المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل - ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها - جـ ٣

[جمال بن محمد السيد]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌الباب الثالث: دراسة جملة من الأحاديث المختارة مما تكلم عليه ابن القيم

- ‌من كتاب الطلاق

- ‌1 ـ باب ما جاء في المحلل والمحلل له

- ‌2- باب المبتوتة: هل تجب لها السكنى والنفقة

- ‌3- باب من قال: إن لها السكنى والنفقة

- ‌4- باب في عدة أم الولد

- ‌ من كتاب البيوع

- ‌1 - باب ما جاء في أداء الأمانة واجتناب الخيانة

- ‌2- باب ما جاء من الرخصة في ثمن الكلب

- ‌3- باب ما جاء في بيع الْمُغنيات

- ‌4- باب ما جاء في النهي عن العينة

- ‌5- باب في بيع أمهات الأولاد

- ‌ من كتاب الأطعمة والصيد والذبائح

- ‌1- باب في الطافي من صيد البحر

- ‌2- باب الفأرة تقع في السمن فتموت فيه

- ‌3- باب في الأكل مع المجذوم

- ‌ من كتاب الأيمان والنذور

- ‌1 - باب النذر في المعصية، ومن رأى أن عليه الكفارة

- ‌ من كتاب العتق

- ‌1 - باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم

- ‌ من كتاب الحدود والديات

- ‌1 - باب الشفاعة في الحدود

- ‌2 - باب في قطع جاحد العارية

- ‌3 - باب ما جاء في الرجل يزني بجارية امرأته

- ‌4- باب فيمن تزوج بامرأة أبيه

- ‌5- باب في أنه لا يقتل المسلم بالكافر

- ‌6 - باب البدء في القسامة بأيمان المدعي

- ‌من كتاب الأدب

- ‌1 ـ باب كم مرة يشمت العاطس

- ‌2 - باب هل يجزئ عن الجماعة أن يسلم أو يرد أحدهم

- ‌3 - باب ما جاء في المصافحة

- ‌4 ـ باب الرجل يدعى إلى طعام، هل يكون ذللك إذنا له

- ‌5 - باب ما جاء في التنفير من الكذب

- ‌6 - باب ما جاء في ذَم الغناء

- ‌7 - باب في الأمر بتحسين الأسماء

- ‌8 - باب ما جاء في الديك

- ‌ من كتاب الفرائض

- ‌1- باب ما جاء في ميراث ذوي الأرحام

- ‌2 - باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل

- ‌ من كتاب الأذكار

- ‌1 - باب ما يقول من نسي التسمية في أول طعامه

- ‌2 - باب ما يقول إذا دخل السوق

- ‌3 - باب من قال: يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عند العطاس

- ‌ من كتاب الفضائل

- ‌1 - باب في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ من كتاب التفسير

- ‌1 - باب في تفسير قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}

- ‌ من كتاب التوحيد والأسماء والصفات

- ‌1 - باب في علو الله - عزوجل - واستوائه على عرشه

- ‌2 - باب آخر منه

- ‌3 ـ باب ما جاء في نهي النبي صلى الله عليه عن اتخاذ قبره عيدا

- ‌4 - باب ما جاء في أطفال المشركين

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌2 - باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل

‌2 - باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل

116-

(4) عن تميم الداري رضي الله عنه، أنه قال: يا رسول الله، مَا السُّنَّة في الرَّجُلِ يُسْلِمُ على يدي الرجلِ من المسلمين؟ قال:"هُوَ أَوْلَى النَّاس بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ ".

ذكر ابن القَيِّم رحمه الله أن الذين رَدُّوا هذا الحديث، منهم من رَدَّهُ لِضَعْفِهِ، ومنهم من ذهب إلى كونه منسوخاً، ومنهم من تَأَوَّلَهُ - على تقدير صحته - بأن معناه: هو أحقُّ به: يواليه وينصره، ويبره ويصله ويرعى ذِمَامَهُ، ويغسله ويصلي عليه ويدفنه، فهذه أولويته به، لا أنها أولويته بميراثه، قال ابن القَيِّم:"وهذا هو التأويل"1.

ثم ردَّ على من قال بضعفه، فقال:"وحديث تميم وإن لم يكن في رتبة الصحيح، فلا ينحطُّ عن أدنى درجاتِ الحسنِ"2.

قلت: هذا الحديث أخرجه: الترمذيُّ، وابن ماجه في (سننيهما) 3، وأحمد في (مسنده) 4 - ومن طريقه: ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 5 - كلهم من طريق: وكيع - وعند الترمذي: عن أبي أسامة، وابن نمير، ووكيع -.

1 تهذيب السنن: (4/185) .

2 المصدر السابق: (4/186) .

3 ت: (4/427) ح 2112 باب ميراث الذي يسلم على يدي الرجل. جه: (2/919) باب الرجل يسلم على يدي الرجل. كلاهما في ك الفرائض.

(4/103) .

(39/181) . في ترجمة "عبد الله بن موهب".

ص: 257

وأخرجه: أحمد في (مسنده) 1 - ومن طريقه: ابن عساكر في (تاريخ دمشق) 2 - والدارمي في (مسنده) 3، وابن أبي حاتم في (علله) 4 عن أبيه، كلهم من طريق: أبي نعيم.

وأخرجه النسائي في (الكبرى) 5 من طريق: عبد الله بن داود6.

وأخرجه أبو يعلى في (مسنده) 7 - ومن طريقه ابن عساكر8 - والدارقطني في (سننه) 9 من طريق: علي بن مسهر10.

وأخرجه النسائي في (الكبرى) 11 - ومن طريقه: ابن عساكر في

(4/103) .

(39/182) .

(2/272) ح 3037 ك الفرائض، باب الرجل يُوالي الرجل.

(2/52) ح 1642.

(6/134) ح 6380.

6 ابن عامر الهَمْدَاني، أبو عبد الرحمن الخريبي، كوفيُّ الأصل، ثقةٌ عابدٌ، من التاسعة، مات سنة 213هـ / خ 4. (القريب 301) .

(13/102) ح 7165.

(39/184) .

(4/181) ح 33.

10 القرشي، الكوفي، قاضي الموصل، ثقةٌ له غرائبُ بعد أن أُضِرَّ، من الثامنة، مات سنة 189هـ/ ع. (التقريب 405) .

11 (6/133) ح 6379.

ص: 258

(تاريخه) 1 - من طريق يونس بن أبي إسحاق2.

وأخرجه عبد الرزاق في (المصنف) 3 من طريق: عبد الله بن المبارك، وأحمد في (مسنده) 4 - وعنه ابن عساكر5 - من طريق: إسحاق بن يوسف. والطبراني في (الكبير) 6 من طريق: حفص بن غياث. والدارقطني في (سننه) 7 من طريق: إسماعيل بن عياش. وابن عساكر8 من طريق: يونس بن بكير9 كلهم عن: عبد العزيز بن عمر10، عن عبد الله بن مَوْهَب11، عن تميم

(39/185) .

2 السبيعي، أبو إسرائيل الكوفي، صدوقٌ يَهِمُ قليلاً، من الخامسة، مات سنة 152هـ على الصحيح/ رم 4. (التقريب 613) .

(9/39) ح 16271.

(4/102) .

(39/186) .

(2/45) ح 1272.

(4/181) ح 31.

(39/182) .

9 ابن واصل الشيباني، أبو بكر الكوفي، صدوقٌ يخطئ، مات سنة 199هـ/ خت م د ت ق. (التقريب 613) .

10 ابن عبد العزيز بن مروان الأموي، أبو محمد المدني، نزيل الكوفة، صدوقٌ يخطئ، من السابعة، مات في حدود 150هـ / ع. (التقريب 358) .

11 الشامي، أبو خالد، قاضي فلسطين لعمر بن عبد العزيز، ثقةٌ لكن لم يسمع من تميم الداري، من الثالثة/ ع. (التقريب 325) .

ص: 259

الداري رضي الله عنه بنحو ما تقدم، وعند الطبراني:"قلت: يا رسول الله، الرجل يسلم على يديَّ فيموت؟ ". وعند عبد الرزاق قوله صلى الله عليه وسلم: "من أسلم على يدي رجل فهو مولاه" بدون سؤال تميم.

وقد تابع عبد العزيز بن عمر على روايته هذه: أبو إسحاق السَّبيعي، فأخرجه النسائي في (الكبرى) 1، والطبراني في (الكبير) 2، والحاكم في (المستدرك) 3 ومن طريقه: البيهقي في (سننه) 4 - كلهم من طريق: يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عبد الله بن مَوْهَب، عن تميم الداري رضي الله عنه به.

وخالف هؤلاء جميعاً: يحيى بن حمزة، فرواه عن: عبد العزيز بن عمر، عن عبد الله بن موهب، عن قبيصة بن ذؤيب، عن تميم الداري به. فزاد في الإسناد "قبيصة بن ذؤيب" بين ابن موهب، وتميم الداري.

أخرجه كذلك: أبو داود في (سننه) 5 - ومن طريقه البيهقي6-

(6/133) ح 6378.

(2/45) ح 1274.

(2/219) .

(10/297) .

(3/333) ح 2918 ك الفرائض، باب في الرجل يسلم على يدي الرجل.

(10/296) .

ص: 260

والطبراني في (الكبير) 1، والبخاري في (تاريخه) 2، والحاكم في (المستدرك) 3، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 4، والبيهقي5 من وجه آخر، كلهم من طريق: يحيى بن حمزة، عن عبد العزيز بن عمر، أنه قال: سمعتُ عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز، عن قبيصة بن ذؤيب، أن تميماً الداري رضي الله عنه قال: يا رسول الله، ما السنة في الرجل

؟ الحديث بنحو ما تقدم، وزاد ابن عساكر في روايته:"قال عبد العزيز بن عمر: وشهدتُ عمرَ بن عبد العزيز قضى بذلك في رجلٍ أسلم على يدي رجلٍ، فماتَ وتركَ مالاً، وابنةً له، فأعطى عمر ابنته النِّصْفَ، والذي أسلم على يديه النصف".

وقد حَكَمَ البعض بتقديم رواية الجماعة المتقدمين، التي ليس فيها ذكرٌ لقبيصة، وخطَّأوا من وزاد فيه "قبيصة". فقال الترمذي:"وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن موهب، وبين تميم الداري: قبيصة بن ذؤيب، ولا يصحُّ". وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حمزة، عن عبد العزيز بن عمر، عن ابن موهب، عن قبيصة بن ذؤيب، عن تميم الداري

؟ قال أبي: حدثني أبو نعيم، عن عبد العزيز، عن ابن موهب،

(2/45) ح 1273.

(3/1/198 - 199) .

(2/219) .

(39/179 - 180) .

(10/296) .

ص: 261

قال: سمعت تميماً الداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبي: أبو نعيم أحفظُ وأتقنُ. قلت لأبي: يحيى بن حمزة أفهم بأهل بلده. قال: أبو نعيم في كل شيء أحفظُ وأتقن"1. وقال الحافظ ابن حجر: "تَفَرَّدَ يحيى بن حمزة بهذه الزيادة، وقد رواه بدونها من أسلفنا"2.

ومال آخرون إلى إثبات الرواية التي فيها ذِكْرُ قبيصة، فقد ذكر عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه حديث ابن موهب، عن تميم، فقال:"قال يحيى بن حمزة: عن عبد العزيز بن عمر، عن ابن موهب، عن قبيصة، عن تميم"3. وفي لفظ: "إنما هو عن ابن موهب، عن قبيصة، عن تميم"4

وسُئل ابن معين عن هذا الحديث؟ فقال: "أهل الشام يقولون: عن قبيصة"5. وفي (تاريخ أبي زرعة الدمشقي) 6: أنَّ ابنَ معين كتبَ إلى أبي نعيم: أن بينهما رجلاً. فأنكر ذلك أبو نعيم من كتابه. وكان أبو نعيم ينكر وجود قبيصة في الإسناد، ويقول:"أنا سمعت عبد العزيز بن عمر، يذكر عن عبد الله بن موهب، قال: سمعتُ تميماً الداري". فلما احتجوا عليه برواية يحيى بن حمزة، قال:"ومن يحيى بن حمزة حتَّى يُحْتَجَّ عليَّ به؟! ". فقيل له: يا أبا نعيم، لو قيل لك في نُبْلِ رِجَالِك: من

1 علل ابن أبي حاتم: (2/52) ح 1642.

2 تغليق التعليق: (5/226) .

3 علل أحمد: (2/8) رقم 22.

4 جامع التحصيل: (ص 264) .

5 الجرح والتعديل: (2/2/174) .

(1/570) .

ص: 262

الأعمش؟ من فلان؟ ألم يكن القائلُ يستطيع أن يقول: لكلِّ قومٍ عِلْمٌ، ولكل قومٍ رجالٌ، وهم أعلم بما رووا؟ فسكت أبو نعيم1.

وقال ابن القطان: "ورواه يحيى بن حمزة عنه، فأدخل بينهما: قبيصة بن ذؤيب، وهو الأصوب"2. وكأنَّ أبا زرعة الدمشقي رحمه الله يُرَجِّح ذلك أيضاً، فإنه قال: "فوجهُ مدخل قبيصة بن ذؤيب في حديثه هذا - فيما نرى، والله أعلم - أن عبد العزيز بن عمر حَدَّثَ يحيى بن حمزة بهذا الحديث من كتابه، وحدثهم بالعراق حفظاً"3. يعني أن الرواية التي حَدَّث بها من كتابه أصحُّ، وهي التي فيها ذكر قبيصة.

وإذا ما راعينا قول الإمام أحمد في عبد العزيز بن عمر: "ليس هو من أهل الحفظ والإتقان"4. وقول ابن حبان: "يخطئ"5. علمنا أن الوهم فيه من عبد العزيز هذا جائز، وأنه ربما أخطأ لمَّا حَدَّثَ من حفظه، فأسقط قبيصة من الإسناد، حتَّى إنَّ أبا نعيم رحمه الله لما عُورض برواية يحيى بن حمزة هذه سكت.

فإذا قُبلَ هذا الترجيح للرواية المتصلة، فإنه لم يبق سببٌ لإعلال

1 تاريخ أبي زرعة الدمشقي: (1/570 - 571)، وتاريخ دمشق:(39/ 187 - 188) .

2 بيان الوهم والإيهام: (3/546) ح 1324.

3 تاريخ أبي زرعة الدمشقي: (1/571) .

4 تهذيب التهذيب: (6/350) .

5 الثقات: (7/114) .

ص: 263

الحديث بالانقطاع بين ابن موهب، وتميم الداري، كما أعله بذلك: يعقوب بن سفيان1، والشافعي2 رحمهما الله؛ لأنَّ هذه الرواية - والحالة هذه - تصبحُ مرجوحةً.

لكن يبقى بعد ذلك الكلام على بعض العلل التي رُمِي بها الحديث، فمن ذلك:

إعلاله بالاضطراب: قاله ابن المنذر، وابن القطان3. وهذا مبنيٌّ على ما تقدم من كونه رُوي مرةً مرسلاً، ومرةً متصلاً، ومع إمكان الترجيح لإحدى الروايتين على الأخرى، لا يبقى وجهٌ للحكم باضطرابه، وقد أمكن ذلك كما تقدم.

ومن ذلك: جهالة عبد الله بن موهب. قال ابنُ معين وقد سئل عنه: "لا أعرفه"4. وقال الشافعي: "وابن موهب ليس بمعروف عندنا"5. وقال ابن القطان: "وعلة هذا الحديث: الجهل بحال عبد الله بن موهب؛ فإنه لا تُعرف حاله وإن كان قاضي فلسطين، ولم يعرفه ابن معين"6.

1 سنن البيهقي: (10/296) .

2 المصدر السابق: (10/297) .

3 انظر: نصب الراية: (4/157) .

4 الجرح والتعديل: (2/2/174) .

5 سنن البيهقي: (10/297) .

6 بيان الوهم والإيهام: (3/546) .

ص: 264

قلت: وقد وَثقَهُ جماعةٌ؛ فقال العجلي: "شاميٌّ ثقةٌ"1. وقال يعقوب بن سفيان: "ثقة"2. وقال الذهبي: "صدوق"3. وقال ابن حجر - كما مر -: "ثقة". ولا شكَّ أن توثيق هؤلاء الأئمة له يدفع القول بجهالته.

ومما أُعِلَّ به أيضاً: ضعف عبد العزيز بن عمر: فنقل الخطابيُّ عن الإمام أحمد قوله: "عبد العزيز - راويه - ليس من أهل الحفظ والإتقان"4. وقال ابن المنذر: "لم يروه غير عبد العزيز بن عمر، وهو شيخٌ ليس من أهل الحفظ والإتقان"5.

وأقول: عبد العزيز بن عمر وَثقَهُ - أيضاً - جماعةٌ؛ فقال ابن معين: "ثقة"6. وقال مرة: "ليس به بأس، ثقة"7. وقال النسائي: "ليس به بأس"8. وقال أبو داود: "ثقة"9. وقال يعقوب بن سفيان: "ثقة"10.

1 تهذيب التهذيب: (6/47) .

2 المعرفة والتاريخ: (2/439) .

3 الكاشف: (2/121) .

4 معالم السنن: (4/186) .

5 نصب الراية: (4/157) .

6 تاريخ الدوري عن يحيى: (2/367) .

7 سؤالات ابن الجنيد ليحيى: (ص 308) رقم 144.

8 تهذيب التهذيب: (6/350) .

9 تهذيب التهذيب: (6/350) .

10 المعرفة والتاريخ: (2/439) .

ص: 265

وقال أبو زرعة: "لا بأس به"1. وقال أبو حاتم: "يُكْتَبُ حديثه"2. وقال ابن عمار: "ثقة، ليس بين الناس اختلاف"3. وقال ابن شاهين: "ثقة ثقة، قاله أحمد ويحيى"4. وقال الذهبي: "ثقة"5. فإذا ظهر ذلك، فإنه لا متعلق لأحدٍ على عبد العزيز في تضعيف هذا الحديث.

ويتلخص من ذلك أن ما أُعِلَّ به الحديث لا يضره، بل صححه الحافظ أبو زرعة الدمشقي رحمه الله، فقال:"وهذا حديثٌ مُتَّصِلٌ حسنُ المخرج والاتصال، لم أر أحداً من أهل العلم يدفعه"6. وقال مرة: "ولم أر أبا مسهر لما تَحَدَّثَ بهذا الحديث أنكره، ولا رَدَّهُ"7. ولذلك - والله أعلم - قال البخاريُّ رحمه الله وقد علقه في (صحيحه) 8 بصيغة تمريض، فقال: ويذكر عن تميم الداري رفعه

- قال: "واختلفوا في صحة هذا الخبر". فلم يقطع رحمه الله بضعفه.

ثم إن البخاريَّ رحمه الله قد ردَّ هذا الخبر لا لِعِلَّةٍ فيه، وإنما

1 الجرح والتعديل: (2/2/389) .

2 الجرح والتعديل: (2/2/389) .

3 تهذيب التهذيب: (6/350) .

4 تاريخ الثقات: (ص 162) رقم 932.

5 الكاشف: (2/177) .

6 تاريخ أبي زرعة الدمشقي: (1/571) .

7 المصدر السابق.

8 ك الفرائض، باب إذا أسلم على يديه

فتح الباري: (12/45) .

ص: 266

لمعارضته خبراً آخر، فإنه قال في (تاريخه) 1 - بعد أن أخرجه -:"ولا يصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق".

وَرَدَّهُ الأوزاعي - أيضاً - من وجه آخر، فروى أبو زرعة الدمشقي بسنده إلى الوليد بن مسلم: أن الأوزاعي كان يدفع هذا الحديث، ولا يرى له وجهاً، ويحتجُّ على ذلك: بأنه لم يكن للمسلمين يومئذٍ ذمةٌ ولا خراجٌ2.

ولكن تأويلّ هذا الحديث على الوجه الذي اختاره ابن القَيِّم رحمه الله من أن المقصود بالأولوية: أولوية النصرة، والتأييد، والمعاونة، لا أولوية الميراث - يدفع هذا الإشكال، وقال ابن حجر بأن هذا اختيار الجمهور، قال:"ورجحانه ظاهر"3.

فتلخص من ذلك: أن هذا الحديث قد أُعِلَّ بما لا يؤثر فيه، وأنه بهذا الإسناد يصلُ إلى درجة الحَسَنِ - أو أدنى الحسن - كما قال ابن القَيِّم رحمه الله.

ثم ذكر ابن القَيِّم بعد ذلك شاهداً لهذا الحديث، فقال:"وأما تضعيفُ الحديث: فقد رُوِيَت له شواهد. منها: حديث أبي أمامة".

قلت: يشير رحمه الله إلى: ما رُوي:

1 الكبير: (3/1/198 - 199) .

2 تاريخ أبي زرعة: (1/571) .

3 فتح الباري: (12/47) .

ص: 267

117-

(5) عن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أَسْلَمَ على يدي رجلٍ، فله ولاؤه ".

ثم ذكر ابن القَيِّم رحمه الله أن هذا الحديث وإن رُدَّ بـ"جعفر ابن الزبير" فإنه قد رُوي من طريق آخر عند سعيد بن منصور1.

قلت: حديثُ سعيد بن منصور هذا مُخَرَّجٌ في (سننه) 2، وأخرجه أيضاً: الطبراني في (الكبير) 3، والدارقطني في (سننه) 4، وابن عدي في (الكامل) 5 - ومن طريقه البيهقي في (سننه) 6 - كلهم من طريق: عيسى بن يونس7، عن معاوية بن يحيى8، عن القاسم بن عبد الرحمن9، عن أبي أمامة رضي الله عنه به. وعند الطبراني:"فهو مولاه" بدل: "فله ولاؤه".

1 تهذيب السنن: (4/186) .

(3/1/78) ح 200.

(8/223) ح 7781.

(4/181) ح 32.

(6/401) .

(10/298) .

7 ابن أبي إسحاق السٍّبيعي، أخو إسرائيل، كوفيٌّ نزل الشام مرابطاً، ثقةٌ مأمونٌ، من الثامنة، مات سنة 187هـ وقيل: 191هـ / ع. (التقريب 441) .

8 الصَّدَفي، أبو روح الدمشقي، سكن الرَّي، ضعيفٌ، وما حَدَّثَ بالشام أحسن مما حدث بالرَّيِّ، من السابعة/ ت ق. (التقريب 538) .

9 الدمشقي، أبو عبد الرحمن.

ص: 268

وهذا الإسناد ضعيفٌ لأجل معاوية بن يحيى، فقد أجمعوا على ضعفه1، ولذلك فقد أعلَّ هذا الحديث به: ابنُ عدي، والدارقطني، والبيهقي، والهيثمي2. وقال ابن أبي حاتم في (العلل) 3: "وسمعت أبا زرعة وقرأ علينا كتاب الفرائض، فانتهى إلى حديث كان عنده عن: عمرو الناقد، عن عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى

فامتنع أبو زرعة من فراءته علينا، ولم نسمعه منه".

قلت: ومعاوية بن يحيى وإن كان ضعيفاً، فقد ذهب بعضهم إلى أنَّ ما حَدَّثَ به بالشام أحسنُ حالاً من غيره4، وإسناد هذا الحديث شاميٌّ، فالغالب أنه مما حَدَّثَ به بالشام، فلعل ذلك يُعطي هذا الحديث قوةً، وأنه - مع ضعف إسناده - إذا ضُمَّ إلى حديث تميم الداري المتقدم، تَقَوَّى كلُّ منهما بالآخر.

وأما رواية جعفر بن الزبير5 التي أشار إليها ابن القَيِّم آنفاً: فأخرجها ابن عديٍّ في (الكامل) 6 - ومن طريقه البيهقي في (سننه) 7 -

1 انظر ترجمته في الميزان: (4/138)، وتهذيب التهذيب:(10/219) .

2 مجمع الزوائد: (5/334) .

(2/53) ح 1646.

4 قاله أبو زرعة، انظر: الجرح والتعديل: (4/1/384) .

5 الحنفي، أو الباهلي، الدمشقي، نزيل البصرة، متروك الحديث، وكان صالحاً في نفسه، من السابعة، مات بعد 140هـ / ق. (التقريب 140) .

(2/135) .

(10/298) .

ص: 269

من طريق: عيسى بن يونس، عن جعفر بن الزبير، وبالإسناد المتقدم في حديث معاوية.

ولكنَّ جعفر بن الزبير متروك الحديث عندهم1، فيكون الاعتماد في حديث أبي أمامة هذا على ما جاء من رواية معاوية بن يحيى الصدفي - على ما فيها من ضَعْفٍ - فإنها تصلح شاهداً لحديث تميم الماضي، كما ذهب إلى ذلك ابن القَيِّم رحمه الله، والله أعلم.

1 انظر تهذيب التهذيب: (2/90 - 92) .

ص: 270