الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لإصابةِ الحقِّ.
وسئل عن معروفٍ الكرخيِّ، فقال: كان معه أصلُ العلم: خشيةُ اللَّهِ.
وهذا يرجعُ إلى قولِ بعضِ السلفِ: كفى بخشية اللَّه علمًا، وكفى بالاغترارِ
باللَّه جهلاً.
وهذا بابٌ واسعٌ يطولُ استقصاؤه.
* * *
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)
وقد حكى القاضي أبو يعْلى روايتينِ عن أحمدَ في وجوبِ إنكارِ المنكرِ
على من يعلمُ أنَّه لا يقبلُ منه، وصححَ القولَ بوجوبِهِ، وهو قولُ أكثرِ
العلماء.
وقد قيلَ لبعضِ السلفِ في هذا، فقالَ: يكونُ لكَ معذرة، وهذا كما أخبرَ
اللَّهُ عز وجل عن الذينَ أنكرُوا على المعتدينَ في السَّبتِ أنَّهم قانَوا لمن قالَ
لهم: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَو معَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ، وقد وردَ ما يستدلُّ به على سقوطِ الأمرِ والنهي
عندَ عدمِ القبولِ والانتفاع به، ففي "سننِ أبي داودَ" وابنِ ماجةَ والترمذي
عن أبي ثعلبةَ الخُشنيِّ أنه قيلَ له: كيفَ تقولُ في هدْه الآيةِ: (عَلَيْكُمْ
أَنفُسَكُمْ) ، فقالَ: أما واللَّهِ لقد سألتُ عنها رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
فقالَ: "بل ائتمِروا بالمعروفِ، وانتهُوا عن المنكرِ حتى إذا رأيتَ شُحًا مُطاعًا، وهوى مُتّبعًا، ودُنيا مُؤئَرَةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيه فعليكَ بنفْسِكَ، ودعْ عنكَ أمرَ العوامِّ ".
وفي "سننِ أبي داودَ" عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو، قال: بينما نحن حولَ
رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إذْ ذكر الفتنة، فقالَ:"إذا رأيتُمَ الناسَ مرجَتْ عهودهم، وخفَّت أماناتهم، وكانُوا هكذا" وشبَّك بين أصابعِهِ، فقمتُ إليه، فقلتُ: كيف أفعلُ عندَ ذلك، جعلني اللَّهُ فداكَ؟
قال: "الزمْ بيتَك، واملِكْ عليكَ لسانَكَ، وخُذْ بما تعْرِفُ، ودع ما تُنكرُ، وعليكَ بأمر خاصَّةِ نفسِكَ، ودع عنك أمرَ العامَّة".
وكذلك رُويَ عن طائفةٍ من الصحابةِ فىِ قولِهِ تعالى: (عَلَيْكُم أَنفُسَكُمْ لا
يَضُرُّكم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) ، قالُوا: لم يأتِ تأويلُها بعدُ، إنَّما
تأويلُها في آخرِ الزمانِ.
وعن ابنِ مسعودٍ، قال: إذا اختلفتِ القلوبُ والأهواءُ، وأُلبِستم شِيَعًا.
وذاق بعضُكم بأسَ بعض، فيأمرُ الإنسانُ حينئذٍ نفسَهُ، حينئذٍ تأويل هذه
الآية.
وعن ابنِ عمرَ، قال: هذه الآيةُ لأقوامٍ يجيئونُ من بعدِنا، إن قالُوا لم
يُقبَلْ منهم.
وقال جُبيرُ بنُ نفيرٍ عن جماعةٍ من الصحابةِ، قالُوا. إذا رأيتَ
شحًا مُطاعًا وهوًى متبعًا، وإعجابَ كلِّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسِكَ، لا
يضرُّكَ من ضلَّ إذا اهتديت.
وعن مَكْحُولٍ، قال: لم يأتِ تأويلها بعدُ، إذا هابَ الواعظُ، وأنكرَ