الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)
عن قولِ: لا إله إلا اللَّهُ.
ففسَّروا العملَ بقولِ كلمةِ التوحيدِ.
وممْن رُوي عنه هذا التفسيرُ: ابنُ عمرَ ومجاهدٌ.
ورواه ليثُ بنُ أبي سليم، عن بشيرِ بنِ نهيكٍ، عن أنسٍ - موقوفًا -
ورُوي عنه - مرفوعًا - أيضًا.
خرَّجه الترمذيُّ وغرَّبهُ.
وقال الدارقطنيُّ: "ليثٌ " غيرُ قويًّ، ورفعُه غيرُ صحيح.
وقد خالفَ في ذلك طوائفُ من العلماءِ، من أصحابِنا وغيرِهم، كأبي
عبدِ اللَّه بن بطةَ، وحملُوا العملَ في هذه الآياتِ على أعمالِ الجوارح.
واستدلُّوا بذلكَ على دخولِ الأعمالِ في الإيمانِ.
* * *
قوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)
عملُ المؤمنِ لا ينقضِي حتى يأتيَه أجلُهُ.
قال الحسنُ: إنَّ اللَّهَ لم يجعلْ لعملِ المؤمنِ أجلاً دونَ الموتِ، ثم قرأ:
(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) .
هذه المشهورُ والأعوامُ والليالي والأيامُ كلُّها مقاديرُ للآجالِ، ومواقيتُ
للأعمالِ، ثم تنقضِي سريعًا، وتمضِي جميعًا، والذي أوجدَها وابتدَعها
وخصَّها بالفضائلِ وأودَعَها باقٍ لا يزولُ، ودائمٌ لا يحولُ، هو في جميع
الأوقاتِ إلهٌ واحدٌ، ولأعمالِ عبادِهِ رقيبٌ مشاهدٌ، فسبحانَ مَنْ قلَّبَ
عبادَهُ في اختلافِ الأوقاتِ بينَ وظائف الخدمِ، ليسبغَ عليهم فيها فواضلَ
النِّعم، ويعامِلَهُم بنهايةِ الجودِ والكرمِ، لمَّا انقضتِ الأشهرُ الثلاثةُ الكرامُ التي
أولها الشهرُ الحرامُ، وآخرُها شهرُ الصِّيام، أقبلْت بعدها الأشهرُ الثلاثةُ، أشهر الحجِّ إلى البيت الحرامِ، فكما أنَّ مَنْ صامَ رمضانَ وقامَهُ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِهِ، فمنْ حجًّ البيتَ ولم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجع من ذنوبِهِ كيومِ ولدتْهُ أمه، فما يمضِي من عمرِ المؤمنِ ساعةٌ من الساعاتِ إلا وللَّه فيها عليه وظيفةٌ
من وظائفِ الطاعات، فالمؤمنُ يتقلَّبُ بين هذه الوظائفِ، ويتقرَّبُ بها إلى
مولاه وهو راجِ خائفٌ.
* * *