الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمرهما، أو بعضه متشابه ببعض آخر منه في الهيئة، واللون والطعم وبعضه غير متشابه، (انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ): ثمر كل واحد من ذلك، (إِذَا أَثْمَرَ): أخرج ثمره، (وَيَنْعِهِ): وإلى نضجه نظر استدلال بعد أن كان حطَبًا صار عنبًا ورطبًا وبعد أن كان جافًّا تفها صار لذيذًا، (إِن فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ) أي: على كمال قدرته، (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ): يصدقون بالله.
(وَجَعَلُوا لله شُرَكاَءَ الْجِنَّ): عبادة غير الله تعالى، عبادة الشيطان هم جعلوا الشيطان شريكًا له، أو كما قال الثنوية: الله خالق النور، والشيطان خالق الشرور، (وشركاء الجن) مفعول (جعلوا) أو (للهِ) متعلق بـ (شركاء) أو حال منه أو (لله شُرَكَاءَ) مفعولاه، و (الْجِنَّ) منصوب بمقدر، كأنه قيل: من جعلوه شركاء؟ فقال: " الجن "، (وَخَلَقَهُمْ)، حال بتقدير قد والضمير إما إلى الكفار أي: جعلوا غير خالقهم شريكًا لخالقهم، وإما إلى الجن: أي جعلوا المخلوقين شركاء للخالق، (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ): اختلقوا وافتروا، (بِغَيْرِ عِلْمٍ) حال من فاعل خرقوا أي: خرقوا عن عمى وجهالة لا عن فكر وروية، (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ) تعالى عطف على أسبح.
* * *
(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(101)
ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ
فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)
* * *
(بَدِيع السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) أي: هو مبدعهما ومحدثهما على غير مثال سبق قيل: من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها أي: هو بديع سماواته، وقيل الإضافة حقيقية بمعنى في أي هو عديم النظير فيهما، (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ)، والولد إنما يكون بين متجانسين ولا يناسبه شيء فإنه خالق الأشياء وأين الخالق من المخلوق؟! (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، لم يقل وهو به عليم لأن علمه أشمل من خلقه، (ذلِكُمُ) أي: الموصوف بما سبق من الصفات، وهو مبتدأ، (اللهُ رَبُّكُمْ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)، أخبار مترادفة، (فَاعْبُدُوهُ)؛ لأن من له هذه الصفات استحق العبودية، (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ): متولي أموركم فكلوها إليه، (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) أي: في الدنيا أو لا يحيط به الإبصار، فإن الإدراك أخص من الرؤية أو لا يراه أحد على ما هو عليه لا بشر ولا ملك، لكن إذا تجلى بوجه يمكن رؤيته تدركه الأبصار، أو لا يراه جميع الأبصار؛ بل الكفار عنه محجوبون، (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ): يحيط علمه بها ويراها، (وَهُوَ اللَّطِيفُ): بأوليائه، (الْخَبِيرُ):
بأعمالهم قيل من باب اللف والنشر أي لا تدركه الأبصار، لأنه لطيف لا كثافة فيه بوجه، وهو يدرك الأبصار؛ لأنه خبير، (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ): البصيرة للقلب كالبصر للجسد أي: جاءتكم بالوحي الآيات البينات، والحجج القرآنية التي هي للقلوب كالبصائر، (فَمَنْ أَبْصَرَ): يرى تلك الآيات وآمن بها، (فَلِنَفْسِهِ): أبصر، وله نفعه، (وَمَنْ عَمِيَ)، فلا يؤمن بها، (فَعَلَيْهَا): فعلى نفسه عمى، وعليها ضره، (وَمَا أَنَا عَلَيْكم بِحَفِيظٍ): أحفظ أعمالكم فأجازيكم إنما أنا منذر والله الحفيظ، وهذا وارد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ): مثل ذلك التبيين نبينها ونكررها، (وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ)، معلله محذوف أي: وليقولوا درست نصرفها، والدرس القراءة، والتعلم أي: ليقول المشركون درست، وتعلمت من اليهود، ثم تزعم أنه من عند الله عليك يعني لشقاوة بعض كما قال تعالى:" يضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا "[البقرة: 26]، فيكون اللام على أصله أو اللام لام العاقبة، وقرئ (دارست) أي: دارست أهل الكتاب وقارءتهم، وقرئ (دَرَسَتْ) أي: قدمت هذه الآيات وعفت كقولهم أساطير الأولين، (وَلِنُبَيِّنَهُ)، الضمير للقرآن أو الآيات باعتبار أنها قرآن أي: كررناه لنبينه، (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي: لهداية المؤمنين، وحاصله تصريف الآيات لشقاوة بعض وسعادة بعض آخر، (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ): بالعمل به، (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) حال مؤكدة (مِنْ رَبِّكَ) أي: منفرداً بالألوهية، (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ: لا تجادلهم، واحتمل أذاهم حتى ينصرك الله فإن لله حكمة في
إضلالهم، (وَلَوْ شَاءَ اللهُ): توحيدهم، (مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا): رقيبًا تحفظ أعمالهم وتجازيهم أو تحفظ من عذاب الله، (وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيل): تقوم بأمرهم.
(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ): يعبدون، (مِن دُون اللهِ) أي: أصنامهم، (فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا): ظلمًا، (بِغَيْرِ عِلْمٍ): على جهالة بالله يعني سب آلهتهم، وإن كان حقًا لكن فيه مفسدة عظيمة، نزلت حين قالوا: يا محمد لتنتهين عن سب آلهتنا، أو لنهجون ربك أو كان المسلمون يسبون آلهتهم وهم يسبون الله عدوًا، (كَذَلِكَ): مثل ذلك التزيين، (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ): من أمم الكفار، (عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ): بالمجازاة.