الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2- باب الفأرة تقع في السمن فتموت فيه
86-
(2) عن ميمونة رضي الله عنها: "أن فأرةً وقعت في سَمْنٍ فماتت، فَسُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "أَلْقُوهَا وَمَا حَولَهَا، وَكُلُوهُ".
قال ابن القَيِّم رحمه الله: "اخْتُلِفَ فيه إسناداً ومتناً، والحديث من حديث: الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أنه سمع ابن عباس يُحَدِّثُ عن ميمونة، ولفظه: "أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها؟ فقال:"ألقوها وما حولها، وكلوه". رواه الناسُ عن الزهري بهذا المتن والإسناد، ومتنه خرجه البخاريُّ في (صحيحه) ، والترمذي، والنسائي. وأصحاب الزهري كالمجمعين على ذلك.
وخالفهم معمرٌ في إسناده ومتنه، فرواه عن: الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال فيه:"إن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه".
ولما كان ظاهر هذا الإسناد في غاية الصحة، صَحَّحَ الحديث جماعةٌ، وقالوا: هو على شرط الشيخين، وحكي عن محمد بن يحيى الذُّهَلِي تصحيحه. ولكن أئمة الحديث طعنوا فيه، ولم يروه صحيحاً، بل رأوه خطأ محضاً"1. ثم نقل كلام الأئمة: البخاري، والترمذي في إعلاله، وردَّ على ابن حبان في تصحيحه إياه.
1 تهذيب السنن: (5/ 336 - 340) .
وقال مرة: "ولم يصح فيه التفصيل بين الجامد والمائع"1.
قلت: هذا الحديث مداره على الزهري، ويُروى عنه على أوجه مختلفة:
الوجه الأول: عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود2، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. رواه عن الزهري هكذا: مالكٌ، وابن عيينة، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن إسحاق، ومعمر في رواية، وغيرهم.
أما مالك، فقد اختلف عنه:
فرُوي عنه: عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة مرفوعاً.
وروي عنه: عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بدون ذكر "ميمونة".
وروي عنه: عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مقطوعاً، أسقطوا منه ابن عباس، وميمونة.
ورواه يحيى القطان، وجويرية: عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن ابن عباس: أن ميمونة استفتت النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه أوجه الاختلاف على مالك في رواية هذا الحديث، ذكرها
1 إعلام الموقعين: (4/279) .
2 الهُذَلي، أبو عبد الله المدني، ثقةٌ فقيهٌ ثبتٌ، من الثالثة، مات سنة 94هـ، وقيل غير ذلك/ ع. (التقريب 372) .
الدارقطني في (علله) 1، ثم قال:"والصحيحُ: عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة".
وقال ابن عبد البر: "وهذا اضطرب شديد عن مالك في إسناد هذا الحديث.... والصواب فيه: ما قاله يحيى ومن تابعه"2.
وأما رواية ابن عيينة، عن الزهري: فأخرجها الحميدي في (مسنده) 3 - ومن طريقه: البخاريّ في (صحيحه) 4، والطبراني في (الكبير) 5 - قال: ثنا سفيان، ثنا الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة رضي الله عنها به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه) 6 - ومن طريقه الطبراني في (الكبير) 7 - قال: حدثنا سفيان به، بنحو ما تقدم. وسقط من الطبراني لفظة "فماتت"، وهي في المصنف.
وأخرجه أحمد في (المسند) 8: حدثني سفيان به.
1 ج5 (ق 180/ب) .
2 التمهيد: (9/34) .
(1/149 - 150) ح 312.
4 ك الذبائح والصيد: ح 5538.
(23/429) ح 1043.
(8/280) ح 4444.
(24/15) ح 25.
(6/329) .
وأخرجه أبو داود في (سننه) 1: حدثنا مسدد، والترمذي في (جامعه) 2: حدثنا سعيد المخزومي وأبو عمار، والنسائي في (سننه) 3: أخبرنا قتيبة، كلهم عن: سفيان، عن الزهري به، بنحو ما تقدم، غير أن أبا داود سقطت من عنده لفظة:"فماتت".
وأخرجه الطيالسي في (مسنده) 4: حدثنا سفيان
…
فذكره، لكنه قال فيه:"أن فأرة وقعت في سمن جامد لآل ميمونة". فزاد فيه كلمة "جامد"، لكن قال الحافظ ابن حجر:"ورواه الحميدي والحفاظ أصحاب ابن عيينة بدونها"5. وسيأتي أن حجاج بن منهال تابع الطيالسي على هذه اللفظة عن سفيان.
وأخرجه ابن حبان في (صحيحه) 6 من طريق إسحاق بن راهويه، قال: أخبرنا سفيان
…
عن ميمونة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن؟ فقال: "إن كان جامداً فألقوها وما حولها وكلوه، وإن كان ذائباً فلا تقربوه".
قال ابن حجر عن رواية إسحاق، عن سفيان هذه: "تفرد بالتفصيل عن سفيان دون حفاظ أصحابه، مثل أحمد والحميدي ومسدد
(4/180) ح 3841 ك الأطعمة، باب الفأرة تقع في السمن.
(4/256) ح 1798 ك الأطعمة، باب الفأرة تموت في السمن.
(7/178) .
(ح 2716) .
5 فتح الباري: (1/344) .
6 الإحسان: (2/335) ح 1389.
وغيرهم"1. وقال مرة: "هذه الزيادة في رواية ابن عيينة غريبة"2. هذا ما يتعلق برواية ابن عيينة.
وأما رواية الأوزاعي، عن الزهري: فأخرجها الإمام أحمد في (مسنده) 3 عن محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري
…
بالإسناد السابق إلى ميمونة: أنها استفتتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في فأرة سقطت في سمن لهم جامد
…
الحديث.
فهؤلاء أشهر الرواة عن الزهري: عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة رضي الله عنها به.
وخالف هؤلاء جميعاً - من بين أصحاب الزهري -: معمرُ بن راشد، فقال فيه: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً، وهو:
الوجه الثاني عن الزهري:
أخرجه من هذا الطريق: عبد الرزاق في (مصنفه) 4 عنه، ولفظه: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن، قال:"إذا كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه".
1 فتح الباري: (9/669) .
2 المصدر السابق: (9/668) .
(6/330) .
(1/84) ح 278.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: أبو داود في (سننه) 1، وابن حبان في (صحيحه) 2 والبيهقي في (سننه)3.
وأخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه) 4: حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري بإسناد عبد الرزاق، لكن بدون تفصيل، ففيه: أنه سئل عن فأرة ماتت في السمن؟ فقال: "ألقوها وما حولها، وكلوه". فيكون هذا اختلافاً على معمر في متن هذا الحديث5، وستأتي الإشارة إلى أنه اختلف عليه في إسناده أيضاً.
وأهل العلم إزاء هذا الاختلاف في هذا الحديث فريقان:
فطائفة منهم رجحوا رواية الجماعة من أصحاب الزهري: عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة. وحكموا على رواية معمر بالوهم والغلط، قال الترمذي:"حديث غير محفوظ"6. وسأل عنه البخاريَّ، فقال: "حديث معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة: وَهِمَ فيه معمر، ليس له أصل"7. وقال
(4/181) ح 3842.
2 الإحسان: (2/335) ح 1390، 1391.
(9/353) .
(8/280) ح 4445.
5 وقد نَبَّهَ على هذا الاختلاف الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : (6/669) .
6 جامع الترمذي: (4/257) .
7 علل الترمذي: (2/758 - 759) .
أبو حاتم: "وهمٌ، والصحيح: الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"1. وذهب إلى هذا: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال باضطراب معمر وخطئه في هذا الحديث2. وذكر الحافظُ ابن حجر أن أبا زرعة الرازي، والدارقطني قالا بذلك أيضاً، ولم أجد قول واحد منهما، إلا أن الدارقطني قد صحح هذا الطريق بالنسبة للخلاف الحاصل فيه عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتيبة، لكنه لم يتعرض - فيما وقفت عليه من نسخة (العلل) - لرواية الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة3.
وطائفةٌ أخرى ذهبت إلى أن الطريقين محفوظان عن معمر، منهم: محمد بن يحيى الذهلي، فقال:"والطريقان عندنا محفوظان إن شاء الله، لكن المشهور: حديث ابن شهاب، عن عبيد الله"4. وصححه أيضاً: الإمام أحمد5، وابن حبان رحمهما الله، فإنه ترجم له بقوله: "ذكر الخبر الدال على أن الطريقين اللذين ذكرناهما لهذه السنة جميعاً محفوظان". ثم أخرج تحت هذه الترجمة رواية معمر للطريقين كليهما6. واختار
1 علل ابن أبي حاتم: (2/12) ح 1507.
2 انظر: مجموع الفتاوى: (21/490، 516، 526) .
3 انظر: علل الدارقطني: ج 5 (ق 180/ب - 181/أ) .
4 التمهيد: (9/35)، وانظر: فتح الباري: (1/344) وفيه قوله: "لكن طريق
…
ميمونة أشهر".
5 مسائل الإمام أحمد - رواية عبد الله: (1/17) رقم 20.
6 الإحسان: (2/335) ح 1391.
تصحيح الطريقين أيضاً: ابن رجب الحنبلي1 رحمه الله.
وقد اختار ابن القَيِّم توهيمَ معمر، وتصويب رواية غيره عن الزهري، وقد مضى كلامه أول هذا البحث، وسيأتي مزيد كلام له في هذا.
واستدلَّ الفريق الأول على ترجيح رواية من رواه: عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة بأدلة، منها:
الأول: ما جاء في رواية الحميدي لهذا الحديث، عن سفيان - ومن طريقه البخاريُّ والطبراني - من أنه قيل لسفيان: فإن معمراً يحدِّثه2: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة؟ قال: ما سمعت الزهري يقول إلا: عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولقد سمعته منه مراراً. فهذا سفيان بن عيينة رحمه الله يجزم بأنه لم يسمعه من الزهري إلا من حديث ميمونة.
الثاني: ما أخرجه البخاري في (صحيحه) 3: حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري: عن الدابة4 تموت في الزيت والسمن، وهو جامد أو غير جامد، الفأرة أو غيرها؟ قال:"بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل" عن حديث عبيد الله بن عبد الله.
1 شرح علل الترمذي: (ص 485 - 486) .
2 أي: يحدِّث به.
3 ك الصيد والذبائح، ح 5539.
4 أي: في حكم الدابة.
قال ابن القَيِّم رحمه الله: "واحتجاجه - أي الزهري - بالحديث من غير تفصيل: دليلٌ على أن المحفوظ من رواية الزهري إنما هو الحديث المطلق الذي لا تفصيل فيه، وأنه مذهبه، فهو رأيه وروايته، ولو كان عنده حديث التفصيل بين الجامد والمائع لأفتى به واحتجَّ به، فحيثُ أفتى بحديث الإطلاق، واحتجَّ به: دلَّ على أن معمراً غلط عليه في الحديث إسناداً ومتناً"1. وقال الحافظ ابن حجر: "وهذا يقدح في صحة من زاد في هذا الحديث عن الزهري التفرقة بين الجامد والذائب
…
لأنه لو كان عنده مرفوعاً، ما سوَّى في فتواه بين الجامد وغير الجامد"2.
الثالث: من أدلة هذا الفريق: أن معمراً قد اضطرب في هذا الحديث في الإسناد والمتن، فقد قال عبد الرزاق: "وقد كان معمر- أيضاً- يذكره عن الزهري، عن عبيد الله
…
عن ابن عباس، عن ميمونة. وكذلك أخبرناه ابن عيينة"3. فهذا اضطراب سنده.
وأما اضطراب متنه: فقال ابن القَيِّم رحمه الله: "
…
قد اضطرب حديث معمر، فقال عبد الرزاق عنه: فلا تقربوه. وقال عبد الواحد بن زياد عنه: وإن كان ذائباً أو مائعاً لم يؤكل. وقال البيهقي: وعبد الواحد بن زياد أحفظ منه. يعني: من عبد الرزاق. وفي بعض طرقه: فاستصبحوا به. وكل هذا غير محفوظ في حديث الزهري"4.
1 تهذيب السنن: (5/337) .
2 فتح الباري: (9/669) .
3 المصنف: (1/84) ح 279.
4 تهذيب السنن: (5/337) .
ثم ساق ابن القَيِّم رحمه الله حديثاً آخر في معنى حديث أبي هريرة الْمُفَصَّل فقال: "وأما الحديث الذي رواه ابن وهب، عن عبد الجبار بن عمر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن:
87-
(3) ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن فَأْرَةٍ وَقَعَتْ في سَمْنٍ؟ فقال:"أَلْقُوها وما حَولَهَا، وكُلُوا ما بَقِيَ" فقيل: يَا نبيَّ الله، أَرَأَيْتَ إن كان السَّمْنُ مَائِعَاً؟ قال:"انْتَفِعُوا به، ولا تَأْكُلُوهُ".
قال ابن القَيِّم: "فعبد الجبار بن عمر: ضعيفٌ، لا يحتجُّ به. وَرُوِيَ من وجهٍ آخرَ ضعيف: عن ابن جريج، عن ابن شهاب. قال البيهقي: والصحيح عن ابن عمر من قوله في فأرة وقعت في زيت، قال: "استصبحوا به، وادهنوا به أدمكم""1.
قلت: هذا هو:
الوجه الثالث: من أوجه رواية هذا الحديث عن الزهري: وقد أخرجه: ابن وهب في (موطئه) كما ذكر ذلك ابن عبد البر في (التمهيد) 2، ومن طريقه: أخرجه البيهقي في (سننه) 3، من طريق: عبد الجبار بن عمر4 به.
1 تهذيب السنن: (5/340) .
(9/36) .
(9/354) .
4 الأيلي، الأموي مولاهم ضعيفٌ، من السابعة، مات بعد الستين/ ت ق. (التقريب332) .
وقد ضَعَّفَهُ جماعة من العلماء: قال أبو حاتم: "
…
وَهْمٌ، والصحيح: الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة"1. وقال محمد بن يحيى الذهلي:"وهذا الإسناد عندنا غير محفوظ، وهو خطأ، ولا يُعرف هذا الحديث من حديث سالم، وعبد الجبار ضعيفٌ جداً"2. وقال الدارقطني: "ورواه عبد الجبار بن عمر، عن الزهري
…
ووهم فيه"3. وقال البيهقي: "عبد الجبار بن عمر غير محتج به"4.
وأما الطريق الآخر الذي أشار إليه ابن القَيِّم: فأخرجه الدارقطني، والبيهقي في (سننيهما) 5، من طريق: يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن ابن شهاب
…
بمثل إسناد عبد الجبار المتقدم.
قال البيهقي: "والطريق إليه - يعني إلى ابن جريج - غيرُ قويٍّ، والصحيح عن ابن عمر: من قوله، موقوفاً عليه غير مرفوع". واختار الحافظ ابن حجر تصحيح الوقف6.
فتلخص من ذلك: أن الصحيح في هذا الحديث: عن الزهري،
1 علل ابن أبي حاتم: (2/12) ح 1507.
2 التمهيد: (9/36) .
3 العلل: ج 5 (ق180/ب) .
4 السنن: (9/354) .
5 قط: (4/291) ح 80. هق: (9/354) .
6 فتح الباري: (9/669) .
عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة رضي الله عنهم. بدون ذكر التفصيل بين الجامد والمائع. وهو الذي اختاره ابن القَيِّم رحمه الله.
ومع ذلك، فإن الجمهور على العمل برواية التفصيل والأخذ بمقتضاها1؛ قال ابن عبد البر رحمه الله:"في هذا الحديث معانٍ من الفقه، منها ما اجْتُمِعَ عليه، ومنها ما اخْتُلِفَ فيه، فأما ما اجتمع عليه العلماء من ذلك: أن الفأرة، ومثلها من الحيوان كله يموت في سمنٍ جامدٍ، أو ما كان مثله من الجامدات، أنها تُطْرَحُ وما حولها من ذلك الجامد، ويؤكل سائره إذا استيقن أنه لم تصل الميتة إليه، وكذا أجمعوا: أن السَّمْنَ - وما كان مثله - إذا كان مائعاً ذائباً، فماتتْ فيه فأرةٌ - أو وقعت وهي ميتة - أنه قد نجس كله، وسواء وقعت فيه ميتة، أو حية فماتت، يتنجس بذلك، قليلاً كان أو كثيراً. هذا قول جمهور الفقهاء، وجماعة العلماء"2. والله أعلم.
1 انظر: فتح الباري: (1/344) .
2 التمهيد: (9/40) .