الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا
(60)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا (70)
* * *
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) الطاغوت ههنا ما سوى كتاب الله وسنة رسوله من الباطل، نزلت في يهودي ومنافق اختصما فقال اليهودي: بيني وبينك محمد،
وقال المنافق بيننا كعب بن الأشرف، أو في جماعة من المنافقين أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية (وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ) بالطاغوت (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) لا يمكن لهم الرجوع إلى الحق أبدًا. (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ) حال كونهم (يَصُدُّونَ) يعرضون (عَنْكَ صُدُودًا فَكَيْفَ) يكون حالهم (إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) احتاجوا إليك في دفعها (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) بسبب شؤم ذنوهم (ثُمَّ جَاءوكَ) حين يصابون للعذر، عطف على إصابتهم (يَحْلِفُونَ) حال (بِاللهِ إِنْ أَرَدْنَا) ما أردنا من تحاكمنا إلى غيرك (إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) مداراة ومصانعة لا اعتقادًا منا تلك الحكومة، أو إحسانًا لخصومنا وتوفيقًا بين الخصمين لا مخالفتك، وبعضهم على أن الكلام تم عند قوله:" بما قدمت أيديهم " و " ثم جاؤك " عطف على " يصدون " وما بينهما اعتراض (أُولئِكَ الّذِينَ يَعْلمُ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ) من النفاق (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) فلا تعنفهم (وَعِظْهُم) وانصحهم بلسانك (وَقُل لهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ) سرًّا ليس معهم غيرهم (قَوْلاً بَلِيغًا) وقيل: في أنفسهم متعلق بليغًا أي: قل لهم قولاً بليغًا في أنفسهم مؤثرًا في قلوبهم (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ) فيما حكم لا ليطلب الحكم من غيره (بِإِذْنِ اللهِ) بسبب إذن الله في طاعته، فالإذن بمعنى الأمر والرضا، أو بتيسير الله وتوفيقه في طاعته، فالإذن بمعنى التوفيق (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بمثل التحاكم إلى غيرك (جَاءُوكَ) خبر إن، وإذ ظلموا متعلق به (فاسْتَغْفَرُوا اللهَ) بالإخلاص (وَاسْتَغْفَرَ
لَهُمُ الرَّسُولُ) عدل عن الخطاب تعظيمًا لشأن الرسول عليه الصلاة والسلام (لَوَجَدُوا اللهَ) صادفوه حال كونه (تَوَّاباً رحِيماً) أو لعلموه قابلاً لتوبتهم (فَلَا وَربكَ لَا يُؤْمِنُونَ) لا مزيدة لتأكيد القسم، أو معناه: فليس الأمر كما يزعمون أنَّهم آمنوا وهم يخالفون حكمك (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ) اختلف واختلط (بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا) ضيقًا أو شكًّا (مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا) إنقادوا لأمر رسوله (تَسْلِيمًا) نزلت حين خاصم الزيير رجلاً فقضى
رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير فقال الرجل: قضى له لأنه ابن عمته، أو اختصم رجلان فقضى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب فلما أتيا إليه قالا: قضى لنا رسول الله صلى الله عيه وسلم ثم جئنا إليك لتقضي بيننا، فقال عمر: مكانكما فخرج بالسيف وقتل من لم يرض بحكم رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن " (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) كما كتبنا على بني إسرائيل، وأن مصدرية (أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ) كما أمرناهم من ديار مصر (ما فَعَلوهُ) أي: المكتوب، أو الضمير لمصدر أحد الفعلين (إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) وهم
المخلصون، نزلت حين افتخر صحابي ويهودي فقال اليهودي: لقد كتب الله علينا القتل فقتلنا أنفسنا، فقال الصحابي: لو كتب الله علينا لقتلنا (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ) من مطاوعة النبي ومتابعته طوعًا (لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) في الدارين (وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) لإيمانهم وتصديقهم (وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا) كأنه قيل: ما يكون لهم بعد التثبيت، فقال: وَإِذًا والله لآتيناهم فإن إذا جواب وجزاء (وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطً مُّسْتَقِيماً) بسلوكه يصلون إلى الفلاح. (وَمَن يُطِع اللهَ وَالرَّسُولَ) في الفرائض والسنن (فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَئعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) نزلت حين قال بعض الصحابة: إني محزون، لأني لا أطيق فراقك يا محمد وإني إن دخلت الجنة أكون في منزلة دون منزلتك، وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبدا، وفي الحديث أن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها وينزل لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهون فهم في روضة يحبرون (وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفيقاً) الرفيق كالصديق يطلق على الواحد والجمع أو المراد كل واحد منهم ونصبه على التمييز أو الحال وهو كلام في معنى التعجب. (ذلِك) أي: ما أعطى المطيعين من مرافقة المنعم عليهم (الفَضْلُ مِنَ اللهِ) الأول صفة ذلك أو خبره والثاني خبره أو حال (وَكَفَى بِاللهِ عَلِيماً) بمن أطاع الله ورسوله فلا يضيع أجرهم.
* * *