الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرع الله. فأصول الإسلام هي نفسها أصول الديانات السابقة، التي بعث بها الرسل الأولون.
{شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحاً والذي أوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه
…
}.
أرسل كل رسول إلى قومه وجعل رسالته اليهم بلسانهم ليكلمهم ويفهمهم، {وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبين لهم
…
}.
وختم هذه الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلها عامة للناس جميعا، وجعله خاتم النبيين فلا نبي بعده، ولا وحي ينزل من السماء بعد أن انقطع بموته، وكان بها كمال الدين واتمام النعمة:{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} .
الإيمان بالرسل
سؤال وجوابه
قد يسأل سائل: "كيف كانت رسالة محمد للناس كلهم، وكانت رسالة كل رسول إلى قومه، وكيف بقيت إلى يوم القيامة لا تنسخ ولا تعدل، وقد نسخت الشرائع من قبلها وعدلت؟ ". والجواب (والله أعلم): ان شريعة الاسلام قد جاءت مرنة، تصلح لكل زمان ومكان. وبيان ذلك أن العقائد والعبادات في الاسلام جاءت بها نصوص قطعية مفصلة، لا تقبل التعديل ولا التبديل، لأن العقائد والعبادات لا تتبدل بتبدل الازمان، ولا تختلف باختلاف الاعراف.
والأوضاع الدستورية والمعاملات المالية والاحوال الادارية، التي تؤثر فيها تبدل الزمان واختلاف العرف، جاءت فيها نصوص عامة هي كالأساس والدعائم في البناء، وترك لنا أن نضع لكل زمان ما يصلح له بشرط المحافظة على هذه القواعد،
وأمثل على ذلك بأمثلة أعرضها عرضا موجزا.
من الأمثلة: ان الإسلام أوجب أن يكون الحاكم منتخبا برأي الأمة، وأن يكون فيه من الصفات من يمكنه من القيام بأعباء الحكم، وأن يلتزم بالدستور الاسلامي الذي هو القرآن، وأن يستشير أهل الحل والعقد.
وترك لنا تحديد اسلوب الانتخاب (أي البيعة)، وطريقة تعيين أهل الحل والعقد، وكيفية الاستشارة، الخ.
وألزمنا أن نحكم بين الناس بالعدل، ولكنه ترك لنا رسم الطريق الموصل إلى العدل، وأن نحدد أسلوب تعيين القضاة وأصول المرافعات، ووضع للعقود قواعد عامة تضمن أهلية المتعاقدين وحريتهما، وصحة صيغة العقد وتعبيرها عن ارادتهما ومحل العقد، ومنع أنواعا من العقود فيها مضرة عامة أو فيها تغرير بأحد الطرفين. وترك لنا تنظيم الاوضاع التفصيلية للعقود بأنواعها. وجعل الأعمال الفردية والمعاملات المالية جائزة مباحة، لا تحرم الا ان ورد بنص تحريمها، أو دخلت أصل محرم.
وفتح لنا باب (الاستصلاح)، فكل أمر فيه مصلحة للمجتمع الاسلامي، وليس في الشرع ما يوجبه أو ينهى عنه، اذا أمر به الحاكم المسلم، صار واجبا دينيا، كالقوانين المالية، وقانون أصول المحاكمات، والأنظمة الادارية، كنظام السير، ونظام البلديات، وأمثالها.
فالاسلام فيه من المرونة ما يجعله صالحا لكل زمان ومكان، ولكن بعض الفقهاء المتأخرين - لضيق أذهانهم - يضيقون على الناس ما وسعه الشرع، حتى يضطروهم (كما قال ابن القيم في كتاب الطرق الحكيمة) إلى ابتغاء التوسعة، في غير ما جاء به الاسلام.
وسبب آخر: هو ان الامم كانت (على عهود الرسل الأولين) تعيش في عزلة لا تقارب بينها ولا اتصال، الا على الدواب والجمال، فتعارفت الامم بعد رسالة محمد، ودنا البعيد، وطويت للمسافر الأرض، حتى وصلنا إلى