الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{العزة}
574 -
(276) ثبت ذكر العزة في أثناء حديث أبي هريرة الطويل في ذكر الرؤية:
وفيه ذكر الصراط وجواز الناس عليه، ثم ذكر عتقاء الرحمن الموحدين الذين يخرجهم من النار برحمته ثم قال صلى الله عليه وسلم:{ثم يفرغُ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة، فيقول: أي رب اصرف وجهي عن النار؛ فإنه قد قشبني ريحُها، وأحرقني ذَكاؤها، فيدعو الله بما شاء أن يدعوه، ثم يقول الله: هل عسيت إن أُعطيت ذلك أن تسألني غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره. ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب قدمني إلى باب الجنة، فيقول الله له: ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لاتسألني غير الذي أُعطيت أبداً؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك، فيقول: أي رب، ويدعو الله حتى يقول: هل عسيت إن أعطيتَ ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره. ثم يقول نحو ما سبق، ثم قال صلى الله عليه وسلم: فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه فإذا ضحك منه قال له: ادخل الجنة فإذا دخلها قال الله: له تمنه فسأل ربه وتمنى حتى إن الله ليذكره يقول: كذا وكذا حتى انقطعت به الأماني قال الله: ذلك لك ومثله معه} وفيه: أن أبا سعيد يرويه بلفظ: {ذلك لك وعشرة أمثاله} ثم ختمه أبو هريرة بقوله صلى الله عليه وسلم: {فذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولاً الجنة} رواه البخاري واللفظ له، ومسلم وفيه اختلاف يسير في حروف منه ولم يذكر في المرة الأولى قوله:{وعزتك} وذكرها في الثانية، وفي رواية عند البخاري ذكر القسم في الأولى دون الثانية.
التخريج:
خ: كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} (9/ 156 - 158)(الفتح 13/ 419، 420) وفيه اللفظ المذكور.
ورواه بأخصر منه في كتاب الرقاق: باب الصراط جسر جهنم (8/ 146، 147)(الفتح 11/ 444 ـ 446)
كتاب الأذان: باب فضل السجود (1/ 204، 205)(الفتح 2/ 292).
م: كتاب الإيمان: إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة (3/ 22 - 25).
شرح غريبه:
قشبني ريحها: أي سمّني، وكل مسموم قشيب ومُقشب (النهاية/قشب/4/ 64) ويقال قشبه الدخان: إذا ملأ خياشيمه، وأصل القشب: خلط السم بالطعام يقال: قشبه إذا سَّمه (غريب الحديث للخطابي 2/ 109). قال القاضي عياض: وهذا أبين في معنى الحديث أو يقال: المعنى أهلكني أو غير جلدي وصورتي وأحرقني (شرح الأبي 1/ 340).
أحرقني ذكاؤها: الذكاء شدة وهج النار، يقال ذكيت النار إذا أتممت إشعالها ورفعتها، وذكت النار تذكو ذكاً: أي اشتعلت وقيل هما لغتان (النهاية/ذكا/2/ 165).
الفوائد:
(1)
تأنيس الله تعالى وإلطافه بعبده فإن هذا الكلام في مثل هذا المقام كالتمكين له من زيادة الإدلال والتوسيع عليه في المبالغة في السؤال، وفيه جواز نقض العهد بما هو أفضل (شرح الكرماني 23/ 62، 63).
(2)
مبادرة الرجل بالحلف من غير استحلاف لما وقع له من الفرح بقضاء حاجته فوطن نفسه على أن لايطلب مزيداً وأكد بالحلف (الفتح 11/ 460).
(3)
فضل الدعاء وقوة الرجاء في إجابة الدعوة ولو لم يكن الداعي أهلاً لذلك في ظاهر الحكم ولكن فضل الله واسع (الفتح 11/ 462).
(4)
في المحاورة بين رب العالمين وبين هذا الرجل الذي هو أدنى أهل الجنة منزلة إثبات الكلام لله تعالى، وفيه ضعف العبد وقصر نظره، وغنى الرب تعالى وكمال حلمه وعلمه وحكمته ورحمته (شرح التوحيد 2/ 103).
(5)
إثبات ضحك ربنا جل ثناؤه، ولا يشبّه ضحكه بضحك المخلوقين بل نؤمن بأنه يضحك كما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم ونسكت عن صفة ضحكه جل وعلا إذ الله عز وجل استأثر بصفة ضحكه لم يطلعنا على ذلك (التوحيد لابن خزيمة 2/ 563).
(6)
جمع القاضي عياض بين حديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما بأنه صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه بما في حديث أبي هريرة فحدث به، ثم أوحى إليه بما في حديث أبي سعيد فسمعه أبو سعيد ولم يسمعه أبو هريرة أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أُعلم أولاً بما في حديث أبي هريرة، ثم تكرم الله تعالى فزاده. (شرح الأبي 1/ 341)، (شرح النووي 3/ 24، 26)
وقيل إنه لاتضاد بينهما؛ لأن العرب قد تذكر العدد للشيء ذي الأجزاء والشعب لاتريد نفياً لما زاد على ذلك العدد فقد قاله صلى الله عليه وسلم ابتداءً {مَثل الدنيا
…
} ثم زاد حتى بلغ: {عشرة أمثالها} وهذا من عظيم رحمته سبحانه وتعالى (التوحيد لابن خزيمة 2/ 568، 569)، (شرح النووي 3/ 24)
575 -
(277) حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {بينا أيوب يغتسل عُرياناً فخرّ عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحتثي في ثوبه فناداه ربه: يا أيوب ألم اكن أغنيتك عما ترى؟
قال: بلى وعزتك، ولكن لاغنى بي عن بركتك} رواه البخاري، ورواه بدون لفظ العزة ففيه:{بلى يارب} وكذا رواه النسائي وفيه {بركاتك} .
التخريج:
خ: كتاب الغسل: باب من اغتسل عرياناً وحده في الخلوة، ومن تستر فالتستر أفضل (1/ 78) (الفتح 1/ 387) والحديث في هذا الموضع معطوف على حديث قبله وليس معلقاً صرح بذلك ابن حجر (الفتح 1/ 387) انظر:(تغليق التعليق 1/ 163)
وعلقه البخاري مختصراً في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وهو العزيز الحكيم} (9/ 143)(الفتح 13/ 368)
وفي كتاب الإيمان والنذور: باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه (8/ 168)(الفتح 11/ 545) والروايات الأخرى الموصولة في:
كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} (9/ 175)(الفتح 13/ 464).
كتاب الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين} (4/ 184)(الفتح 6/ 420).
س: كتاب الغسل والتيمم: باب الاستتار عند الاغتسال (1/ 201).
شرح غريبه:
يحتثي: يفتعل من الحثي أي يأخذ بيده ويرميه (مجمع بحار االأنوار/حثا 1/ 449)
قوله في رواية: {رجل جراد} معناه الجراد الكثير (النهاية/رجل/2/ 203).
الفوائد:
(1)
استدل البخاري على جواز الاغتسال عرياناً بهذه القصة حيث إن الله تعالى عاتب أيوب على السلام على جمع الجراد، ولم يعاتبه على الاغتسال عرياناً فدل على جوازه (شرح الكرماني 3/ 142).
(2)
جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حق من وثق من نفسه بالشكر عليه، وتسمية المال الذي يكون من هذه الجهة بركة (الفتح 6/ 421) وما جبل عليه الإنسان من حب المال فقد أعطى الله أيوب من المال قبل هذا ما فيه غناه لكنه قال لاغنى بي عن بركتك وسماه بركة؛ لأنه أرسل عليه بدون صنع آدمي أوكدِّه، بل هو من عند الله سبحانه وتعالى (شرح التوحيد 2/ 354).
(3)
جواز الحلف بأسماء الله وصفاته ووجهه: أن أيوب عليه السلام لايحلف إلا بالله، وقد ذكر
النبي صلى الله عليه وسلم عنه ذلك وأقره (الفتح 11/ 546).
(4)
أن هذا الذهب أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم على صورة الجراد جزاء صبره على البلاء ورضاه بما قدره الله (شرح التوحيد 2/ 354).
(5)
نداء الله لأيوب يجوز أن يكون بواسطة ملك، أو بدون واسطة على ظاهره؛ لأنه تجرد من قرينة تعين ذلك (الفتح 6/ 421)(شرح التوحيد 2/ 354).
جمعت بعض الأحاديث بين صفتي {العز، والكبرياء} :
576 -
(278) وقد ثبت في ذلك حديث أبي سعيد، وأبي هريرة معاً رضي الله عنهما:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته} رواه مسلم. ورواه أبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار} واللفظ لأبي داود وعند ابن ماجه: {ألقيته في جهنم} .
577 -
وفيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقد جمع بين صفتي الكبرياء والعظمة:
حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يقول الله سبحانه: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في النار} رواه ابن ماجه.
التخريج:
م: كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم الكبر (16/ 173).
د: كتاب اللباس: باب ما جاء في إسبال الازار (4/ 58) وفي نسخة (مختصر د 6/ 53) باب بعد هذا الباب هو باب ما جاء في الكبر.
جه: كتاب الزهد: باب البراءة من الكبر والتواضع (2/ 1397، 1398) وفي (الزوائد/542) إسناد حديث ابن عباس رجاله ثقات إلا أن عطاء بن السائب اختلط بآخره ولم يعرف حال عبد الرحمن بن محمد المحاربي هل روى عنه قبل الاختلاط أو بعده. (مصباح الزجاجة 4/ 229) واستشهد له بحديث مسلم.
شرح غريبه:
الإزار: الثوب الذي يشد على الوسط والرداء الذي يمد على الكتفين (شرح الأبي 7/ 60) قوله الإزار والرداء جاء على عادة العرب وهم يقولون: فلان شعاره الزهد والورع ودثاره التقوى، ولايريدون بذلك الثوب الذي هو شعاره ودثاره وإنما يريدون أنه صفته ونعته؛ ذلك أن الرداء والازار يلصقان بالإنسان ويلزمانه بجملته، وفيهما ستر له وجمال فضرب ذلك مثلاً لكون العز والكبرياء بالباري تعالى أحق وله ألزم وأوجب واقتضاء جلاله لهما آكد (المعلم 3/ 172، 173) وانظر: (شرح د 6/ 53، 54).
نازعني: المنازعة المجاذبة في المعاني والأعيان (النهاية/نزع/5/ 41) أي تخلق بذلك فيصير في معنى المشارك (العون 11/ 150).
الفوائد:
(1)
أن كبرياء الله سبحانه تستولي في القلوب على كبرياء ما سواه، ويكون له الشرف على كل شرف (مجموع الفتاوى 24/ 230).
(2)
أن العلو والكبرياء والعظمة هذه الصفات وإن كانت متقاربة بل متلازمة فبينها فروق لطيفة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى: {العظمة إزاري
…
} فجعل الكبرياء بمنزلة الرداء وهو أعلى من الإزار فالكبرياء يتضمن العظمة، ولكن الكبرياء أكمل فجعل العظمة كالإزار والكبرياء كالرداء ومعلوم أن الرداء أشرف (مجموع الفتاوى 10/ 253، 16/ 112).
(3)
أن العز والعظمة والكبرياء من أوصاف الله تعالى الخاصة به التي لاتنبغي لغيره وفيه وعيد شديد وتهديد أكيد في الكبر يصرح بتحريمه (شرح النووي 16/ 173، 174)(البذل 16/ 421).
578 -
ورد فيها حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قال أبو داود رحمه الله تعالى: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد.
وقال الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا أبو كريب حدثنا عبدة بن سليمان.
وقال النسائي رحمه الله تعالى: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا الفضل بن موسى.
ثلاثتهم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
وعند النسائي بنحو لفظ الترمذي مع اختلاف يسير.
التخريج:
د: كتاب السنة: باب في خلق الجنة والنار (4/ 236، 237).
ت: كتاب صفة الجنة: باب ما جاء حُفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات (4/ 693، 694).
س: كتاب الأيمان والنذور: الحلف بعزة الله تعالى (7/ 3، 4).
ورواه أحمد في (المسند 2/ 354)
وابن حبان في (صحيحه 16/ 406)
والحاكم في (المستدرك 1/ 26، 27)
ثلاثتهم من طريق حماد بن سلمة به.
ورواه هناد في (الزهد 1/ 170) عن عبدة بن سليمان به.
ورواه الآجري في (الشريعة /389) من طريق إسحاق بن إبراهيم به.
وأحمد في (المسند 2/ 332، 333)
وأبو يعلى في (المسند 10/ 345)
والآجري في (الشريعة /390)
والبيهقي في (الشعب 1/ 347، 348)
والحاكم في (المستدرك 1/ 26)
والبيهقي في (الأسماء والصفات 1/ 332، 333)
والبغوي في (شرح السنة 14/ 307)
وابن عبد البر في (التمهيد 5/ 9، 10)
كلهم من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة به.
وقد ثبت في الصحيحين جزء من الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم: {حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره} :
(خ: كتاب الرقاق: باب حجبت النار بالشهوات / الفتح 11/ 320) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(م: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها /17/ 165) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت وحميد عن أنس بلفظ: {حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات} ثم من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه.
دراسة الإسناد:
الطريق الأول: رجال إسناده عند أبي داود:
(1)
موسى بن إسماعيل: هو الْمِنقري، تقدم، أبو سلمة التبوذكي، وهو ثقة ثبت. (راجع ص 547)
(2)
حماد: هو ابن سلمة، تقدم، وهو ثقة وتغير حفظه بأخرة. (راجع ص 423)
(3)
محمد بن عمرو: هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني:
مختلف فيه:
وثقه ابن المديني، وابن معين في رواية، وقال ابن المبارك: ليس به بأس، وقال شعبة: هو أحب إلى من يحيى بن سعيد الأنصاري، فقال ابن عبد البر: وحسبك بهذا القول من شعبة مع انتقاده للرجال، ويحيى من الأئمة، ووثقه النسائي في موضع، وفي آخر: ليس به بأس.
وضعفه آخرون: قال ابن سعد: يستضعف. وضعفه يحيى بن سعيد: قال ابن المديني: كان يحيى يضعفه بعض الضعف، وقال: سألته عنه فقال: تريد العفو أو تشدد؟ قلت: بل أشدد، فقال: ليس هو ممن تريد كان يقول حدثنا أشياخنا أبو سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، وقال: وسألت مالكا عنه فقال: نحو هذا، وفُسِّر هذا بأنه أراد أنه يدلس ويجمع الشيوخ، وقال في رواية: رجل صالح ليس بأحفظ الناس للحديث. وقال أحمد: مضطرب الحديث، وقدّم عليه العلاء، وسهيل بن أبي صالح، وقدمه على عمر بن أبي سلمة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث يكتب حديثه، وهو شيخ. وقال يعقوب بن شيبة: هو وسط، وإلى الضعف ماهو. وقال ابن معين في رواية: لم يكونوا يكتبون أحاديثه حتى اشتهاها أصحاب الإسناد. وقال الجوزجاني: ليس بقوي الحديث، ويُشتهى حديثه. وقال ابن عدي: له حديث صالح، وحدث عنه جماعة من الثقات كل واحد ينفرد عنه بنسخة ويغرب بعضهم على بعض، وروى عنه مالك في الموطأ وغيره، وأرجو أنه لا بأس به.
وقد أخذ عليه أمران:
أولهما: كثرة الخطأ، والمخالفة: قال ابن حبان: كان يخطئ، وقال أحمد: ربما رفع أحاديث يوقفها غيره وهذا منه، وقال: ربما رفع بعض الحديث وربما قصر به، وقال ابن معين: ومَنْ يروي مثل الزهري ويحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر، إذا روى هؤلاء هذه الأحاديث وروى محمد عن أبي سلمة فخالفهم كان القول قول الزهري ويحيى؛ لأنهما أثبت منه. وقال ابن عبد البر: كان يخالف في أحاديثه، فإذا خالفه في أبي سلمة الزهري ويحيى بن أبي كثير فالقول قولهما عند أهل العلم بالحديث.
وثانيهما: الأوهام: قال ابن معين: ما زال الناس يتقون حديثه لأنه كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي هريرة. وقال الترمذي: ضُعّف من قبل حفظه؛ لوهمه في بعض ماروى. قال ابن عبد البر: هو ثقة محدث، روى عنه الأئمة ووثقوه، ولا مقال فيه إلا أنه يخالف في أحاديثه، ولايجري مجرى الزهري وشبهه، وما روى مالك عنه حكماً، وإنما استغنى عنه في الأحكام بالزهري ومثله، وهو عنده في عداد الشيوخ الثقات. وقال الذهبي في المغني والميزان: حسن الحديث، وفي السّيرَ: صدوق، صاحب أبي سلمة وراويته حديثه في عداد الحسن.
وقال ابن حجر في الهدي: من شيوخ مالك، صدوق، تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، أخرج له البخاري مقروناً، وتعليقاً، ومسلم متابعة.
وقال في التقريب: صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة 145 هـ على الصحيح (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (9/ 363)، العلل لأحمد (2/ 500)، العلل للإمام أحمد برواية المروذي (62، 63، 84، 85، 229)، سؤالات أبي داود لأحمد (206، 207)، بحر الدم (330)، سؤالات محمد ابن عثمان لابن المديني (94)، التاريخ لابن معين (3/ 226)، من كلام أبي زكريا (34)، سؤالات ابن الجنيد (449)، التاريخ الكبير (1/ 191، 192)، الجرح والتعديل (8/ 30، 31)، العلل الصغير آخر سنن الترمذي (5/ 744)، الثقات لابن حبان (7/ 377)، الشجرة (243)، الكامل (6/ 2229، 2230)، الضعفاء للعقيلي (4/ 109، 110)، التمهيد (13/ 46 - 48)، تهذيب الكمال (26/ 212 - 218)، الميزان (3/ 673)، المغني (2/ 621)، السّيرَ (6/ 136، 137)، الكاشف (2/ 207)، التهذيب (9/ 375 - 377)، الهدي (441)، التقريب (499).
(4)
أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 1287)
الطريق الثاني: رجال إسناده عند الترمذي:
وهو متفق مع أبي داود في محمد بن عمرو ومن فوقه:
(1)
أبو كريب: هو محمد بن العلاء، تقدم مراراً، وهو ثقة حافظ. (راجع ص 229)
(2)
عبدة بن سليمان: تقدم، وهو ثقة ثبت. (راجع ص 476)
الطريق الثالث: رجال إسناده عند النسائي:
ويتفق مع أبي داود في محمد ومن فوقه:
(1)
إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلد: الحنظلي المروزي، أبو محمد، أو أبو يعقوب بن راهويه ـ لقب بذلك لأنه ولد في الطريق فقال المراوزة راهوي، وكان أبوه يكره ذلك ـ قال أحمد: لا أعلم له بالعراق نظيراً، وقال: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثله وإن كان يخالفنا في أشياء فإن الناس لم تزل يخالف بعضهم بعضاً، وحين سئل عنه قال: مَنْ مثله، مثله يسأل عنه ! ! إمام من أئمة المسلمين، وقال: إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين بحديث فتمسك به. وقال نعيم بن حماد: إذا رأيت الخراساني يتكلم فيه فاتهمه في دينه. وقال وهب بن جرير: جزاه الله عن الإسلام خيراً، ممن أحيوا السنة بأرض المشرق. وقال قتيبة، وأبو حاتم: إمام من أئمة المسلمين.
كان حافظاً: وقد قال: كنت لاأسمع شيئاً إلا حفظته وكأني أنظر إلى سبعين ألف حديث أو أكثر في كتبي، وقال: أحفظها كأنها نصب عيني، وأذاكر بمائة ألف، وأحفظ أربعة الآف مزورة حتى إذا مر بي منها حديث في الصحيح فليته منها فلياً. وقال أبو حاتم: والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط مع مارزق من الحفظ وتعجب أيضاً من إملائه التفسير عن ظهر قلبه فقال: وهذا أعجب فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط ألفاظ التفسير وأسانيدها. قال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ منه. وقال النسائي: ثقة مأمون، وقال ابن خزيمة: والله لو كان في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه. قال ابن حبان: من سادات زمانه فقهاً وعلماً وحفظاً ونظراً ممن صنف الكتب، وفرع السنن وذب عنها، وقمع من خالفها.
وما أخذ عليه إلا ما ورد من تغيره: قال أبو داود: تغير قبل موته بخمسة أشهر، وسمعت منه في تلك الأيام ورميت به.
قال ابن حجر: ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، مات سنة 238 هـ (خ م د ت س).
ترجمته في:
بحر الدم (63، 64)، التاريخ الكبير (1/ 379، 380)، الجرح والتعديل (2/ 209، 210)، الثقات لابن حبان (8/ 115، 116)، تاريخ بغداد (6/ 346 - 355)، تهذيب الكمال (2/ 373 - 388)، الكواكب النيرات (81 - 91)، الميزان (1/ 182، 183)، الكاشف (1/ 233)، نهاية الاغتباط (49 - 52)، التهذيب (1/ 216 - 219)، التقريب (99).
(2)
الفضل بن موسى: هو السيناني، تقدم، وهو ثقة ثبت ربما أغرب. (راجع ص 523)
درجة الحديث:
رجال الإسناد في الطرق الثلاثة كلهم ثقات سوى محمد بن عمرو وهو حسن الحديث، فالحديث حسن إن شاء الله.
وقد قال الترمذي: حسن صحيح. ولعله قوّاه بالرواية المختصرة في الصحيحين؛ فقد قال ابن حجر في (الفتح 11/ 320): الحديث يفسر رواية الأعرج في الصحيحين.
ونقل المنذري في (مختصر د 7/ 134) قول الترمذي ولم يتعقبه.
والحديث صححه الحاكم في (المستدرك 1/ 26) على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وصحح ابن كثير إسناد أحمد في (النهاية 2/ 299).
وجوّد الألباني إسناد الحديث في تعليقه على (القائد إلى تصحيح العقائد/9)، وصححه في (صحيح الجامع 2/ 925، 926)، وقال في (صحيح ت 2/ 318)، وفي (صحيح س 2/ 297): حسن صحيح.
وكذا قال الأرناؤوط في تعليقه على (جامع الأصول 10/ 521).
شرح غريبه:
حفت: حف بالشيء: أحدق به وصار في جوانبه (المشارق/حفف/ 1/ 208) والمعنى: أنه لايوصل إلى الجنة إلا بارتكاب المكاره، ولايوصل إلى النار إلا بارتكاب الشهوات المحرمة (مجمع بحار الأنوار/حفف/1/ 540) والنار لايقصدها مرتكب الشهوة لكنه يقع فيها بالتسبب (العارضة 10/ 34) وهذا من بديع الكلام وفصيحه وجوامعه التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم فالجنة لايوصل إليها إلا بارتكاب المكاره، ويدخل فيها الاجتهاد في العبادات والمواظبة عليها والصبر على مشاقها مع الصبر عن الشهوات، أما النار فمحاطة بالشهوات المحرمة (شرح النووي 17/ 165)، (الفتح 11/ 320، 321).
الفوائد:
(1)
أن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما لاتبيدان كما تبيد الدنيا، ومعلوم أن الدنيا إذا انقرضت بقيام الساعة جاءت الآخرة، والآخرة غير خالية من الجنة والنار؛ لأن الجنة رحمة الله تعالى، والنار عذابه يصيب به من يشاء من عباده (التمهيد 5/ 9).
(2)
أن كل ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم مصلحته راجحة على مفسدته، ومنفعته راجحة على المضرة، وكراهية النفوس له بمنزلة من يشرب الدواء الكريه لتحصل له العافية، فإن
مصلحة حصول العافية له راجحة على ألم شرب الدواء (مجموع الفتاوى 24/ 278، 279)، ومن ذلك تحمل المكروهات لنيل الجنة بإذن الله تعالى.
(3)
الحلف بصفة من صفات الله تعالى وهي عزته سبحانه، ولم يحنث جبريل عليه السلام بيمينه هذا فإن المعنى أن مقتضى مافي الجنة من الخير والنعمة أن لايتركها أحد سمع بها، ولايستغني عنها أحد بغيرها وهذا فيه مدحها ومدح ما أعد فيها، وتعظيمها، وتعظيم ما فيها إذ هي دار لاتساويها دار، ويحتمل أن المراد لايسمع بها أحد إلا دخلها إن بقيت على هذه الحالة، وعكسه في جهنم (حاشية السندي على النسائي 7/ 3).
579 -
ورد فيها حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قال الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا أبو كريب حدثنا عبد الله بن نمير.
وقال ابن ماجه رحمه الله تعالى: حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع.
كلاهما عن سعدان القمي (1) عن أبي مجاهد عن أبي مُدِلَّة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لاترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنكِ ولوبعد حين} هذا لفظ الترمذي.
وفي إسناد ابن ماجه: عن سعدان الجهني عن سعد أبي مجاهد الطائي ـ وكان ثقة ـ عن أبي مُدلَّة ـ وكان ثقة ـ وقدّم {الإمام العادل} ، وفيه {بعزتي
…
}.
ورواه الترمذي في آخر حديث فقال: حدثنا أبو كريب حدثنا محمد بن فضيل عن حمزة الزيات عن زياد الطائي عن أبي هريرة قال: قلنا يارسول الله مالنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا، زهدنا في الدنيا
…
وفي آخره قوله صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لاترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتُفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنكِ ولو بعد حين} .
التخريج:
ت: كتاب الدعوات: باب في العفو والعافية (5/ 578) وفيه اللفظ الأول.
كتاب صفة الجنة: باب ما جاء في صفة الجنة ونعيمها (4/ 672، 673).
جه: كتاب الصيام: باب في الصائم لاترد دعوته (1/ 557).
ورواه أحمد في (المسند 2/ 445) عن وكيع.
ومن طريقه المزي في (تهذيب الكمال 34/ 269، 270)
ورواه البغوي في (شرح السنة 5/ 196) من طريق سعدان.
ورواه أحمد في (المسند 2/ 304، 305) مطولاً.
والطيالسي في (المسند /337)
ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 3/ 345، 10/ 88)
(1)(هكذا في المجردة بالقاف والميم، وقال المباركفوري في (تحفة الأحوذي 10/ 56): كذا في النسخ الحاضرة، وفي (تحفة
…
الأشراف 11/ 90) القبي ـ بالموحدة ـ وهذا الثابت في كتب الرجال والله أعلم.
ورواه ابن حبان في (صحيحه 16/ 396، 397)
والطبراني في (الدعاء 3/ 1414)
ومن طريقه ابن حجر في أماليه ذكره في (الفتوحات الربانية 4/ 338)
ستتهم من طريق زهير بن معاوية عن سعد أبي مجاهد به
ورواه ابن خزيمة في (صحيحه 3/ 199) من طريق سعد أبي مجاهد به.
ورواه البيهقي في (الكبرى 8/ 162) من طريق أبي خيثمة عن سعد مختصراً بدون ذكر الشاهد.
ورواه ابن المبارك في (الزهد /380، 381) عن حمزة الزيات عن سعد الطائي عن رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ورواه ابن أبي شيبة في (المصنف 3/ 6، 7) عن وكيع عن سعدان به مقتصراً على قوله: {الصائم لا ترد دعوته} .
ومن طريقه أخرجه الطبراني في (الدعاء 3/ 1416، 1417) مقتصراً على قوله: {الإمام العادل لاترد دعوته} .
وللحديث شاهد من رواية خزيمة بن ثابت رضي الله عنه:
رواه الطبراني في (الكبير 4/ 84)، وفي (الدعاء 3/ 1414، 1415)
والدولابي في (الكنى 2/ 123)
والديلمي في (الفردوس 1/ 94)
والبخاري في (التاريخ الكبير 1/ 186)
خمستهم من طريق خزيمة بن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه عن جده خزيمة عن النبي
صلى الله عليه وسلم بلفظ: {اتقوا دعوة المظلوم فإنها تُحمل على الغمام، يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين} واقتصر البخاري كعادته على أول الحديث.
دراسة الإسناد:
الطريق الأول: رجال إسناده عند الترمذي:
(1)
أبو كريب: هو محمد بن العلاء، تقدم، وهو ثقة حافظ. (راجع ص 229)
(2)
عبد الله بن نمير: تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 778)
(3)
سعدان: هو ابن بشر، ويقال: بشير الجهني، القُبِّي ـ بضم القاف وتشديد الموحدة وكسرها، نسبة إلى قُبّ بطن من مراد، أو إلى القبة موضع بالكوفة ـ الكوفي، قيل اسمه: سعد، وسعدان لقب. قال ابن المديني: لابأس به. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال الذهبي في الكاشف: صالح الحديث.
وقال ابن حجر: صدوق، من الثامنة، له عند البخاري حديث واحد بمتابعة إسرائيل كلاهما عن سعد بن مجاهد الطائي (خ ت جه).
ترجمته في:
التاريخ الكبير (4/ 196)، الجرح والتعديل (4/ 289)، الثقات لابن حبان (8/ 305)، الأنساب (4/ 447)، تهذيب الكمال (10/ 321)، الميزان (2/ 119)، المغني (1/ 253)، الكاشف (1/ 431)، الهدي (405)، التهذيب (3/ 487)، التقريب (233).
(4)
أبو مجاهد: هو سعد الطائي الكوفي. قال أحمد: لابأس به. وقال البخاري: سمع أبا مُدلّة. وفي إسناد ابن ماجه ذكر توثيقه فحمله المزي على أنه من قول وكيع، وقال سبط ابن العجمي: الظاهر أنه من الراوي عنه وهو سعدان الجهني. ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي: وثّق.
وقال ابن حجر: لابأس به، من السادسة (خ د ت جه).
ترجمته في:
التاريخ الكبير (4/ 65)، الجرح والتعديل (4/ 99)، الثقات لابن حبان (6/ 379)، تهذيب الكمال (10/ 317، 318)، الكاشف (1/ 431)، التهذيب (3/ 485، 12/ 222)، التقريب (232) ولم يذكره في الهدي.
(5)
أبو مُدِلّة: ـ بضم الميم وكسر المهملة وتشديد اللام ـ مولى عائشة رضي الله عنها، مدني. وقال الآجري: كوفي. جزم ابن حبان في الثقات أن اسمه: عبيد الله بن عبد الله، وقال غيره: هو أخو أبي الحباب سعيد ابن يسار. وقال ابن المديني: لايعرف اسمه، مجهول لم يرو عنه غير أبي مجاهد، وقال الترمذي: إنما نعرفه بهذا الحديث. وثقه ابن حبان.
وقال الذهبي في الميزان: لايكاد يعرف، وفي الكاشف: وثّق.
وقال ابن حجر: مقبول، من الثالثة (ت جه).
ترجمته في:
التاريخ الكبير (الكنى /74)، سنن الترمذي (5/ 578) سؤالات الآجري أبا داود (3/ 216)، الثقات لابن حبان (5/ 72)، صحيح ابن حبان (8/ 216)، تهذيب الكمال (34/ 269، 270)، الميزان (4/ 571)، الكاشف (2/ 458)، التهذيب (12/ 227)، التقريب (671) وفيه رمز (د) بدل (ت) والصواب من نسخة أبي الأشبال (1202).
الطريق الثاني: رجال إسناده عند ابن ماجه:
وهو متفق مع الترمذي في سعدان ومن فوقه:
(1)
علي بن محمد: هو الطنافسي، تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 199)
(2)
وكيع: تقدم، وهو ثقة حافظ. (راجع ص 211)
الطريق الثالث: رجال إسناد عند الترمذي:
وهو متفق مع الطريق الأول في شيخ الترمذي:
(1)
محمد بن فضيل: تقدم، هو ابن غزوان الضبي، وهو صدوق رمي بالتشيع. (راجع ص 640)
(2)
حمزة الزيات: تقدم، وهو صدوق ربما وهم. (راجع ص 519)
(3)
زياد الطائي: تفرد عنه حمزة الزيات. قال الذهبي في المغني والميزان: لايعرف، ليَّن الترمذي حديثه، وفي الكاشف: واهٍ.
وقال ابن حجر: مجهول أرسل عن أبي هريرة، من السادسة (ت).
ترجمته في:
تهذيب الكمال (9/ 527)، الميزان (2/ 96)، المغني (1/ 245)، الكاشف (1/ 413)، التهذيب (3/ 390)، التقريب (221).
درجة الحديث:
الطريق الأول والثاني فيه أبو مدلة جهله ابن المديني والذهبي، وقال فيه ابن حجر: مقبول، وسعدان صدوق، وسعد لابأس به وباقي الرواة ثقات.
وقد حسنه الترمذي (5/ 578) مع قوله: وأبو مدلة هو مولى أم المؤمنين عائشة، وإنما نعرفه بهذا الحديث. وهذا يقتضي جهالته كما صرح بذلك ابن المديني، فالحديث ضعيف، ولعل الترمذي حسنه للشواهد.
كما أن السيوطي حسنه في (الجامع الصغير ومعه الفيض 3/ 324).
وقد ضعفه الألباني في (ضعيف الجامع 2/ 68)، وفي (الضعيفة 3/ 534، 535) وأعله أيضاً بالمخالفة للحديث الذي فيه ثلاث دعوات مستجابات وذكر دعوة الوالد، والمسافر، والمظلوم (السلسلة الصحيحة 2/ 147 - 149). قال في (غاية المرام /215): إسناده لابأس به في الشواهد. وفي (ضعيف ت /475): ضعيف لكن صح منه الشطر الأول بلفظ: {المسافر} بدل: {الإمام العادل} ، وفي رواية:{الوالد} ومثله في (ضعيف جه /135)، وفي (صحيح جه 1/ 292).
أما الطريق الثالث: فإن فيه زياداً الطائي وهو مجهول ولم يسمع من أبي هريرة، وباقي الرواة فيهم ثقة وصدوق، فالحديث ضعيف.
وقد قال الترمذي (4/ 673): هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل.
وحسنه ابن حجر في أماليه على الأذكار كما في (الفتوحات الربانية 4/ 338).
وصححه الألباني في (ضعيف ت /291) واستثنى منه فقرة في الحديث الطويل حيث قال: صحيح دون قوله: {ممَّ خلق الخلق؟ }
وصححه أحمد شاكر في تعليقه على (المسند 15/ 187 - 191، 19/ 20، 21).
وضعفه الهلالي في (صحيح الأذكار وضعيفه 1/ 492، 493).
وحديث خزيمة رضي الله عنه:
قال الهيثمي في (المجمع 10/ 152): فيه من لم أعرفه.
وقال الألباني في (الصحيحة 2/ 453، 454): إسناده مظلم مجهول لجهالة خزيمة بن محمد وأبيه، والراوي عن خزيمة، ثم حسّنه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال في (صحيح الجامع 1/ 84): صحيح.
وأقول ـ والله أعلم ـ: إن الحديث لشدة ضعفه فإنه لايقوي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، لكن حديث أبي هريرة حسن بطريقيه؛ إذ تنجبر جهالة الراوي في الأول وينجبر الانقطاع في الثاني فيكون الحديث بمجموعهما حسناً لغيره.
واستجابة دعوة المظلوم ثابتة في الصحيح من حديث معاذ رضي الله عنه:
وفيه: قوله صلى الله عليه وسلم: {واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب} : (خ: كتاب الزكاة: باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا /الفتح 3/ 357،
كتاب المظالم: باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم /الفتح 5/ 101).
وما في الحديث من دعوة الصائم، والإمام العادل لا ينافي ما جاء في أحاديث أخرى من ذكر دعوة الوالد، أوالمسافر وكرم الله وفضله سبحانه واسع والله أعلم.
580 -
ورد فيها حديث ابن مسعود رضي الله عنه:
قال النسائي رحمه الله تعالى: أخبرنا إبراهيم بن المستمر قال حدثنا عمرو بن عاصم قال حدثنا معتمر عن أبيه عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يجئ الرجل آخذاً بيد الرجل، فيقول: يارب إن هذا قتلني، فيقول الله: لم قتلته؟ فيقول: قتلته؛ لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذاً بيد الرجل فيقول: إن هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان، فيقول: إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه} .
التخريج:
س: كتاب تحريم الدم: تعظيم الدم (7/ 82).
ورواه أبو نعيم في (الحلية 4/ 147) عن إبراهيم بن المستمر به.
ورواه في (الحلية 4/ 147)
والبيهقي في (الشعب 4/ 341)
والطبراني في (الكبير 10/ 96، 97)
وابن مردويه في تفسيره ونقله عنه ابن كثير في (التفسير 2/ 333)
أربعتهم من طريق معتمر بن سليمان به، ولم يذكر ابن كثير شقيق بن سلمة.
ورواه الطبراني في (الكبير 10/ 187)، وفي (الأوسط 1/ 430) من طريق الفيض بن وثيق عن
عبد الوهاب الثقفي عن عكرمة البناني عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن ابن مسعود بلفظ: {يجئ المقتول آخذاً قاتله وأوداجه تَشْخَب دماً عند ذي العزة، فيقول: يارب سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: فيم قتلته؟ قال: قتلته لتكون العزة لفلان، قيل: هي لله} .
دراسة الإسناد:
(1)
إبراهيم بن المستمر: العُروقي ـ بالقاف ـ الناجي ـ بالنون والجيم ـ البصري. قال النسائي في موضع: صدوق، وفي آخر: ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أغرب. وقال الذهبي: صدوق.
وقال ابن حجر: صدوق يغرب، من الحادية عشرة (د تم س جه).
ترجمته في:
الثقات لابن حبان (8/ 81)، تهذيب الكمال (2/ 201 - 203)، الكاشف (1/ 225)، التهذيب (1/ 164)، التقريب (94).
(2)
عمرو بن عاصم: هو عمرو بن عاصم بن عبيد الله الكلابي القيسي، أبو عثمان البصري:
اختلف فيه: فوثقه ابن سعد، وابن معين في رواية، وقال في أخرى: صالح، وفي رواية: أراه كان صدوقا. وقال النسائي: ليس به بأس.
وضعفه محمد بن بشار قال: لولا فرقي من أهله لتركت حديثه. وقال أبو حاتم: لايحتج به. وقال أبو داود: لاأنشط لحديثه، وقدّم حفص بن عمرو الحوضي عليه في همام.
وقال الذهبي في المغني والميزان: صدوق مشهور، وفي السّيرَ والتذكرة: حافظ ثبت، وفي من تكلم فيه: ثقة معروف.
وقال ابن حجر في الهدي: احتج به أبو داود في السنن، ووثقه ابن معين، والنسائي.
وفي التقريب: صدوق في حفظه شيء، من صغار التاسعة، مات سنة 213 هـ (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 305)، تاريخ الدارمي (178)، الجرح والتعديل (6/ 250)، التاريخ الكبير (6/ 355)، سؤالات الآجري أبا داود (3/ 236، 237)، البيان والتوضيح (193)، التعديل والتجريح (3/ 983)، المعجم المشتمل (204)، الثقات لابن حبان (8/ 481)، تاريخ بغداد (12/ 202، 203)، الثقات لابن شاهين (155)، تهذيب الكمال (22/ 87 - 90)، من تكلم فيه (148)، التذكرة (1/ 392)، السّيرَ (10/ 256، 257)، الميزان (3/ 269، 270)، المغني (2/ 485)، الكاشف (2/ 80)، التهذيب (8/ 58، 59)، الهدي (431)، التقريب (423).
(3)
معتمر: هو معتمر بن سليمان التيمي، تقدم، وهو ثقة. (راجع ص 293)
(4)
أبوه: هو سليمان بن طُرخان ـ بالطاء المثلثة مع سكون الراء ـ التيمي، أبو المعتمر البصري، نزل في التيم فنسب إليهم وكان يقول: أنا تيمي الدار. كان عابداً. قال يحيى القطان: ما رأيت أخوف لله منه، وقال معاذ بن معاذ: ما كنت أشبّه عبادته إلا بعبادة الشاب أول ما يدخل في تلك الشدة والحدة. وقال الثوري وابن علية: من حفاظ البصرة. رحل في طلب العلم قال: ما سمعت بأرض فيها علم إلا أتيته، ومناقبه جَمّة. وقال شعبة: لم أر أحداً أصدق منه، وكا إذا حدث بأحاديث يرفعها إلى النبي
صلى الله عليه وسلم تغير وجهه، وقال: شَكُّ ابن عون وسليمان يقين. وقال يحيى القطان: كان عندنا من أهل الحديث. وثقه ابن سعد، وأحمد، وابن معين، والنسائي، والعجلي وزاد: وكان من خيار أهل البصرة. قدمه أحمد، وأبو حاتم على عاصم الأحول في أبي عثمان، وقال أحمد: أثبت اصحاب أبي عثمان كان يحيى يختاره، وقال: لم يرو أحد عن أبي عثمان ما روى التيمي، وزاد أبو حاتم: ولايبلغ التيمي منزلة أيوب وابن عون ويونس هؤلاء أكثر ـ أو اكبر ـ وصفه القطان بالتدليس، وقال: ما روى عن الحسن وابن سيرين فهو صالح إذا قال: سمعت. وقال ابن معين: كان يدلس، ووصفه به النسائي وغيره، لكنه ممن احتمل تدليسه.
وكان يرسل: قال أبو زرعة: لم يسمع من عكرمة شيئا، وقال أبو حاتم: لا أعلم سمع من سعيد بن المسيب شيئاً. وقال أبو غسان النهدي: لم يسمع من نافع ولا من عطاء، وقال أبو داود: لم يسمع من نافع شيئا. وقال ابن عدي: لانحفظ له عن حميد الطويل شيئا. وضعف يحيى القطان مرسلاته وقال: شبه لاشيء.
قال ابن حجر: ثقة عابد، من الرابعة، مات سة 143 هـ وهو ابن سبع وتسعين (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 252، 253)، العلل لأحمد (3/ 79، 122)، سؤالات أبي داود لأحمد (333)، التاريخ لابن معين (4/ 142)، تاريخ الدارمي (49)، من كلام أبي زكريا (81)، الجرح والتعديل (4/ 124، 125)، التاريخ الكبير (4/ 20، 21)، المراسيل (84)، سؤالات الآجري أبا داود (3/ 351)، الثقات للعجلي (1/ 430، 431)، جامع التحصيل (106، 188)، تهذيب الكمال (12/ 5 - 13)، الميزان (2/ 212)، التذكرة (1/ 150 - 152)، السّيرَ (6/ 195 - 202)، الكاشف (1/ 461)، تعريف أهل التقديس (66)، التهذيب (4/ 201 - 203)، التقريب (252)، التدليس في الحديث (272، 273).
(5)
الأعمش: هو سليمان بن مهران، تقدم، وهو ثقة حافظ يدلس لكن احتمل تدليسه. (راجع ص 762)
(6)
شقيق بن سلمة: تقدم، وهو ثقة مخضرم أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود رضي الله عنه
(راجع ص 454)