الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيمان باليوم الآخر
النفخ في الصور
لا نعرف ما هو (الصور) على حقيقته، ولا (كيفية) النفخ فيه، وكل ما يقال في وصفه وتفصيل أمره، ما لم يكن مستندا إلى دليل سمعي صحيح، لا يعوَّل عليه. والذي جاء في القرآن: انه ينفخ فيه (فيفزع) من في السموات ومن في الأرض، وينفخ فيه (فيصعق) من في السموات ومن في الأرض. والظاهر من القول: انهما نفختان، وربما كانت - وهذا أرجح - نفخة الفزع هي نفخة الصعق، فلا يبقى بعد ذلك من الأحياء أحد إلا مات "الا من شاء الله"، وتمضي مدة الله أعلم بمداها، لم يخبرنا الله عنها. ثم ينفخ نفخة البعث، فتعود الحياة لكل ميت، ويبعثون من قبورهم "ينظرون""إلى ربهم ينسلون".
الإيمان باليوم الآخر
البعث والحشر
يبعث كل ميت على الحالة النفسية التي مات عليها، يظن انه لم يمر عليه الا ساعة أو ساعات، كالذي تصدمه سيارة وهو يشتري أو يبيع أو يتحدث، فيغمى عليه ويغيب عن وعيه ثلاثة أيام، فاذا صحا عاد يتم حديثه، أو يكمل بيعه وشراءه، لا يدري انها مرت عليه أيام ثلاثة، وكذلك يكون الناس يوم البعث، لذلك علمنا الدين أن نسأل الله حسن الخاتمة.
وقد أقام الله للناس أمثلة على ذلك في الدنيا، منها الذي مر على القرية الخالية الخاوية، فقال:{انَّى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مئة عامٍ} .
وأهل الكهف، الذي ناموا ثلاث مئة وتسع سنين، ثم قاموا يظنون أنهم ناموا ساعات، وبعثوا يشترون بنقودهم التي الغي التعامل بها، وهم لا يدرون.
هذه حال الناس عند البعث، يظن كل منهم أنه نام قليلا واستيقظ، يتناقضون فيما بينهم:
{يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة
…
وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون
…
}.
يظنون أنهم لا يزالون في الدنيا، ولكن هول الموقف، يقطع كل رابطة بينهم. {فلا أنساب بينهم يومئذ} .
يرى المرء صديقه الحميم فلا يسأل عنه ولا يهتم به. لا يهتم أحد إلا بنفسه، يهرب من أخيه وأمه وأبيه، ومن زوجته وبنيه. بل انه يضحي بهم ويقدمهم افدية له، لو كان يقبل منه الفداء، ويتركون امدا - الله أعلم بمدته - يموج بعضهم في بعض، ثم يجمعون فيساقون إلى المحشر .. يساقون جميعا.
البشر كلهم، من آدم إلى آخر واحد من ذريته، من مات منهم على فراشه، ومن غرق في البحر، ومن أكله السبع، ومن سقط من الطيارة، ومن أحرق بالنار وذري رماده في الهواء، يعيدهم الذي أوجدهم من العدم أول مرة، ويجمعهم جميعا، ويساقون إلى أرض المحشر، هم والجن والشياطين والوحوش.
{مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يومٌ عسر} .
ثم يأمر ربنا بجهنم فتبرز للناس من بعيد، ويقول لهم:{ألم أعهد اليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين وان اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون هذه جهنم التي كنتم توعدون .. } .
ويأمر ربنا فيفرز المجرمون ويمتازون فيعرفون، فيتمنى كل منهم أنه لم يكن بشرا، ويقول:{يا ليتني كنت ترابا} .
ثم يجمع الله الكافرين في جهنم، مع الذين كانوا يعبدونهم من دون الله، ويظنونهم آلهة من الجن والشياطين، وما اخترعوا من أسماء ما لها حقائق، وما أنزل الله من سلطان زعموها آلهة كما فعل اليونان بما سموه (زيوس) و (افروديت). والرومان:(جوبيتر) و (فينوس). والفرس:
(هرمز) و (اهرمان). والمصريون: (حابي). والفينيقيون (بعل). و (اللات) و (العزى) عند العرب. زعموهم شركاء لله وزعم اليونان او الرومان أن (ابولّون) اله الشمس والفنون. و (باخوس) اله الخمر، و (ديانا) وهي نفسها (ارتيميس) الهة الصيد و (مينرفا) الهة الحكمة و (نبتون) اله البحر الخ
…
فيقول لهم:
{نادوا شركائي الذين زعمتم .. فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} . فقال لهم ربنا: {ما لكم لا تناصرون؟!} .
وينظر الضعفاء إلى المستكبرين، الذين جعلوا أنفسهم في الدنيا (زعماء)، فقادوا قومهم إلى الشرك وإلى الكفر، فاستنصروهم فقالوا:{إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء؟} .فأجابوهم بالبراءة منهم، وأقروا بعجزهم عن أن يغنوا عنهم ولا عن أنفسهم شيئا، ووقف الجميع خاضعين خانعين، قد ذلوا جميعاً أمام رب العالمين، وذهبت الالوهيات المزعومة، ومحيت الزعامات الباطلة المكذوبة، وانفصمت عرى الحلف الشيطاني بين الكفار وما كانوا يعبدون من مخلوقات، وتبرأ كل معبود بالباطل ممن كان يعبده، حتى الشيطان يعترف لمن تبعه بكذبه فيقول:{لما قضي الأمر أن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} .
ويتملص من التبعة ويلقيها كلها عليهم، مقراً بضعفه وعجزه في الدنيا، وانه لم يكن يملك الا الوسوسة والتضليل، ما كان له من حول ولا طول، ولا كان يقدر على نفع ولا ضر ويقول:{وما كان لي عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} {ان كيد الشيطان كان ضعيفا} .