الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ، فطلبَ زيادةً في إيمانِهِ؛ فإنَّه
طلبَ أن ينتقل من درجةِ علم اليقينِ إلى درجة عينِ اليقينِ وهي أعلى
وأكمل، وفي "المسندِ" عن ابنِ عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس الخبر كالمعاينةِ".
* * *
قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)
في صدقةِ السِّرِ، وفي فضلِهَا، نصوصٌ كثيرة، فمن القُرآنِ:
قولُهُ: (وَإِن تخْفُوهَا وَتؤْتوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لكمْ) .
ومن السنة: حديثُ:
"رجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفَاهَا، حتى لا تعلمَ شمالُه، ما تُنفق يمينُه ".
وحديثُ: "الجاهرُ بالقرآنِ كالجاهرِ بالصدقةِ، والمسرُّ بالقرآنِ كالمُسِر
بالصدقةِ".
وحديثُ أنسٍ: "لمَّا خلقَ اللَّهُ الأرضَ، جعلَتْ تميدُ فخلقَ الجبالَ.. "
الحديثَ، وفي آخره:"قيلَ: فهل منْ خلقِكَ شيء أشدُّ من الريحِ؛ قالَ: نعمْ، ابنُ آدمَ يتصدقُ بيمينِه فيُخفِيهَا عنْ شمالِهِ ".
وحديثُ أبي ذر، وزادَ: ثمَّ نزعَ بهذه الآية: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) .
وحديثُ: "صدقة السرِّ، تُطفئُ غضبَ الربَ عز وجل، وتدفعُ مِيتةَ السوءِ"
خرَّجه الترمذيُّ، وابنُ حبانٍ.
وحديثُ أبي طلحةَ، لمَّا تصدَّقَ بحائِطِه، وقالَ: "لو استطعتُ أن أُسره، لم
أعلنْه " خرَّجه الترمذيُّ في "تفسير".
واختلفُوا في الزكاةِ: هلِ الأفضلُ إسرارُها أم إظهارُها؟
فرُويَ عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عنِ ابنِ عباسٍ، قالَ: جعلَ اللَّهُ صدقةَ الفريضة علانيتَها أفضلَ من سرِّها، يُقالُ: بخمسةٍ وعشرينَ ضعفًا، خرَّجه ابنُ جريرٍ.
وفي روايةٍ، قال: وكذلك جميعُ الفرائضِ والنوافلِ في الأشياءِ كلِّها.
وقال سفيانُ الثوريّ في هذه الآيةِ: هذا في التطوع.
وعن يزيد بنِ أبي حبيب: إنَّما نزلتْ هذه الآية ُ في اليهودِ والنصارى وكان
يأمرُ بِقَسم الزكاةِ في السرِّ، قالَ ابنُ عطيةَ: وهذا مردود، لا سيَّما عند
السلفِ الصالح، فقد قالَ ابنُ جريرٍ الطبريِّ: أجمعَ الناسُ، أنَّ إظهارَ
الواجبِ، أفضلُ.
قال المهدويُّ: وقيل المُرادُ بالآيةِ فرضُ الزكاةِ والتطوعُ، وكان الإحفاءُ فيها
أفضلَ في مدّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ ساءتْ ظنونُ الناسِ، بعد ذلك، فاستحسنَ العلماءُ، إظهارَ الفرائضِ، لئلا يُظن بأحدٍ المنعُ.
قال ابنُ عطيةَ: وهذا القولُ مخالف للآثارِ، قالَ: ويشبه في زمنِنا أنْ
يحسنَ التسترُ بصدقةِ الفرضِ، فقد كثر المانعُ لها، وصار إخراخها عُرضةً
للرِّياءِ.
وهذا الذي تخيَّله ابنُ عطيةَ ضعيف، فلو كانَ الرجلُ في مكانٍ يتركُ أهلُه
الصلاةَ، فهل يُقال: إن الأفضلَ أنْ لا يُظهرَ صلاتَه المكتوبة؟!.
وقال النَّقاشُ: إنَّ هذه الآيةَ نسخَها قولُهُ تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقونَ أَموَالَهُم
بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) الآية. انتهى ما ذكرَهُ.
ودعوى النسخ ضعيف جدًّا، وإنَّما معْنى هذه الآيةِ، كمَعْنى التِي قبلها:
إنَّ النفقةَ تُقبلَ سرًّا، وعلانيةً.
وحُكي عن المهدويِّ أنَّ قولَه تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِن اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ) ، رخَّصتْ في صدقةِ الفرضِ، على أهلِ القراباتِ المشركين.
قال ابنُ عطيةَ: وهذا عندي مردود.
وحكي عن ابنِ المنذرِ نَقْلُ إجماع من يحفظُ: أنَّه لا يُعْطَى الذِمِّيُّ من
صدقةِ المالِ شيئًا.
قلتُ: رُوي عن ابنِ عمرَ أنَّه قال: في قولِهِ تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ) : أن المساكينَ: أهلُ الكتابِ، وإسنادُهُ لا يثبتُ.
وروى الثعلبيُّ بإسنادِهِ عن سعيدِ بنِ سُويدٍ الكلبيِّ يرفعُه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سئل عن الجهرِ بالقراءة، والإخفاءِ فقالَ -: هي كمنزلةِ الصدقةِ (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تخْفوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ) .
وروى الثعلبيُّ في "تفسيره"، عن أبي جعفرٍ في قولِهِ تعالى: (إِن تُبْدُوا
الضَدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) قال: هي الزكاةُ المفروضةُ، (وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ)