الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ): أوكدها أي: أقسموا قسمًا غليظًا (لَئِنْ جَاءَتهُمْ آيةٌ): كما لموسى وعيسى، (لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللهِ): لا عندي حتى آتيكم بها (وَمَا يُشْعِرُكُمْ) ابتداء كلام وليس في حيز (قل) و (ما) استفهام إنكار (أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ): تلك الآية التي طلبوها، (لَا يُؤْمِنُونَ) أي: لا تدرون أنهم لا يؤمنون والله يعلم ذلك، ولا ينزلها وقيل: لا مزيدة، وقيل: فيه حذف تقديره: ما يدريكم أنَّهم لا يؤمنون، أو يؤمنون وقيل: إن بمعنى لعل، ومن قرأ إنها بكسر الهمزة على أن الكلام قد تم قبله بمعنى وما يشعركم ما يكون منهم، ثم أخبرهم بما علم منهم فقال ذلك، والخطاب للمؤمنين أو للمشركين، ويؤيده قراءة التاء في " لا تؤمنون " نزلت حين قالوا: والله لئن تجعل لنا الصفا ذهبًا لنتبعنك أجمعين، (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ): عن الحق لو أنزلنا ما اقترحوا من الآيات فلا يفقهونه عطف على (لا يؤمنون) أو جملة على حيالها، (وَأَبْصَارَهُمْ): فلا يبصرونه، ولا يؤمنون بها، (كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ): بما أنزل من الآيات، (أَوَّلَ مَرَّةٍ): من انشقاق القمر وغيره، أو المراد كما لم يؤمنوا بما أنزلنا على موسى، وعيسى لقوله:" أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ "[القصص: 48]، وعن بعض السلف نقلبهما فلا يؤمنون لو ردوا من الآخرة إلى الدنيا كما لم يؤمنوا به أول مرة في الدنيا، (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ): في كفرهم، وضلالهم متحيرين.
* * *
(وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
(111)
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا
هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)
* * *
(وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ): فرأوهم عيانًا، (وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى): فشهدوا لك، (وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا): جمع قبيل بمعنى كفيل، أو بمعنى جماعات، أو هو مصدر بمعنى القابلة، وهو حال من (كل)، (مَا كَانوا لِيُؤْمِنوا): في حال، (إِلا أَنْ يشَاءَ اللهُ) أي: إلا حال مشيئته، فيبدل طبعهم لتمرنهم في الكفر وسبق القضاء
بشقاوتهم، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ): أنَّهم لو أتوا بكل آية لم يؤمنوا، فيقسمون جهد أيمانهم قيل: أو إن أكثر المسلمين يجهلون أنَّهم لا يؤمنون فيتمنون نزول آية طمعًا في إيمانهم، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا) أي: كما جعلنا لك عدوًّا جعلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا، (شَيَاطِينَ): مردة، (الْإِنسِ وَالْجِنِّ) بدل من (عَدُوًّا)، أو أحد مفعولي (جعلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ) ظرف (عَدُوًّا)، (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ): يوسوس ويلقى بعضهم بعضًا، (زُخْرُفَ الْقَوْلِ): أباطيله المزينة يغرونهم، (غُرُورًا) أو للغرور، يعني أن مردة الجن يوحون إلى مردة الإنس، ويغرونهم بالإضلال، وهذا هو الأصح، وقال بعضهم: معناه الشيطان الموكل بالجن يوحي، ويعلم الشيطان الموكل بالإنس أباطيل القول في إضلال المسلمين وبالعكس، (وَلَوْ شَاءَ ربُّكَ): ألا يكون لهم عدو، (مَا فَعَلُوهُ) أي: إيحاء الزخارف، (فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ): ولا تغتم أنت منهم، (وَلِتَصْغَى) أي: ولتميل، (إِلَيْهِ): إلى زخرف القول، (أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)، عطف على (غرورًا) إن جعلته مفعولاً له، وإلا فهو متعلق بمحذوف أي: وجعلنا لكل في عدوا لتصغى، أو تقديره: جعلنا ذلك لمصالح لا تحصى ولتصغى، (وَلِيَرْضَوْهُ): ليحبوه، (وَلِيَقْتَرِفُوا): ليكتسبوا، (مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ):
من الآثام، (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا) أي: قل أغير الله أطلب من يحكم بيني وبينكم، و (حكما) حال من غير الله، (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ): القرآن، (مُفَصَّلًا): بين وميز الحق والباطل، (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ): من اليهود والنصارى، (يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ)، لأن وصفه مذكور في كتبهم، (فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) في أنه من عند الله، وهذا من باب التحريض، والتهييج، قال تعالى:" فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ " الآية [يونس: 94]، وقد جاءت في الحديث أنه عليه السلام قال حين نزوله:" لا أشك ولا أسأل " أو المراد نهي الأمة، وقيل: معناه لا تكن من الشاكين في أنَّهم يعلمون ذلك، (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ): بلغت الغاية، وعداته وأقضيته، (صِدْقًا): فيما وعد،
(وَعَدْلًا): فيما حكم وهو إما حال أو تمييز، (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ): لا راد لقضائه، ولا مغير لحكمه، ولا خلف لوعده، (وَهُوَ السَّمِيعُ). لأقوالهم، (الْعَلِيمُ): لما في صدورهم، (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ): فإن أكثرهم على الضلال، (يُضِلوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ): الموصل إليه، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ): فإن دينهم ظن وهوى لم يأخذوه عن بصيرة، (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ): يكذبون على الله، (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ) أي: بمن يضل، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ): أعلم بالفريقين، (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)، أي: على ذبحه لا مما مات حتف أنفه، ولا مما ذكر عليه اسم غيره، (إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) فإن الإيمان يقتضي
استباحة ما أحله الله لا ما أحله الظن، والهوى، (وَمَا لَكُمْ): أيُّ غرضٍ لكم، (أَلَّا تَأْكلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) أي: منه وحده وتأكلوا من غيره، (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ): في " حرمت عليكم الميتة " الآية [المائدة: 3]، (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ)(ما) موصولة والاستثناء من ضمير حرم، أو (ما) مصدرية في معنى المدة أي: الأشياء التي حرمت عليكم إلا وقت الاضطرار إليها، (وَإِنْ كثِيرًا لَّيُضِلونَ): بتحليل الحرام وتحريم الحلال، (بِأَهْوَائِهِمْ): بتشهيهم، (بِغَيْرِ عِلْمٍ): غير متعلقين بدليل، (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ): المتجاوزين الحق إلى الباطل، (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ): معصية العلن والسر، (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ): يكسبون، (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الضمير لـ " ما " أو للأكل، وعند بعض السلف إن ذبيحة تركت التسمية عليها عمدًا أو سهوًا حرام، والآية دليلهم وعند بعض التسمية مستحبة، وقالوا: الآية فيما ذبح لغير الله، وقيل: الواو في (وإنه لفسق) حالية، والفسق: ما أهل لغير الله بدليل قوله: " أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ "، وقال بعض منهم المراد من الآية الميتة، وعند كثير من السلف: إن ترك التسمية نسيانًا لا يضر أما عمدًا، فالذبيحة حرام، (وَإِنَّ