الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير سورة الفلق
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الفلق سورة مدنية؛ ذكر الله عز وجل فيها أن الإنسان في هذه الدنيا معرض للابتلاء والمصائب، وقد مر على النبي صلى الله عليه وسلم الشدائد والمخاطر في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، وهذه السورة والتي بعدها توجيه من الله سبحانه وتعالى للعياذ بكنفه واللياذ بحماه، وأن يستعيذوا بجلاله وسلطانه من كل مخوف، خافٍ وظاهر، مجهول ومعلوم، ومن ذلك أن اليهود سحروه صلى الله عليه وسلم فأنزل الله المعوذتين فقرأهما عليه الصلاة والسلام، حتى انحل عنه السحر، فكأنما نشط من عقال ليس به بأس قال تعالى:
{قُلْ أَعُوذُ} أي يا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته معنية بهذا الخطاب، ألتَجِئُ وأعتصم وألوذ.
{بِرَبِّ الْفَلَقِ} رب الفلق هو الله، والفلق الصبح، لأن الليل ينفق عنه.
{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} أي: أعوذ بالله من شر جميع المخلوقات: يشمل شياطين الإنس والجن والهوام غير ذلك.
{وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} وأعوذ به سبحانه من شر الليل إذا أقبل ودخل في كل شيء وأظلم، لأن الليل إذا أقبل فهو محل سلطان
الأرواح الشريرة الخبيثة، وفيه تنتشر الشياطين، وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن ما لا تتسلط بالنهار، وقيل: أن الغاسق هو القمر.
{إِذَا وَقَبَ} أي: أقبل.
{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} أي: وأعوذ به من شر النساء الساحرات، يعقدن الحبال وغيرها، وتنفث بقراءة مطلسمة فيها أسماء الشياطين على كل عقدة تعقد بقصد السحر.
{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ} الحاسد هو الذي يكره نعمة الله على غيره، مبغض للناس على ما وهبهم الله من نعم، يريد زوالها عنهم، ولا يرضى بما قسمه الله تعالى له.
{إِذَا حَسَدَ} ومن حسد الحاسد العين التي تصيب المُعان يكون هذا، وقد قيدها سبحانه بقوله:{إِذَا حَسَدَ} لأن الرجل قد يكون عنده حسد ولكن يخفيه، ولا يترتب عليه أذى بوجه ما، بل لا يجد في قلبه شيئًا من ذلك.
وجاء في الآية ذكر الحاسد دون العائن، لأنه أعم، فكل عائن حاسد ولا بد، وليس كل حاسد عائن، فإذا استعاذ من شر الحاسد دخل فيه العائن وهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته.
وهذا السور تضمنت الاستعاذة من أمور أربعة:
أحدهما: شر المخلوقات التي لها شر عمومًا.
الثاني: شر الغاسق إذا وقب.
الثالث: شر النفاثات في العقد.
الرابع: شر الحاسد إذا حسد.
فتضمنت الاستعاذة من هذه الشرور كلها بأوجز لفظ وأجمعه، وأدله على المراد، وأعمه استعاذة، بحيث لم يبق شر من الشرور، إلا دخل تحت الشر المستعاذ منه فيهما.