الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيمان بالكتب
القرآن
القرآن هو معجزة محمد.
والذين زعموا ان القرآن من تأليف محمد، أنكروا عليه أنه نبي، ولكنهم وصفوه بأنه إله، ونحن نشهد:
"ان لا اله الا الله وأنه عبد الله ورسوله.".
ذلك ان القرآن لا يستطيع أن يأتي به بشر، ولا يمكن أن يأتي الا من عند الله. فمن قال ان محمداً ألفه، فقد منح محمدا صفة الالوهية!
والا فأروني رجلا كان اميا لا يقرأ ولا يكتب كما كان محمد، ولم يدخل في عمره مدرسة، بل لم يكن في بلده مدرسة، بل هو لم يكن في بلدة كبيرة من بلدان الحضارة، بل كان في قرية متوارية بين الجبال السود، وراء رمال الصحراء، لم تدر بها (روما) ولا (القسطنطينية) ولا (مدائن كسرى)، ولم يدر أحد فيها بفلسفة (اليونان) و (الرومان) ولم يسمع واحد منهم بأدب (الهند) و (ايران).
قرية ليس فيها عالم ولا باحث، ولا مثقف ثقافة صغار المفكرين في ذلك الزمان، وهو لم يخرج منها الا إلى قرية مثلها أو أكبر قليلا منها، هي (بصرى) الشام، من أرض حوران، ولم يقم فيها الا يوماً أو أياما قليلات معدودات.
هل يمكن لمثل هذا الرجل أن يأتي بمثل القرآن؟
هذه تواريخ العباقرة والنابغين بين أيديكم، تواريخ الامم كلها في العصور كلها، فهل فيها حادث مثل هذا الحادث؟
لقد ألف (موزارت) قطعة موسيقية وهو دون العاشرة، ونظم (بشار) الشعر وهو في مثل هذه السن، ونبغت مؤلفة (جين اير)، واختها كاتبة (أعالي وذرنج) نبوغا مفاجئا، وترك (شكسبير) هذه الثروة الأدبية، ولم يكن من أكابر أدباء عصره ومثقفيه. كل هذا ممكن، ويمكن أن يؤلف شاب مغمور، كتابا يأتي في بقصة رائعة، أو نظرية علمية جديدة لأنه عبقري، والعبقرية ليست وقفا على المتعلمين، ولا على خريجي الجامعات، وقد تظهر العبقرية حيث لا يتوقع ظهورها، ولكن من عرفهم التاريخ من عباقرة العلم والأدب والفن، انما سبقوا زمانهم بقرن مثلا! زادوا على أقرانهم خمسين في المئة، أو مئة في المئة. ان لسبقهم حدودا، انه سبق معقول.
وليس في التاريخ كله، رجل كانت له ظروف محمد صلى الله عليه وسلم، يأتي بكتاب هو في الأسلوب الأدبي في أبهى صور الجمال، وهو في مجال التشريع قانون في ذروة الكمال، وهو في الآلهيات والاخبار عن المغيبات، يأتي بما لا يعرفه أحد من البشر، ولا يمكن أن يدركه بنفسه العقل البشري، وهو في الطبيعة يشير إلى قوانين وظواهر لم يكن يعرفها أحد في عصره، ولا في العصر الذي تلا عصره، ولا في العصور العشرة التي جاءت بعد ذلك. فيه اشارات إلى قوانين لم تكشف الا بعده بألف وثلاث مئة سنة، وقوانين لم تكشف للآن.
كتاب أمره الله أن يتحدى به الناس جميعا، فتحدى الانس والجن: أن يأتوا بعشر سور من أمثال سوره، أن يأتوا بسورة واحدة .. فعجزوا! وهذا التحدي قائم إلى الآن، والعجز مستمر إلى الآن.
اعجازه ثابت، ولكن لا تبحثوا كما بحث علماء البلاغة، عن موطن الاعجاز، فان موطن الاعجاز ليس في ألفاظه وحدها، ولا في أخباره عن
المغيبات فقط، ولا في أمر واحد من الأمور التي ادعوا ان الاعجاز فيها، بل فيه كله مجتمعا.
كالمرأة الجميلة، ليس جمالها في لون بشرتها وحده، ولا في عينيها وحدهما، ولا في أي عضو واحد من أعضائها، بل جمالها فيها كلها. وان كان كل ناظر في القرآن، يلمح الاعجاز من الجهة التي ينظر فيها.
تعرفون قصة رئيس قسم تحقيق الشخصية، الذي أسلم لما سمع قوله تعالى: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه
…
}.
فكر: لماذا خص (البنان) بالذكر؟ ماذا فيه؟ فيه بصمات الاصابع، هذه المعجزة الآلهية العجيبة، كم على ظهر الأرض من ناس؟! أنه ليس فيهم اثنان تتفق بصمة أحدهما وبصمة الآخر.
انها ظاهرة عجيبة، لكنها عرفت من قريب، لم يكن يعرفها أحد على عهد محمد ولا في القرون العشرة التي تلت عهد محمد.
فلا بد اذن أن يكون محمد قد تلقاها من عند الله، ولا بد أن يكون القرآن كلام الله، وفي القرآن مئات من أمثال هذه الاشارة، لا نزال نجد كل يوم من يتنبه إلى واحدة منها، كلما درس القرآن دارس، بدت له من اعجازه جوانب لم يدركها الاولون، لأنه لا تفنى عجائبه.
لذلك يجب أن يفسر القرآن في كل زمان تفسيرا جديدا. يفسره الأديب، ويفسره الحقوقي، ويفسره الفلكي، ويفسره عالم النفس، وعالم الاجتماع، والمؤرخ، كل واحد منهم يجد فيه مجالا لعلمه واختصاصه، ودليلا من اختصاصه وعلمه على ان القرآن كلام الله.
ان معجزات الرسل الأولين وقعت مرة وانقضت، ولكن معجزة محمد قائمة تتكرر كل يوم، ومعجزات الرسل دليل، من غير جنس الرسالة، على صحة الرسالة، ومعجزة رسالة محمد، هي رسالته نفسها، صلى الله عليه وعلى اخوانه الأنبياء والمرسلين.