الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فانكحوا (غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ) مجاهرات بالزنا (وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) أحباب يزنون بهن في السر، كانت العرب تحرم الأولى لا الثانية (فَإِذَا أُحْصِنَّ) بالتزوج، ومن قرأ بفتح الهمزة والصاد فمعناه: حفظن فروجهن أو أسلمن (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ) زنا (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ) الحرائر الأبكار (مِنَ الْعَذَابِ) من الحد، والجمهور على أن حد الأمة مزوجة أو بكرًا خمسون جلدة؛ ففائدة الشرط نفي ما يتوهم من تفاوت حالهن قبل التزوج وبعده كما في الحرائر وعند بعض السلف أنه لا حد على غير المحصنة منها بل تضرب تأديبًا (ذلِكَ) أي: نكاح الأمة (لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) أي: خاف الوقوع في الزنا، يعني: المشقة بغلبة الشهوة فلنكاح الأمة شرطان: عدم الطول وخوف العنت (وَأَنْ تَصْبِرُوا) عن نكاح الأمة مع العفاف (خَيْرٌ لَكُمْ) لئلا يصير الولد عبدًا (وَاللهُ غَفُورٌ) لمن لم يصب (رَحِيمٌ) بأن رخص.
* * *
(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(26)
وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ
أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)
* * *
(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) ما خفي من الشرائع عليكم. واللام زائدة، وأن يبين مفعول يريد (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) شرائعهم ومناهجهم المحمودة كملة إبراهيم (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) من المآثم والمحارم ويعفو عنكم (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمصالحكم (حَكِيمٌ) فيما قرر وقدر.
(وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) إن صدر عنكم تقصير (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ) الزناة أو اليهود والنصارى أو المجوس الذين يحلون نكاح
الأخت وبناتها أو أهل الباطل (أَنْ تَمِيلُوا) عن الحق (مَيْلاً عَظِيماً) على اتباع الشهوات.
(يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ) في شرائعه، ولهذا رخص لكم نكاح الأمة (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) فيناسبه التخفيف لضعفه في نفسه وضعف همته، أو في الصبر عن النساء فإنه يذهب عقله عندهن.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) بالحرام كالسرقة والقمار ونحوهما (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) لكن كون تجارة صادرة عن تراض بين المتبايعين غير منهى عنه؛ فالاستثناء منقطع، ومن قرأ تجارةً بالنصب تقديره: يكون التجارة تجارة، ومن قرأ بالرفع فيكون كان تامة (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) من كان من جنسكم من المؤمنين أو بإلقائها إلى التهلكة أو أراد قتل المسلم نفسه
كما يفعله بعض الجهلة، أو بارتكاب محارم الله (إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فما نهاكم عن مضاركم إلا من رحمته، أو حيث لم يكلفكم بقتل أنفسكم للتوبة كما كلف بني إسرائيل.
(وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ) ما سبق من المحرمات أو القتل (عُدْوَانًا وَظُلْمًا) تجاوزًا عن الحد ووضعًا للشيء في غير موضعه (فَسَوْفَ نصْلِيهِ نَاراً) ندخله إياها (وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا) لا عسر ولا صارف عنه.
(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ) كل ذنب فيه وعيد شديد (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) نمح عنكم سيئاتكم (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) وهو الجنة، فمحو الصغائر لمن أجتنب الكبائر وعد مقطوع به ومحوها لمن تعاطى الكبائر ليس كذلك بل فى مشيته وإرادته تعالى.
(وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ) نهى الله تعالى عن قولهم: ليت لي مال فلان وأهله، أو نزلت في أم سلمة حيث قالت: يغزو الرجال ولا نغزو، ولنا نصف الميراث، أو حين قالت امرأة: للرجل مثل حظ الأنثيين في الميراث وشهادة امرأتين برجل، أفنحن في الثواب هكذا، أو حين قال الرجال: نريد أن يكون لنا من الأجر ضعف النساء، وقالت النساء: نريد أجر الشهداء ولو كُتب علينا القتال لقاتلنا، أو حين قالت النساء عند نزول " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ": نحن أحوج فإنا ضعفاء لا نقدر على طلب المعاش (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا) من العمل (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) فاطلبوا الفضل بالعمل لا بالتمني، أو لهم نصيب من الجهاد ولهن من طاعة الأزواج وحفظ الفروج، والكل بعشر أمثالها (وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) أي: لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم فإنه أمر محتوم ولا يجدي تمنيه نفعًا ولكن سلوني من فضلي أعطكم (إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) فهو يعدم من يستحق شيئًا فيعطيه.
(وَلِكُلٍّ) منكم (جَعَلْنَا مَوَالِيَ) ورثة أو عصبة، والعرب تسمي ابن العم مولى (مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) مما متعلق بـ موالي لتضمنه معنى الفعل أي: ورثة مما ترك، يعني: يرث من تركتهم، أو معناه: لكل شيء مما تركوا من المال جعلنا موالي وراثًا يحرزونه (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) عهودكم يأخذ بعضهم بيد بعض على