الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
(102)
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)
* * *
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)، أصله وقاة فقلبت الواو تاء كتؤدة وتخمة، وهو أن يطاع ولا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، وكثير من
السلف قالوا: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: " فاتقوا الله ما استطعتم "(التغابن: 16)، وعن ابن عباس رضى الله عنهما: إنها لم تنسخ لكن حق تقاته أن يجاهد في سبيله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم، وأبنائهم، (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي لا تكونن على حال سوى الإسلام إذا أدرككم الموت فهو في الحقيقة أمر بدوام الإسلام، (وَاعْتَصِمُوا): واسمتمسكوا، (بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) أي: بدين الله أو بالجماعة أو بعهد الله أو بالقرآن، (وَلَا تَفَرَّقُوا) أمرهم أن يكونوا على الحق مجتمعين ثم نهاهم عن التفرقة كما افترق أهل الكتاب، (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ): التي من جملتها الإسلام والتألف، (إِذ كنتُمْ): أيها الأوس والخزرج (أَعْدَاءً): وقع بينكم القتال والخوف، (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) بالإسلام، (فَأَصْبَحتم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا): متحابين، (وَكنتُمْ): في الجاهلية (عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ): مشفين على الوقوع في جهنم لكفركم وشفا بمعنى الطرف، (فَأَنْقَذَكُمْ): أنجاكم (مِّنْهَا): بالإسلام، والضمير للشفا، أو للحفرة أو للنار، (كَذَلِكَ): مثل ذلك التبيين، (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) إرادة ثباتكم على الهدى.
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ)، من للتبعيض؛ لأن الأمر بالمعروف من فروض الكفايات وللمتصدى له شروط قال الضحاك: هم الصحابة، والمجاهدون، والعلماء، والخطاب للجميع؛ لأنه لو تركوه أثموا جميعًا أو للتبيبن كما ورد (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (أُمَّةٌ): جماعة، (يَدْعُونَ): الناس، (إِلَى
الخَيْرِ): اتباع القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله، (وَيَأْمرُونَ بِالمَعْروف وَيَنْهَوْنَ عَنِ الُمنكَرِ)، عطف الخاص على العام لشرفه؛ لأن الخير أعم، (وأُولَئِكَ هُم الُمفْلِحونَ) المخصوصون بكمال الفلاح، (وَلَا تَكونُوا كَالَّذِينَ
تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ): الحجج المبينة للحق كالأمم السابقة، (وأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ): وعيد لهم وتهديد للتشبه بهم، (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ): تَبْيَضُّ وجوه أهل السنة والجماعة وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ أهل البدعة أو المؤمنين والكافرين أو المخلصين والمنافقين، قيل: البياض والسواد كنايتان عن بهجة السرور وكآبة الحزن، والأصح أنهما علامتان حقيقيتان، والظرف لمتعلق لهم أو نصب بإضمار اذكر (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) فيقال لهم:(أَكَفَرتم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) يوم الميثاق أو هم المرتدون أو هم المنافقون تكلموا بالإيمان أو هم أهل الكتاب، والهمزة للتوبيخ، (فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ): بسبب كفركم.
(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللهِ): جنته عبر عنها بالرحمة إشارة إلى أنه لا ينالها من ينالها إلا برحمته، (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أخر ذكرهم ليكون أول الكلام وآخره صفة المؤمنين.