الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{القرب}
616 -
(301) ثبت فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله صلى الله عليه وسلم: {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء} رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
التخريج:
م: كتاب الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود (4/ 200).
د: كتاب الصلاة: باب في الدعاء في الركوع والسجود (1/ 230).
س: كتاب الافتتاح: أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل (2/ 226).
الفوائد:
(1)
أن الله سبحانه إنما ذكر في الدعاء أنه قريب من العباد لم يذكر قربه في كل حال والمراد القرب من الداعي في سجوده فأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود مع قرب العبد من ربه وهو ساجد وأمره أن يقول: سبحان ربي الأعلى والسجود غاية الخضوع والذل من العبد، وغاية تسفيله وتواضعه بأشرف شيء فيه وهو وجهه بأن يضعه على التراب فناسب في غاية سفوله أن يصف ربه بأنه الأعلى والأعلى أبلغ من العلي، فإن العبد ليس له من نفسه شيء هو باعتبار نفسه عدم محض، وليس له من الكبرياء والعظمة نصيب وإنما يحصل العلو للمؤمن بالإيمان لابإرادته هو فلما كان السجود غاية سفول العبد وخضوعه سبح اسم ربه الاعلى فهو سبحانه الأعلى والعبد الأسفل، وليس بين الرب والعبد إلا محض العبودية فكلما كملها قرب العبد إليه؛ لأنه سبحانه بر جواد محسن يعطي العبد ما يناسبه فكلما عظم فقره إليه كان أغنى وكلما عظم ذله له كان أعز (مجموع الفتاوى 5/ 236 - 238).
(2)
فيه الحث على الدعاء في السجود واحتج به من قال: إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة وفي المسألة مذاهب (شرح النووي 4/ 200)، (شرح الأبي 2/ 208).
(3)
إثبات صفة القرب لله تعالى على ما يليق به سبحانه، وقرب الشيء من الشيء مستلزم لقرب الآخر منه لكن قد يكون قرب الثاني هو اللازم من قرب الأول ويكون منه أيضاً قرب بنفسه:
فالأول: كمن تقرب إلى مكة أو حائط الكعبة فكلما قرب منه قرب الآخر منه من غير أن يكون منه فعل.
والثاني: كقرب الإنسان إلى من يتقرب هو إليه فتقرب العبد إلى الله وتقريبه له نطقت به نصوص متعددة منها هذا الحديث فهذا قرب الرب نفسه إلى عبده فهذا قرب خاص وليس في الكتاب والسنة قرب ذاته من جميع المخلوقات في كل حال.
وهذا يبطل قول الحلوليين الذين عمدوا إلى الخاص المقيد فجعلوه عاماً مطلقاً.
والداعي والساجد يوجه روحه إلى الله والروح لها عروج يناسبها فتقرب من الله بلاريب بحسب تخلصها من الشوائب فيكون الله عز وجل منها قريباً قرباً يلزم من قربها، ويكون منه قرب آخر
كقربه عشية عرفة وفي جوف الليل وإلى من تقرب منه شبراً تقرب منه ذراعاً (مجموع الفتاوى 5/ 240، 241).
ومما يدخل في صفة القرب ما ثبت أن الله تعالى قِبَل وجه المصلي، وأنه بينه وبين القبلة، وما في معناها: وقد وردت في هذا المعنى أحاديث متنوعة من رواية عدد من الصحابة هم: ابن عمر، وأنس، وأبو هريرة، وجابر، وأبو سعيد، وأبو ذر، والحارث الأشعري، وحذيفة رضي الله عنهم:
617 -
(302) حديث ابن عمر رضي الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد، فتغيظ على أهل المسجد وقال:{إن الله قبل أحدكم فإذا كان في صلاته فلا يبزقن أو قال لايتنخمن، ثم نزل فحتها بيده} وفي لفظ: {فإن الله قبل وجهه} وفي لفظ: {حيال وجهه} رواه البخاري بهذه الألفاظ وجاء أول الحديث في مواضع بنحوه، ورواه مسلم مختصراً باللفظ الثاني، ورواه أبو داود بلفظ:
…
{إن الله قبل وجه أحدكم إذا صلى فلايبزق بين يديه} ورواه النسائي وابن ماجه بنحو لفظ البخاري الثاني مختصراً.
618 -
(303) حديث أنس رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدميه} ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض فقال: {أو يفعل هكذا} رواه البخاري بهذا اللفظ في موضع، وفي مواضع بنحوه ورواه مسلم بنحوه.
619 -
(304) حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {مابال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه أيحب أحدكم أن يُستقبل فيتنخع في وجهه؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه فإن لم يجد فليقل هكذا} وتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض. رواه مسلم، ورواه البخاري بلفظ: {إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي الله
مادام في مصلاه ولا عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملكاً وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه فيدفنها} ورواه في موضع مختصراً.
620 -
(305) حديث جابر رضي الله عنه:
وهو حديث طويل فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في قبلة المسجد نخامة، فحكها، ثم أقبل عليهم فقال:{أيكم يحب أن يعرض الله عنه قال: فخشعنا، ثم قال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه، قال: فخشعنا، ثم قال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟ قلنا: لا أيّنا يارسول الله، قال: فإن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا ثم طوى ثوبه بعضه على بعض} رواه مسلم واللفظ له، وأبو داود بنحوه.
621 -
حديث أبي ذر رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لايزال الله عز وجل مقبلاً على العبد وهو في صلاته مالم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه} رواه أبو داود والنسائي.
622 -
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
أنه صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فرأى نخامة في قبلة المسجد، فحكها، ثم أقبل على الناس مغضباً فقال صلى الله عليه وسلم:{أيسر أحدكم أن يُبصق في وجهه؟ إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه جل وعز، والملك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه، ولا في قبلتة وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه} رواه أبو داود ورواه مسلم مختصراً بدون الشاهد.
623 -
حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه:
في حديث طويل قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها
…
} وفيه: {وإن الله يأمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته مالم يلتفت} رواه الترمذي.
624 -
حديث حذيفة رضي الله عنه:
قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الرجل إذا قام يصلي أقبل الله عليه بوجهه حتى ينقلب، أو يحدث حدث سوء} رواه ابن ماجه.
التخريج:
خ: كتاب الصلاة: باب حك البزاق باليد من المسجد (1/ 112)(الفتح 1/ 508)
ثم باب حك المخاط بالحصى من المسجد، ثم باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى، ثم باب
…
دفن النخامة في المسجد، ثم باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه (1/ 113)(الفتح 1/ 509، 511، 512، 513)
كتاب مواقيت الصلاة: باب المصلي يناجي ربه عز وجل (1/ 141)(الفتح 2/ 15)
كتاب الأذان: باب هل يلتفت لأمر ينزل به أويرى شيئاً أو بصاقاً في القبلة (1/ 191)(الفتح 2/ 235)
كتاب العمل في الصلاة: باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة (2/ 82)(الفتح 3/ 84)
كتاب الأدب: باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله (8/ 33)(الفتح 10/ 517).
م: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها والنهي عن بصاق المصلي بين يديه وعن يمينه (5/ 38 - 41)
كتاب الزهد: باب حديث جابر الطويل (18/ 135 - 147).
د: كتاب الصلاة: باب في كراهية البزاق في المسجد (1/ 126 - 128)
ثم باب الالتفات في الصلاة (1/ 237) وقد حسن الألباني حديث أبي سعيد في (صحيح الجامع 1/ 519) وضعف حديث أبي ذر في (ضعيف الجامع 6/ 90، 91)
ت: كتاب الأمثال: باب ما جاء في مثل الصلاة والصيام والصدقة (5/ 148، 149) وقال: حديث حسن صحيح غريب. والحديث رواه ابن خزيمة (التوحيد 1/ 37) وهو في (صحيحه 2/ 64) وصحح الألباني إسناده، وهو مما ألزم الدارقطني به مسلماً في (الإلزامات/100) وحسنه ابن كثير في (التفسير 1/ 88) وصححه الألباني (صحيح الجامع 1/ 356)
س: كتاب المساجد: النهي عن أن يتنخم الرجل في قبلة المسجد (2/ 51)
كتاب السهو: باب التشديد في الالتفات في الصلاة (3/ 8).
جه: كتاب المساجد والجماعات: باب كراهية النخامة في المسجد (1/ 251)
كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها: باب المصلي يتنخم (1/ 327) وفي (الزوائد /161) في
حديث حذيفة: هذا إسناد رجاله ثقات وله شاهد في الصحيحين والموطأ من حديث ابن عمر، انظر:
(مصباح الزجاجة 1/ 124) والحديث رواه ابن خزيمة في (التوحيد 1/ 34، 35) وفي (صحيحه 2/ 62) وحسن الألباني إسناده (صحيح الجامع 1/ 333)، (الصحيحة 4/ 128، 129).
شرح غريبه:
نخامة: هي البزقة التي تخرج من أقصى الحلق (النهاية/نخم/5/ 34).
لايبزقن: البزاق والبصاق والبساق كلها من الفم (مجمع بحار الأنوار/بزق/1/ 171).
لايتنخع: النخاعة: هي البزقة التي تخرج من أصل الفم مما يلي أصل النخاع (النهاية/نخع/5/ 33) قال ابن حجر: قيل النخاعة بالعين من الصدر وبالميم الرأس (الفتح 1/ 508).
عجلت به بادرة: غلبته بصقة أو نخامة بدرت منه (شرح النووي 18/ 137).
فخشعنا: خشينا وخضعنا والخشوع في الصوت والبصر كالخضوع في البدن، وجاء في رواية فجشعنا ـ بالجيم ـ وشرحه الحميدي في غريبه فقال: الجشع: الفزع والخوف (النهاية/خشع/2/ 34).
الفوائد:
(1)
جواز معاتبة المجموع على الأمر الذي ينكر، وإن كان الفعل صدر من بعضهم لأجل التحذير من معاودة ذلك (الفتح 3/ 84) وفيه البيان بالفعل؛ ليكون أوقع في نفس السامع (الفتح 1/ 509).
(2)
غضب النبي صلى الله عليه وسلم لأسباب مختلفة مرجعها كلها في أمر الله، وكان
عليه الصلاة والسلام يظهر غضبه؛ ليكون أوكد في الزجر عنها مع صبره على الأذى إذا كان فيما هو حق نفسه (الفتح 10/ 518).
(3)
أن علة النهي عن البزاق في المسجد أن عن يمينه ملكاً كما في بعض الألفاظ، وأنه يناجي ربه كما في البعض الآخر، ويجوز أن يكون للحكم علتان سواء كانتا مجتمعتين أو متفرقتين والمناجي تارة يكون قدام من يناجيه وهو الأكثر وتارة عن يمينه (الفتح 2/ 15).
(4)
تفقد الإمام أحوال المساجد وتعظيمها وصيانتها، وعظم تواضعه صلى الله عليه وسلم؛ لمباشرته إزالة القذر بنفسه، وفيه الحث على الاستكثار من الحسنات وإن كان صاحبها ملياً لكونه باشر الحك بنفسه وهو دال على عظم تواضعه زاده الله تشريفاً وتعظيماً صلى الله عليه وسلم (الفتح 1/ 514).
(5)
استدل به البخاري على جواز النفخ في الصلاة؛ لأن النخامة لابد أن يقع معها شيء من نفخ أو تنحنح ومحله إذا لم يفحش، ولم يقصد صاحبه العبث، ولم يبن منه مسمى كلام وأقله حرفان أو حرف ممدود (الفتح 1/ 514، 3/ 84، 85).
(6)
أن مافي الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش لايخالفه ظاهر الحديث وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة، والحديث حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش، وهو قبل وجه المصلي بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء، أو يناجي الشمس والقمر لكانت الشمس والقمر فوقه وكانت أيضاً قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك ولله المثل الأعلى ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه لاتشبيه الخالق بالمخلوق كما في قوله:
…
{هذا القمر كلكم يراه مخلياً به} ، ومن كان له نصيب من المعرفة بالله والرسوخ في العلم بالله يكون إقراره للكتاب والسنة على ماهما عليه أوكد (مجموع الفتاوى 5/ 102، 103، 107، 108) فليس في الحديث رد على من أثبت استواء الرب سبحانه على العرش بذاته؛ لأن النصوص من الآيات والأحاديث في إثبات الاستواء محكمة قطعية واضحة لاتحتمل أدنى تأويل، وقد أجمع أهل السنة على الأخذ بها والإيمان بما دلت عليه على الوجه الذي يليق به سبحانه من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته وأما قوله في هذا الحديث:{فإن الله قبل وجهه إذا صلى} ، وقوله:{بينه وبين القبلة} فهذا لفظ محتمل يجب أن يفسر بما يوافق النصوص المحكمة كما أشار ابن عبد البر إلى ذلك، ولايجوز أن يحمل على ما يناقض نصوص الاستواء الذي أثبتته النصوص القطعية المحكمة الصريحة والله أعلم (من تعليق الشيخ ابن باز على الفتح 1/ 508).
(7)
أن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه يستقبل ربه وهو فوقه فيدعوه من تلقائه لامن يمينه ولا من شماله ويدعوه من العلو لامن السفل كما إذا قدر أنه يخاطب القمر، واتفق العلماء على أن رفع المصلي بصره إلى السماء منهي عنه، وهذا مما جاءت به الشريعة تكميلاً للفطرة لأن الداعي السائل الذي
يؤمر بالخشوع ـ وهو الذل والسكوت ـ لايناسب حاله أن ينظر إلى ناحية من يدعوه ويسأله بل يناسب حاله الإطراق وغض بصره أمامه (مجموع الفتاوى 6/ 575 - 577).
(8)
في حديث الحارث بان وثبت وصح أن بني إسرائيل كانوا موقنين بأن لخالقهم وجهاً يقبل به إلى وجه المصلي له، ونبينا صلى الله عليه وسلم قد أعلم أمته ما أمر الله عز وجل به يحيى بن زكريا عليهما السلام أن يأمر به بني إسرائيل لتعلم وتستيقن أمته أن لله وجهاً يقبل به على وجه المصلي له كما أوحى إليه فيما أنزل عليه من الفرقان {فاينما تولوا} أي بصلاتكم {فثم وجه الله} [البقرة: 115].
(التوحيد لابن خزيمة 1/ 37، 38).
625 -
ورد فيها حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه:
قا ل الترمذي رحمه الله تعالى: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا إسحاق بن عيسى حدثني معن حدثني معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب قال سمعت أبا أمامة رضي الله عنه يقول: حدثني عمرو بن عبسة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن} .
وقال النسائي رحمه الله تعالى: أخبرنا عمرو بن منصور قال أنبأنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثنا معاوية بن صالح قال أخبرني أبو يحيى سُليم بن عامر وضمرة بن حبيب وأبو طلحة نُعيم بن زياد قالوا سمعنا أبا أمامة الباهلي يقول سمعت عمرو بن عبسة (1) يقول: قلت: يارسول الله هل من ساعة أقرب من الأخرى، أو هل من ساعة يبتغي ذكرها؟ . قال: {نعم إن أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عز وجل في تلك الساعة فكن، فإن الصلاة محضورة مشهودة
…
}.
التخريج:
ت: كتاب الدعوات: باب رقم 119 (5/ 570).
س: كتاب المواقيت: النهي عن الصلاة بعد العصر (1/ 279، 280).
ورواه ابن خزيمة في (صحيحه 2/ 182).
والمروزي كما في (مختصر قيام الليل /93)
والحاكم في (المستدرك 1/ 309)
وعنه البيهقي في (الكبرى 3/ 4)
ورواه الطبراني في (الدعاء 2/ 840)
ومن طريقه ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 232، 233)
ستتهم من طريق معاوية بن صالح عن سليم ونعيم وضمرة به.
وجاء الحديث من رواية عمرو بن عبسة رضي الله عنه بألفاظ أخرى:
فقد رواه أبو داود في (سننه: كتاب الصلاة: باب من رخص فيها - أي الصلاة بعد العصر - إذا كانت الشمس مرتفعة 2/ 25) من طريق أبي سلام عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة
أنه قال: قلت: يا رسول الله أي الليل أسمع؟ قال: {جوف الليل الآخر
…
} الحديث.
(1) (وقع في السنن: ابن عنبسة وهو خطأ طباعي.
وأخرجه أحمد في (المسند 4/ 111) بنحوه.
ورواه الترمذي في (سننه: كتاب الدعوات: باب رقم (79) 5/ 526، 527) من طريق ابن جريج عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟
قال: {جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات} .
وهذه الرواية عند النسائي في (عمل اليوم والليلة 186، 187).
ورواه النسائي في (سننه: كتاب الصلاة: إباحة الصلاة إلى أن يصلى الصبح 1/ 283، 284) من طريق شعبة عن يعلى بن عطاء عن يزيد بن طلق عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن عبسة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت من أسلم معك؟ قال: {حر وعبد} ، قلت: هل من ساعة أقرب إلى الله عز وجل من أخرى؟ قال: {نعم جوف الليل الآخر
…
} الحديث.
ورواه أحمد بنحوه في (المسند 4/ 385) من طريق شهر عن عمرو.
ورواه ابن ماجه في (سننه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها: باب ما جاء في الساعات التي تكره فيها الصلاة 1/ 396)،
ثم في (باب ما جاء في أي ساعات الليل أفضل 1/ 434) من طريق شعبة به
بلفظ: {جوف الليل الأوسط} .
وهذه الرواية أخرجها ابن أبي شيبة في (المصنف 3/ 272) من مرسل الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الليل أفضل؟ فقال: {جوف الليل الأوسط} .
ثم رواه عن الحسن أن رجلا سأل أبا ذر: أي الليل أسمع؟ قال: جوف الليل الأوسط.
ورواه أحمد في (المسند 4/ 385)
وعبد بن حميد في (المنتخب 1/ 265، 266)
والدارقطني في (النزول /83، 84)
واللالكائي في (شرح أصول الاعتقاد 3/ 445، 446)
أربعتهم من طريق يزيد بن هارون عن جرير بن عثمان عن سليم بن عامر عن عمرو بن عبسة، وفيه قوله للنبي صلى الله عليه وسلم: هل من ساعة أفضل من ساعة؟ قال: {لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك إن الله عز وجل يتدلى في جوف الليل} هذا لفظ أحمد، وفي بعض الروايات:{من جوف الليل الآخر} .
ثم رواه أحمد في (المسند 4/ 387) من طريق حبيب بن عبيد، وعطية بن قيس كلاهما عن عمرو بن عبسة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{صلاة الليل مثنى مثنى، وجوف الليل الآخر أوجبه دعوة} ، قال: فقلت: أجوبه؟ قال: {لا، ولكن أوجبه} يعني بذلك الإجابة.
وللحديث شاهدان:
(1)
حديث علي رضي الله عنه:
أخرجه عبد الرزاق في (المصنف 1/ 51، 52) أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الليل أفضل؟ قال: {جوف الليل الآخر
…
} الحديث.
(2)
حديث معاذ رضي الله عنه:
أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار فأجابه صلى الله عليه وسلم وفي الحديث {وصلاة الرجل في جوف الليل} .
رواه الترمذي في (سننه: كتاب الإيمان: باب ما جاء في حرمة الصلاة 5/ 11، 12)
ورواه ابن ماجه في (سننه: كتاب الفتن: باب كف اللسان في الفتنة (2/ 1314، 1315)
وأحمد في (المسند 5/ 231، 237)
وعبد بن حميد في (المنتخب 1/ 160، 161).
دراسة الإسناد:
الطريق الأول: رجال إسناده عند الترمذي:
(1)
عبد الله بن عبد الرحمن: هو الدارمي، تقدم وهو ثقة متقن. (راجع ص 657)
(2)
إسحاق بن عيسى بن نجيح: البغدادي، أبو يعقوب ابن الطباع، سكن أَذَنة. قال البخاري: مشهور الحديث، وقال أبو حاتم: محمد أخوه أحب إلى منه وهو صدوق. وقال صالح بن محمد: لا بأس به صدوق. وقال الخليلي: إسحاق ومحمد ثقتان متفق عليهما. وقال أحمد: سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه. وقال الذهبي: ثقة.
وقال ابن حجر: صدوق، من التاسعة، مات سنة 214 هـ وقيل بعدها بسنة. (م ت س جه).
ترجمته في:
العلل لأحمد (1/ 482، 2/ 68)، الجرح والتعديل (2/ 230، 231)، التاريخ الكبير (1/ 339)، الثقات لابن حبان (8/ 108)، تاريخ بغداد (6/ 332، 333)، تهذيب الكمال (2/ 462 - 464)، الكاشف (1/ 238)، التهذيب (1/ 245)، التقريب (102).
(3)
معن: هو ابن عيسى بن يحيى الأشجعي - مولاهم - أبو يحيى المدني، القزاز: قال: كان مالك لا يجيب العراقيين في شيء من الحديث حتى أكون أنا أسأله عنه، وقال: كل شيء من الحديث في الموطأ سمعته من مالك إلا ما استثنيت أني عرضته عليه، وكل شيء من غير الحديث عرضته عليه إلا ما استثنيت أني سألته عنه. وقد قال ابن معين: معن في مالك وفي غيره ثقة. وذكر أن الذي عنده عن مالك غير الموطأ قليل وقال: إنما قصدنا إليه في حديث مالك. وقال أبو حاتم: أثبت أصحاب مالك وأوثقهم معن، هو أحب إلى من عبد الله بن نافع الصائغ، ومن ابن وهب. وقال ابن سعد: كان ثقة ثبتاً مأموناً. وقال أحمد: ماكتبت عنه شيئاً. وقال الخليلي: قديم متفق عليه رضي الشافعي بروايته.
أرسل عن عببد الله بن عمر: قال ابن معين: لم يسمع منه ولا أدركه.
وقال ابن حجر: ثقة ثبت، من كبار العاشرة، مات سنة 198 هـ (ع).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (5/ 437)، من كلام أبي زكريا (116)، سؤالات ابن الجنيد (382)، التاريخ لابن معين (3/ 210)، العلل للإمام أحمد برواية المروذي (185، 186)، التاريخ الكبير (7/ 390، 391)، الجرح والتعديل (8/ 277، 278)، المراسيل (222)، الثقات لابن حبان (9/ 181)، جامع التحصيل (284)، تهذيب الكمال (28/ 336 - 340)، السير (9/ 304 - 306)، التذكرة (1/ 332)، الكاشف (2/ 284)، التهذيب (10/ 252، 253)، التقريب (542).
(4)
معاوية بن صالح: تقدم وهو صدوق له أوهام. (راجع ص 964)
(5)
ضَمْرة بن حبيب بن صهيب الزُبيدي - بضم الزاي - أبو عتبة وقيل أبو بشر الحمصي: قال ابن سعد، وابن معين، والعجلي: ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به.
وقال ابن حجر: ثقة من الرابعة، مات سنة 130 هـ (4).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 464)، تاريخ الدارمي (135)، العلل لأحمد (1/ 511)، التاريخ الكبير (4/ 337)، الجرح والتعديل (4/ 467)، الثقات لابن حبان (4/ 388)، الثقات للعجلي (1/ 474)، تهذيب الكمال (13/ 314، 315)، الميزان (2/ 320)، الكاشف (1/ 510)، التهذيب (4/ 459)، التقريب (280).
الطريق الثاني: رجال إسناده عند النسائي:
(1)
عمرو بن منصور: النسائي، تقدم وهو ثقة ثبت. (راجع ص 966)
(2)
آدم بن أبي إياس: تقدم وهو ثقة. (راجع ص 966)
(3)
الليث بن سعد: تقدم وهو ثقة ثبت. (راجع ص 309)
(4)
معاوية بن صالح: تقدم قريبا وهو صدوق له أوهام. (راجع ص 964)
(5)
أبو يحيى سُليم - بالتصغير - ابن عامر الكَلاعي، ويقال: الخبائري - بخاء معجمة وموحدة - الحمصي: قال ابن سعد: كان ثقة قديماً معروفاً. وقال النسائي والفسوي والعجلي: ثقة. قال يزيد بن خمير: سمعت سليم بن عامر، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو حاتم: لم يدرك عمرو بن عبسة، ولا المقداد. وقال ابن أبي حاتم: روى عن عوف بن مالك مرسلاً ولم يلقه. وقال العلائي: حديثه عن المقداد في صحيح مسلم، وكأنه على مذهبه.
وقال ابن حجر: ثقة من الثالثة، غلط من قال: إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب أنه أدرك الصحابة، مات سنة 130 هـ (بخ م 4).
ترجمته في:
طبقات ابن سعد (7/ 464)، الجرح والتعديل (4/ 210)، التاريخ الكبير (4/ 125)، الثقات لابن حبان (4/ 328)، الثقات للعجلي (1/ 424)، المعرفة (2/ 425)، تهذيب الكمال (11/ 344 - 347) المراسيل (85)، جامع التحصيل (191)، السير (5/ 185، 186)، الكاشف (1/ 456)، الإصابة (3/ 298، 299)، التهذيب (4/ 166)، التقريب (249).
(6)
ضمرة بن حبيب: تقدم قريباً وهو ثقة. (راجع ص 1609)
(7)
أبو طلحة نعيم بن زياد الأَنْماري - بفتح أوله وسكون النون - وعند ابن حبان الأنصاري، الشامي: قال ابن المديني: معروف. وقال النسائي، والعجلي: ثقة.
وقال ابن حجر: ثقة يرسل من الثالثة (د س).
ترجمته في:
التاريخ الكبير (8/ 95، 97)، الجرح والتعديل (8/ 461)، الثقات لابن حبان (5/ 476)، الثقات للعجلي (2/ 317)، تهذيب الكمال (29/ 485 - 487)، الكاشف (2/ 324)، التهذيب (10/ 464)، التقريب (565) وفيه رمز (ف) والتصويب من نسخة أبي الأشبال (1006).
درجة الحديث:
إسناد الترمذي فيه معاوية بن صالح صدوق له أوهام، وإسحاق بن عيسى صدوق، وباقي رجاله ثقات وكذا إسناد النسائي ومدارهما على معاوية.
فالحديث حسن، ويتقوى بالمتابعات فيكون صحيحاً لغيره.
قال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
وقال الحاكم في (المستدرك 1/ 309): صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
كما صححه البغوي في (مصابيح السنة 1/ 433، 434).
وابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 233).
وقال الشوكاني في (النيل 3/ 57): رجاله رجال الصحيح.
ومن المعاصرين صححه:
الألباني في (صحيح الجامع 1/ 259)، (صحيح الترغيب والترهيب 1/ 257)، (الإرواء /237)، (صحيح د 1/ 238)، (صحيح ت 3/ 183)، (صحيح س 1/ 124).
والهلالي في (صحيح الأذكار 1/ 285).
أما الطرق الأخرى:
فرواية أبي داود: فيها أبو سلام وهو ممطور الحبشي وهو ثقة يرسل وقد قال أبو حاتم: روايته عن عمرو مرسلة (الجرح والتعديل 8/ 431)، (التقريب /545، 647).
ورواية الترمذي: ضعيفة جداً، ذكر ابن حجر في (نتائج الأفكار 2/ 232) أن في سنده ثلاث علل:
أولاها: الانقطاع حيث أن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من أبي أمامة.
وثانيتها: عنعنة ابن جريج.
وثالثتها: الشذوذ لمخالفة أصحاب أبي أمامة الذين رووه عنه عن عمرو بن عبسة.
وقد حسَّن الترمذي الحديث في (5/ 527)، وانظر (نصب الراية 2/ 235).
ورواية النسائي: ضعيفة أيضا لأن فيها يزيد بن طلق وهو مجهول (الجرح والتعديل 9/ 273)، (الميزان 4/ 429)، (التقريب /602). وعبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف (التقريب/ 337).
ورواية ابن ماجه: إضافة إلى ما سبق فيها نكارة للمخالفة حيث قال: {جوف الليل الأوسط} . ولا تنفعها متابعة الحسن؛ لأنها مرسلة ومراسيله ضعيفة. قال الألباني في (صحيح جه 1/ 209، 228): صحيح إلا قوله: {جوف الليل الأوسط} فإنه منكر، والصحيح جوف الليل الآخر.
أما رواية أحمد ومن معه: فإنها منقطعة لأن سليم بن عامر لم يدرك عمرو بن عبسة.
وحديث علي رضي الله عنه: فيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس، والراوي عنه أشعث بن سوار وهو ضعيف (التقريب /113) فالحديث ضعيف.
وحديث معاذ رضي الله عنه: قال فيه الترمذي (5/ 12): حسن صحيح.
وقد ثبت الحديث ولله الحمد من رواية عمرو بن عبسة، وثبت في الصحيح نزول الرب ـ جل وعلاـ في الثلث الأخير من الليل وقد تقدمت دراسته.
الفوائد:
(1)
استحباب الصلاة والدعاء في آخر الليل، وأنه وقت الإجابة والمغفرة (النيل 3/ 58).
(2)
أن آخر الليل هو أرجى أوقات الليل للدعوة وأولى بالإستجابة، فوضع السمع موضع الإجابة، (شرح سنن أبي داود 2/ 81).
(3)
أن قرب الله سبحانه، ودنوه من بعض مخلوقاته لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش، بل هو سبحانه فوق عرشه، ويقرب من خلقه كيف شاء وقربه سبحانه من أفعاله الاختيارية، وقربه سبحانه خاص لا عام فهو سبحانه قريب ممن دعاه، وليس المراد بقربه مجرد العلم أو القدرة فعلمه وقدرته ثابت على كل شيء. (شرح حديث النزول /304، 318، 354، 369).