الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة
هذه هي العقائد الاسلامية:
من اعتقدها واعتقد بكل ما أخبر به القرآن، من خلق السماوات والأرض والانسان. وظهرت آثار هذا الاعتقاد في عمله، فهو المسلم الكامل. يعمل بالقرآن الذي اعتقد صحته، لا يكتفي بتلاوته بلا فهم، ولا بتلحينه والتطريب به بلا علم، بل يتخذه دستورا لحياته، يحل حلاله، ويحرم حرامه. يعمل ما أوجبه، ويترك ما نهى عنه.
ان كانت ديانات الناس للمعابد وحدها، فالاسلام ليس للمسجد وحده، ولكن للمسجد وللدار وللسوق، ولقصر الحكم، وللحرب وللسلم. الاسلام يلازم المسلم دائما، يبين له ما يباح له، وما يحرم عليه، هو معه ان خلا بنفسه، ومعه ان انفرد بأهله، وهو معه في تجارته وفي عمله، كل عمل من أعمال المسلم له حكم من الأحكام الخمسة، ومنها الاباحة الاصلية. وان كانت الديانات الاخرى عبادات فقط، لا علاقة لها بالسياسة، ولا بالعلم، فالاسلام عبادة، وقانون مدني، وقانون جزائي، وقانون دولي، ونظام اداري، ومذهب خلقي، وهو علم، وهو سياسة، وهو عمل، وهو جهاد. افتحوا أي كتاب من كتب الفقه، وانظروا في فهرسه، تروا هذه الجوانب كلها فيه.
وان كانت العبادات في الديانات الاخرى صلاة فقط، فالعبادة عندنا ليست صلاة وصياماً فقط، بل ان كل عمل ينفع الناس ان قصد به فاعله وجه الله، كان له عبادة.
واذا فصلوا بين الدين - الذي هو عبادة فقط - وبين العلم، فالاسلام دين العلم. أول كلمة نزلت من كتابه كانت (اقرأ)، لم تكن (قاتل)، ولا (اجمع المال)، ولا (ازهد في الدنيا). و (اقرأ) هذه أول كلمة أنزلت من القرآن وجاء بعدها ذكر العلم، ما منَّ الله على الانسان بما أعطاه من مال ولا قوة ولا جاه، بل بأنه علمه ما لم يعلم.
وكل علم يحتاج اليه مجتمع اسلامي، يكون تعلمه فرض كفاية على القادرين عليه، فهل في الوجود دين - الاّ الاسلام - يجعل تعلم الكيمياء، والطب، والطيران، من الفروض الدينية؟
والاسلام دين الغنى، الله سمى المال في القرآن خيرا، فقال:{وإنه لحب الخير شديد} .
وقال في آية الوصية:
{إن ترك خيراً
…
}. أي: مالا.
فينبغي أن يكون المسلمون أغنياء، ولكن بشرط أن يجمعوا المال من الحلال، وأن يكون المال في أيديهم لا في قلوبهم. والمال وكل ما في الكون مسخر للانسان. والانسان المسلم يحس أنه عبد الله، ولكنه سيد لما في الكون من أشياء، يتصرف فيه تصرف السيد، يستجلب النفع الذي أودعه الله فيه، فهو يرغب في النافع ولكن لا يعظمه لذاته، فان عظمه لذاته صار عبدا له، وكان بذلك قد أشركه في العبادة مع الله.
والمال جعله الله أداة لجلب النفع، فان أنت ادخرته وخبأته ولم تنتفع منه صرت خادما له وعبدا، وقد قال الرسول، صلى الله عليه وسلم:"تعس عبد الدرهم".
والثياب جعلت لدفع البرد، وستر الجسد، فان عظمتها لذاتها، فحفظتها ورعيتها ولم تنتفع بها، صرت عبدا لها، وقد:"تعس عبد الخميصة".
والاسلام دين القوة ولكن بلا ظلم.
والاسلام للدينا والآخرة.
{ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
…
}.
وهو يريد من المسلمين أن يصدقوا الايمان، وأن يتبعوا الشرع، وأن يكونوا مع هذا أرقى الأمم، وأقوى الأمم، وأعلم الأمم، وأغنى الأمم، ليجمعوا حسنة الدنيا وحسنة الآخرة.
وأن يعلم كل مسلم - بعد هذا - ان عليه واجبا آخر، هو التعريف بالاسلام، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. فلا يكره الناس على الاسلام.
بل يعرض عليهم محاسنه حتى يرغبوا فيه، ولا يدعو بلسان مقاله فقط، بل بلسان حاله، بأن يكون المجتمع الاسلامي صورة مجسمة لمبادئ الاسلام، لا بأن يكون صورة مشوهة لها، تنفر منها وتبعد عنها كما هي الحال الآن. بأن يكون الداعي قوي العقل ليقيم الحجة. عالما بالاسلام ليحسن العرض، مثقفا بثقافة العصر. يكلم الناس بلغة العصر، وأن يكون لطيف المدخل، خفيف الظل، لا فظا ولا غليظا، ولا جافيا عاتيا.
وأن يعلم ان الاسلام لا يفزع من المناظرة، ولا يهرب منها، وان كل شيء فيه بالدليل وبالحجة والبرهان، وأنه يطالب بالدليل حتى ممن يدعي ما يخالف الاسلام:
{قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
…
ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به}.
ولو كان له برهان
…
ولكن يستحيل اقامة الدليل على خلاف التوحيد.
ولو وجد هؤلاء الدعاة إلى الله، لدخلت الدنيا كلها في دين الله، والله أنزل هذا الدين، وهو قد تعهد بحفظه:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} .
فالاسلام باق لا يزول، والعاقبة له، ولكن اما أن نعود - نحن المسلمين - إلى ديننا، فيكون لنا شرف النصر في الدنيا، وثواب الله في الآخرة، وإما أن يستبدل بنا قوما غيرنا يدخلون في الاسلام، ويتولون الدعوة اليه والدفاع عنه.
ونعوذ بالله من أن يستبدل بنا، ونسأله أن يردنا إلى ديننا، وأن يكتب النصر له على أيدينا، وأن يغفر لنا ويرحمنا.
وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.