الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخرَّج - أيضًا - من حديثِ رجلٍ من الصحابة عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "من مثل بذي رُوحٍ، ثم لم يَتُبْ مَثَّلَ اللَهُ به يومَ القيامةِ".
* * *
قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)
وقال بعضُهم في قولِهِ تعالى: (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، قال: الرِّضا
والقناعة "
* * *
قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)
ومما يُستحبُّ الإتيانُ به قبلَ القراءةِ في الصلاةِ: التعوذُ، عند جمهورِ
العلماء.
واستَدلُّوا بقولِهِ تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
والمعنى: إذا أردتَ القراءةَ، هكذا فسَّرَ الآيةَ الجمهورُ.
وحُكي عن بعضِ المتقدمينَ، منهم: أبو هريرة وابنُ سيرينَ وعطاء: التعوذُ بعدَ القراءةِ.
والمرويُّ عن ابنِ سيرينَ: قبل قراءة أمِّ القرآنِ وبعدَها، فلعله كان يستعيذ
لقراءةِ السورةِ، كما يقرأ البسملةَ لها - أيضًا.
وقد جاءتِ الأحاديثُ بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يتعوذُ قبل القراءة في الصلاةِ:
فروى عمرُو بنُ مُرَّةَ، عن عاصمٍ العنزيِّ، عن ابنِ جبيرِ بنِ مطعمٍ، عن
أبيه، أنَّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يصلِّي صلاةً، قال:"اللَّهُ أكبرُ كبيرًا، اللَّهُ أكبر كبيرًا، اللَّهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للَّهِ كثيرًا، سبحانَ اللَّهِ بكرةً وأصيلاً" ثلاثًا. "أعوذُ باللَّهِ من الشيطانِ الرجيم، من نفْخه ونفْثِهِ وهمْزِهِ " قال: نفثُه: الشعرُ، ونفخه: الكِبْر، وهمزُهُ: الموتة.
خرَّجه الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ وابنُ ماجةَ وابنُ حبانَ في "صحيحه "
والحاكمُ وصححه.
وابنُ جبيرٍ هو: نافعٌ، وقع مسمّى في روايةٍ كذلك. وعاصمٌ العنزيُّ، قال
أحمد: لا يُعْرف، وقال غيرُهُ: روى عنه غيرُ واحدٍ.
ذكره ابنُ حبانَ في "ثقاته".
وروى عطاءُ بنُ السائبِ، عن أبي عبدِ الرحمنِ السلميِّ، عن ابنِ مسعودٍ.
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا دخل في الصلاةِ، يقول:"اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك من الشيطان وهمزِهِ ونفْخِهِ ونفْثِهِ ".
حْرَّجه ابنُ ماجةَ والحاكم وهذا لفظُهُ.
وقال: صحيحُ الإسنادِ، فقد استشهدَ البخاريُّ بعطاءِ بنِ السائبِ.
وروى عليٌّ بنُ عليٍّ الرفاعيُّ، عن أبي المتوكِّلِ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ.
قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا قامَ إلى الصلاةِ بالليلِ كبَّر، ثم يقولُ:
"أعوذُ باللَّهِ السميع من الشيطانِ الرجيم، من همزِهِ ونفخِهِ ونفْثِهِ ".
خرَّجه الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ والترمذيُّ.
وقال: كان يحيى بنُ سعيدٍ يتكلمُ في عليِّ بنِ عليِّ، وقال أحمدُ: لا
يصحُّ هذا الحديثُ.
كذا قالَ، وإنَّما تكلمَ فيه يحيى بنُ سعيد من جهةِ أنه رماه بالقدرِ، وقد
وثقه وكيع ويحيى بن مَعين وأبو زرعة.
وقال أحمدُ: لا بأس له، إلا أنه رفع أحاديثَ.
وقال أبو حاتمٍ: ليس به بأسٌ، ولا يُحتجُّ بحديثِهِ.
وإنَّما تكلمَ أحمدُ في هذا الحديثِ؛ لأنه رُوي عن عليِّ بن عليٍّ، عن
الحسنِ - مرسلاً -، وبذلك أعلَّه أبو داودَ، وخرَّج في "مراسيلِهِ " من طريقِ
عمرانَ بنِ مسلمٍ، عنِ الحسنِ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا قامَ منَ الليلِ يريدُ أن يتهجد، يقولُ - قبل أن يكبِّر:"لا إله إلا اللَهُ، لا إله إلا اللَهُ، واللَّهُ أكبرُ كبيرًا، اللَّهُ أكبر كبيرًا، أعوذ باللهِ من الشيطانِ الرجيم، من همزِهِ ونفخِهِ ونفْثِهِ " ثم يقول: "اللَّهُ أكبرُ".
وفي البابِ أحاديثُ أخرُ مرفوعةٌ، فيها ضعفٌ.
واعتمادُ الإمامِ أحمدَ على المرويِّ عن الصحابةِ في ذلك؛ فإنه روى التعوذَ
قبل القراءة في الصلاةِ عن عمرَ بنِ الخطابِ وابنِ مسعودٍ وابنِ عمرَ وأبي
هريرةَ، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ كما تقدم.
والجمهورُ على أنَّه غيرُ واجبٍ، وحُكيَ وجوبُهُ عن عطاءٍ والثوريِّ وبعضِ
الظاهريةِ، وهو قولُ ابنِ بطةَ من أصحابِنا.
والجمهورُ على أنه يسره في الصلاةِ الجهريةِ، وهو قولُ ابنِ عمرَ وابنِ
مسعودٍ والأكثرينَ.
ورُوي عن أبي هريرةَ الجهرُ به.
وللشافعيِّ قولانِ. وعن ابنِ أبي ليلى: الإسرارُ والجهرُ سواء.
واختلفُوا: هل يختصُّ التعوذُ بالركعةِ الأولَى، أمْ يستحبُّ في كل ركعةٍ؟
على قولينِ:
أحدُهما: يستحبُّ في كلِّ ركعةٍ، وهو قولُ ابنِ سيرينَ، والحسنِ والشافعيِّ
وأحمدَ - في رواية.
والثاني: أنه يختصُّ بالركعةِ الأولى، وهو قولُ عطاءٍ والحسنِ والنخعيِّ
والثوريِّ وأبي حنيفةَ وأحمدَ - في رواية عنه.
وقال هشامُ بنُ حسانٍ: كان الحسنُ يتعوذُ في كل ركعةٍ، وكان ابنُ سيرينَ
يتعوذُ في كل ركعتينِ.
وذهبَ مالكٌ وأصحابُهُ إلى أنَّه لا يتُعوَّذُ في الصلاةِ المكتوبة، بل يفتتحُ بعدَ
التكبيرِ بقراءةِ الفاتحة من غيرِ استعاذةٍ ولا بسملة، واستدلُّوَا بظاهرِ حديثِ
أنسٍ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتحُ الصلاةَ
بـ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) .
وهو الحديثُ الذي خرَّجه البخاريُّ في أوَّل هذا البابِ.
ويجاب عنه، بأنه إنَما أراد أنَّه يفتتح قراءةَ الصلاة بالتكبيرِ والقراءةِ
بـ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وافتتاح القراءة بـ:(الْحَمْدُ لِلَّهِ)
إمَّا أن يرادُ به
افتتاحها بقراءةِ الفاتحةِ كما يقولُ الشافعيُّ، أو افتتاح قراءةِ الصلاةِ الجهريةِ
بكلمةِ (الْحَمْدُ) من غير بسملةٍ كما يقولُهُ الآخرون.
ودل عليه: حديثُ أنسٍ الذي خرَّجه مسلمٌ صريحًا.
وعلى التقديرينِ، فلا ينفي ذلكَ أنْ يكون قبل القراءةِ ذكرًا، أو دعاءً، أو
استفتاحًا، أو تعوذًا، أو بسملةً، فإنه لا يخرج بذلك عن أن يكون افتتح
القراءةَ بالفاتحةِ، أو افتتح الجهرَ بالقراءةِ بكلمة (الْحَمْدُ) .
ولا يمكنُ حملُ الحديثِ على أنَّه كانَ أولَ ما يفتتحُ به الصلاةَ قرأءةُ كلمةِ
(الْحَمْدُ) ، فإنه لو كانَ كذلك لكانَ لا يفتتحُ الصلاةَ بالتكبيرِ، وهذا باطلٌ
غيرُ مرادٍ قطعًا. واللَّهُ أعلم.
* * *