الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يطلب معبودًا مخلوقًا لا يضر ولا ينفع (إِنَّ هَؤُلاءِ) إشارة إلى القوم (مُتَبَّرٌ) مكسر مدمر (مَا هُمْ فِيهِ) أي: دينهم فاعل متبراً أو مبتدأ و (مُتَبَّرٌ) خبره (وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ألبتة لا محالة (قَالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ) أطلب لكم (إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) بأن أعطاكم نعمًا وخصكم بها (وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) أي: واذكروا هذا اللطف العظيم (يَسُومُونَكُمْ) استئناف أو حال أي: يبغونكم (سُوءَ الْعَذَاب) شدته (يُقَتِّلُونَ) بدل من يسومون مبين له (أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ) أي: العذاب (بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) قيل الإشارة إلى الإنجاء فالبلاء بمعنى المنحة لا المحنة.
* * *
(وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ
(142)
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ
الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)
* * *
(وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاِثينَ لَيْلَةً) ذا القعدة للمناجاة وإرسال كتاب من عنده (وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) من ذي الحجة نقل أنه بعد صوم الشهر استاك فزال خلوفه فلذلك أمر بصوم عشر ليكون لفمه خلوف (فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي) كن خليفتي (فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) ارفق بهم واحملهم على طاعة الله تعالى (وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) لا تطع من دعاك إلى الفساد.
(وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا) أي: لوقتنا الذي وقتنا له (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) فلما سمع كلامه اشتاق لقاءه (قَالَ رَبِّ أَرِنِي) نفسك بأن تتجلى إلي (أَنْظُرْ إِلَيْكَ) أراك (قَالَ لَنْ تَرَانِي) في الدنيا وقد وردت أحاديث صحاح صريحة على رؤية الله تعالى في الآخرة وأجمعت الأمة على ذلك سوى المعتزلة وحسبهم من الخسران والحسرة أن عاملهم الله تعالى في الآخرة بعقيدتهم وحرمهم من نعمة لقائه كما قال جدي قدس سره (وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ) ويطيق الرؤية مع أنه أعظم
وأئقل جسمًا (فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) ظهر نور ربه وقد ورد ما تجلى إلا قدر الخنصر (جَعَلَهُ دَكًّا) أي: مدكوكًا كالتراب ومن قرأ دكاء فمعناه أرضًا مستوية (وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) سقط مغشيًا عليه (فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ) أنزهك مما لا يليق بك أو قال سبحانك لعظمة ما رأى (تُبْتُ إِلَيْكَ) من مسألة الرؤية بغير إذن (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) بأنه لا يراك أحد إلى يوم القيامة أو أول قومي إيمانًا.
(قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ) اخترتك (عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي) بوحيي (وَبِكَلامِي) من غير واسطة (فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ) أعطتك من الرسالة (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ولا تطلب ما لا طاقة لك به.
(وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ) ألواح التوراة وقيل الألواح قبل نزول التوراة وهي من خشب أو من جوهرة (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) هم إليه محتاجون في أمر دينهم (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ) تبيينًا لكل أمر ونهي حلال وحرام فنصبهما على المفعول له أي: للموعظة ولتبيين الحلال والحرام وقيل من كل شيء مفعول كتبنا وموعظة وتفصيلاً بدل منه (فَخُذْهَا) أي: فقلنا له خذ الألواخ (بِقُوَّةٍ) بجد وعزيمة (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) أي: التكليف عليك يا موسى أشد من التكليف على قومك قيل في الألواح ما هو أحسن كالصبر بالإضافة إلى الانتصار مثلاً فأمرهم على طريقة الندب