الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(258)
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)
* * *
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ): جادل، تعجيب من حماقة نمرود، (إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ)، أي: لأن آتاه، يعني: بطر الملك حمله على ذلك، (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ)، ظرف لـ (حَاجَّ)، (ربيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)، أي: الدليل على وجوده حدوث الأشياء بعد عدمها، وعدمها بعد وجودها، فإنه يدل على وجود فاعل مختار، (قَالَ): الذي حاج، (أَنَا أُحْيِي وأُمِيتُ): بالعفو عن القتل والقتل، أو
قاله عنادًا ومكابرة، وأوهم أنه الفاعل لذلك، وهذا القول أظهر، (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ الله يَأتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ)، أي: إذا كنت كما ادعيت من الإماتة والإحياء فمن هذا صفته هو المتصرف في الوجود، في خلق ذواته وتسخير الكواكب وحركاتها، وهذه الكواكب تبدو كل يوم من المشرق، فإن كنت إلهًا تحيي وتميت فأت بها من المغرب!، (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ): أخرس في هذا المقام، وصار مبهوتًا مغلوبًا، (وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ): الذين ظلموا أنفسهم بالاتباع عن الحق، قيل: لا يهديهم محجة الاحتجاج، (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ)، الأول في قوة قوله: أرأيت مثل الذي حاج، فعطف عليه بقوله:" أو كالذي "، وقيل: الكاف مزيدة والمار عزير، أو الخضر، أما القرية فالمشهور أنها
بيت المقدس، حين خربه بختنصر، (وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشهَا): ساقطة على سقوفها، أي: خرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف، أو من خوى إذا خلا، أي: خالية مع سلامة عروشها، (قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا): استبعادًا لتعميرها بعد شدة خرابها، والظاهر أن المراد به أهل القرية، فيكون استعظامًا لإحيائها، (فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ)، أي: فألبثه ميتًا مائة عام، أراه آية في نفسه، (ثُمَّ بَعَثَهُ): بالإحياء، (قَالَ): الله له بواسطة ملك، أو بلا واسطة، (كَمْ لَبِثْتَ
قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)، كقول الظان، (قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ)، ذُكر أن معه عنبًا وتينًا وعصيرا، فالطعام الأولان، والشراب الأخير، (لَمْ يَتَسَنَّهْ): لم يتغير لا العنب والتين تعفنا، ولا العصير استحال، أفرد الضمير، لأنهما كجنس واحد، (وَانظُرْ إلَى حِمَارِكَ)، كيف تفتت عظامه، حتى تعلم مكثك مائة سنة، (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ)، أي: وفعلنا ذلك لنجعلك، وقيل عطف على مقدر، أي: فعلنا ذلك ليزداد بصيرتك ولنجعلك، قيل: كان هو أسود الشعر وبنو بنيه شيب، (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ): عظام الحمار، (كَيْفَ نُنشِزُهَا): نحييها، أو نرفعها، فنركب بعضها على بعض، والجملة حال من العظام، وكيف منصوب بـ ننشزها، (ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ): ما أشكل عليه، قيل: تقديره لما تبين له أن الله على كل شيء قدير، (قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ففاعل تبين مضمر يفسره ما بعده، أي: صار العلم عينيًّا بعدما كان غيبيًّا، (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)، ذكروا لسؤاله أسبابًا منها، أنه لما قال لنمورد: ربي الذي يحيي ويميت، أحب أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، ومنها أنه رأى جيفة أكلتها السباع والطيور فسأل، (قَالَ): الله، (أَوَلَمْ تُؤْمِن): بأني قادر على الإحياء، قال له ذلك ليجيب بما أجاب، فيعلم الناس غرضه، أي: أتنكر ولم تؤمن؟، (قالَ بَلَى)، آمنت، (وَلَكِن)، سألت، (ليَطْمَئِنَّ قلبي)، بالمعاينة، (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ)، اختلفوا في أنها ما هي، قيل: غرنوق وطاوس وديك وحمامة، (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ)، أي: قطعهن منضمات إليك، أو اضممهن إليك لتعرف شأنها لئلا تلتبس عليك بعد الإحياء، (ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ): من الجبال التي بحضرتك، وكانت أربعة أو سبعة، (مِنْهُنَّ