الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب ما يقول إذا دخل السوق
119-
(2) عن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ دَخَل السُّوق فقال: لا إِلَهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ، له الْمُلْكُ وله الحَمْدُ، يُحْيِي ويُمِيتُ، وهو حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخير، وهو على كُلِّ شَيءٍ قَدير: كُتِبَ له ألفُ ألفِ حسنة، ومُحِيَ عنه ألفُ ألفِ سيئة، وَرُفِعَ لَهُ ألفُ ألفِ درجة".
ذكر ابن القَيِّم رحمه الله هذا الحديث في (تهذيب السنن) 1 ثم قال: "حديثٌ معلولٌ، لا يثبتُ مثله، وذكر له الترمذيُّ طرقاً". ثم ذكر هذه الطرق، وبيّن عِلَّةَ كل طريق منها:
أما الطريق الأولى: فإنها أمثل طرقه، لكن فيها أزهر بن سنان، وهو لا بأس به، وقد تكلم فيه بعضهم.
وأما الطريق الثانية: ففيها عمرو بن دينار2، وقد ضُعِّفَ.
وأما الطريق الثالثة: ففيها عمران بن مسلم، وهو منكر الحديث.
قلت: هذا الحديث مداره على: سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه عبد الله، عن جَدِّه عمر رضي الله عنه. وله عن سالم طرق:
(7/336 - 337) . وانظر: المنار المنيف: (ص41 - 43) .
2 البصري، الأعور، قهرمان آل الزبير، أبو يحيى، ضعيفٌ، من السادسة / ت ق. (التقريب 421) .
الطريق الأول: رواه عمرو بن دينار، عن سالم به.
أخرجه: ابن ماجه في (سننه) 1، وأحمد والطيالسي في (مسنديهما) 2، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) 3، والطبراني في (الدعاء) 4، كلهم من طريق: حماد بن زيد.
وأخرجه الترمذي في (جامعه) 5 من طريق: المعتمر بن سليمان وحماد بن زيد.
وأخرجه الطبراني في (الدعاء) 6 من طريق: ثابت بن يزيد7.
وأخرجه الطبراني في (الدعاء) 8 - أيضاً - من طريق: عبد الله بن بكر السهمي9، عن هشام بن حسان. جميعهم عن: عمرو بن دينار، عن سالم به.
(2/752) ح 2235. ك التجارات، باب الأسواق ودخولها.
2 حم: (1/47) . طس: (ح 12) .
(ص95) ح182. باب ما يقول إذا دخل السوق.
(2/1165) ح789، باب القول عند دخول الأسواق.
(5/491) ح3429. ك الدعوات، باب ما يقول إذا دخل السوق.
(2/1166) ح791.
7 الأحول، أبو زيد البصري، ثقة ثَبْتٌ، من السابعة، مات سنة 169 هـ/ع. (التقريب 133) .
(2/1166) ح790.
9 أبو وهب البصري، ثقةٌ، مات سنة 208 هـ / ع. (التقريب 297) .
وخالف فضيل بن عياض1 عبد الله السهمي، فرواه عن: هشام بن حسان، عن سالم، عن ابن عمر2. فأسقط منه "عمرو بن دينار" و"عمر ابن الخطاب".
وخالفهما: سويد بن عبد العزيز، فرواه عن: هشام، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب موقوفاً عليه3، ولم يذكر فيه "سالماً".
وقد أُعِلَّ هذا الطريق بعلل:
أولها: أنه مضطرب، قال الإمام الدارقطني - بعد أن ذكرَ أوجه الاختلاف فيه -:"ويشبه أن يكون الاضطراب فيه من عمرو بن دينار"4.
ثانيها: ضعف عمرو بن دينار5، وقد أَعَلَّهُ بذلك الدارقطني أيضاً6.
ثالثها: نكارته، قال أبو حاتم:"هذا حديث منكر جداً، لا يحتمل سالم هذا الحديث"7.
1 ابن مسعود التميمي، أبو علي، الزاهد المشهور، ثقةٌ عابدٌ إمامٌ، من الثامنة، مات سنة 187 هـ، وقيل: قبلها/ خ م د ت س. (التقريب 448) .
2 انظر: علل الدارقطني: (2/49) .
3 المصدر السابق.
4 علل الدارقطني: (2/49) .
5 انظر أقوال العلماء فيه في: تهذيب التهذيب: (8/30 - 31) .
6 علل الدارقطني: (2/49) .
7 علل ابن أبي حاتم: (2/171) .
الطريق الثاني عن سالم: رواه عنه محمد بن واسع1.
أخرجه الترمذي في (جامعه) 2، والدارمي في (مسنده) 3، والحاكم في (المستدرك) 4، والعقيلي في (الضعفاء) 5 كلهم من طريق: يزيد بن هارون.
وأخرجه الطبراني في (الدعاء) 6 من طريق: سعيد بن سليمان الواسطي. كلاهما عن:
أزهر بن سنان7، عن محمد بن واسع قال: قدمتُ مكة فلقيني أخي سالم بن عبد الله بن عمر، فَحَدَّثَنِي عن أبيه، عن جَدِّه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره. وزاد الدارمي والعقيلي قول محمد بن واسع: "فقدمت خراسان فلقيتُ قتيبة بن مسلم، فقلت: إني أتيتك بهدية، فحدثته، فكان يركب في موكبه، فيأتي السوق، فيقوم فيقولها، ثم يرجع".
ووقع في المستدرك: "قدمت المدينة" بدل "مكة". ولعله خطأ.
1 ابن جابر بن الأخنس الأزدي، أبو بكر أو أبو عبد الله، البصري، ثقةٌ عابدٌ كثيرُ المناقب، من الخامسة، مات سنة 123 هـ/ م د ت س. (التقريب 511) .
(5/491) ح 2428.
(2/203) ح2695، ك الاستئذان، باب ما يقول إذا دخل السوق.
(1/538) .
(1/133) .
(2/1167) ح792.
7 البصري، أبو خالد القرشي، ضعيف، من السابعة/ ت. (التقريب 97) .
وأزهر بن سنان ضعيف، قال ابن معين:"لا شيء"1. ولَيَّنَه الإمام أحمد2. وقال الساجي: "فيه ضعف"3. وقال العقيلي: "في حديثه وهم"4. وقال ابن حبان: "
…
منكر الرواية في قلته، لم يتابع الثقات فيما رواه"5. وقال الذهبي:"فيه لين"6.
قلت: ومع ضعف أزهر هذا، فقد خالفه فيه يزيد الدورقي صاحب الجواليق7، فقد أخرج العقيلي في (ضعفائه) 8 من حديث إبراهيم بن حبيب بن الشهيد9، قال: حدثنا يزيد الدورقي أبو الفضل - صاحب الجواليق - قال: كان محمد بن واسع الأزدي لا يزال يجيء إلى دكان، فيقعد ساعة في أصحاب الجواليق، فنرى أنه يذكر ربه، فحدثنا، قال: كنت بخراسان مع قتيبة، فاستأذنته في الحج، فأذن لي، فلقيت سالم ابن عبد الله، فسمعته يذكر: أنه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله
…
قال: فلما رجعت إلى خراسان قال لي قتيبة: ما أفدتنا؟ فحدثته بهذا
1 الجرح والتعديل: (1/1/ 314) .
2 تهذيب التهذيب: (1/204) .
3 المصدر السابق.
4 تهذيب الكمال: (2/327) . ولم أجده في العقيلي.
5 المجروحين: (1/178) .
6 المغني: (1/65) .
7 الجُوَالِقَ: وعاءٌ. والجمع: الجَوَالِقَ، بالفتح، والجَوَالِيق. (مختار الصحاح 106) .
(1/134) .
9 الأزدي، أبو إسحاق البصري، ثقةٌ، من التاسعة، مات سنة 203 هـ/ س. (التقريب 88) .
الحديث. فكان قتيبة يركب في الأيام، فيقف في السوق فيقولها أربعين مرة، ثم ينصرف.
فهو هنا موقوفٌ على سالم من قوله، ولم أقف - بعد البحث - على ترجمة يزيد صاحب الجواليق، لكن قدم العقيلي هذه الرواية على رواية أزهر السالفة، فقال:"وهذا أولى من حديث أزهر"1.
وقد حكم الأئمة على رواية أزهر بالنكارة والضعف، فقد نقل أبو غالب الأزدي عن علي بن المديني أنه ضعّف أزهر بن سنان جداً في حديث رواه عن محمد بن واسع، وأشار ابن حجر رحمه الله إلى أن المقصود هو هذا الحديث2.
وحكم أبو حاتم على الحديث بالنكارة، وحمل ذلك على محمد بن واسع، فقال:"روى عن سالم، عن ابن عمر حديثاً منكراً"3. لكن تعقبه الذهبي رحمه الله، فقال: "النكارة إنما هي من قِبَلِ الراوي عنه"4. يعني: أزهر بن سنان.
فقد تَبَيَّنَ من ذلك أن حديث أزهر هذا ضعيف السَّنَد، وأنَّ الصَّوابَ وقفه على سالم بن عبد الله بن عمر، مع الحكم بنكارته: ربما من أجل متنه كما سيأتي، وربما من أجل المخالفة في إسناده، فإن المشهور أنه: عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله.
1 الضعفاء: (1/134) .
2 تهذيب التهذيب: (1/204) .
3 الجرح والتعديل: (4/1/ 113) .
4 الميزان: (4/58) .
ومن أجل ذلك فقد حكم الترمذي على حديث أزهر هذا بالغرابة، فقال:"هذا حديث غريب".
ولهذا الحديث طريق ثالث:
أخرجه الترمذي في (علله) 1 - وعلقه في (جامعه) 2 - والعقيلي في (الضعفاء) 3، والحاكم في (المستدرك) 4 من طريق:
يحيى بن سليم الطائفي، عن عمران بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً.
وعمران بن مسلم اختلف فيه الأئمة في هذا الحديث: هل هو عمران القصير أم غيره؟ فَفَرَّقَ البخاريُّ بينهما، وجعل الراوي هنا غير القصير، فقد سأله الترمذي: من عمران بن مسلم هذا، هو عمران القصير؟ فقال البخاري:"لا، هذا شيخ منكر الحديث"5. وفرق بينهما العقيلي في (الضعفاء) 6، وكذا ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 7.
وخالفهم في ذلك الدارقطني رحمه الله، فقال: "وقد قيل إن
(2/912) باب ما يقول إذا دخل السوق.
(5/492) .
(3/304) .
(1/539) .
5 علل الترمذي: (2/912) .
(3/304 - 305) .
(3/1/304 - 305) .
عمران بن مسلم هذا ليس بعمران القصير، ذكره أبو عيسى
…
عن البخاري، وهو عندي عمران القصير
…
ليس فيه شك"1.
وحاصل الخلاف في ذلك: أَنَّ عمران القصير من رجال الصحيح، أما الآخر - فكما قال البخاري -: منكر الحديث، ولكن مهما يكن من أمر فإن هذه الرواية قد ضَعَّفَها الأئمة، فقال الإمام البخاري - لما سأله عنها الترمذي -:"هذا حديث منكر"2. وكذا قال أبو حاتم3 رحمه الله.
وقال ابن أبي حاتم: "وهذا الحديث هو خطأ، إِنَّمَا أراد: عمران ابن مسلم، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم، عن أبيه. فغلط وجعل بدل عمرو: عبد الله بن دينار، وأسقط سالماً من الإسناد"4. ثم ساقه بإسناده إلى عمران بن مسلم على الصواب.
قلت: وعلى قول من ذهب إلى أن عمران هذا هو القصير، فَإِنَّه - أيضاً - ينفردُ بأشياء لا يرويها غيره5. وقد ذكره ابن حبان في (الثقات) 6 لكنه قال: "إلا أن في رواية يحيى بن سليم عنه بعض
1 علل الدارقطني: ج4 ق (58/ أ) .
2 علل الترمذي: (2/912) .
3 علل ابن أبي حاتم: (2/181) .
4 المصدر السابق.
5 انظر: تهذيب التهذيب: (8/138) .
(7/242) .
المناكير
…
". وهذا الحديث هو من رواية يحيى بن سليم عنه، فيكون قد وقع فيه خطأ على ما بَيَّنَ ابن أبي حاتم رحمه الله، ويرجع الحديث بذلك إلى رواية عمرو بن دينار عن سالم المتقدمة، وقد تبين ما فيها من مقال.
فَتَلَخَّصَ من ذلك: أنَّ أسانيدَ هذا الحديثِ لا تخلو من مقال، قال العقيلي رحمه الله:"والأسانيد فيه فيها لين"1. وقد مضى معنا حكم جماعة من العلماء عليه بالنكارة، فقد تكون النكارة في متنه من جهة ذكر هذا العدد فيه على هذه الصورة، وقد أشار إلى ذلك الإمام الشوكاني بقوله: "
…
وإن كان في ذكر العدد على هذه الصفة نكارة"2. فقد علم أن من جملة القرائن التي يستدل بها على بطلان الحديث: اشتماله على الإفراط بالوعد العظيم على الفعل اليسير3.
وقد ضَعَّفَهُ أيضاً الأئمة: النسائي، والدارمي، وأبو زرعة كما في (كشف الخفاء) 4. وقال العلامة أحمد شاكر:"إسناده ضعيف جداً"5. يشير إلى رواية عمرو بن دينار المتقدمة.
وأما جعل البغوي له في (مصابيح السنة) 6 من قسم الحسن،
1 الضعفاء: (3/ 305) .
2 تحفة الذاكرين: (ص 209) .
3 انظر: النكت على ابن الصلاح، لابن حجر:(2/843) .
(2/248) ح2472.
5 التعليق على المسند: (1/297) ح327.
(1/118) .
وكذا تحسين الشوكاني له1، ثم الشيخ الألباني2: فلم أر أن الصواب قد حالفهم في ذلك، ويكون ابن القَيِّم رحمه الله بذلك قد أصاب في إعلاله هذا الحديث، وقوله إنه "لا يثبت مثله" والله تعالى أعلم.
1 تحفة الذاكرين: (ص 209) .
2 في صحيح الجامع: (ح 6231) .