الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقفَ الهوى بي حيثُ أنتَ. . . فليسَ لي مُتأخَّر عنه ولا مُتقدَّمُ
أجِدُ الملامةَ في هواكَ لذيذةً. . . حبِّا لِذكْرِكِ فلْيَلُمْنِىِ اللُّوَّمُ
قوله: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ)، يعني: درجةَ الذين يُحبهم
ويحبونَهُ بأوصافِهِم المذكورةِ (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) : واسعُ العطاء.
عليم بمن يستحقُّ الفضل، فيمنَحُهُ، ومن لا يستحقُّ، فيمنعُه.
* * *
وعن أبي صخرٍ عن محمدِ بنِ كعبٍ القرظيِّ أنَّ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ أرسلَ
يومًا إليه، وعمرُ أمير المدينة يومئذٍ، فقال: يا أبا حمزةَ، إنَّه أسهرتني البارحةَ
آية. قال محمد: وما هي أيها الأمير؟
فقالَ: قولُ اللَّهِ عز وجل: (يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأتِي اللَّه بِقَوْمٍ يحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) إلى قوله: (لَوْمَةَ لائِمٍ) .
قال محمد: إنَّما عنى اللَّهُ عز وجل: (يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الولاةَ من قريشٍ: (مَن يَرْتَدَّ مِنكمْ عَن دِينِهِ) عن الحق (فَسَوْفَ يَأتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبّونَهُ) .
وهم أهلُ اليمنِ.
قال عمرُ: يا ليتَني وإيَّاكَ منهم قال: آمين.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)
[قالَ البخاريُّ] ؛ وقول اللَّهِ عز وجل: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) .
وقوله تعالى: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) .
يشيرُ إلى أنَّ الأذَانَ مذكورٌ في القرآنِ في هاتينِ الآيتينِ:
الأُولى منهما: تشْتمل النداءَ إلى جميع الصلوات؛ فإنَّ الأفعال نكراتٌ.
والنكرة في سياقِ الشَّرْطِ تعُمُّ كلَّ صلاةٍ.
والثانية منهما: تخْتصُ بالنداءِ إلى صلاةِ الجمعة.
وقد رَوَى عبدُ العزيزِ بنُ عِمرانَ، عن إبراهيمَ بنِ أبي حبيبةَ، عن داودَ بنِ
الحُصينِ، عن عكْرمةَ، عن ابن عباس، قال: الأذان نزل على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مع فرضِ الصلاةِ: (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكرِ اللهِ) .
هذا إسنادٌ ساقطٌ لا يصح.
وهذه الآية ُ مدنيةٌ، والصلاةُ فرضتْ بمكةَ، ولم يصحَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى بمكةَ جُمُعة، وقوله:(وَإِذَا نَادَيْتُم إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا) مدنية - أيضًا - ولم يُؤذنْ للصلاةِ بمكةَ.
والحديثُ الذي رُوي أنَّ جبريلَ لمَّا أمَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أولَ ما فُرضتِ الصلاةُ أمَرَه أن يُؤذَنَ بالصلاةِ، قد جاء مفسرًا في رواية أخرى، أنَّه يؤذن: الصلاةُ جامعة.
وقد سبقَ ذكرُهُ في أولِ كتابِ الصلاةِ.
وقد رُوي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسْرِي خرجَ ملكٌ من وراء الحجابِ فأذَّن، فحدَّثه ربُّه عز وجل والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يسمعُ ذلكَ، ثم أخذَ المَلَكُ بيدِ محمدٍ فقدَّمه
فأمَّ أهلَ السماءِ، منهم آدمُ ونوح.
قال أبو جعفرِ محمدُ بنُ علي: فيومئذِ أكملَ اللَهُ لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم الشَّرف - على أهلِ السماءِ وأهلِ الأرضِ.
وقد خرَّجه البزار والهيثمُ بنُ كليبِ في "مسنديهما" بسياق مُطوَّلٍ من
طريقِ زيادِ بنِ المنذرِ أبي الجارود، عن محمدِ بنِ علي بن الحسينِ، عن أبيه.
عن جدِّه، عن على.
وهو حديث لا يصحُّ.
وزيادُ بنُ المنذرِ أبو الجارودِ الكوفي، قال فيه الإمامُ أحمدُ: متروكٌ.
وقال ابنُ معينٍ: كذَّاب عدو اللَّهِ، لا يساوي فِلْسًا، وقال ابنُ حبانَ: كان رافضيًا يضعُ الحديثَ.
وروى طلحة بن زيدِ الرقي، عن يونسَ، عن الزُّهريّ، عن سالمِ، عن
أبيه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما أُسْرِي به إلى السماءِ أوحى اللَّهُ إليه الأذانَ، فنزلَ بهِ، فعلَّمه جبريلَ.
خرَّجه الطبراني.
وهو موضوع بهذا الإسنادِ بغيرِ شكٍّ.
وطلحةُ هذا، كذَّاب مشهور.
ونبهنا على ذلكَ لئلا يُغْتَّر بشيءٍ منه.
وإنَّما شُرع الأذانُ بعد هجرةِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينةِ، والأحاديث الصحيحةُ كلُّها تدلُّ على ذلكَ.
والأذانُ له فوائدُ:
منها: أنه إعلامٌ بوَقْتِ الصلاةِ أو فعلِها.
ومن هذا الوجهِ هو إخبارٌ بالوقتِ أو الفعلِ، ولهذا كان المؤذِّنُ مؤتمنًا.
ومنها: أنه إعلامٌ للغائبينَ عن المسجدِ، فلهذا شُرِع فيه رفعُ الصوتِ، وسُمِّي نداءً، فإنَّ النِّداءَ هو الصوتُ الرفيعُ.
ولهذا المعنى قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعبد الله بنِ زيد:
"قم فألقه على بلال، فإنه أندى صوتًا منك ". ًً
ومنها: أنه دعاءٌ إلى الصلاةِ، فإنه معنى قولِهِ: "حيَّ على الصلاةِ، حيَّ على
الفلاح ".
وقد قيل: إنَّ قولَهُ تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلُ صَالِحًا)، الآية: نزلتْ في المؤذنينَ، رُوي عن طائفة من الصحابةِ.
وقيلَ في قولهِ تعالى: (وَقَدْ كَانوا يُدْعَوْنَ إِلَى السّجودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) .
إنها الصلواتُ الخمسُ حين يُنادى بها.
ومنها: أنه إعلانٌ بشرائع الإسلامِ من التوحيدِ والتكبيرِ والتهليلِ والشهادةِ
بالوحدانيةِ والرسالةِ.
* * *