برحلات في شرق الجزائر وغربها وجنوبها.

وما كاد ينتهي من تصفية حساب المستودع التونسي حتى اقترح عليه السيد عمر الموهوب من ذوي قرابته أن يتولى الإشراف على مكتب له يتولى إدارة أملاكه الخاصة مقابل جعل شهري يفوق ما كان يتناوله من «المستودع التونسي» وقد قبل العرض بارتياح.

وفي اليوم الثاني من أفريل 1928 استقرّ به المقام في مكتب فسيح ذي غرفتين اتخذ من الأولى مكتبا للأعمال، واتخذ من الثانية مكتبا خاصا به وضع به مكتبته، ورتب فيه أوراقه، وأخذ يستقبل فيه أصدقاءه وكل من أراد أن يزوره، ولبث مقيما بهذا المكتب مدة 28 سنة، ولم

ص: 280

يغادره إلاّ عند ما انتدبته جبهة التحرير الوطني الجزائري للالتحاق بمدينة القاهرة في شهر مارس 1956.

وكان وثيق الصلة بالكاتب الكبير شكيب أرسلان، وكانت المراسلات الأدبية والسياسية والاجتماعية تترى بينهما منذ سنة 1923 أيام كان على رأس الإدارة الدستورية بتونس، وكان يمد الأمير شكيب أرسلان طوال سنوات عدة بالمعلومات الغزيرة عن المغرب العربي، وقد اعتبره الأمير أخا صادقا وكتب عنه مرات في تعليقاته على كتاب «حاضر العالم الإسلامي» .

ولما حلّت سنة 1935 وجد نفسه في خلاف شديد مع الأمير شكيب أرسلان حول مبدأ الاستقلال لكل الشعوب، ومقارعة الاستعمار مهما كان المستعمر وأين كان، ذلك أن الأمير شكيب أرسلان يميل إلى موسوليني وإلى النظام الفاشيستي، ولم يبد معارضة لغزو إيطالية للحبشة بينما كان المترجم عدوا لهذا النظام ومطامعه واعتدائه على حرية الشعوب.

كان مخالفا لسياسة الأمير شكيب أرسلان، وقد أراد مقاومتها على صفحات القسم الذي كان يحرره بمجلة «الشهاب» الشهر السياسي في عالمي الشرق والغرب إلاّ أن الشيخ عبد الحميد بن باديس قد أثناه مكرها عن ذلك مذكرا بأن صداقة الأمير الجليل تعتبر كسبا ثمينا لا يمكن الزهد فيه وأن دفاعنا عن الحبشة أو تأييدنا لموسوليني ضدها لا يقدم في الميدان ولا يؤخر. قد عجزت وسقطت ولم تستطع أن تعمل شيئا.

وكان على صلة بالمراسلة مع إحسان الجابري، والشيخ أمين الحسيني، وبقي خلافه مع الأمير شكيب أرسلان خافتا إنما كان المترجم يكتب بطريقة، وكان الأمير يكتب بطريقة أخرى، ووهنت بينهما صلات المودة حينا من الدهر، وقلّت المراسلة إلى أن انتهت الحرب بين

ص: 281

إيطاليا والحبشة فعادت الاتصالات بينهما إلى سيرتها الأولى.

وكان يزور تونس زيارة لا تتجاوز النصف الشهر بإذن من السفارة الفرنسية بتونس، وبواسطة المساعي التي يبذلها الأستاذ أحمد الصافي وبواسطة جهود السيد محمد عتيق رئيس القسم التونسي من المجلس الكبير قررت السفارة رفع قرار الإبعاد عنه والسماح له بغشيان تونس كلما أراد، وكان ذلك سنة 1932 وخلال هذه السنوات السبع لم يفقد صفته باللجنة التنفيذية.

ولما جاءت الحرب العالمية الثانية كان مهددا بالدخول في الجنوب الغربي لأن نفيه من تونس كان بحجة أنه من الرعايا الجزائريين فهداه تفكيره أن يطلب من أخيه حسن المدني بتونس أن يذهب إلى شيخ مدينة تونس السيد مصطفى صفر. وطلب إليه أن يسلم له شهادة رسمية تثبت أن المترجم تونسي الجنسية، ففكر السيد مصطفى صفر قليلا ثم قال بأن هذه الشهادة تناقض على خط مستقيم قرار السفارة الفرنسية التي اعتبرت الأخ أحمد جزائريا وأمرت بإبعاده لكن الحالة اليوم جد خطيرة ويمكن أن تؤاخذ الأخ بجريرة فراره من الجندية الفرنسية، والرجل وطني مقدام مؤمن إن لم يكن من صفي فأنا أعترف له بصفات الكمال، وله عليّ أن أحقق رغبته وأنقذه من موقف صعب، ولفرنسا أن تفعل معي ما تشاء بعد ذلك، ثم حرر رسالة رسمية تثبت الجنسية التونسية للمترجم، وبهذه الشهادة سوّى وضعيته مع السلطة الاستعمارية بالجزائر، وأنقذته أجنبيته من التجنيد الإجباري والقتال في صفوف فرنسا.

وفي أثناء الحرب فتش البوليس السري أوراقه بمكتبه وحملوها إلى حاكم تحقيق عسكري، ولم يوجد بين أوراقه شيء ذو بال لأنه أخذ احتياطه قبل ذلك وفرز أوراقه وما كان مهما أودعه في صندوق خشبي وردمه في حديقة منزله. استدعاه حاكم التحقيق وبعد أسئلة أعاد إليه أوراقه

ص: 282

وأعلمه بأنه يحجر عليه مغادرة الجزائر إلى أي جهة كانت إلاّ بعد الإعلام.

ومات العلاّمة المصلح الشيخ عبد الحميد بن باديس في 16 أفريل 1940، وحاول السفر إلى قسنطينة لحضور موكب الدفن وتأبين الرجل العظيم، وطلب الإذن، فأجيب بالمنع من السفر.

وكان له نشاط كبير في الحركات السياسية الجزائرية، وحاول أحيانا تنسيق الصلة بين هذه الحركات والحزب الحر الدستوري في تونس، ومن أجل نشاطه ضد السياسة الفرنسية فتش مكتبه مرارا وسجن للتحقيق معه سجنا لم تطل مدته.

وفي عام 1953 انتخب بإجماع عضوا إداريا بجمعية العلماء، وانتخبه بإجماع المجلس الإداري أمينا عاما، وبعد سفر رئيسها الشيخ البشير الإبراهيمي للشرق اندفع في ميدان العمل الشعبي العظيم وهو تأسيس المدارس والنوادي والمساجد، والوقوف على إنجاز معهد عبد الحميد بن باديس الضخم الذي بني بمدينة قسنطينة. وفي هذه الأثناء طاف بمختلف المدن الجزائرية شرقا وغربا يحاضر ويسامر ويدرس، وأيقظ الأذهان وألهب نار الحماس، وبشر بيوم قريب لا ريب فيه يوم تقوم الأمة كرجل واحد يعرف كيف يستخرج الحياة من بين براثن الموت الرهيب.

من نشاطه الصحفي أنه كان يمد جريدة «البصائر» بمقاله الأسبوعي «بمنبر السياسة العالمية» الذي كان يمضيه «أبو محمد» ثم مقاله الأسبوعي عن «العلم والاختراع» ويمضيه «أتم» ومن بعد الثورة الجزائرية (نوفمبر 1952) أصبح يحرّر بها المقال الافتتاحي بإمضاء «البصائر» ومقال يوميات الأزمة الجزائرية، وفيه أخبار الثورة الجزائرية، يوما فيوما.

ولم تنقطع زيارته لتونس لرؤية الأهل، والتفاهم في قضايا سياسية

ص: 283

هامة مع رجال اللجنة التنفيذية ورجال الديوان السياسي. زار تونس في شهر أفريل سنة 1947 (على ما أتذكر). يوم العروبة الثاني (الذكرى الثانية لتأسيس الجامعة العربية) وكان مسك الختام أن وقف مرتجلا خطابا حماسيا مؤثرا في نبرة خاصة ولغة لا تعلو عن مستوى الجماهير، ولا يبتذلها المتعلمون، ولا تفقد تأثيرها عليهم مع البعد عن التكرار للألفاظ والمعاني، وفيها ما هو جديد الفكر كقوله: إن لم تقل بالحلول والاتحاد في الدين فلنقل بهما في السياسة، وكان الحاضرون خليطا من جمهور الشعب ومن الطلبة الزيتونيين. وكانوا كلهم ساعة إلقاء الخطاب مسحورين مأخوذين كأن على رءوسهم الطير لا تسمع همسا، ولا ترى أدنى إشارة.

وتأملته فإذا هو رجل مربوع القامة يميل إلى القصر، وله ملامح جميلة ظريفة. وما سمعت بتونس خطيبا أشد تأثيرا منه على ما فيها من خطباء مصاقع، ولا أبالغ إذا قلت: إنه أكبر خطيب في عصره في العالم العربي كله فقد سمعت عن طريق الإذاعة والتلفزيون بعض كبار الخطباء بالمشرق، فما سمعت من يساويه في شدة تأثيره وسمو بيانه، وسمعت من بعض العارفين المسنين أنه في الخطابة صورة من الشيخ الثعالبي، وقد حكى هو نفسه تأثره بالشيخ الثعالبي بعد ما سمعه لأول مرة خطيبا بالمدرسة القرآنية التي ما زال تلميذا بها، فقد قال:«واستوعبت لهجة الثعالبي الخطابية، واندمجت في كياني إلى آخر رمق من حياتي، فمن سمعني وأنا أخطب - وطالما خطبت - فكأنه سمع الثعالبي في لهجته ونبراته وقوة عارضته وشدة شكيمته» (حياة كفاح 1/ 49).

وكان موجودا بتونس في شهر فيفري 1952 وحضر الاحتفال الذي أقيم لذكرى تأسيس الجامعة العربية، وطلب منه إلقاء كلمة، وجعل محور حديثه بيت شوقي:

وللحرية الحمراء باب

بكل يد مضرجة يدق

وكان الخطاب حماسيا ملتهبا، وهاج المستمعون وماجوا، وتعالت الهتافات

ص: 284