الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبغض البلاد إلى الله وأحبها إليه
466 -
(229) ثبت فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها} رواه مسلم.
التخريج:
م: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح وفضل المساجد (5/ 171).
الفوائد:
(1)
المساجد بيوت الطاعات وأساسها على التقوى، وهي مخصوصة بالذكر فهي أحب الأماكن إلى الله تعالى والله أعلم.
(2)
الأسواق محل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة، وإخلاف الوعد، والإعراض عن ذكر الله وغير ذلك فهي أبغض الأماكن إلى الله تعالى (شرح النووي 5/ 171)(شرح الأبي 2/ 332).
(3)
ليس في البقاع أفضل من المساجد، ولا يقال أن قبور الأنبياء والصالحين أفضل من المساجد، وفضلت المساجد بكونها بيوت الله التي بنيت لعبادته {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً} [الجن: 11] والمساجد الثلاثة لها فضل على ما سواها حيث بناها أنبياء ودعوا الناس إلى السفر إليها وحرمة المسجد أعظم من حرمة سائر البقاع (مجموع الفتاوى 27/ 260 - 264، 30/ 406).
أحب الأعمال إلى الله
جاءت بعض الأحاديث في هذه الصفة بلفظ: {أحب إلى الله} وهذا يفيد محبة الله تعالى للشيء الموصوف بأنه أحب اليه سبحانه، وبكون هذا المذكور أحب إلى الله من غيره:
467 -
(230) وقد ثبت في ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أنه يقوم الليل ويصوم النهار فقال له: {أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً} وفي بعض الروايات تقديم {أحب الصيام} رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. وفي رواية عند مسلم {أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم نصف الدهر وأحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود عليه السلام كان يرقد شطر الليل ثم يقوم ثم يرقد آخره يقوم ثلث الليل بعده شطره} .
التخريج:
خ: كتاب التهجد: باب من نام عند السحر (2/ 63)(الفتح 3/ 16)
كتاب أحاديث الأنبياء: باب {أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام إلى الله صيام داود} (4/ 195، 196)(الفتح 6/ 455).
م: كتاب الصيام: باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقاً، أو لم يفطر العيدين والتشريق
…
وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم (8/ 46، 47).
د: كتاب الصوم: باب في صوم يوم وفطر يوم (2/ 340).
س: كتاب قيام الليل وتطوع النهار: ذكر صلاة نبي الله داود عليه السلام بالليل (3/ 214).
كتاب الصيام: ذكر الزيادة في الصيام أو النقصان وذكر اختلاف الناقلين لخبر عبد الله بن عمرو فيه ثم صوم عشرة أيام من الشهر واختلاف الناقلين لخبر عبدالله بن عمر فيه (4/ 212 - 215).
جه: كتاب الصيام: باب ما جاء في صيام داود عليه السلام (1/ 546).
الفوائد:
(1)
صلاة داود عليه السلام أحب لما فيه من الرفق بالنفس التي يُخشى منها السآمة، والنوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر وذبول الجسم بخلاف السهر إلى الصباح وقد أدرك الوقت الذي ينادي الله فيه: {هل من سائل فأعطيه
…
} الحديث. وفيه مصلحة أيضاً استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال، وهو أقرب إلى عدم الرياء؛ لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى فهو أقرب إلى أن يخفي عمله الماضي على من يراه (الفتح 3/ 16)(احكام الاحكام 3/ 413).
(2)
ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من تحبيب الإيمان لأمته، وأمرهم بالرفق فيه خوف العجز من الفرائض أو عما هو آكد من النوافل وقد قال عبد الله بن عمرو حين عجز:" لأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلىّ من أهلي ومالي "
رواه مسلم في الموضع المذكور في التخريج.
(3)
أن صيام داود عليه السلام أفضل الصيام وهو أفضل من صيام الدهر والسبب فيه: أن الأفعال متعارضة المصالح والمفاسد وليس كل ذلك معلوماً لنا ولا مستحضراً، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد فمقدار تأثير كل واحدة منهما في الحث والمنع غير محقق لنا فالطريق حينئذٍ أن نفوض الأمر إلى صاحب الشرع ونجريه على مادل عليه ظاهر اللفظ. أما زيادة العمل، واقتضاء القاعدة لزيادة الأجر بسببه فيعارضه اقتضاء العادة والجبلة للتقصير في حقوق يعارضها الصوم الدائم والله أعلم (إحكام الأحكام 3/ 413).
(4)
الاقتداء بهدي الأنبياء عليهم السلام فيما لم ينسخه شرعنا {أولئك الذين هدى الله فبهداهم
اقتده} [الأنعام: 90].
حديث عائشة رضي الله عنها:
وجاء في مناسبات مختلفة اتفقت على إيراد الشاهد فمن ذلك:
468 -
(231) الحديث الأول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله
وإن قل} رواه البخاري.
وعند مسلم {ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ} .
وفي رواية: {أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلّ} قال القاسم بن محمد: "وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته."
469 -
(232) الحديث الثاني: قولها: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول:{خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لايمل حتى تملوا} وأحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليه وإن قلَّت وكان إذا صلّى صلاة داوم عليها. رواه البخاري ومسلم وزاد {وكان يقول: أحب العمل إلى الله ماداوم عليه صاحبه وإن قلّ}
ورواه أبو داود بلفظ: {اكلفوا من العمل
…
} وفيه الزيادة التي عند مسلم.
470 -
(233) الحديث الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيراً بالليل، فيصلي ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل فقال:{يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لايمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله مادام وإن قلّ} رواه البخاري.
ورواه مسلم بلفظ: {يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون وإن أحب الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قل} وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملاً اثبتوه. رواه أبو داود مختصراً.
471 -
(234) الحديث الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال:
…
{من هذه؟ قالت: فلانة تذكر من صلاتها فقال صلى الله عليه وسلم: مهْ عليكم بما تطيقون فوالله لايمل الله حتى تملوا. وكان أحب الدين إليه ـ وفي نسخة إلى الله ـ ما دام عليه صاحبه} رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وفي رواية عند مسلم {فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا} .
472 -
حديث جابر رضي الله عنه:
قوله صلى الله عليه وسلم: {يا أيها الناس عليكم بالقصد ـ ثلاثاً ـ فإن الله لايمل حتى
تملوا} رواه ابن ماجه.
التخريج:
خ: كتاب الرقاق: باب القصد والمداومة على العمل (8/ 122)(الفتح 11/ 294)
كتاب الصوم: باب صوم شعبان (3/ 50)(الفتح 4/ 213)
كتاب اللباس: باب الجلوس على الحصيرة ونحوه (7/ 199، 200)(الفتح 10/ 314)
كتاب الإيمان: باب أحب الدين إلى الله أدومه (1/ 17)(الفتح 1/ 101)
كتاب التهجد: باب مايكره من التشديد في العبادة (2/ 67، 68)(الفتح 3/ 36).
م: كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، والأمر بالاقتصاد في العبادة وهو أن يأخذ منها ما يطيق الدوام عليه، وأمر من كان في صلاة فتركها ولحقه ملل ونحوه بأن يتركها حتى يزول ذلك (6/ 70 - 74)
كتاب الصيام: باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب أن لايخلي شهراً من صوم (8/ 38)
كتاب صفة القيامة والجنة والنار: باب لن يدخل أحد الجنة بعمله (17/ 161)
كتاب الصيام: باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان (8/ 38)
د: كتاب الصلاة: باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة (20/ 49).
س: كتاب القبلة: المصلى يكون بينه وبين الإمام سترة (2/ 68، 69)
كتاب قيام الليل وتطوع النهار: الاختلاف على عائشة في إحياء الليل (3/ 218)
كتاب الإيمان وشرائعه: أحب الدين إلى الله عز وجل (8/ 123).
جه: كتاب الزهد: باب المداومة على العمل (2/ 1416، 1417) وفي (الزوائد /551) إسناد حديث جابر حسن، يعقوب بن عبد الله: مختلف فيه وباقي رجال الإسناد ثقات. وحسنه الألباني في (صحيح الجامع 2/ 1305). ويعقوب هو الأشعري قال فيه ابن حجر: صدوق يهم (التقريب/608).
شرح غريبه:
سددوا: السداد: القصد ومنه تسديد السهم إصابة القصد به، وقاربوا: اطلبوا بأعمالكم القرب من الحق، واطلبوا السداد وهو القصد (المجموع المغيث 2/ 71)
…
فالسداد هو: الاستقامة وهو القصد في الأمر والعدل فيه (النهاية/ سدد/2/ 352).
يتغمدني: يلبسنيها ويسترني بها وذلك مأخوذ من غمد السيف وهو غلافه (النهاية/ غمد/3/ 383) لأنك إذا أغمدته فقد ألبسته الغمد وغشيته به ويقال غمدت السيف وأغمدته بمعنى واحد (المعلم 3/ 199).
مه: اكفف اسم فعل مبني على السكون بمعنى: اسكت (النهاية/ مهه/4/ 377) والمراد: النهي عن مدح المرأة، أو النهي عن تكلف عمل مالا يطاق (العمدة 1/ 257).
يحتجر حصيراً: يجعله لنفسه دون غيره يقال: حَجْرتُ الأرض واحتجرتها: إذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن غيرك (النهاية/ حجر/1/ 341).
معنى الحديث:
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: {لايمل الله حتى تملوا} :
أن الله سبحانه لايمل إذا مللتم، كما تقول في الرجل البليغ في كلامه: فلان لا ينقطع حتى تنقطع خصومه، تريد لا ينقطع إذا انقطعوا ولو أردت أنه ينقطع إذا انقطعوا لم يكن له فضل على غيره ولا وجبت له به مدحة (تأويل مختلف الحديث /324، 325). فالملل منتف عن الله تعالى أي ـ والله أعلم ـ إنكم قد تملون فتنقطعون والله بعد مللكم وانقطاعكم على الحال التي كان عليها قبل ذلك من انتفاء الملل والانقطاع وقيل غير ذلك.
(مشكل الآثار 1/ 274)، (المعلم 1/ 305)، (شرح د للخطابي 2/ 106)، (النهاية 4/ 360)، (المشارق 1/ 380)، (شرح النووي 6/ 71).
الفوائد:
(1)
فضيلة الدوام على العمل لأمرين:
أولهما: أنه بدوام القليل تستمر الطاعة والذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله بخلاف الكثير الشاق، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة. (شرح النووي 6/ 71)
ثانيهما: ما ذكر ابن الجوزي أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل فهو متعرض للذم ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها وإن كان قبل حفظها لايتعين عليه. ومداوم الخير ملازم للخدمة وليس من لازم الباب في كل يوم وقتاً كمن لازم يوماً كاملاً ثم انقطع (الفتح 1/ 103).
(2)
كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته؛ لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم وهو ما يمكنهم الدوام عليه دون مشقة ولا ضرر فتكون النفس نشيطة، والقلب منشرحاً فتتم العبادة بخلاف من تعاطى من الأعمال ما يشق فإنه بصدد أن يتركه أو بعضه أو يفعله بكلفة وبغير انشراح القلب فيفوته خير
عظيم، وقد ذم الله سبحانه من اعتاد عبادة ثم أفرط فقال تعالى:{ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضون الله فما رعوها حق رعايتها} [الحديد: 27]. (شرح النووي 6/ 71)
(3)
أنه لايستحق أحد بطاعته الثواب بل إثابة الله لمن أطاعه ولم يعصه تفضل منه (المعلم 3/ 198، 199) والأعمال ليست على صفة تقتضى لذاتها استحقاق العبد الثواب عليها؛ إذ لا منفعة لله سبحانه فيها؛ لأنه الغني بذاته سبحانه. وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم ما توهمه الصحابة أنه لعظم معرفته بالله تعالى، ولكثرة عبادته أنه ينجيه عمله فأجابهم بقوله: {ولا أنا
…
} الحديث (شرح الأبي 7/ 207). وعليه فالعاقل لاينبغي أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات؛ لأنه إنما عمل بتوفيق الله، وترك المعصية بعصمة الله فكل ذلك بفضل الله ورحمته (الفتح 11/ 297) والجنة ليست عوضاً للعمل وإنما هي فضل من الله، والأعمال الصالحة سبب لدخولها وهو قول أهل السنة (شرح التوحيد 2/ 668).
(4)
مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على العمل الصالح فهو لايتركه إلا لمصلحة شرعية تدعو إليه (بذل المجهود 7/ 145).
473 -
(235) ثبت فيه حديث ابن مسعود رضي الله عنه:
أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: {أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني} رواه البخاري ومسلم وفي رواية عنده: {فما تركت أستزيده إلا ارعاء عليه} وعند النسائي وفي رواية عند مسلم بالعطف بالواو دون قول الصحابي {ثم أي؟ } واقتصر مسلم على {الصلاة والبر} وجاء في بعض الروايات:
…
{أي العمل أفضل؟ } وفيه {الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله} .
التخريج:
خ: كتاب مواقيت الصلاة: باب فضل الصلاة لوقتها (1/ 140)(الفتح 2/ 9)
كتاب الأدب: باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه} (8/ 2)(الفتح 10/ 400) وفي نسخة الفتح: باب البر والصلة وقول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حُسنا}
وانظر: التوحيد: باب وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عملاً (9/ 191)(الفتح 13/ 510) وذكر أنه يحتمل وقوع الحذف من الراوي مع إبهام السائل.
م: كتاب الإيمان: باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال (2/ 74).
س: كتاب المواقيت: فضل الصلاة لمواقيتها (1/ 292، 293).
شرح غريبه:
إرعاء عليه: إبقاء عليه ورفقاً به لئلا يحرجه (النهاية/ رعى/2/ 236).
الفوائد:
(1)
اختلفت الأحاديث في بيان خير الأعمال أو أفضلها وجمع بينها: إما بأن أفضل لايراد بها الفضل المطلق، أو أن يكون المراد من خير الأعمال أو من أفضلها والله أعلم، ولايمنع كونه في بعض الطرق عطف بثم لأن ثم قد تكون للترتيب في الذكر لا في الحكم (النووي 2/ 77، 78)(الفتح 2/ 9).
وقيل: إنها أجوبة مخصوصة لسائل مخصوص أو من هو مثل حاله، أو هي مخصوصة ببعض الأحوال التي ترشد القرائن إلى أنها المراد: كأن يكون العمل أفضل الأعمال بالنسبة إلى المخاطبين يذلك، أو من هو في مثل حالهم، أو من هو في صفاتهم، وقد يكون الأفضل في حق هذا مخالفاً للأفضل في حق ذاك بحسب ترجيح المصلحة التي تليق به (إحكام الأحكام 2/ 12).
(1)
في الحديث الحث على المحافظة على الصلاة في وقتها. وفي أدائها في أول الوقت احتياط لها ومبادرة إلى تحصيلها في وقتها.
(2)
حسن المراجعة في السؤال، وصبر المفتي والمعلم على من يفتيه أو يعلمه، واحتمال كثرة مسائله، مع رفق المتعلم بالمعلم، ومراعاة مصالحه، والتوقف عن الإكثار عليه خشية ملاله (شرح النووي 2/ 79).
(3)
فضل تعظيم الوالدين وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض (الفتح 2/ 10).
(4)
تخصيصه صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة بالذكر؛ لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات فمن حافظ عليها كان لما سواها أحفظ، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع (الفتح 6/ 4).
(1)
حرص الصحابة على الخير وسؤالهم عن أحب الأعمال إلى الله تعالى طلباً لمعرفة ما ينبغي تقديمه منها، وحرصاً على الأفضل ليتأكد القصد إليه، وتشتد المحافظة عليه (إحكام الأحكام 2/ 7).
(2)
أن الفضائل لاتدرك بالقياس وإنما هي إحسان من الله تعالى لمن شاء (الفتح 6/ 5).
474 -
(236) حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله قال: من عادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلىّ عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه. وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته} رواه البخاري.
التخريج:
خ: كتاب الرقاق: باب التواضع (8/ 131)(الفتح 11/ 354).
شرح غريبه:
مساءته: حياته؛ لأن بالموت يبلغ إلى النعيم المقيم لا في الحياة، أو لأن حياته تؤدي به إلى أرذل العمر وتنكس الخلق والرد إلى أسفل سافلين، أو أكره مكروهه الذي هو الموت فلا أسرع بقبض روحه (شرح الكرماني 23/ 23).
الولي: مشتق من الولاء وهو القرب (المفردات للراغب/533) والولي المؤمن التقي قال الله تعالى:
{ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون} [يونس: 62، 63] وينقسمون إلى: سابقين ومقتصدين، وولي الله ضد عدو الله (مجموع الفتاوى 10/ 58، 59).
آذنته: أعلمته، والإيذان: الأعلام ومنه أخذ الأذان (النهاية/ أذن/1/ 34).
فضل هذا الحديث:
قال شيخ الإسلام هذا أشرف حديث يروى في صفة الأولياء (مجموع الفتاوى 18/ 129).
الفوائد:
(1)
وجوب التقرب إلى الله بالفرائض قبل النوافل، والتقرب بالنوافل إنما يكون تقرباً إذا فعلت الفرائض (مجموع الفتاوى 10/ 6، 7) وقد ذكر الحديث النوعين: الأبرار أصحاب اليمين وهم المتقربون إلى الله بالفرائض: يفعلون ما أوجب عليهم، ويتركون ما حرم، ولا يكلفون أنفسهم بالمندوبات ولا الكف عن فضول المباحات، أما السابقون المقربون: فتقربوا بالنوافل بعد الفرائض ففعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، فلما تقربوا إليه بجميع
ما يقدرون عليه من محبوباتهم أحبهم الرب حباً تاماً مطلقاً فهؤلاء المقربون صارت المباحات في حقهم طاعات (مجموع الفتاوى 10/ 186).
(2)
احتج بعض الملاحدة من الاتحادية بهذا الحديث على أن الحق سبحانه عين العبد وقد رد شيخ الإسلام عليهم بأن أئمة المسلمين اتفقوا على أن الخالق بائن عن مخلوقاته ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته بل الرب رب والعبد عبد، والاتحاد الوصفي بأن يحب ما أحبه الله، ويبغض ما يبغضه، ويرضى بما يرضيه، ويغضب لما يغضبه، ويأمر بما أمر به، وينهى عما نهى عنه، ويوالي ويعادي ويحب لله ويبغض لله ويعطي ويمنع يحيث يكون موافقاً لربه تعالى. هذا المعنى حق وهو حقيقة الإيمان وكماله، والمحب يتفق هو ومحبوبه بحيث يرضى أحدهما بما يرضى الآخر، ويأمر بما يأمر به، ويبغض ما يبغضه، ويكره ما يكره، وينهى عما نهى عنه. والحق سبحانه إذا تقرب إليه العبد بالنوافل أحبه على هذا الوجه (مجموع الفتاوى 10/ 462، 463، 6، 7، 340)(أعلام الحديث 3/ 2259، 2260).
وقيل معنى الحديث: أن الله تعالى يسدد هذا الولي في سمعه وبصره وعمله بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره، وعمله بيده ورجله كله لله تعالى إخلاصاً، وبالله استعانة، وفي الله تعالى شرعاً واتباعاً فتمَّ له بذلك كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة، وهذا ما فسره به السلف وهو مطابق لظاهر اللفظ موافق لحقيقته وليس فيه تأويل ولا صرف للكلام عن ظاهره (القواعد المثلى لابن عثيمين /69).
(3)
فيه إثبات صفة التردد في قبض نفس المؤمن: وقد رد ذلك بعضهم ظاناً أنه يقتضي عدم العلم بعواقب الأمور.
وجواب هذا الإشكال: أن كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حق ليس أحد أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أنصح للأمة منه، ولا أفصح وأحسن بياناً منه، ويجب أن يصان كلامه صلى الله عليه وسلم عن الظنون الباطلة والاعتقادات الفاسدة ولكن المتردد منا وإن كان تردده في الأمر لأجل كونه ما يعلم عاقبة الأمور لا يكون ما وصف الله به نفسه بمنزلة ما يوصف به الواحد منا؛ فإن الله ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ثم إن الواحد منا يتردد تارة لعدم العلم بالعواقب، وتارة لما في الفعلين من المصالح والمفاسد، فيريد الفعل؛ لما فيه من المصلحة، ويكرهه؛ لما فيه من المفسدة، لا لجهله بالشيء الواحد الذي يحب من وجه ويكره من وجه وهذا مثل إرادة المريض لدوائه الكريه بل جميع ما يريده العبد من الأعمال الصالحة التي تكرهها
النفس من هذا الباب، وقد حفت الجنة بالمكاره ومن هذا الباب يظهر معنى التردد المذكور فإن هذا الولي قد أتى بكل ما يقدر عليه من محبوب الحق فأحبه الحق لفعل محبوبه من الجانبين بقصد اتفاق الإرادة بحيث يحب محبوبه ويكره مايكره، والرب يكره أن يسوء عبده ومحبوبه فلزم من هذا أن يكره الموت ليزداد من محاب محبوبه، والله سبحانه قد قضى بالموت فكل ما قضى به فهو يريده ولا بد منه، فالرب مريد لموته لما سبق به قضاؤه وهو مع ذلك كاره لمساءة عبده وهي المساءة التي تحصل له بالموت فصار الموت مراداً للحق من وجه، مكروهاً له من وجه وهذه حقيقة التردد وهي أن يكون الشيء مراداً من وجه ومكروهاً من وجه وإن كان لابد من ترجيح أحد الجانبين كما ترجح إرادة الموت لكن مع وجود كراهة مساءة العبد وليست إرادته سبحانه موت المؤمن الذي يحبه ويكره مساءته كإرادته لموت الكافر الذي يبغضه ويريد مساءته، فالشيء المعين يكون محبوباً من وجه مكروهاً من وجه، وكما أنه يكون في الأفعال فهو في الأشخاص (مجموع الفتاوى 18/ 129، 131، 135، 10/ 754، 755) وقيل في المراد بالتردد معان أخرى. انظر: (أعلام الحديث 3/ 2259، 2260)، (العمدة 23/ 90).