المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الصَّوْم   333 - [مَسْأَلَة] : [ق 85 - أ] / لَا يجوزُ صومُ - تنقيح التحقيق للذهبي - جـ ١

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌ ‌الصَّوْم   333 - [مَسْأَلَة] : [ق 85 - أ] / لَا يجوزُ صومُ

‌الصَّوْم

333 -

[مَسْأَلَة] :

[ق 85 - أ] / لَا يجوزُ صومُ رمضانَ بنيَّةٍ من النَّهَارِ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ: يجوزُ.

لنا عبدُ الله بنُ عبَّادٍ، نَا مفضلُ بنُ فضالةَ، نَا يحيى بنُ أيوبَ، عَن يحيى بن سعيدٍ، عَن عمرةَ، عَن عائشةَ، عَن النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" من لم يُبيِّتِ الصيامَ قبلَ طُلوعِ الفجرِ، فَلَا صيامَ لهُ ".

أخرجهُ الدارقطنيُّ، وقالَ: كُلُّهم ثقاتٌ.

ابنُ وهبٍ، نَا يحيى بنُ أيوبَ، عَن عبد اللهِ بن أبي بكر، عَن ابْن شهابٍ، عَن سالمٍ، عَن أبيهِ، عَن حفصةَ، عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" من لم يجمعِ الصّيام قبلَ الفجرِ، فَلَا صيامَ لَهُ ".

رواهُ جماعةٌ عَن ابْن شهابٍ مَوْقُوفا، وَعبد الله ثِقَة.

الْوَاقِدِيّ، نَا مُحَمَّد بن هِلَال، عَن أَبِيه؛ سمع ميمونةَ بنتَ سعدٍ تقولُ: سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ: " من أجمعَ الصومَ من الليلِ، فليصم، وَمن أصبحَ وَلم يجمعهُ، فَلَا يصم ".

أخرجهُمَا الدارقطنيُّ.

فاحتجوا بِأَن أَعْرَابِيًا شهدَ عندَ رسولِ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] برؤيةِ الهلالِ، فأمرَ منادياً أنْ يُنادي:" من أكلَ فليُمسك، وَمن لم يَأْكُل، فليصم ".

ص: 364

وَهَذَا لَا يعرفُ؛ إِنَّمَا المعروفُ أَنه شهدَ عندهُ فَأمر أَن يُنَادي فِي الناسِ أَن يصومُوا غَدا.

(خَ م) سلمةُ بن الأكوعِ قَالَ: " أَمر النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] رجلا من أسلم أَن أذن فِي النَّاس: أَن من كانَ أكلَ، فليصم بَقِيَّة يومِهِ، وَلمن لم يكن أكل، فليصم؛ فَإِن اليومَ يومُ عَاشُورَاء ".

قُلْنَا: عاشوراءُ لم يكن وَاجِبا، فَلهُ حكمُ النَّافِلَة؛ بدليلٍ:

حَدِيث (خَ م) معمر، عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن؛ سمعَ معاويةَ يخطبُ بِالْمَدِينَةِ يقولُ:" يَا أهل المدينةِ، أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ؟ سمعتُ رسولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] يقولُ: هَذَا يومُ عاشوراءَ، وَلم يفْرض علينا صيامهُ؛ فَمن شاءَ مِنْكُم أَن يصومَ فليصم؛ فَإِنِّي صائمٌ. فصامَ الناسُ ".

قَالَ الذهبيُّ: هَذَا سمعهُ معاويةُ سنةَ تسعٍ أَو عشرٍ، بعد أَن نسخَ صومُ عاشوراءَ، فَلَا يدلُّ على أنَّهُ مَا فُرضَ أَبداً.

334 -

[مَسْأَلَة] :

يصحُّ صومُ التطوُّعِ بنيةِ من النهارِ.

وَقَالَ مَالك، وَدَاوُد: لَا يَصح.

(د) وكيعٌ، عَن طَلْحَة بن يحيى، عَن عائشةَ بنت طلحةَ، عَن عَائِشَة:" كَانَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] إِذا دخل عَليّ قَالَ: هَل عنْدكُمْ طعامٌ؟ فَإِذا قُلْنَا: لَا. قَالَ: إِنِّي صَائِم. فَدخل يَوْمًا، فقلتُ: يَا رَسُول اللهِ، أُهديَ لنا حيسٌ فحبسناهُ لَك، فَقَالَ: أدنيهِ. فَأصْبح صَائِما وَأفْطر ".

ص: 365

335 -

[مَسْأَلَة] :

إِذا حالَ دونَ منظره غيمٌ، أَو قترٌ ليلةَ ثلاثينَ من شعبانَ، فَعَن أَحْمد ثلاثُ رواياتٍ:

يجبُ صومُ ثَلَاثِينَ بنيَّةٍ من رمضانَ.

وَهَذَا مَذْهَب [ق 85 - ب] عمر، وعليٍّ، وَابْن عمرَ، ومعاويةَ، وَعَمْرو بن العاصِ، وأنسٍ، وَأبي هريرةَ، وعائشةَ، وأسماءَ، وطاوسٍ، ومجاهدٍ، وسالمٍ، وبكرِ بن عبد اللهِ، ومطرفٍ، وميمونَ بن مهرانَ. فعلى هَذَا لَا يجوزُ أَن يسمَّى يَوْم شكٍّ، بل هُوَ من رَمَضَان، من طَرِيق الحكم.

وَهُوَ ظاهرُ مَا نقلهُ مهنا، وَبِه قالَ الخلالُ وأكثرُ أَصْحَابنَا.

[وَالثَّانِي] بل هُوَ يَوْم شكّ. نقلهُ المروذيُّ، عَن أَحْمد؛ فعلى هَذَا يرجحُ جانبُ التعبدِ وَإِن كَانَ شكًّا.

فَإِذا قيل: فَمَا يومُ الشكِّ؟ قُلنا: قَالَ أحمدُ: يومُ الشكِّ؛ أَن يتقاعد الناسُ عَن طلب الهلالِ، أَو يشهدَ بِرُؤْيَتِهِ من لَا يقبلُ.

الروايةُ الثَّانِيَة؛ لَا يجوزُ صيامُهُ من رَمَضَان، وَلَا نفلا، بل يجوزُ قضاءْ وَكَفَّارَة ونذراً، ونفلاً يوافقُ عادةُ.

وَهَذَا قولُ الشافعيِّ.

الثالثةُ؛ أنَّ المرجعَ إِلَى رَأْي الإمامِ فِي الصومِ والفطرِ.

وَبِه يقولُ الحسنُ وابنُ سيرينَ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ: لَا يجوزُ صومُهُ بأنهُ من رمضانَ، ويجوزُ صومُهُ فِي سوى ذَلِك.

ص: 366

(خَ م) ابنُ عمر، قَالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] :" إنَّ الشَّهْر تسعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حتَّى تروهُ، وَلَا تفطروا حتَّى تروهُ؛ فَإِن غمَّ عَلَيْكُم فاقدرُوا لهُ ".

قَالَ نافعٌ: كَانَ ابنُ عمر إِذا مضى من شعْبَان تسعٌ وعشرونَ، يبعثُ من ينظرُ؛ فَإِن رأى فذاكَ، وَإِن لم يُرَ، وَلم يحل دون منظره سحابٌ، وَلَا قترٌ، أصبحَ مُفطرا، وَإِن حَال دون منظره سحابٌ، أَو قترٌ، أصبح صَائِما.

فالصحابيُّ أعرفُ بِمُرَاد الرَّسُول -[صلى الله عليه وسلم] .

وقولهُ: " اقدروا لَهُ " أَي: ضيقُوا لهُ عددا يطلعُ فِي مثلهِ؛ وَذَلِكَ يكونُ لتسعٍ وعشرينَ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه} .

الثوريُّ، عَن عبد الْعَزِيز بن حَكِيم، سمعتُ ابْن عمرَ يقولُ: لَو صمتُ السَّنة كلهَا، لأفطرتُ اليومَ الَّذِي يُشكُّ فِيهِ.

ضعف أَبُو حاتمٍ عبد الْعَزِيز.

قلتُ: بل قالَ: [لَيْسَ بِقَوي، يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ يحيى بن معينٍ: ثِقَة] .

(خَ) محمدُ بنُ زيادٍ، سمعتُ أَبَا هريرةَ؛ قَالَ النبيُّ [صلى الله عليه وسلم] :" صُومُوا لِرُؤْيتِهِ، وأفطروا لرؤيتهِ، فَإِن غمَّ عَلَيْكُم، فأكملوا عدةَ شعبانَ ثَلَاثِينَ ".

هَكَذَا فِي البخاريِّ.

وقالَ الإسماعيليُّ فِي " مستخرجه ": نَا الحسنُ بنُ علوِيَّة، نَا بندارٌ، نَا غندرٌ، نَا شعبةُ، عَن مُحَمَّد بن زيادٍ، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يقولُ: قالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : " لَا تَصُومُوا حتَّى [ق 86 - أ] / تروا الهلالَ، وَلَا تفطرُوا حتَّى تروهُ؛ فَإِن غمَّ عَلَيْكُم، فعدَّوا ثلاثينَ ".

ص: 367

قَالَ الإسماعيليُّ: قد رواهُ (خَ) عَن آدمَ، عَن شعبةَ فَقَالَ فيهِ:" فأكملوا عدةَ شعبانَ ثلاثينَ " ثمَّ قَالَ: وَقد رويناهُ عَن غندرٍ، وَابْن مهديٍّ، وَابْن علية، وَعِيسَى ابْن يونسَ، وشبابةَ، وَعَاصِم بن عليٍّ، والنضرِ بن شميلٍ، ويزيدَ بن هارونَ، وَابْن داودَ، وآدمَ؛ كلهم عَن شعبةَ، لم يذكر أحدٌ مِنْهُم:" فأكملوا عدَّة شعبانَ ".

قَالَ: وَهَذَا يجوز أَن يكونَ من آدمَ؛ رواهُ على التَّفسير من عِنْده، وَإِلَّا فَلَيْسَ لانفراد البخاريِّ عنهُ بِهَذَا من بَين من روى عنهُ وجهٌ.

ورواهُ الْمُقْرِئ، عَن وَرْقَاء، عَن شعبةَ، على مَا ذكرناهُ أَيْضا.

قَالَ ابنُ الجوزيِّ: فعلى هَذَا يكونُ الْمَعْنى: فَإِن غمَّ عَلَيْكُم رَمَضَان، فعدُّوا ثَلَاثِينَ. وعَلى هَذَا لَا يبْقى لَهُم حجةٌ فِي الحَدِيث.

وَقيل: معناهُ إِذا غمَّ هلالُ رمضانَ، وهلالُ شوَّال، فإنَّا نحتاجُ إِلَى إكمالِ شعبانَ ثَلَاثِينَ احْتِيَاطًا للصومِ، وَإِن كلنا قد صمنا يومَ الثَّلَاثِينَ من شعْبَان، فليسَ بِقطع منَّا على أنهُ رمضانُ، إنَّما صمناهُ حُكماً.

(م) معاذٌ، نَا شعبةُ، عَن محمدٍ، سمعتُ أَبَا هريرةَ، قَالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] :" صُومُوا لرؤيتهِ، وأفطروا لرؤيتهِ؛ فَإِن غمَّ عَلَيْكُم الشهرُ، فعدُّوا ثَلَاثِينَ ". يريدُ: فعدُّوا ثلاثينَ وأفطروا.

والكنايةُ تعودُ إِلَى أقرب مذكورٍ، وَهِي:" وأفطرُوا لرؤيتهِ " ثمَّ إنَّ ذَلِك جَاءَ مُبيناً.

أحمدُ فِي " مسندهِ "؛ نَا عبدُ الْأَعْلَى (م) عَن معمرٍ، عَن الزهريِّ، عَن أبي سلمةَ، عَن أبي هريرةَ، قالَ: قَالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : " إِذا رَأَيْتُمْ الهلالَ، فصوموا، وَإِذا رأيتُموهُ، فأفطروا فَإِن غُمَّ عَلَيْكُم فصوموا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ".

ص: 368

الدارقطنيُّ: نَا محمدُ بنُ مُوسَى بن سهلٍ، نَا يوسفُ بنُ مُوسَى، نَا جريرٌ، عَن منصورٍ، عَن ربعيٍّ، عَن حُذَيْفَة قالَ: قَالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : " لَا تقدمُوا الشَّهر حتَّى تروا الهلالَ، أَو تكملُوا العدَّةَ قبلهُ ثمَّ صُومُوا، ثمَّ صُومُوا حتَّى تروا الهلالَ، أَو تكملُوا العدَّةَ ".

رواهُ غيرُهُ عَن منصورٍ؛ فَقَالَ: عَن ربعيٍّ، عَن بعضِ أَصْحَاب النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] مَرْفُوعا.

ابنُ مهديٍّ، عَن مُعَاوِيَة بن صالحٍ، عَن عبدِ اللهِ بن أبي قيسٍ، عَن عائشةَ:" كَانَ رسولُ اللهِ يتحفظُ من هلالِ شعبانَ مَا لَا يتحفظُ من غيرهِ، ثمَّ يصومُ رمضانَ لرؤيتهِ، فَإِن غُمَّ عَلَيْهِ، عدَّ ثلاثينَ، ثُمَّ صامَ ".

قَالَ الدارقطنيُّ: هَذَا إسنادٌ صحيحٌ. فَهَذِهِ عصبيةٌ منهُ، كَانَ يحيى بنُ سعيدٍ لَا يرضى [ق 86 - ب] / معاويةَ.

وَقَالَ أَبُو حاتمٍ: لَا يحتجُّ بهِ.

قلتُ: وَهَذِه مِنْك عصبيةٌ؛ فإنَّ معاويةَ احتجَّ بهِ مُسلمٌ.

محمدُ بنُ زنبورٍ، نَا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، نَا محمدُ بنُ عمروٍ، عَن أبي سلمةَ، عَن أبي هريرةَ، أنَّ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" صُومُوا لرؤيتهِ، وأفطرُوا لرؤيتهِ، فَإِن غُمَّ عَلَيْكُم، فعدُّوا ثلاثينَ، ثمَّ أفطروا ".

رواهُ أَبُو بكر بنُ عياشٍ وغيرهُ، عَن محمدٍ، قَالَ الدارقطنيُّ: وإسنادهُ صحيحٌ.

(ت) أَبُو خالدٍ الأحمرُ، عَن عَمْرو بنِ قيسٍ، عَن أبي إسحاقَ، عَن صلَة بن زُفر " كُنا عِنْد عمارٍ، فَأتى بشاةٍ مصليةٍ، فقالَ: كُلُوا، فتنحَّى بعضُ القومِ؛ فَقَالَ: إِنِّي صَائِم، فَقَالَ عمارٌ: من صامَ الْيَوْم الَّذِي يشكُّ فِيهِ، فقد عصى أَبَا القاسمِ [صلى الله عليه وسلم] ".

صحَّحه (ت) .

ص: 369

وللدارقطنيُّ من طريقِ الواقديِّ، نَا داودُ بنُ خالدٍ، ومحمدُ بنُ مسلمٍ، عَن المقبريِّ، عَن أبي هُرَيْرَة:" نهى رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] عَن صومِ ستَّةِ أيامٍ: اليومِ الَّذِي يُشكُّ فِيهِ من رَمَضَان، ويومي العيدِ، وأيامِ التشريقِ ".

يعلى بنُ الأشدقِ، عَن عبدِ اللهِ بن جرادٍ، قَالَ: " أَصْبَحْنَا يَوْم الثَّلَاثِينَ صياما، وَقد أُغمي، فأتينا النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] ، فأصبناهُ مُفطراً، وَقَالَ: أفطرُوا

". الحَدِيث.

قالَ الخطيبُ: فَفِي هَذَا كفايةٌ.

قَالَ ابنُ الجوزيِّ - وصدقَ -: لَا تكونُ عصبيةٌ أبلغ من هَذَا؛ فليتهُ روى الحديثَ وسكتَ، وَمَا مدحَ؛ فنسخةُ يعلى موضوعةٌ - نعوذُ بِاللَّه من الخذلانِ.

336 -

[مَسْأَلَة] :

صَوْم يومِ الشَّكِّ مكروهٌ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ: لَا يكرهُ.

337 -

[مَسْأَلَة] :

صومُ رَمَضَان يجبُ بِشاهدٍ.

وَقَالَ مالكٌ وَدَاوُد: لَا يجبُ.

وَعَن الشافعيِّ كالمذهبينِ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ: إِن كانَ فِي السماءِ علةٌ قُبلَ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ من عددٍ.

لنا حَدِيث (ت) الْوَلِيد بن أبي ثورٍ، عَن سماكٍ، عَن عكرمةَ، عَن ابْن عباسٍ:" جَاءَ أعرابيٌّ إِلَى النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] ، فقالَ: إنِّي رأيتُ الهلالَ، فقالَ: أتشهدُ أَن لَا إِلَه إِلَّا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ؟ قَالَ: نعم. قالُ: يَا بلالُ، أذن فِي النَّاس أَن يَصُومُوا غَدا ".

ص: 370

فَإِن قيل: رواهُ إسرائيلُ وحمادُ بن سَلمَة، فأرسلاه. قُلْنَا: اتَّفق الْوَلِيد وزائدةُ وحازمُ بنُ إبراهيمُ على رفعهِ.

وَاخْتلف أصحابُ ابْن عيينةَ [ق 87 - أ] / عليهِ.

مروانُ بنُ محمدٍ الدمشقيُّ، نَا ابنُ وهبٍ، نَا يحيى بنُ عبدِ اللهِ بن سالمٍ، عَن أبي بكرِ بنِ نافعٍ، عَن أبيهِ، عَن ابنِ عمرَ قالَ:" ترَاءى الناسُ الهلالَ، فأخبرتُ رَسُول اللهِ [صلى الله عليه وسلم] أَنِّي رأيتهُ، فصامَ وَأمر النَّاس بالصيام ".

قَالَ الدارقطنيُّ: تفردَ بِهِ مروانُ؛ وَهُوَ ثقةٌ.

حفصُ بنُ عمر الأيليُّ - واهٍ - نَا مسعرٌ، وَأَبُو عوَانَة، عَن عبد الملكِ بنِ ميسرةَ، عَن طاوسٍ، قالَ:" شهدتُ المدينةَ وَبهَا ابنُ عُمرَ، وابنُ عباسِ، فجاءَ رجُلٌ إِلَى وَاليها، فشهدَ عندهُ على رؤيةِ الهلالِ لرمضانَ، فسألَ ابنَ عُمرَ، وَابْن عباسٍ عَن شهادتهِ، فأمراهُ أَن يجيزها، وَقَالا: إنَّ رسولَ اللهِ أجازَ شهادةَ واحدٍ على رؤيةِ هلالِ رمضانَ ".

أحمدُ فِي " مسندهِ " نَا يزيدُ، نَا ورقاءُ، عَن عبدِ الْأَعْلَى الثعلبيِّ، عَن عبدِ الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ:" كنتُ مَعَ البراءِ وَعمر فِي البقيعِ؛ ننظرُ إِلَى الهلالِ، فأقبلَ راكبٌ، فتلقَّاه عمرُ فقالَ: من أَيْن جئتَ؟ قَالَ: من المغربِ. قالَ: أَهلَلْت؟ قالَ: نعم. فَقَالَ عمرُ: اللهُ أكبر، إِنَّمَا يَكْفِي الْمُسلمين الرجلُ ".

فاحتجُّوا بسعدويه، نَا عبادُ بن العوامِ، نَا أَبُو مالكٍ [الْأَشْجَعِيّ]، نَا حسينُ بنُ الحارثِ الجدليُّ " أنَّ أَمِير مكَّةَ خَطَبنَا فقالَ: عهدَ إِلَيْنَا رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] أَن ننسكَ، فَإِن لم نرهُ، وشهدَ شَاهِدَانِ نسكنا بِشَهَادَتِهِمَا، فسألتهُ: من أميرُ مكَّة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، ثمَّ لَقِيَنِي بعدُ فقالَ: هُوَ الحارثُ بنُ حاطبٍ ".

قَالَ الدارقطنيُّ: إسنادُهُ مُتصلٌ صحيحٌ.

ص: 371

يزيدُ بنُ هارونَ، أَنا حجاجُ بنُ أرطاةَ، عَن الحسينِ بنِ الحارثِ؛ سمعتُ عبد الرحمنِ بن زيدِ بن الخطابِ يقولُ:" إنَّا صَحِبنَا أصحابَ رسولِ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] وتعلقنا مِنْهُم، وَإِنَّهُم حدثونا عَن رَسُول اللهِ [صلى الله عليه وسلم] أنهُ قالَ: صُومُوا لرؤيتهِ، وأفطروا لرُؤْيَته؛ فَإِن غمَّ عَلَيْكُم، فعدُّوا ثَلَاثِينَ، فَإِن شهد ذَوا عدلٍ، فصوموا وأفطروا وأنسكُوا ".

قُلنا: إنَّما نقولُ بنطقِ الخبرِ لَا يَقْتَضِي أَن يَصُومُوا بشهادةِ [ق 87 - ب] / ذَوي عدلٍ، ودليلُهُ بِنَفْي ذلكَ، ونصُّ خبرنَا يُعارضُ هَذَا، والنَّصُّ لَا يسقطُ إِلَّا بناسخٍ، والدليلُ يسقطُ من غيرِ نسخٍ، فصارَ كالقياسِ المعارضِ للنَّصِّ.

338 -

[مَسْأَلَة] :

إِذا رآهُ أهلُ بلدٍ، لزمَ الأمَّةَ الصَّومُ.

وقالَ الشافعيُّ: لَا يلزمُ إِلَّا مَا قاربهُ.

لنا قولُهُ [صلى الله عليه وسلم] : " فَإِن شهدَ ذَوا عدل، فصومُوا ".

وحجته (ت) إسماعيلُ بن جعفرٍ، نَا محمدُ بنُ أبي حرملةَ، أَخْبرنِي كريبٌ " أنَّ أمَّ الفضلِ بنت الْحَارِث بعثتهُ إِلَى مُعَاوِيَة بالشَّامِ، قالَ: فقدمتُ، فقضيتُ حَاجَتهَا، فاستهلَّ عليَّ هلالُ رَمَضَان وَأَنا بالشَّامِ، فرأَينا الهلالَ ليلةَ الجُمعةِ، ثمَّ قدمتُ المدينةَ فِي آخرِ الشهرِ، فَسَأَلَنِي ابنُ عباسٍ، ثُمَّ ذكرَ الهِلالَ، فَقَالَ: مَتى رأيتموهُ؟ قلتُ: لَيْلَة الجمعةِ، فقالَ: أَنْت رأيتهُ ليلةَ الجمعةِ؟ فقلتُ: رآهُ النَّاسُ وصامُوا، وصامَ معاويةُ، فقالَ: لَكِن رأيناهُ لَيْلَة السبتِ، فَلَا نزالُ نصومُ حتَّى نكملَ ثلاثينَ يَوْمًا أَو نراهُ، فقلتُ: أَلا تكتفي بِرُؤْيَة مُعاويةَ وصيامِهِ؟ قَالَ: لَا، هَكَذَا أمرنَا رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] ".

صحَّحَهُ (ت) .

339 -

[مَسْأَلَة] :

والكفَّارةُ على من طاوعت على الوطءِ فِي رمضانَ.

ص: 372

وعنهُ: لَا.

وَعَن الشَّافِعِي كالرِّوايتينِ.

(خَ م) لحَدِيث أبي هُرَيْرَة " أنَّ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] أمرَ رجلا أفطرَ فِي رمضانَ أَن يعتقَ رَقَبَة، أَو يصومَ شهرينِ متتابعينِ، أَو يطعمَ ستينَ مِسْكينا ".

وجهُ الاحتجاجِ أنهُ علَّقَ التَّكفيرَ بالإفطارِ.

(خَ م) ابنُ عيينةَ، عَن الزهريِّ، عَن حميدِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عَن أبي هريرةَ:" جاءَ رَجلٌ فقالَ: يَا رسولَ اللهِ، هلكتُ " وَفِيه: " قَالَ: أَتجدُ رَقَبَة؟ قالَ: لَا. قالَ: أتستطيعُ أَن تصومَ شهرينِ مُتتابعينِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: تستطيعُ أَن تطعمَ ستينَ مِسْكينا؟ قَالَ: لَا، قالَ: اجْلِسْ. فَأتي نبيّ اللهِ بعرقِ تمرٍ - وَهُوَ المكتلُ الضخمُ - فقالَ: تصدقَ بِهَذَا. فَقَالَ: أَعلَى أفقر منَّا! ! فضحكَ، وَقَالَ: أطعمهُ أهلكَ ".

فَلم يأمرُ الْمَرْأَة بشيءٍ.

وجوابُ هَذَا من عشرةِ أوجُهٍ:

أَحدهَا: أَنه استدلالٌ بالعدمِ.

[ق 88 - أ] / الثَّانِي: يحتملُ أَن يكونَ قد ذكرَ حكمهَا، وَلم ينْقل.

الثَّالِث: إنَّما يجبُ البيانُ للسَّائلِ عَن الحكمِ اللازمِ لهُ، وَهِي فَلم تأتهِ، وَلَا سألُهُ الزَّوجُ عَن حكمهَا، فَلَا يجبُ البيانُ.

فَإِن قيلَ: قد بَين مَا لم يسْأَل عَنهُ فِي حَدِيث العسيفِ (خَ) بقولهِ: " واغدُ يَا أنيسُ على امرأةِ هَذَا؛ فَإِن اعْترفت فارجمها ".

قُلْنَا: هَذَا تبرعٌ مِنْهُ، ثمَّ إنَّ فِي حَدِيث (العسيف) مَا يُوجُب حدًّا، والحدودُ حقُّ للهِ يلزمُ الإمامَ إقامُتها، بخلافِ الكفَّارةِ.

ص: 373

الرَّابِع: أنَّ حكمهمَا فِي الكفارةِ واحدٌ لَا يختلفُ، بخلافِ قصَّةِ العسيفِ؛ فإنَّها كَانَت مُحصنَة والعسيفُ بكر، فحدُّهما مختلفٌ للْخلاف.

الْخَامِس: سكوتُهُ لَا يدلُّ على سقوطِ الوجُوبِ، كَمَا سكتَ عَن غسلهَا وَعَن قضاءِ اليومِ.

السَّادِس: يجوزُ أَن يكونَ سكوتُهُ لعارضٍ أَو لشغلٍ.

السَّابِع: يحتملُ أَن يكونَ قد علم أَنَّهَا لَا يلزمُها كفارةٌ لمرضٍ أَو حيضٍ أَو جنونٍ، أَو كَانَت ذميَّةً، أَو دونَ الْبلُوغ.

الثَّامِن: أنهُ [صلى الله عليه وسلم] قبلَ إقرارهُ على نفسهِ، وَلم يقبلُ قولهُ عَلَيْهَا، كَمَا فِي قصَّةِ ماعزٍ.

التَّاسِع: أنهُ أمرهُ بالعتقِ، فذكرَ فقرهُ وفقرها، فَلم يكن فِي ذكر كفارتها فائدةٌ، لفقرها.

الْعَاشِر: أنهُ فِي بعض الْأَلْفَاظ: هلكتُ وأهلكتُ. ففيهِ بينةٌ على أنهُ أكرهها، والمكرهةُ لَا كفارةَ عَلَيْهَا.

قَالَ الدارقطنيُّ: نَا عثمانُ بنُ السماكِ، ثَنَا عبيدُ بنُ محمدٍ، نَا أَبُو ثورٍ، نَا مُعلى بنُ منصورٍ، نَا ابنُ عيينةَ، عَن الزهريِّ، أخبرهُ حميدٌ؛ سمعَ أَبَا هُرَيْرَة يقولُ: " أَتَى رجلٌ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] فقالَ: هلكتُ وأهلكتُ

" الحَدِيث.

محمدُ بنُ عُزيزٍ، حَدثنِي سلامةُ، عَن عقيلٍ، عَن الزهريِّ بِهَذَا؛ وَفِيه:" هَلَكت وأهلكت ".

340 -

[مَسْأَلَة] :

كفَّارةُ الجماعِ على التَّرتيبِ.

ص: 374

وعنهُ: على التَّخييرِ - كقولِ مالكٍ.

لنا قولُهُ: " أعتق. قَالَ: لَا أجدُ. قالَ: فصُم

".

341 -

مَسْأَلَة:

المتفردُ برؤيةِ الهلالِ؛ إِذا ردَّهُ الحاكمُ، لزمهُ الصومُ، فَإِن أفطرَ بجماعٍ، كفَّرَ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ: لَا كفارةَ.

وحُجَّتهمُ: الواقديُّ - الواهي - نَا داودُ بنُ خالدٍ وثابتُ بنُ قيسٍ ومحمدُ بنُ مسلمٍ، جَمِيعًا عَن المقبريِّ، عَن أبي هريرةَ، عَن النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] [ق 88 - ب] / قَالَ:" صومُكم يومَ تصومونَ، وفطرُكم يومَ تفطرُونَ ".

ورواهُ الترمذيُّ من طريقٍ آخرَ غريبٍ، ثمَّ هُوَ محمولٌ على من لم يرهُ.

342 -

مَسْأَلَة:

لَا تجبُ الكفارةُ بِالْأَكْلِ والشُّرب.

وَقَالَ مالكٌ وَأَبُو حنيفةَ: تجبُ.

وحجَّتُهم الحديثُ المذكورُ " أنَّ رجُلاً أفطر فِي رمضانَ، فأمرهُ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] أَن يعتقَ رَقَبَة ".

الواقديُّ، نَا أَبُو بكرِ بنُ إِسْمَاعِيل، عَن أبيهِ، عَن عامرِ بنِ سعدٍ، عَن أبيهِ قالَ: " جاءَ رجُل فقالَ: يَا رسولَ اللهِ، أفطرتُ يَوْمًا فِي رمضانَ متُعمداً؟ ! قَالَ: أَعتق

" الحَدِيث.

يحيى الحمانيُّ، نَا هشيمٌ، عَن إِسْمَاعِيل بن سالمٍ عَن مجاهدٍ، عَن أبي هريرةَ وأنَّ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] أمرَ الَّذِي أفطرَ يَوْمًا من رمضانَ بكفارةِ الظهارِ ".

ص: 375

أبُو معشرٍ، عَن محمدِ بن كعبٍ، عَن أبي هُريرةَ " أنَّ رجُلاً أكل فِي رمضانَ، فأمرهُ النبيُّ [صلى الله عليه وسلم] أَن يعتقَ رَقَبَة، أَو يصومَ شهرينِ، أَو يطعمَ سِتِّينَ مِسْكينا.

قُلْنَا: الحديثُ الأولُ هُوَ حديثُ الأعرابيِّ؛ وإنَّما فطرهُ بجماعٍ.

كَذَا رواهُ يحيى بنُ سعيدٍ، وابنُ جريجٍ، ومالكٌ، وعبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ، وفليحٌ وجماعةٌ عَن الزهريِّ بِلَفْظ:" أنَّ رجُلاً أفطرَ ".

وَخَالفهُم عراكُ بنُ مالكٍ وعبيدُ اللهِ بنُ عمرَ، وإسماعيلُ بنُ أبي أميةَ ومحمدُ ابنُ أبي عتيقٍ، ومُوسى بنُ عقبةَ ومعمرٌ، ويونسُ وعقيلٌ، وَعبد الرحمنِ بنُ خالدٍ والأوزاعيُّ، وشعيبٌ ومنصورُ بنُ المعتمرِ، وابنُ عيينةَ وإبراهيمُ بنُ سعدٍ، والليثُ وابنُ إسحاقَ، والنعمانُ بنُ راشدٍ وحجاجُ بنُ أرطاةَ، وَصَالح بنُ أبي الأخضرِ ومحمدُ بنُ أبي حفصةَ، وعبدُ الجبارِ بنُ عمرَ وإسحاقُ بنُ يحيى، وهنادُ بنُ عقيلٍ وثابتُ بنُ ثوبانَ، وقرةُ بن عبد الرحمنِ وزمعةُ بنُ صالحٍ، وبحرُ بنُ كنيزٍ والوليدُ بنُ محمدٍ، وشعيبُ بنُ خالدٍ ونوحُ بنُ أبي مريمَ، عَن الزهريِّ؛ بأنَّ [إفطارَ ذَلِك] الرَّجُلِ كَانَ بجماعٍ.

وَأما يحيى الحمانيُّ؛ فكذَّبهُ أحمدُ.

وَأَبُو معشرٍ، قالَ ابنُ معينٍ: لَيْسَ بشيءٍ.

343 -

مَسْأَلَة:

من أكلَ نَاسِيا لم يبطلُ صومُهُ، خلافًا لمَالِك.

لنا (خَ م) هشامٌ [ق 89 - أ] / عَن ابنِ سيرينَ، عَن أبي هريرةَ مَرْفُوعا:" من نسي وَهُوَ صائمٌ؛ فأكلَ وشربَ، فليتمَّ صومهُ، فإنَّما أطعمهُ اللهُ وسقاهُ ".

ص: 376

الدارقطنيُّ، وصحَّحُه: نَا عبيدُ اللهِ بنُ عبدِ الصمدِ، نَا أحمدُ بنُ خليدٍ الكنديُّ، ثَنَا مُحَمَّد بن الطباعِ، نَا ابنُ عليةَ، عَن هشامٍ بِهَذَا ولفظهُ:" فإنِّما هُوَ رزقٌ ساقهُ اللهُ إليهِ، وَلَا قضاءَ عليهِ ".

الدارقطنيُّ؛ ثَنَا محمدُ بن مَحْمُود السراجُ، ثَنَا مُحَمَّد بن مرزوقٍ البصريُّ، ثَنَا الأنصاريُّ، نَا محمدُ بن عَمْرو، عَن أبي سلمةَ، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] :" من أفطرَ فِي رمضانَ ناسياَ، فَلَا قضاءَ عَلَيْهِ وَلَا كفارةَ ".

ثُمَّ قالَ: تفرَّد بِهِ ابنُ مَرْزُوق؛ وَهُوَ ثقةٌ.

أَحْمد، ثَنَا عبد الصَّمد، نَا بشار بن عبد الْملك، حَدَّثتنِي أمُّ حَكِيم بنتُ دينارٍ، عَن مولاتها أمَّ إسحاقَ " أنَّها كَانَت عندَ رسولِ اللهِ، فَأتي بقصعةٍ من ثريدٍ، فَأكلت معهُ، ومعهُ ذُو اليدينِ، فناولها رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] عرقاً، فَقَالَ: يَا أمَّ إسحاقَ، أصِيبي من هَذَا. قَالَت: فذكرتُ أنِّي صائمةٌ، فتردَّدت يَدي؛ لَا أقدمها وَلَا أؤخِّرُها، فَقَالَ النبيُّ [صلى الله عليه وسلم] : مَا لكِ؟ . قلتُ: كنتُ صَائِمَة؛ فنسيتُ. فَقَالَ ذُو اليدينِ: الآنَ بَعدَ مَا شبعتِ؟ ! فَقَالَ النبيُّ [صلى الله عليه وسلم] : أتمِّي صومكِ، فإنَّما هُوَ رزقٌ ساقهُ الله إليكِ ".

344 -

مَسْأَلَة:

الْقبْلَة للصَّائمِ جائزةٌ؛ مَعَ عدمِ إثارةِ الشَّهوةِ.

وعنهُ: تُكرهُ - كمالكٍ.

لنا (خَ م) الأعمشُ، عَن إبراهيمَ، عَن الأسودِ، عَن عائشةَ:" كانَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] يُقبلُ وَهُوَ صائمٌ ".

ص: 377

(خَ م) يحيى بنُ أبي كثيرٍ، عَن أبي سلمةَ، عَن زينبَ بنتِ أمِّ سلمةَ، عَن أمِّها أَنَّهَا قَالَت:" كانَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] يقبلهَا وَهُوَ صائمٌ ".

بكيرُ بنُ الأشجِّ، عَن عبد الْملك بن سعيد الأنصاريِّ، عَن جابرٍ، عَن عمرَ قَالَ:" هششتُ يَوْمًا، فقبَّلتُ وَأَنا صائمٌ، فَأتيت النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَقلت: صنعت الْيَوْم أمرا عَظِيما؛ فَقبلت وَأَنا صَائِم، فَقَالَ: أرأيتَ لَو تمضمضت وَأَنت صائمٌ؟ . قلتُ: لَا بَأْس بذلك. قَالَ: ففيمَ؟ ".

أَبُو الأحوصِ، عَن زيادِ بن علاقةَ، عَن عَمْرو بن مَيْمُون، عَن عائشةَ:" كَانَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] يُقبلُ فِي شهرِ رمضانَ ".

صحَّحهُ الدارقطنيُّ.

فذكرُوا حديثَ إسرائيلَ، عَن زيد بن جُبَير، عَن أبي يزِيد الضبيِّ، عَن مَيْمُونَة بنت سعدٍ قَالَت:" سُئلَ رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] [ق 89 - ب] / عَن رجلٍ قبل امرأتهُ وهما صائِمانِ، قَالَ: قدْ أفطرَا ".

أخرجهُ أحمدُ.

وَقَالَ الدارقطنيُّ: لَا يثبتُ، والضبيُّ غيرُ معروفٍ.

345 -

مَسْأَلَة:

السواكُ بعدَ الزوالِ مشروعٌ للصَّائمِ.

وَبِه يقولُ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ.

وعنهُ: يكرهُ - كالشَّافعيِّ.

ص: 378

(ت) الثوريُّ، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبد الله بن عامرِ بن ربيعةَ، عَن أبيهِ قالَ:" رأيتُ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] مَا لَا أحصي يتسوَّك وَهُوَ صائمٌ ".

فَذكرُوا مَا رَوَاهُ الخطيبُ فِي " تاريخهِ ": أبنا الصيمريُّ، نَا أَبُو بشر أحمدُ ابنُ مُحَمَّد الهرويُّ، ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر بن إسحاقَ الموصليَّ [حَدثنَا مُحَمَّد بن عَبدة الْموصِلِي] إبراهيمُ بن سعيدٍ الجوهريُّ، نَا عبد الصَّمد بن النُّعْمَان، ثَنَا كيسَان أَبُو عمر [القصَّار] ، عَن يزِيد بن بِلَال، عَن خباب، عَن النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] قالَ:" إِذا صُمتُم فاستاكُوا بالغداةِ، وَلَا تستاكُوا بالعشيِّ؛ فإنَّهُ لَيْسَ من صائمٍ تتيبس شفتاهُ بالعشيِّ إِلَّا كَانَتَا نُوراً بَين عينيهِ يومَ القيامةِ ".

قَالَ ابنُ معينٍ: كيسانُ ضعيفٌ.

وَقَالَ ابنُ حبانَ: يزيدُ لَا يحتجْ بهِ.

قلتُ: مَا أراهُ إِلَّا بَاطِلا.

إبراهيمُ بن بيطارٍ الخوارزميُّ، عَن عاصمٍ الأحولِ:" سألتُ أنسا: أيستاكُ الصَّائمُ؟ قالَ: نعم. قلتُ: برطبِ السّواكِ ويابسِهِ؟ قالَ: نعم. قلتُ: فِي أوَّلِ النَّهارِ وآخرِهِ؟ قالَ: نعم. قلتُ لَهُ: عَن من؟ قالَ: عَن النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] ".

قَالَ ابْن حبَان: هَذَا لَا أصلَ لهُ، وإبراهيمُ واهٍ.

346 -

مَسْأَلَة:

ويغتسلُ الصَّائمُ. وكرههُ أَبُو حنيفةَ.

(د) مالكٌ، عَن سميٍّ، عَن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرَّحْمَن عَن بعضِ الصحابةِ

ص: 379

قالَ: " رأيتُ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] يصبُّ على رَأْسِهِ الماءَ وَهُوَ صائمٌ من العطشِ، أَو من الحرِّ ".

347 -

مَسْأَلَة:

إِذا اكتحلَ بِمَا يصلُ إِلَى جوفهِ أفطرَ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ والشافعيُّ: لَا.

(د) عَن معبد بن هوذةَ، عَن النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] :" إنَّا أُمِرنا بالإِثمدِ المروحِ عندَ النّوم " وَقَالَ: " ليتَّقهِ الصَّائمُ ".

قَالَ (د) : قالَ لي ابنُ معينٍ ": هَذَا حديثٌ منكرٌ، وعبدُ الرحمنِ بنُ النعمانِ: ضعيفٌ.

وَقَالَ أَبُو حاتمٍ: صدوقٌ.

الحسنُ بن عَطِيَّة، عَن أبي عاتكةَ، عَن أنسٍ، قالَ:" جاءَ رجلٌ إِلَى النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] فقالَ: اشتكت عَيْني، أفأكتحلُ وَأَنا صائمٌ؟ قالَ: نعم ".

إسنادُهُ واهٍ جدًّا.

348 -

مَسْأَلَة:

الحجامةُ تفطرُ، خلافًا للأكثرِ؛ لقولِه [صلى الله عليه وسلم] :" أفطرَ الحاجمُ والمحجُومُ ".

رواهُ بضعَة عشرَ صحابيًّا، وأخذَ بهِ عليٌّ وابنُ عمرَ، وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو هُرَيْرَة وعائشةُ، إِلَّا أنَّ أَكْثَرهَا ضعافٌ.

أصحُّها: معمرٌ، عَن يحيى بن أبي كثيرٍ، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن قارظٍ [ق 90 - أ] /

ص: 380

عَن السَّائِب بن يزيدَ، عَن رَافع بن خديج (عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ) قَالَ: أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ ".

قَالَ أَحْمد: هَذَا أصح شَيْء فِي البابِ.

خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلابةَ، عَن أبي الأشعثِ، عَن شدادِ بن أَوْس " أَنه [مر] مَعَ رسولِ الله [صلى الله عليه وسلم] زمنَ الفتحِ على رجلٍ يحتجمُ بالبقيعِ؛ لثماني عشرةَ خلت من رَمَضَان، فقالَ: أفطرَ الحاجمُ والمحجوم " قَالَ أَحْمد: نَا إِسْمَاعِيل، عَن خَالِد.

قلتُ: قولُه: بالبقيعِ خطأ فاحشٌ؛ فإنَّ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] كَانَ يومَ التَّاريخِ المذكورِ فِي مكَّةَ، اللهمَّ إِلَّا أَن يريدَ بِالبَقِيعِ السُّوقَ. وإسنادُهُ قويُّ.

قالَ أَحْمد: نَا إِسْمَاعِيل، نَا هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى، عَن أبي قلابةَ، عَن أبي أَسمَاء، عَن ثوبانَ " أَن رَسُول اللهِ [صلى الله عليه وسلم] أَتَى على رجلٍ يحتجمُ فِي رَمَضَان؛ فَقَالَ: أَفطرَ الحاجمُ والمحجومُ ".

أحمدُ، نَا أَبُو الجوابِ، نَا عمارُ بن رزيقٍِ، عَن عطاءِ بن السائبِ، حَدثنِي الحسنُ، عَن معقلِ بن سنانَ الْأَشْجَعِيّ؛ أَنه قالَ:" مر عليَّ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] وَأَنا أحتجمُ فِي ثَمَانِي عشرةَ لَيْلَة خلت من رمضانَ؛ فقالَ: أفطرَ الحاجمُ والمحجُومُ ".

أَحْمد، نَا يحيى بن سعيد، عَن أَشْعَث، عَن الْحسن، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:" أفطر الحاجم والمستحجم ".

ص: 381

أَحْمد، نَا يزِيد، أَنا أَبُو الْعَلَاء، عَن قَتَادَة، عَن شهر، عَن بِلَال؛ قَالَ رَسُول الله:" أفطر الحاجم والمحجوم ".

أَحْمد نَا عليُّ بنُ عبد الله، نَا عبدُ الوهابِ الثقفيُّ، نَا يونسُ، عَن الحسنِ، عَن أبي هريرةَ مَرْفُوعا مثلهُ.

أحمدُ، نَا أَبُو النضرِ، نَا شيبانُ، عَن ليثٍ، عَن عطاءٍ، عَن عائشةَ مَرْفُوعا مثلهُ.

الثمانيةُ من " الْمسند ".

قَالَ ابنُ المدينيِّ والبخاريُّ: أصحُّ مَا فِي البابِ حديثُ شدادٍ وثوبانَ.

ولهمُ: عبدُ الوارثِ، نَا أيوبُ، عَن عكرمةَ، عَن ابنِ عباسٍ:" احتجمَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] وهوَ محرمٌ صائمٌ ".

صحَّحهُ (ت) .

الحكمُ، عَن مقسمٍ، عَن ابنِ عباسٍ " أنَّ رسولَ اللهِ احتجمَ بالباحة وهوَ صائمٌ ".

خالدُ بن مخلدٍ، عَن عبدِ اللهِ بن الْمثنى، عَن ثابتٍ، عَن أنسٍ قالَ:" أولُ مَا كرهت الحجامةُ للصَّائمِ، أنَّ جعفرَ بن أبي طَالب احتجمَ وَهُوَ صائمٌ، فمرَّ بِهِ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ: أفطرَ هذانِ. ثُمَّ رخصَ بعد فِي الحجامةِ للصَّائمِ، وكانَ أنسٌ يحتجمُ وَهُوَ صائمٌ ".

ص: 382

قَالَ الدارقطنيُّ: كلهم ثقاتٌ، وَلَا أعلم لَهُ [ق 90 - ب] / عِلّة.

قَالَ الْمُؤلف: قَالَ أحمدُ: خالدٌ لَهُ أحاديثُ مناكيرُ.

قلتُ: وعبدُ اللهِ بنُ الْمثنى ضعَّفهُ أَبُو داودَ، مَعَ أنَّ الرَّجلين احتجَّ بهما البخاريُّ.

شعيبُ بنُ حربٍ، نَا هشامُ بنُ سعدٍ، عَن زيدِ بنِ أسلمَ، عَن عطاءِ بن يسارِ، عَن أبي سعيدٍ قالَ: قَالَ رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] : " ثلاثةٌ لَا يفطرنَ الصَّائمَ: القيءُ، والحجامةُ، والاحتلامُ ".

ورواهُ عبد الرحمنِ بنُ زيدِ بنِ أسلمَ، عَن أبيهِ [عَن] هشامٍ.

قالَ النَّسَائِيّ: ضعيفٌ.

قلتُ: روى لهُ مسلمٌ.

349 -

مَسْأَلَة:

الفطرُ فِي السَّفرِ أفضلُ، خلافًا لأكثرهم.

شعبةُ، عَن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الحسنِ؛ أنهُ سمعَ جَابِرا يقولُ:" بَينا رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] فِي سفر، فَرَأى زحاماً ورجُلاً قد ظُلل عَلَيْهِ، فسألَ عنهُ، فقيلَ: صائمٌ، فقالَ: لَيْسَ من البرِّ أَن تصومُوا فِي السَّفرِ "

أَخْرجَاهُ.

الزُّهْرِيّ، عَن صفوانَ بنِ عبدِ اللهِ، عَن أمِّ الدرداءِ، عَن كعبِ بنِ عاصمٍ؛ أنَّ رسولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] قالَ:" ليسَ من البرِّ الصِّيامُ فِي السَّفَرِ ".

ابنُ إسحاقَ، حَدثنِي بشيرُ بنُ يسارٍ، عنِ ابنِ عباسٍ قالَ: " خرجَ رسولُ اللهِ

ص: 383

عَام الْفَتْح فِي رمضانَ، فصامَ وصامَ المسلمونَ مَعَه، حَتَّى إِذا كَانَ بالكديدِ دَعا بماءٍ فِي قَعْب وَهُوَ على راحلتهِ، فَشرب والناسُ ينظرونَ؛ يعلمُهم أَنه قد أفطرَ، فأفطرَ المسلمونَ ".

الحكمُ، عَن مقسمٍ، عَن ابنِ عباسٍ:" صامَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] يَوْم الْفَتْح حَتَّى أَتَى قديداً، فَأتى بقدحٍ من لبنٍ، فأفطرَ وأمرَ الناسَ أَن يفطرُوا ".

الليثُ، نَا يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الخيرِ، عَن مَنْصُور (الْكَلْبِيّ) ، عَن دحيةَ بن خليفةَ " أَنه خرج من قريته فِي رمضانَ، فأفطرَ وأفطرَ مَعَه ناسٌ، وكرهَ آخرونَ أَن يفطرُوا، فَلَمَّا رجعَ قالَ: واللهِ لقد رأيتُ الْيَوْم أمرا مَا كنتُ أَظن أَن أراهُ؛ إِن قوما رَغِبُوا عَن هدي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَأَصْحَابه، يقولُ ذلكَ للذينَ صامُوا، ثمَّ قالَ عندَ ذلكَِ: اللَّهُمَّ ابضنِي إليكَ ".

رواهم أحمدُ.

350 -

[مَسْأَلَة] :

فَإِن صامَ فِي السَّفرِ صحَّ، خلافًا لداودَ.

لنا: إسماعيلُ بن عبيد اللهِ، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء قالَ:" كُنَّا مَعَ رَسُول اللهِ [صلى الله عليه وسلم] فِي سفرٍ، وَإِن أَحَدنَا ليضعُ يدهُ على رَأسه من شدَّة الْحر، وَمَا [ق 91 - أ] منا صائمٌ إِلَّا رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] وابنُ رواحةَ ".

هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عائشةَ قَالَت:" جاءَ حمزةُ الأسلميُّ، فقالَ: يَا رسولَ اللهِ، إِنِّي رجلٌ أسردُ الصومَ، أَفأصومُ فِي السّفر؟ قَالَ: إِن شئتَ فصُم، وَإِن شِئْت فَأفْطر ".

ص: 384

متفقٌ عَلَيْهِمَا.

سعيدٌ، عَن قتادةَ، عَن سليمانَ بن يسَار، عَن حمزةَ بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ " أَنه سألَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] عَن الصومِ فِي السفرِ، فقالَ: إِن شئتَ صمتَ، وَإِن شئتَ أفطرتَ ".

(م) ابنُ وهبٍ، أَنا عَمْرو بن الحارثِ، عَن محمدِ بن عبد الرَّحْمَن، عَن عروةَ، عَن أبي مراوح، عَن حمزةَ بنِ عَمْرو أنهُ قَالَ:" يَا رسولَ اللهِ، إِنِّي أجدُ بِي قُوَّة على الصيامِ فِي السّفر، فَهَل عَليّ جناحٌ؟ فَقَالَ: هِيَ رخصةٌ من اللهِ، فَمن أخذَ بهَا فحسنٌ، وَمن أحبَّ أَن يصومَ فَلَا جنَاح عليهِ ".

قَالَ الدارقطنيُّ: إسنادٌ صحيحٌ.

وخالفهُ هشامُ بنُ عُرْوَة، فرواهُ عَن عروةَ، عَن عَائِشَة، ويحتملُ أَن يكونَ الْقَوْلَانِ صَحِيحَيْنِ.

عَن عبدِ الله بن عَمْرو قالَ: " رأيتُ رسولَ اللهِ يصومُ فِي السفرِ ويفطرُ ".

عبد الْكَرِيم الْجَزرِي، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:" لَا تَعب على من صامَ فِي السّفر، قد صامَ رسولُ اللهِ وأفطَرَ ".

(خَ م) مالكٌ، عَن حميدٍ، عَن أنسٍ قالَ:" سافرنا مَعَ رسولِ الله [صلى الله عليه وسلم] فِي رمضانَ، فَلم يعبِ الصائمُ على المفطرِ، وَلَا المفطرُ على الصائمِ ".

ص: 385

351 -

مَسْأَلَة:

من نوى ثمَّ سافرَ، جَازَ لَهُ أَن يفطرَ.

وَبِه قَالَ الْمُزنِيّ وداودُ.

وَعنهُ: لَا يباحُ - كقولِ أَكْثَرهم.

لنا (خَ م) الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله، عَن ابْن عَبَّاس " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] خرجَ عَام الفتحِ، فصامَ حَتَّى إِذا كانَ بالكديدِ أفطرَ ".

وَإِنَّمَا يُؤخذُ بالآخرِ من فعلِ رسولِ الله [صلى الله عليه وسلم] .

(خَ م) منصورٌ، عَن مجاهدٍ، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قالَ:" خرجَ رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] مُسَافِرًا فِي رمضانَ حَتَّى أَتَى عُسْفانَ، فَدَعَا بإناءٍ، فَشرب ليري النَّاس، ثمَّ أفطرَ حَتَّى قدمَ مكةَ ".

352 -

[مَسْأَلَة] :

إِذا نوى باللَّيلِ، ثُمَّ أُغمي عَلَيْهِ قبلَ الفجرِ، فَلم يفق إِلَّا بعدَ المغربِ، لم يَصح صومُهُ.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يصحُ.

(خَ م) أَبُو صالحٍ، عَن أبي هريرةَ، قالَ رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] :" كل عمل ابْن آدمَ يُضَاعف؛ الحسنةُ بعشرِ أَمْثَالهَا إِلَى سبعمائةِ ضعف، إِلَى مَا شاءَ الله، يقولُ الله: إِلَّا الصومَ؛ فإنهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ، يدعُ طعامهُ [ق 91 - ب] / وشهوتهُ من أَجلي ".

353 -

[مَسْأَلَة] :

من أخَّرَ قضاءَ رمضانَ لغيرِ عذرٍ حَتَّى جاءَ رمضانُ، فعليهِ الفديةُ والقضاءُ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ: لَا تجبُ.

ص: 386

الدارقطنيُّ: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر الصَّيْرَفِي، ثَنَا بكر بن مَحْمُود الفزار، نَا إِبْرَاهِيم بن نَافِع الْجلاب، نَا عمرُ بن وجيه، نَا الحكمُ، عَن مجاهدٍ، عَن أبي هريرةَ عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] :" فِي رجلٍ أفطرَ فِي رمضانَ ثمَّ مرضَ، ثمَّ صَحَّ وَلم يصُم حَتَّى أدركهُ رمضانُ آخرُ، قالَ: يصومُ الَّذِي أدركهُ، ثمَّ يصومُ الشهرَ الَّذِي أفطرَ، ويطعمُ عَن كل يومٍ مِسْكينا ".

إبراهيمُ الجلابُ كذبَهُ أَبُو حاتمٍ، وابنُ وجيه لَيْسَ بثقةٍ.

ابنُ جريجٍ، عَن عطاءٍ، عَن أبي هريرةَ " فِي رجلٍ مرضَ ثمَّ صَحَّ " فَذكر نَحْو الحَدِيث.

قَالَ الدارقطنيُّ: هَذَا صحيحٌ موقوفٌ.

354 -

[مَسْأَلَة] :

من ماتَ وَعَلِيهِ رمضانُ؛ فإِنَّهُ يُطعمُ عنهُ، وَلَا يُصامُ، وَمن كَانَ عليهِ نذرٌ، صامهُ الوليُّ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ: لَا يُصامٌ، وَلَا يُطعمُ فِي الحالينِ، إِلَّا أَن يوصَى بذلكَ.

وَقَالَ الشَّافِعِي فِي " القديمِ " يُصامُ فيهمَا. وَفِي " الجديدِ ": يُطعمُ فيهمَا.

(ت) عبثرُ بنُ القاسمِ، عَن أَشْعَث، عَن محمدٍ، عَن نافعٍ، عَن ابنِ عمرَ عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قالَ:" من مَاتَ وَعَلِيهِ صيامُ شهرٍ، فليطعم عنهُ مكانَ كلَّ يومٍ مِسْكينا ".

قَالَ الترمذيُّ: الصَّحِيح عَن ابنِ عمرَ مَوْقُوفا.

أشعثُ هُوَ ابنُ سواٍ رٍ، قالَ يحيى: لَا شيءَ.

ومحمدٌ هوَ ابنُ أبي ليلى: لينٌ. وَقد حملهُ أصحابُنا على قضاءِ رمضانَ.

ص: 387

(خَ م) الزُّهْرِيّ، عَن عبيد اللهِ، عَن ابنِ عباسِ " أَن سعدَ بن عبَادَة سألَ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] عَن نذرٍ كَانَ على أمِّهِ، توفيت قبلَ أَن تقضيهُ قالَ: اقضِهِ عَنْهَا ".

(خَ) شعبةُ، عَن أبي بشرٍ، سمعتُ سعيدَ بن جُبَير، عَن ابنِ عباسٍ " أنَّ امْرَأَة نذرت أَن تحجَّ فَمَاتَتْ، فَأتى أَخُوهَا النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك، فَقَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ على أُختكَ دينٌ، أكنتَ قاضيهُ؟ قالَ: نعم. قالَ: فاقضوا اللهَ، فَهُوَ أَحَق بِالْوَفَاءِ ".

أحمدُ، نَا هشيم، عَن أبي بشر، عَن سعيد، عَن ابْن عَبَّاس " أَن امْرَأَة ركبتِ الْبَحْر، فنذرت، إِن الله نجاها أَن تَصُوم شهرا، فأنجاها الله، فَلم تصم حَتَّى مَاتَت، فَجَاءَت قرابةٌ لَهَا، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَقَالَ: صُومي ".

عبدُ الملكِ بن أبي سليمانَ، عَن عبدِ اللهِ بنِ عطاءِ الْمَكِّيّ، عَن سليمانَ بن بُرَيْدَة، عَن أبيهِ " أَن امْرَأَة قَالَت: يَا رَسُول اللهِ، إِن أُمِّي كَانَ عَلَيْهَا صومُ شهرٍ، أفيجزئُها [ق 92 - أ] / أَن أَصوم عَنْهَا؟ قَالَ: نعم ".

وللشافعية حديثُ (خَ م) مُسلم البطين، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَتَت النَّبِي امْرَأَة، فَقَالَت: إِن أُمِّي مَاتَت وَعَلَيْهَا صومُ شهرٍ، أفأقضي عَنْهَا؟ قالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمكِ دينٌ، أما كُنتِ تقضيهِ؟ قَالَت: بلَى. قَالَ: فدينُ اللهِ أَحَق ".

ابْن لهيعةَ، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر، عَن محمدِ بنِ جعفرِ بن الزبير، عَن عروةَ، عَن عائشةَ " أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] عَن من ماتَ وَعَلِيهِ صيامٌ، قالَ: يصومُ عَنهُ وليُّهُ ".

ص: 388

رَوَاهُ الدارقطنيُّ من طَرِيق يحيى بن أيوبَ، عَن ابْن أبي جَعْفَر، وقالَ: هَذَا إسنادٌ حسنٌ.

355 -

[مَسْأَلَة] :

لَا يجبُ التتابعُ فِي قضاءِ رمضانَ، خلافًا لداودَ.

سُفْيَان بن بشر، نَا عَليّ بن مسْهر، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمرَ " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قالَ فِي قَضَاء رمضانَ، إِن شَاءَ فرقَ، وَإِن شاءَ تابَعَ ".

قَالَ الدارقطنيُّ: لم يسْندهُ غير سفيانَ بن بشرٍ.

قُلْنَا: مَا عرفنَا أحدا طعن فيهِ.

وحجةُ داودَ: حبَان بن هلالٍ، نَا عبدُ الرحمنِ بنُ إِبْرَاهِيم الْقَاص، نَا العلاءُ ابنُ عبد الرحمنِ، عَن أبيهِ، عَن أبي هريرةَ، أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قالَ:" من كَانَ عليهِ صومٌ من رمضانَ، فليسردهُ وَلَا يقطعهُ ".

عبدُ الرحمنِ: ضعفَهُ الدارقطنيُّ وغيرهُ.

356 -

[مَسْأَلَة] :

إِذا دخلَ فِي صومِ تطوَّع لم يلزمهُ إتمامهُ، فَإِن أفطرَ لم يلزمهُ القضاءُ.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ: يلزمُهُ، فَإِن أفطرَ وجبَ القضاءُ.

لنا شعبةُ (خَ) عَن قَتَادَة، عَن أبي أيوبَ، عَن جويريةَ " أَن رسولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] دخلَ عَلَيْهَا فِي يومِ جمعةٍ وهيَ صائمةٌ، فقالَ: أَصمتِ أمس؟ قَالَت: لَا.

قَالَ: تصومينَ غَدا؟ . قَالَت: لَا. قالَ: فأَفطري ".

سعيد، عَن قَتَادَة، عَن سعيدٍ بن الْمسيب، عَن (عبدِ الله بن عمر) ، " أَن رسولَ اللهِ دخلَ على جويريةَ

" فَذكر نحوهُ.

ص: 389

(م) طلحةُ بن يحيى، عَن عَائِشَة بنتِ طلحةَ، عَن عائشةَ " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كَانَ يَأْتِيهَا وَهُوَ صائمٌ، فَيَقُول: أصبح عنْدكُمْ شَيْء تطعمونيه؟ فَنَقُول: لَا. فَيَقُول: إِنِّي صائمٌ. ثمَّ جاءها بعد ذَلِك، فَقَالَت: أُهديت لنا هديةٌ، فخبأنا لكَ. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَت: حيسٌ؟ قَالَ: قد أصبحتُ صَائِما، فأكلَ ".

سليمانُ بن معاذٍ الضَّبِّيّ، عَن سماكٍ، عَن عكرمةَ قالَ: قَالَت عائشةُ:

دخلَ عَليّ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم]، فقالَ: هَل عندكِ شيءٌ؟ قلتُ: نعم. قَالَ: إِذا أطعمُ، وَإِن كُنتُ قد فرضتُ الصَّوْم ".

صححهُ [ق 92 - ب] / الدارقطنيُّ، وَسليمَان صدُوقٌ.

مُحَمَّد [الْعَرْزَمِي] عَن عَطاء، عَن أم سلمةَ " أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كانَ يصبحُ من اللَّيْل وَهُوَ يُرِيد الصَّوْم، فَيَقُول: أعندكم شَيْء، أَتَاكُم شيءُ؟ فنقولُ: أَو لم تصبح صَائِما؟ فَيَقُول: بلَى، وَلَكِن لَا بَأْس أَن أفطرَ، مَا لم يكن نذرا، أَو قضاءَ رَمَضَان ".

الْعَرْزَمِي ضَعِيف، رواهُ الدارقطنيُّ.

(ت) أَبُو الأحوصِ، عَن سماك، عَن ابْن أم هَانِيء، عَن أم هَانِيء قَالَت:" كنتُ قَاعِدَة عندَ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَأتي بشرابٍ فشربَ مِنْهُ، ثمَّ ناولني فَشَرِبت، فقلتُ: إِنِّي أذنبتُ فَاسْتَغْفر لي: قالَ: وَمَا ذَاك؟ قلتُ: كنتُ صَائِمَة فأفطرتُ. قالَ: أَمن قضاءٍ؟ قلتُ: لَا. قالَ: فَلَا يضركِ ".

أحمدُ، نَا أَبُو داودَ، نَا شُعْبَة، عَن جعدةَ، عَن أم هَانِيء " أَن رسولَ اللهِ

ص: 390

دخلَ عَلَيْهَا

" بِمَعْنَاهُ، وفيهِ قالَ: " الصائمُ المتطوعُ أَميرُ نفسِه؛ إِن شاءَ أفطرَ قلتُ لهُ: سمعتهُ من أم هَانِيء؟ قالَ: لَا، حدثنيهِ أَبُو صَالح وأهلنا عَنْهَا ".

غنْدر، نَا شُعْبَة، عَن جعدةَ، عَن جدته أم هَانِيء.

حمادُ بن سَلمَة، نَا سماكُ بن حَرْب، عَن هارونَ ابْن بنتِ أم هَانِيء - أَو ابنِ ابْن أم هَانِيء - عَن أم هَانِيء " أَن رَسُول اللهِ [صلى الله عليه وسلم] شربَ شرابًا؛ فناولها لتشرب

" الحَدِيث.

وَاحْتَجُّوا على القضاءِ:

بسفيانَ بن حُسَيْن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عائشةَ قَالَت:" أُهديت لحفصة شاةٌ وَنحن صائمتانِ، فأفطرتني، وَكَانَت ابْنة أَبِيهَا، فَلَمَّا دخلَ علينا رسولُ الله [صلى الله عليه وسلم] ، ذكرنَا ذَلِك لهُ، فقالَ: أبدِلا يَوْمًا مكانهُ ".

قُلْنَا: محمولٌ على الاستحبابِ.

(ت) كثيرُ بنُ هشامٍ، نَا جعفرَ بنُ برقانَ، عَن الزُّهْرِيّ بنحوهِ، وقالَ:" اقضيا " بدل: " أبدلا ".

قَالَ التِّرْمِذِيّ: رواهُ مالكٌ، ومعمرٌ، وَعبيد اللهِ بنُ عمرَ، وزيادُ بنُ سعدٍ، وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ، عَن عائشةَ بإسقاطِ عروةَ، وَهُوَ أصح؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَن ابْن جريج، قالَ: سألتُ الزُّهْرِيّ فقلتُ لَهُ: أحَدثك عروةُ؟ فقالَ: لم أسمع من عروةَ فِي هَذَا شَيْئا، وَلَكِنِّي سمعتُ من ناسٍ عَن بعضِ من سألَ عائشةَ عَن هَذَا الحَدِيث.

وَفِي كتاب الدارقطنيُّ، من حديثِ عائشةَ؛ أَن رَسُول الله قَالَ:" إِنِّي أريدُ الصومَ. وأُهدي لَهُ حيسٌ، فَقَالَ: إِنِّي آكلٌ وأصومُ يَوْمًا مكانهُ ".

قالَ: لم يُتَابع عليهِ محمدُ بن عَمْرو الْبَاهِلِيّ، ولعلهُ شبه عَلَيْهِ وَالله أعلمُ؛ لِكَثْرَة من خَالفه عَن ابْن عيينةَ.

ص: 391

[ق 93 - أ] / وَفِي الدارقطنيُّ: ثَنَا أحمدُ بن مُحَمَّد بن سوادةَ، نَا حمادُ بن خالدٍ، عَن مُحَمَّد بن أبي حميد، عَن إبراهيمَ بن عبيد قالَ:" صنع أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ طَعَاما، فَدَعَا النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَأَصْحَابه، فقالَ رجلٌ: إِنِّي صائمٌ. فقالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : صنعَ لَك أخوكَ وتكلفَ لَك، أفطرِ وصم يَوْمًا مَكَانَهُ " مرسلٌ، ومحمدُ بنُ أبي حميدٍ ضعيفٌ.

وَعَن جابرٍ قَالَ: " صنعَ رجلٌ طَعَاما، ودعا النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] . . " فَذكر نَحوا منهُ فِي [إِسْنَاده] عَمْرو بن خليف، قَالَ ابنُ عدي: متهمٌ بِوَضْع الحَدِيث.

أخرجه الدارقطنيُّ.

وَعَن ثوبانَ قالَ: " كَانَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] صَائِما فِي غير رمضانَ، فَأَصَابَهُ غم آذاهُ فقاءَ، فَدَعَا بوضوءٍ فَتَوَضَّأ ثمَّ أفطرَ، فقلتُ: يَا رسولَ اللهِ، أفريضةُ الوضوءِ من الْقَيْء؟ قالَ: " لَو كَانَ فَرِيضَة لوجدته فِي الْقُرْآن. قَالَ: ثمَّ صامَ الغَدَ، فسمعتهُ يقولُ: هَذَا مكانُ إفطاري أمس ".

فِيهِ عتبةُ بنُ السكنِ، قَالَ الدارقطنيُّ: متروكُ الحديثِ.

ويروى عَن أم سلمةَ فِي ذَلِك من طريقٍ لم يَصح.

357 -

[مَسْأَلَة] .

من نذر صومَ العيدِ لم يصم، ثمَّ يقْضِي ويكفرُ وعنهُ إِن صامهُ أجزأهُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يفْطر وَيَقْضِي؛ فَإِن صَامَهُ أَجزَأَهُ. وَقَالَ مالكٌ والشافعيُّ: لم ينْعَقد نذرهُ.

(خَ م) سفيانُ، عَن الزُّهْرِيّ، سمع أَبَا عبيد يقولُ: " شهدتُ العيدَ مَعَ

ص: 392

عمرَ، فَبَدَأَ بالصلاةِ قبلَ الخطبةِ، وَقَالَ: رأيتُ رسولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] نهى عَن صيامِ هذينِ اليومينِ؛ أَمَّا يومُ الفطرِ، فهوَ فطرُكم من صومكُم، وأمَّا يومَ الْأَضْحَى، فَكُلُوا من لحم نسككُم ".

(خَ م) شعبةُ، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قالَ:" سمعتُ قزعةَ مولى زِيَاد، سمعتُ أَبَا سعيدٍ سَمِعت النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] نهى عَن صيامِ يومينِ: يومِ النحرِ، ويومِ الفطرِ ".

(خَ م) مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رسولَ اللهِ نهى عَن صيامِ يومينِ؛ يومِ الفطرِ، ويومِ النحرِ ".

أَحْمد، نَا أَبُو سعيد، مولى بني هاشمٍ، نَا سعيدُ بن سلمةَ بن أبي الحسامِ، نَا يزِيد بنُ الهادِ، عَن عَمْرو بن سليم، عَن أمهِ، قَالَت:" بَيْنَمَا نحنُ [ق 93 - ب] / بمنى، إِذا عَليّ رضي الله عنه[يَقُول] : إنَّ رسولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] قالَ: إنَّ هذهِ أَيَّام أكلٍ وشُربٍ؛ فَلَا يصُمها أحدٌ ".

أَحْمد، نَا محمدُ بنُ بكرٍ، أَنا محمدُ بنُ أبي حميدٍ، أَخْبرنِي إسماعيلُ بنُ محمدِ بنِ سعيدٍ، عَن أبيهِ، عَن جدِّهِ:" قالَ لي رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : يَا سعدُ، قُم فأذِّن بمنى أنَّها [أيامُ] أكلٍ وشُربٍ، وَلَا صومَ فِيهَا ".

ص: 393

358 -

[مَسْأَلَة] :

يكرهُ إفرادُ الجمعةِ أَو السبتِ بالصِّيامِ، إِلَّا لذِي عادةٍ.

وقالَ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ: لَا يكرهُ.

لنا (خَ م) حديثُ جويريةَ، وَقد مرَّ.

(خَ) الأعمشُ، عَن أبي صالحٍ، عَن أبي هريرةَ مَرْفُوعا:" لَا تصومُوا يومَ الجمعةِ إِلَّا وقبلهُ يومٌ، أَو بعده يومٌ ".

عوفٌ، عَن محمدٍ، عَن أبي هريرةَ:" نهى رسولُ الله أَن يُفردَ يومُ الجمعةِ بصومٍ ".

(م) هشامٌ، عَن ابنِ سيرينَ، عَن أبي هريرةَ، عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ:

" لَا تخصُّوا لَيْلَة الجمعةِ بقيامٍ من بَين للَّيالِي وَلَا [تخصُّوا] يَوْمهَا بصيامٍ من بَين الأيامِ، إِلَّا أَن يكونَ فِي صومٍ يصومُهُ أحدُكم ".

وَعَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فِي ذلكَ، رواهُ أحمدُ من طريقِ عاصمٍ، عَن ابنِ سيرينَ، عَن أبي الدَّرْدَاء.

قلتُ: منقطعٌ.

أحمدٌ، نَا سُفْيَان، عَن عبد الحميد بن جبيرٍ، سمعَ محمدَ بنَ عباد بن جعفرٍ:" سألتُ جَابِرا: أنهى رسولُ اللهِ عَن صيامِ الجمعةِ؟ قَالَ: نعم وَرب هَذَا الْبَيْت ".

ص: 394

الْوَلِيد بن مُسلم، عَن يحيى بن حسان، سمعتُ عبد الله بن بسرٍ يقولُ: قالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : " لَا تصومُوا يومَ السبتِ، إِلَّا فِي مَا افترضَ عليكُم ".

ابنُ إسحاقُ، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن مرثدٍ اليزنيِّ، عَن حذيفةَ الأزديِّ، عَن جنادةَ الأزديِّ قالَ:" دخلتُ على رسولِ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] فِي يومِ جمعةٍ، فِي سبعةٍ من الأزدِ أَنا ثامنهم، وَهُوَ يتغدَّى فَقَالَ: هلمُّوا إِلَى الغداءِ. فقُلنا: يَا رسولَ اللهِ، إنَّا صيامٌ. قَالَ: أصمتُم أمس؟ قُلنا: لَا. قالَ: فتصُومُونَ غَدا؟ . قُلنا: لَا. قَالَ: فأفطرُوا. قالَ: فأكلنا مَعَ رسولِ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] فلمَّا خرجَ وجلسَ، دَعَا بإناءِ من ماءٍ فَشرب والناسُ ينظُرونَ، يُريهم أنَّهُ لَا يصومُ الجمعةَ ".

[ق 94 - أ] / أحمدُ، ثَنَا أَبُو عاصمٍ، نَا ثورٌ، عَن خَالِد بن معدانَ، عَن عبدِ اللهِ بن بُسرٍ، عَن أختِه الصماءِ؛ أنَّ رسُولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] قالَ: لَا تصُومُوا يومَ السبتِ إِلَّا فِي مَا افترضَ عَلَيْكُم، فَإِن لم يجد أحدُكم إِلَّا عود عنبٍ، أَو لحاءَ شجرةٍ، فليمضغها ".

أحمدُ نَا إسحاقُ، نَا ابْن لهيعةَ، نَا مُوسَى بن وردانَ، عَن عبيدٍ الأعرجِ قَالَ: حَدَّثتنِي جدتي - يَعْنِي: الصماءَ - " أنَّها دخلت على رسولِ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] يومَ السبتِ، وَهُوَ يتغدَّى، فقالَ: تعالي فكُلي. قَالَت: إنِّي صائمةٌ. فَقَالَ لَهَا: أصمتِ أمس؟ قَالَت: لَا. قالَ: كُلي؛ فإنَّ صيامَ يومِ السَّبتِ لَا لَك وَلَا عليكِ ".

واحتجُّوا: ليثُ بنُ أبي سليمٍ، عَن طاوسٍ، عَن ابْن عَبَّاس " أنهُ لم يرَ النبيَّ [صلى الله عليه وسلم] أفطرَ يومَ جمعةٍ قطّ ".

رواهُ أَبُو حفصِ الفلاسُ، ثَنَا ميونُ بنُ يزيدَ عنهُ.

وَقَالَ ابنُ الْمَدِينِيّ: نَا حفصُ بن غياثٍ، عَن ليثِ بن أبي سليمٍ، عَن عميرٍ، عَن ابْن عمرَ قَالَ:" مَا رأيتُ رسولَ اللهِ مُفطرا فِي يَوْم جمعةٍ ".

ليثٌ ضعيفٌ.

ص: 395

ثمَّ يحمل الحَدِيث على أنَّهُ كانَ يصومُ معهُ يَوْمًا.

359 -

[مَسْأَلَة] :

يكرهُ إفرادُ رجبٍ بالصَّومِ، خلافًا لأكثرِ المتأخِّرينَ.

واحتجَّ أصحابُنا بِمَا لم يصحّ:

دَاوُد بن عَطاء - أحدُ الضعفاءِ - عَن زيد بن عبد الحميد، عَن سُلَيْمَان بن عليِّ العباسي، عَن أبيهِ، عَن ابْن عباسٍ " أنَّ رسولَ اللهِ نهى عَن صيامٍ رجبٍ ".

سعيدٌ فِي " سنَنه ": ثَنَا سُفْيَان، عَن مسعرٍ، عَن وبرةَ، عَن خرشةَ بن الحرِّ " أنَّ (عمرَان بن حُصَيْن) كَانَ يضربُ أَيدي الرِّجَال فِي رَجَب إِذا رفعُوا أَيْديهم عَن طعامهِ حتَّى يضعُوا فيهِ، ويقولُ: إنَّما هُوَ شهرٌ كانَ أهلُ الجاهليةِ يُعظمونَهُ ".

360 -

[مَسْأَلَة] :

آكدُ ليلةٍ يُلتمسُ فِيهَا ليلةُ القدرِ؛ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ.

وَقَالَ الشافعيُّ: ليلةُ إِحْدَى وعشرينَ.

وَقَالَ مالكٌ: العشرُ كلُّهُ سواءٌ.

شعبةٌ، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ النَّبِي [ق 94 - ب] / [صلى الله عليه وسلم] : " من كانَ متحرياً فليتحرها ليلةَ سبعٍ وعشرينَ - أَو قالَ: تحرّوها ليلةَ سبعٍ وعشرينَ، يَعْنِي ليلةَ القدرِ ".

عبدةُ بن أبي لبابةَ وعاصمٌ، عَن زرُّ قالَ: " سألتُ أُبيًّا قلتُ: إنَّ أخاكَ ابنَ مسعودٍ يقولُ: من يقمِ الحولَ يصب ليلةَ القدرِ، فَقَالَ: يرحمهُ الله، لقد علمَ أنَّها فِي شهر رَمَضَان وَأَنَّهَا ليلةُ سبع وعشرينَ. وحلفَ، قلتُ: وَكَيف تعلمُون ذلكَ؟

ص: 396

قَالَ: بالعلامةِ، أَو بالآيةِ الَّتِي أخبرنَا بهَا؛ تطلعُ ذلكَ الْيَوْم - يَعْنِي: الشَّمسَ - لَا شُعاعَ لَهَا ".

أخرجهُمَا مسلمٌ.

(خَ م) الزهريُّ، عَن سالمٍ، عَن أبيهِ قالَ:" رأى رجلٌ ليلةَ القدرِ؛ [لَيْلَة] سبع وَعشْرين، فقالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] : أرى رُؤياكُم قد تواطأت، فالتمسُوها فِي العشرِ الْبَوَاقِي؛ فِي الوترِ مِنْهَا ".

هشامٌ، عَن قتادةَ، عَن عكرمةَ، عَن ابْن عباسٍ " أنَّ رجلا أَتَى نبيِّ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] فقالَ: يَا نبيَّ اللهِ، إِنِّي شيخٌ كبيرٌ يشقُّ عليَّ القيامُ، فمرني بليلةٍ لعلَّ الله أَن يُوفِّقني فِيهَا لليلةِ القدرِ، فقالَ: عليكَ بالسَّابعةِ ".

وَلَهُم حديثُ (خَ) أبي سَلمَة، عَن أبي سعيد قَالَ:" اعتكفَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] العشرَ الأُولَ من رمضانَ، واعتكفنا معهُ، فأتاهُ جبريلُ فقالَ: إنَّ الَّذِي تطلبُ أمامكَ. فاعتكفَ العشرَ الأوسطَ، فاعتكفنا معهُ، فأتاهُ جبريلُ فقالَ: إنَّ الَّذِي تطلبُ أمامكَ، ثُمَّ قامَ النبيُّ [صلى الله عليه وسلم] خَطِيبًا صبيحةَ عشرينَ من رمضانَ، فقالَ: من كَانَ اعتكفَ مَعَ النبيِّ [صلى الله عليه وسلم] فَليرْجع؛ فإنِّي أُريتُ ليلةَ القدرِ، إنِّي أُنسيتُها، وإنَّها فِي العشرِ الأواخرِ فِي وترٍ، وإنِّي رأيتُ كأنِّي أسجُدُ فِي طينٍ وماءٍ - وَكَانَ سقفُ المسجدِ جريدَ النَّخلِ، وَمَا يُرى فِي السَّماءِ شيءٌ، فَجَاءَت قزعةٌ فمطرنا، فصلَّى بِنَا النبيُّ [ق 95 - أ] / [صلى الله عليه وسلم] حتَّى رأيتُ أَثر الطِّينِ والماءِ على جبهةِ رسولِ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] تصديقَ رُؤياه ".

ص: 397

361 -

[مَسْأَلَة] :

سِتّ من شَوَّال تسْتَحب.

وَقَالَ أَبُو حنيفةَ ومالكٌ: لَا تُستحبُ.

(م) سعد بن سعيد، عَن عمر بن ثَابت، عَن أبي أَيُّوب، قالَ رسولُ اللهِ [صلى الله عليه وسلم] :" من صامَ رمضانَ ثُمَّ أتبعهُ ستًّا من شوالِ، فذلكَ صيامُ الدَّهرِ كُلِّهِ ".

قالُوا: فأحمدُ قالَ: سعدٌ ضعيفُ الحديثِ. وقالَ النسائيُّ: ليسَ بالقويِّ. قُلْنَا: وقالَ ابنُ معينٍ: صالحٌ. واحتجَّ بهِ مسلمٌ.

ص: 398