الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيمان باليوم الآخر
الحساب
ولا بد من الوقوف للحساب، فيقام ميزان العدل المطلق، الذي لا يضيع مثقال حبة من خردل، ولا ذرة من غبار، ولا واحدة من الكهارب (الالكترونات) التي تسبح في فضاء الذرة، ولا أصغر من ذلك. تحصى على المرء أعماله كلها، وتقدر ظروفه كلها، وتبرز نياته الخيرة واخلاصه القلبي، فتكون ثقلا له في جانب الحسنات من الميزان، وما كان في قلبه من نفاق أو رياء، فيكون ثقلا عليه في جانب السيئات من الميزان (1).
محاكمة عادلة، لا ينفع فيها الانسان الا عمله الذي قدمه، وعفو ربه الذي يرجوه، ورحمته التي يؤملها، لا يسعفه ما كان له من مال الا ما أنفق منه لله وفي سبيل الله، ولا يعينه ما كان له من جاه الا إن استعمله في طاعة الله، ولا يستطيع أحد أن ينفع احداً أبدا، ولا تملك نفس لنفس شيئا، ولا يجد أحدهم شفيعا يشفع له الا من بعد اذن ربه.
وشفاعة الآخرة ليست كشفاعة الدنيا، فالشفيع في الدنيا يدخل على الحاكم يدل عليه بمودته له أو جاهه عنده، يلزمه الشفاعة ولو كان في قرارة نفسه لا يريدها، فيحابي بها موظفا، أو يبرئ بها متهما، أما الشفاعة في الآخرة فتكون عندما يريد ربنا (برحمته) العفو عن أحد، ويريد (بكرمه) تشريف احد، يجعله سبباً ظاهراً لهذا العفو، فيأذن له بالشفاعة له، فيشفع بإذنه وأمره.
الإيمان باليوم الآخر
الشهود والبينات
محاكم الدنيا، التي يتولاها حكام من العباد، لها عدالة بشرية محدوة، ووسائل للاثبات ظاهرة معدودة، ولكن محاكمات الآخرة قاضيها رب الأرباب، وعدالتها مطلقة لا حد لها، وبيناتها شهادات الأنبياء، والملائكة الذين كانوا يحصون الأعمال، ويدونون الحسنات والسيئات. والصحف التي دونت فيها هذه الاحصاءات، واعترافات المذنبين وشهادات الأعضاء.
(1) ان كل ما قالوا في وصف الميزان وشكله لا دليل عليه.
شهادة الرسل: اذا كان يوم الحساب أحضر النبيون كما قال تعالى: {ووضع الكتاب وجيء بالنبيين} .
وكانت محاكمة كل أمة وفق شريعتها، بحضور نبيها:{وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها} {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} .
الكتب والصحف:
هذه الصحف التي تسجل فيها أعمالنا كلها في الدنيا، تكون مطوية مخفية، سراً لا يدري به الخلق. فإن تاب العبد من ذنوبه المدونة فيها التوبة الصادقة، مُحيت منها، وإلا بقيت فيها، فإذا حل يوم الحساب، نُشرت وأُعلنت، كنتائج الامتحانات تكون سراً عند الفاحصين فلا يعلم برسوب الراسب سواهم، فإذا جاء وقت إعلانها عرف بذلك الناس، وافتضح الراسب في أهله وبين إخوانه، ولكن الفضيحة هنا على رؤوس الخلائق جميعاً، وهي الفضيحة الكبرى، والراسب هنا يسقط في جهنم ويخسر -إن كان كافراً- سعادة الأبد، ويلقى العذاب الدائم.
تُنشر الصحف وتوزع، فيلقى كل إنسان كتابه منشوراً، ويقال له:
{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} .
فمن كانت حسناته التي دونها ملك اليمين أكثر، ناوله كتابه بيمينه بشارة له بأنه سوف {يحاسب حساباً يسيراً} ، فإذا رأى ما فيه فرح واستبشر، كما يفرح التلميذ الذي يأخذ نتيجة الامتحان فيرى أنه ناجح، ويحب أن يطلع على نجاحه الإخوانُ والأقران، يقول:
{هاؤُمُ اقرؤوا كتابيه. إني ظننت -أي: إني أيقنت في الدنيا- أني ملاق حسابيه} .
ومن كانت سيئاته التي دونها ملك الشمال أكثر، ناوله كتابه بشماله