الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تريدون، (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ): فأخبركم بكل ما تسألون، عطف على (عندي خزائن الله)، وقيل: على (لا أقول)، (وَلا أَقولُ لَكُمْ إِني مَلَكٌ): فأقدر على ما يقدر، (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) وحاصله لا أدعي ما تستبعده العقول؛ بل أدعي النبوة كما كان لكثير من البشر، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ): مثل للجاهل، والعالم أي: لا يستوي متبع الوحي ومن ضل، (أَفَلا تَتَفكَرونَ) أنه لا تستوي كقوله تعالى:(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى)[الرعد: 19].
* * *
(وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
(51)
وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53) وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)
(وَأَنذِرْ بِهِ): بالقرآن، (الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ): يخافون هول يوم الحشر لا من جزم استحالته، (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ): يتولَّى أمرهم، (وَلا شَفِيعٌ):
يشفع بغير إذنه إن أراد العذاب بهم، والجملة حال، (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ): عن كفرهم ومعصيتهم، (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ): لا تبعدهم عنك، (يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ): يصلون المكتوبات في ليلهم ونهارهم، أو صلاة الصبح، والعصر، أو يذكرون ربَّهم، (يُرِيدُون وَجْهَهُ) أي: يعبدونه حال كونهم مخلصين فيها، (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ)، (من) زيدت للاستغراق وهو فاعل عليك لاعتماده على النفي، ومن حسابهم حال من شيء، أو من شيء مبتدأ وما عليك خبره، والحال من ضمير في الخبر أي: من شيء من تبعة حسابهم ليست عليك، ولا تكلف أمرهم، (وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ): وليست تبعة حسابك عليهم، ولا يكلفون أمرك أو
معناه إنما حسابهم على الله ليس عليك كما أنه ليس عليهم من حسابك من شيء كقول نوح عليه السلام في جواب: (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) قال: (قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (112) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (113) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114)) [الشعراء: 111 - 113]، (فَتَطْرُدَهُمْ)، جواب النفي، (فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) جواب النهي نزلت في فقراء المؤمنين قال رؤساء قريش: يا محمد نَحِّ هؤلاء الأعبد عن مجلسك حتى نجالسك ونسمع كلامك، (وَكَذَلِكَ): مثل ذلك الفتن العظيمة (فَتَنَّا): ابتلينا، (بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا): رؤساء قريش قالوا في شأن فقراء المسلمين وضعفائهم: (أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِّن بَيْنِنَا) إنكارا لأن يخصهم الله بهداية ونعمة كما قالوا: " لو كان خيرًا ما سبقونا إليه "[الأحقاف: 11]، واللام للعاقبة للتعليل، (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ)؛ هذا جواب لقولهم أي: الله أعلم بمن يشكر الإيمان وطبعه مستقيم فيهديه، (وَإِذَا جَاءكَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا) هم فقراء الصحابة الذين في الله طردهم، (فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ): أكرمهم ببدء السلام عليهم، (كَتَبَ ربُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ): بشرهم بسعة رحمة الله، (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا): من قرأ (أَنَّهُ) بفتح الهمزة يكون بدلاً من الرحمة، ومن قرأها بكسرها فاستئناف، (بِجَهَالَةٍ) في موضع الحال أي: جاهلاً بما يورثه ذلك الذنب أو متلبسًا بفعل الجهالة، لأن ما يؤدي إلى الضرر لا يرتكبه سوى الجاهل قال بعض السلف: كل