الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طائفة قليلة منهم عمه العباس وأبو سفيان بن الحارث ثم تراجع المسلمون، فكان النصر والظفر لهم.
وقال البراء بن عازب (1): كانت هوازن رماة فلما حملنا عليهم .. انكشفوا وأكببنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام وانكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبق معه صلى الله عليه وسلم إلا عمه العباس، وهو آخذ بلجام بغلته، وابن عمه أبا سفيان حرب بن الحارث بن عبد المطلب، وهو آخذ بركابه، وقد أسلم هو والعباس يوم الفتح، وهو صلى الله عليه وسلم يركض بغلته الشهباء نحو الكفار، لا يبالي وهو يقول:"أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب" ثم قال للعباس: "ناد المهاجرين والأنصار" وكان العباس رجلًا صيتًا، فجعل ينادي: يا عباد الله، يا أصحاب الشجرة، فجاء المسلمون حين سمعوا صوته عنقًا واحدًا، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده كفا من الحصى، فرماهم بها، وقال:"شاهت الوجوه" فما زال أمرهم مدبرًا وحدهم كليلًا حتى هزمهم الله تعالى، ولم يبق منهم يومئذٍ أحد إلا وقد امتلأت عيناه من ذلك التراب، فذلك قوله تعالى:
26
- {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} أي: رحمته التي يحصل بها سكون وثبات وأمن {عَلَى رَسُولِهِ} صلى الله عليه وسلم {وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} ؛ أي: أنزل ما يسكنهم فيذهب خوفهم حتى وقع منهم الاجتراء على قتال المشركين بعد أن ولوا مدبرين، والمراد بالمؤمنين، هم الذين لم ينهزموا، وقيل: الذين انهزموا، والظاهر جميع من حضر منهم؛ لأنهم ثبتوا بعد ذلك وقاتلوا وانتصروا؛ أي: ثم (2) أفرغ الله سكينةً وطمأنينة من عنده على رسوله صلى الله عليه وسلم، بعد أن عرض له الأسف والحزن على أصحابه، حين وقوع الهزيمة لهم، فما ازداد إلا ثباتًا وشجاعة وإقدامًا على العدو {وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} الذين ثبتوا معه، وأحاطوا ببغلته الشهباء وعلى سائر المؤمنين الصادقين، فأذهب روعهم، وأزال حيرتهم، وأعاد إليهم ما كان قد زلزل من ثباتهم وشجاعتهم وخصوصًا حين سمعوا نداءه صلى الله عليه وسلم ونداء عمه العباس إذ دعاهم بأمره.
(1) المراح.
(2)
المراغي.