المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قبض الصدقات وقسمتها - تنقيح التحقيق للذهبي - جـ ١

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌قبض الصدقات وقسمتها

‌قبض الصَّدقَات وقسمتها

319 -

[مَسْأَلَة] :

إِذا امْتنع الرجلُ من أَدَاء الزكاةِ، أُخذت من مالهِ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ: يُجبرُ على الدفعِ.

قَالَ أَحْمد فِي " مُسْنده ": نَا يحيى بنُ سعيدٍ، نَا بهزٌ، حَدثنِي أبي، عَن جدي، سمعتُ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يقولُ:" فِي كلِّ إبلٍ سائمةٍ؛ فِي الْأَرْبَعين ابنةُ لبونٍ، من أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلهُ أجرهَا، وَمن منعهَا فإنَّا آخِذُوهَا وَشطر مالهِ؛ عزمةٌ من عزماتٍ رَبنَا، لَا يحلُّ لآل محمدٍ مِنْهَا شيءٌ ".

قلت: هَذَا الحَدِيث مِمَّا أنكر على بهز.

320 -

[مَسْأَلَة] :

من امْتنع من أَدَائِهَا، [استتيب] ثَلَاثًا، فَإِن تَابَ وَإِلَّا قُتل والجمهورُ: لَا يقتلُ.

(خَ م) شعبةُ، عَن واقدِ بن محمدٍ، سمعتُ أبي يحدثُ، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" أُمرتُ أَن أُقاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، ويقيموا الصَّلَاة، ويؤتُوا الزكاةَ، فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ، إِلَّا بحقِّ الإسلامِ، وحسابهم على اللهِ ".

321 -

[مَسْأَلَة] :

ويجوزُ تعجيلُ الزكاةِ قبل الحولِ، خلافًا لمَالِك.

ص: 357

إسماعيلُ بنُ زَكَرِيَّا، عَن حجاجِ بن دينارٍ، عَن الحكمِ، عَن حجيَّةَ بن عديِّ، عَن عليِّ " أَن العباسَ سَأَلَ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] عَن تعجيلِ صدقتهِ قبل أَن تحلَّ، فرخَّصَ لهُ فِي ذَلِك ".

إسرائيلُ، عَن حجاج بن دينارٍ، عَن الحكمِ، عَن [ق 83 - ب] / حجرِ العدويَِّ، عَن عليِّ قالَ: قالَ رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] لعمرَ: " إنَّا قدْ أَخذنَا من العبَّاسِ زكاةَ عَام أول ".

حجية، قَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يحْتَج بحَديثه.

322 -

[مَسْأَلَة] :

إِن عجلَ زكاةَ عَاميْنِ، جازَ.

وعنهُ: لَا يجوزُ، وَهُوَ قولُ زُفرَ.

وَعَن الشَّافِعِيَّة كالروايتين.

لنا حديثانِ، لم يصحَّا:

الحسنُ بنُ عمارةَ، عَن الحكم، عَن مُوسَى بن طلحةَ، عَن طلحةُ أنَّ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] قالَ:" إِنَّا كنَّا احتجنا إِلَى مالٍ، فتعجلنا من العباسِ صدقةَ مالهِ سنتَيْن ".

محمدُ بنُ عبيد الله العرزميُّ، عَن الحكمِ، عَن مقسمٍ، عَن ابْن عباسٍ:" بعث رسولُ اللهِ عمر ساعياً، فَأتى العباسَ يطلبُ صدقتهُ، فأغلظَ لَهُ، فَخرج إِلَى النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] فأخبرهُ، فقالَ: إنَّ العبَّاسَ قد سلفنا زكاةَ العامَ والعامَ المقبلَ ".

الْحسن والعرزمي: مَتْرُوكَانِ.

323 -

[مَسْأَلَة] :

يجوز صرفهَا إِلَى صنف وَاحِد، خلافًا للشافعيِّ.

لنا حديثُ معاذٍ: " أعلمهم أنَّ اللهَ افْترض عَلَيْهِم صَدَقَة؛ تُؤخذُ من أغنيائهم، وتُردُّ فِي فُقرائهم ".

324 -

[مَسْأَلَة] :

لَا يجوزُ نقلُها إِلَى بلادٍ مَسَافَة الْقصر.

ص: 358

وعنهُ: يجوزُ - كَقَوْل أبي حنيفةَ، ومالكٍ.

وَعَن الشافعيِّ قَولَانِ:

لنا عمومُ قولِهِ: " وتردُّ فِي فُقرائهمِ ".

325 -

[مَسْأَلَة] :

يجوزُ لَهَا دفعُ زَكَاتهَا إِلَى زَوجهَا.

وعنهُ: لَا - كقولِ أبي حنيفةَ.

(خَ م) الأعمشُ، عَن أبي وائلٍ، عَن عَمْرو بن الحارثِ، عَن زينبَ امْرَأَة عبد اللهِ؛ أَنَّهَا قَالَت: قَالَ رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] : " تصدَّقن، وَلَو من حليكنَّ. قَالَت: وَكَانَ عبد اللهِ خَفِيف ذَات الْيَد، فَقَالَت لهُ: أيسعني أَن أَضَع صدقتي فيكَ، وَفِي بني أخٍ لي يتامى؟ ثمَّ أتيتُ رسولَ الله [صلى الله عليه وسلم] ، فَإِذا على بَابه امرأةٌ من الأنصارِ يُقالُ لَهَا: زينبُ تسألُ عَمَّا أسألُ عنهُ، فخرجَ إِلَيْنَا بلالٌ، فَقُلْنَا: انْطلق إِلَى رسولِ اللهِ، فَاسْأَلْهُ وَلَا تخبرهُ من نحنُ، فانطلقَ إِلَى رسولِ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ: من هما؟ فقالَ: زينبُ امرأةُ عبد اللهِ، وزينبُ الأنصاريةُ، فقالَ: نعمْ؛ لَهما أجرُ القرابةِ، وأجرُ الصدقةِ ".

وَفِي لفظٍ: " أيجزئُ عنِّي ".

326 -

[مَسْأَلَة] :

لَا يجوزُ دَفعهَا إِلَى مولى لبني هاشمٍ، خلافًا لأكثرهم.

(ت) الحكمُ، عَن ابنِ أبي رافعٍ " أنَّ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] بعثَ رجلا من بني مخزومٍ على الصَّدَقَة، فَقَالَ لأبي رافعٍ: أَلا تصحبني نُصب مِنْهَا؟ قلتُ: حَتَّى أذكرَ

ص: 359

ذَلِك لرسولِ اللهِ، فذكرتُ ذَلِك لَهُ فَقَالَ: إنَّا آلُ محمدٍ لَا تحلُّ لنا الصدقةُ، وإنَّ مولى القومِ من أنفسهمِ " صَححهُ الترمذيُّ.

327 -

[مَسْأَلَة] :

المانعُ من أَخذهَا الكفايةُ [ق 84 - أ] / الدائمةُ.

وَهُوَ قولُ الشافعيِّ.

وَعَن أحمدَ اعتبارُ الكفايةِ، أَو أَن يملك خمسين درهما، أَو قيمتهَا من الذَّهَب، وَقَالَ أَبُو حنيفةَ: إِذا ملكَ نِصَابا لم تحلَّ لهُ.

لنا (م) أيوبُ السختيانيُّ، عَن هارونُ بن ريابٍ، عَن كنانةَ بن نعيمٍ، عَن قبيصَة بن المخارقِ، عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" إنَّ الْمَسْأَلَة لَا تحلُّ إِلَّا لأحدِ ثلاثةٍ: رجُلٍ تحملَ حمالَة قومٍ، فيسألُ فِيهَا حتَّى يؤديَها ثمَّ يمسك، ورجلٍ أصابتهُ جائحةٌ اجتاحت مالهُ، فيسألُ فِيهَا حتَّى يُصِيب قواماً من عيشٍ - أَو سداداً من عيشٍ - ثمَّ يمسك، وَرجل أصابتهُ فاقةٌ فيسألُ حتَّى يصيبَ قواماً من عَيْش - أَو سداداً من عَيْش - ثمَّ يمسك ".

أَحْمد فِي " مُسْنده ": نَا عبد الرَّحْمَن، نَا سُفْيَان، عَن مصعبِ بن محمدٍ، عَن يعلى بن أبي يحيى، عَن فاطمةَ بنتِ الْحُسَيْن، عَن أَبِيهَا قَالَ: قالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : " للسَّائلِ حقٌّ وَإِن جاءَ على فرسٍ ".

ووجهُ الْأُخْرَى: الثوريُّ، عَن حكيمِ بنِ جبيرٍ، عَن مُحَمَّد بنِ عبد الرحمنِ ابْن يزيدَ، عَن أبيهِ، عَن عبدِ اللهِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : " من سألَ ولهُ مَا يُغْنِيه، جَاءَت يومَ القيامةِ خدوشاً أَو كدوحاً فِي وجهِهِ. قَالُوا: يَا رسولَ اللهِ، وَمَا غناهُ؟ قالَ: خمسونَ درهما، أَو حسابُها من الذهبِ ".

حكيمٌ ضعفوهُ؛ حتَّى قالَ السعديُّ: كذابٌ.

ص: 360

وقالَ أَحْمد: ضعيفٌ، مضطربُ الحديثِ.

(ت) نَا محمودُ بنُ غيلَان، نَا يحيى بنُ آدمَ، نَا سفيانُ، عَن حكيمٍ بِهَذَا، قالَ: فقالَ لهُ عبيدُ اللهِ بنُ عثمانَ صاحبُ شعبةَ: لَو غير حكيمٍ حدثَ بِهَذَا، قالَ: وَمَا لحكيمٍ لَا يحدثُ عنهُ شعبةُ؟ قالَ: نعم. قالَ سفيانُ: وسمعتُ زبيداً حدثَ بِهِ عَن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ

ويُروى من وجهٍ آخرَ عَن ابنِ مسعودٍ، وَلم يصحَّ، وفيهِ كراهيةُ المسأَلةِ حسبُ.

328 -

[مَسْأَلَة] :

لَا تجوزُ لمن يتكسَّبُ الزكاةُ.

وَقَالَ مالكٌ وَأَبُو حنيفةَ: تجوزُ.

أبُو بكرِ بنُ عياشٍ، عَن أبي حصينٍ، عَن سالمِ بن أبي الجعدِ، عَن أبي هريرةَ، قالَ رسولُ اللهِ:" لَا تحلُّ الصدقةُ لغنيٍّ، وَلَا لذِي مرَّة سويٍّ ".

عليُّ بنُ ثابتٍ، عَن الوازعِ بنِ نافعٍ، عَن أبي سلمةَ، عَن جابرٍ قَالَ:" جاءتْ رسولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] صدقةٌ، فركبهُ النَّاسُ، فقالَ: إنَّها [ق 84 - ب] / لَا تصلحُ لغنيٍّ، وَلَا لصحيحٍ سويٍّ، وَلَا لعاملٍ قويٍّ ".

(ت) الثوريُّ، عَن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عَن ريحانَ بن يزيدَ، عَن عبدِ اللهِ ابنِ عَمْرو، عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" لَا تحلُّ الصدقةُ لغنيٍّ، وَلَا لذِي مرّة سويٍّ ".

ريحانُ يُجهلُ، لَكِن وثَّقَهُ ابنْ معينٍ.

(ت) مجالدٌ، عَن الشعبيِّ، عَن حُبشيِّ بنِ جنادةَ، سمعَ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] يقولُ:" إنَّ الْمَسْأَلَة لَا تحلُّ لغنيٍّ، وَلَا لذِي مرةٍ سويٍّ، إِلَّا لذِي فقرٍ مُدقعٍ، وغرمٍ مقطعٍ ".

مجالدٌ لينٌ.

ص: 361

هشامُ بنُ عروةَ، نَا أبي؛ أنَّ عبيدَ اللهِ بنَ عديٍّ حدثهُ؛ أنَّ رجلينِ أخبراهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] يسألانهِ عَن الصَّدَقَة، فَقلب فيهمَا الْبَصَر، فرآهما جلدين فقالَ:" إِن شئتما أعطيتكُما، وَلَا حظَّ فِيهَا لغنيٍّ، وَلَا لقويٍّ مُكتَسبٍ ".

قلتُ: إسنادُهُ صحيحٌ.

329 -

[مَسْأَلَة] :

حكمُ المُؤلفةِ باقٍ، خلافًا لأبي حنيفةَ والشافعيِّ.

قَالَ الزهريُّ: لَا أعلمُ شَيْئا نسخ حكم المُؤلفةِ.

واحتجُّوا بقولهِ: " تُؤخذُ من أغنيائهم، وتردُّ على فُقرائهم ".

فَهَذَا محمولٌ على أنَّهُ قالهُ فِي وقتٍ لم يكن مُحْتَاجا فِيهِ إِلَى التألُّفِ.

330 -

[مَسْأَلَة] :

ويُعطى الْغَازِي الغنيُّ.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا.

معمر والثوريُّ، عَن زيدِ بن أسلمَ، عَن عطاءِ بن يسارٍ، عَن أبي سعيدٍ مَرْفُوعا:" لَا تحلُّ المسألةُ إِلَّا لخمسةٍ: العاملِ عَلَيْهَا، والغازي فِي سَبِيل الله، والغارِم، وَمن اشْتَرَاهَا بمالهِ، أَو مسكينٍ تصدقَ عَلَيْهِ فأهدى لغنيٍّ ".

رواتُهُ ثقاتٌ، أخرجهُ [د] فقالُ:" الصدقةُ " بدل " الْمَسْأَلَة ".

331 -

[مَسْأَلَة] :

ويجوزُ دَفعهَا لمن يحجُّ؛ لأنَّهُ من السَّبيلِ.

وعنهُ: لَا - كالأكثرِ.

ص: 362

أَبُو عوانةَ، نَا إبراهيمُ بنُ مهاجرٍ، عَن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ الحارثِ، قَالَ:" أَخْبرنِي رسولُ مروانَ الَّذِي أُرسلَ إِلَى أمِّ معقلٍ قَالَت: قلتُ: يَا رسولَ اللهِ، إنَّ عليَّ حجَّةً، وإنَّ لأبي معقل بكرا، فقالَ: صدقت جعلتهُ فِي سبيلِ اللهِ، قالَ: أعْطهَا، فلتحجَّ عليهِ؛ فإنهُ من سبيلِ الله ".

(د) ابنُ إسحاقَ، عَن عِيسَى بن معقل، حَدثنِي يوسفُ بنُ سَلام، عَن جدته أمِّ معقلِ قَالَت:" لما حجَّ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] حجةَ الوداعِ، وَكَانَ (لي) جملٌ، فأوصى بِهِ أَبُو معقل فِي سَبِيل الله، قالَ: فَهَلا خرجت عليهِ؛ فإنَّ الْحَج فِي سَبِيل اللهِ ".

332 -

[مَسْأَلَة] :

من عليهِ زكاةٌ لم تسْقط بالموتِ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ: تسقطُ، وَلَا يلزمُ الورثةَ إخراجُها.

لنا قولُه [صلى الله عليه وسلم] : " دَينُ اللهِ أحقُّ بالقضاءِ ".

ص: 363