الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
(13)
وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلله مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلله مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)
* * *
(وَلَقَدْ أَخَد اللهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) لما أمر المؤمنين بالوفاء بعهده وأمرهم بالحق والعدل وذكرهم نعمه شرع يبين لهم كيفية أخذ العهود على من كان قبلهم وطردهم ولعنهم لما نقضوها ليتعظ المؤمنون (وَبَعَثْنَا منْهُمُ اثْنيْ عَشَرَ نَقيباً) كفيلاً ضمنوا عن قومهم الوفاء بالعهد (وَقَالَ اللهُ إِنِّيَ مَعَكُمْ) بالنصرة (لَئِنْ) أي: والله لئن (أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) صدقتموهم بما جاءوا به (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) نصرتموهم وعظمتوهم (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا) بأن تنفقوا فى سبيل الخيرات نصب بالمصدر أو بالمفعول الثاني (لَأُكَفِّرَنَّ) جواب القسم سد مسد جواب الشرط (عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) تحت غرفها (الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ) الميثاق (منكُمْ فَقَدْ ضَل سَوَاءَ السَّبِيلِ) صراط الحق فإن الضلال بعده أظهر وأعظم وأقبح (فَبِمَا نَقْضِهِم) ما زائدة للتأكيد (مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) أبعدناهم عن رحمتنا (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسيَةً) يابسة غليظة لا تنتفع بالمواعظ وقرئ (قَسِيَّة) أي: مغشوشة (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) كلام الله (عَنْ مَوَاضِعِهِ) يبدلون نعت محمد أو يأولون الآيات بسوء تأويل (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) تركوا نصيبهم من التوراة فلم يعملوا بها أو زلت بعض آياتها عن حفظهم
(وَلَا تَزَالُ) يا محمد (تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ) خيانة وغدر فاعل بمعنى المصدر (إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ) " لم يخونوا استثناء من ضمير منهم (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) نسخ باية السيف، وقيل: معناه إن تابوا أو عا@دوا والضزموا الجزية (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) تعليل للأمر بالعفو (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ) كما أخذنا من اليهود، سموا أنفسهم نصارى ادعاء لنصرة الله (فَنَسُوا حَظًّا): نصيبًا وافيًا (مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) من اتباع محمد عليه الصلاة والسلام (فَأَغْرَيْنَا) ألصقنا وأوقعنا (بَيْنَهُمُ) بين اليهود والنصارى أو بين فرق النصارى وهم كذلك (الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) بشنيع صنيعهم بأقطع جزاء (يَا أَهلَ الْكِتَابِ) عام لكل كتابي (قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ) كآية الرجم وبشارة عيسى بأحمد (وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) لا يتعرض لكثير مما حرفوه وأخفوه لأنه لا يحتاج إلى بيانه (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ) أي: قرآن أو محمد عليه الصلاة والسلام (وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ) أي: بالنور والكتاب المبين، فإنهما واحد أو في حكم
الواحد (مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ): من آمن منهم (سُبُلَ السَّلَامِ) طرق السلامة والنجاة (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ): أنواع الكفر (إِلَى النُّورِ) إلى الإيمان (بِإِذْنِهِ) بإرادته وتوفيقه (وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مسْتَقِيمٍ): يوصلهم إلى رحمة الله.
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) اليعقوبية من النصارى قالوا: المسيح هو الله (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئًا): من يستطيع إمساك شيء من قدرة الله (إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) أي: هو وجميع الخلائق مقهور تحت قدرته قابل للفناء فلا يكون إلهًا (وَلله مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على إيجاد شيء من غير أصل ومادة ولا أب وأم (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ) أي: هو كالأب لنا في العطوفة أو وجدوا في التوراة يا أبناء أحباري فبدلوا بيا أبناء أبكاري، وقيل: نحن أبناء رسل الله، وقيل: جمع ابن الله للابن وأشياعه والابن بزعم الفريقين عزير وعيسى كقول أقارب الملك: نحن الملوك (وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ): في الدنيا والآخرة، فإن الحبيب لا يعذب حبيبه أقبح لتعذيب والوالد لا يعذب ولده بل يؤدبه ويزكيه (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ): كسائر المخلوقات (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ) وهو من آمن برسه (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) من مات