المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة الكوثر - تفسير القرآن العظيم - جزء عم

[عبد الملك بن قاسم]

الفصل: ‌تفسير سورة الكوثر

‌تفسير سورة الكوثر

بسم الله الرحمن الرحيم

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} .

سورة الكوثر سورة مكية؛ ذكر الله عز وجل فيها أن اختار محمدًا نبيًا ورسولاً واصطفاه على جميع خلقه، وجعل له المكانة العالية الرفيعة ولما قدم كعب بن الأشرف اليهودي إلى مكة، قالت قريش له: أنحن خير أم محمد؟ فقال: أنتم خير منه فأنزل الله في شأنه:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا *} [النساء: 51] ولما وصف العاص بن وائل النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أبتر أنزل الله في شأنه: {* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} ليعظم منزلة النبي، وأنه صاحب الرسالة والمكانة الرفيعة، وختمت السورة ببشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بخزي أعدائه ووصفت مبغضيه بالذلة والحقارة والانقطاع من كل خير في الدنيا والآخرة، بينما ذكر الرسول مرفوع على المنائر والمنابر، واسمه الشريف على كل لسان، خالد إلى آخر الدهر والزمان قال تعالى:

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم تكريمًا لمقامه الرفيع وتشريفًا أي: الله عز وجل تفضل عليك وأعطاك الخير الكثير الدائم في الدنيا والآخرة، ومن هذا الخير نهر الكوثر.

ص: 167

{الْكَوْثَرَ} هو الخير الكثير، ومنه نهر الكوثر في الجنة، جعله الله كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمته.

{فَصَلِّ لِرَبِّكَ} شكرًا لله على هذه النعمة العظيمة، وهذا العطاء الجزيل أن تصلي وتنحر لله، لا تصرف شيئًا منها لغيره سبحانه وتعالى.

{وَانْحَرْ} تقرب إليه بالنحر للإبل وغيرها، وخص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات.

{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} مبغضك، والشنآن هو البغض.

{هُوَ الْأَبْتَرُ} الأبتر: اسم تفضيل من بتر بمعنى قطع، يعني هو الأقطع، المنقطع من كل خير، والأبتر من الرجال الذي لا ولد له.

قال المفسرون: لما مات "القاسم" ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال العاصي بن وائل: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، أي لا نسل له، فإذا هلك انقطع ذكره فأنزل الله تعالى هذه السورة، وأخبر تعالى أن هذا الكافر هو الأبتر وإن كان له الأولاد، لأنه مبتور من رحمة الله، أي مقطوع عنها، ولأنه لا يذكر إلا ذكر باللعنة، بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذكره خالد إلى آخر الدهر، مرفوع على المآذن والمنابر، مقرون بذكر الله تعالى، والمؤمنون من زمانه إلى يوم القيامة أتباعه فهو كالوالد لهم، صلوات الله وسلامه عليه.

ص: 168