الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18-
من كتاب الأذكار
1 - باب ما يقول من نسي التسمية في أول طعامه
118-
(1) عن عائشة رضي الله عنها، أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرَ اسْمَ الله تعالى، فَإِنْ نَسِيَ أن يَذْكُرَ اسم الله تعالى في أَوَّلِهِ فَلْيَقُل: بِسْم اللهِ في أَوَّلِهِ وآخره".
قال ابن القَيِّم رحمه الله: "حديث صحيح"1.
قلت: هذا الحديث أخرجه أبو داود في (سننه) 2 من طريق: إسماعيل بن عُلَيَّة. والترمذي في (جامعه) 3، وأحمد في (المسند) 4 من طريق: وكيع. والدارمي في (مسنده) 5 من طريق: معاذ بن هشام. والحاكم في (المستدرك) 6 من طريق: عَفَّان بن مسلم. والبيهقي في (سننه) 7 من طريق: روح، وكذا أحمد في رواية8. والنسائي في (عمل اليوم والليلة) 9 من طريق: المعتمر بن سليمان. والطيالسي في (مسنده) 10،
1 زاد المعاد: (2/397) .
(4/139) ح 3767، ك الأطعمة، باب التسمية على الطعام.
(4/288) ح 1858. ك الأطعمة، باب ما جاء في التسمية على الطعام.
(6/208) .
(2/21) ح 2027.
(4/108) .
(7/276) .
(6/246) .
(ص 261) ح 281، باب ما يقول إذا نسي التسمية ثم ذكر.
10 ح 1566.
كلهم عن: هشام الدستوائي، عن بُدَيْل بن ميسرة، عن عبد الله بن عبيد ابن عُمَير1، عن أم كلثوم - وفي رواية أبي داود، وكذا الطيالسي: عن امرأة منهم يقال لها: أم كلثوم - عن عائشة رضي الله عنها به.
وأخرجه ابن ماجه في (سننه) 2، وأحمد والدارمي في (مسنديهما) 3، وابن حبان في (صحيحه) 4، أربعتهم عن: يزيد بن هارون، عن هشام الدستوائي بالإسناد المتقدم، إلا أنه ليس فيه ذكر لأم كلثوم، وفي هذه الرواية قصة.
وهذا الإسناد منقطع؛ فإن عبد الله بن عبيد بن عمير لم يسمع من عائشة، كما قال ابن حزم5 رحمه الله. ولا شكَّ أنَّ رواية الجماعة الذين ذكروا "أم كلثوم" أولى من رواية يزيد بن هارون الذي انفرد بإسقاطها، فتقدم عليها.
وهذا الحديث قال فيه الترمذي: "حسن صحيح". وقال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. مع تصحيح ابن حبان إياه.
1 الليثي، الْمَكِّي، ثقة، من الثالثة، استشهد غازياً سنة 113 هـ/ م 4. (التقريب 312) .
(2/1086) ح 3264.
3 حم: (6/ 143)، مي:(2/21) ح 2026.
4 الإحسان: (7/323) ح 5191.
5 انظر: تهذيب التهذيب: (5/308) .
قلت: لكن في الإسناد أم كلثوم، راوية الحديث عن عائشة رضي الله عنها، وقد وقع خلاف فيها، فقال الترمذي رحمه الله عقب إخراجه حديثها:"هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه". قال ابن حجر عقبه: "كذا في عدة أصول، ولا يعكر عليه إلا ما وقع في رواية أبي داود، عن عبد الله بن عبيد، عن امرأة منهم يقال لها: أم كلثوم"1. وقال في (التقريب) 2 - معقباً على قول الترمذي -: "فعلى هذا فهي تيمية لا ليثية". وتردد فيها المزي فترجمها: "الليثية أو المكية"3 لكن قال ابن حجر: "فقول ابن عمير: عن امرأة منهم. قابل للتأويل، فينظر فيه، فلعل قوله: منهم أي كانت منهم بسبب: إما بالمصاهرة، أو بغيرها من الأسباب"، قال:"والعمدة على قول الترمذي"4. وقال في (النكت الظراف) 5: "ويمكن تأويل قوله: منهم. أي من أهل جوارهم".
وعلى كُلِّ حالٍ، فسواء أكانت ليثية أم تيمية، فإنها لا يُعْرَفُ لها حال ولا عينٌ، فلم يرو عنها غير: عبد الله بن عمير الليثي" هذا، ولم يوثقها أحد فيما فتشت عنها، ولذلك ذكرها الحافظ الذهبي في آخر كتابه (الميزان) 6 ضمن النساء المجهولات، فقال: "تفرد عنها عبد الله بن عبيد بن عمير في التسمية على الأكل".
1 النكت الظراف: (12/ 443) .
(ص 758) .
3 تهذيب الكمال: (35/382) .
4 تهذيب التهذيب: (12/478) .
(12/443) .
(4/613) .
وعلى هذا: فإنَّ الحُكْمَ على هذا السند متوقفٌ على العلم بحال أم كلثوم هذه، إلا أن يُحْمَل تصحيح من صححه على قول الذهبي رحمه الله:"وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها"1، ومع ذلك فالحديث له شواهد يمكن أن يَتَقَوَّى بها، فمن هذه الشواهد:
حديث أُمَيَّة بن مَخْشِيِّ، ذكره ابن حجر في (فتح الباري) 2 عقب حديث عائشة السالف، فقال: "وله شاهد من حديث أمية بن مخشي
…
".
قلت: وهذا الحديث أخرجه أبو داود في (سننه) 3، والطبراني في (معجمه الكبير) 4 من طريق: عيسى بن يونس. وأخرجه: أحمد في (مسنده) 5، والطبراني - أيضا - في (معجمه) 6، والنسائي وابن السني في (عمل اليوم والليلة) 7، والحاكم في (المستدرك) 8، خمستهم من طريق: يحيى بن سعيد، كلاهما عن:
1 الميزان: (4/604) .
(9/521) .
(4/140) ح 3768.
(1/268) ح 855.
(4/336) .
(1/268) ح 854.
7 سي: (ص 262) ح282. ابن السني: (ص 218) ح461.
(4/108) .
جابر بن صُبْح1، عن المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي2، عن عمه أمية بن مخشي3 - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ورجل يأكل، فلم يسم حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة، فلما رفعها إلى فيه قال:"بسم الله أوله وآخره". فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"ما زالَ الشيطان يأكلُ معه، فلما ذَكَرَ اسم الله عز وجل استقاء ما في بطنه". لفظ رواية عيسى بن يونس.
وقد وقع في رواية عيسى بن يونس: أن أُمَيَّة بن مخشي عمُّ الْمُثَنَّى، وفي رواية يحيى بن سعيد: أنه جده. وكأن ابن حجر رحمه الله يُضَعِّفُ القول الثاني؛ فإنه قال: "روي عن أمية بن مخشي وهو عمه، ويقال: جده"4.
والْمُثَنَّى بن عبد الرحمن تَفَرَّدَ عنه جابر بن صبح5، لم يرو عنه غيره، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان6، وقال علي بن المديني:"مجهول"7. وقال الذهبي: "لا يعرف"8. وسكت عنه ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل)9.
1 الرَّاسبي، أبو بشر البصري، صدوق، من السابعة/ د ت س. (التقريب 136) .
2 مستور، من الثالثة / د س. (التقريب 519) .
3 صحابيٌّ، يكنى أبا عبد الله / د س. (التقريب 115) .
4 تهذيب التهذيب: (10/ 37) .
5 انظر: الميزان: (3/ 435) .
6 الثقات: (7/ 503) .
7 تهذيب التهذيب: (10/ 37) .
8 الميزان: (3/ 435) .
(4/ 1/ 326) .
ومن هذا يعلم أن قول الحاكم رحمه الله: "صحيح الإسناد"، وموافقة الذهبي إياه غير مقبول منهما؛ إذ الجهل بحال الْمُثَنَّى يمنع من الحكم بصحة إسناده.
وثَمَّةَ شاهد آخر من حديث ابن مسعود رضي الله عنه:
أخرجه: ابن حبان في (صحيحه) 1، والطبراني في (الكبير) 2، وابن السني في (عمل اليوم والليلة) 3، ثلاثتهم من طريق: خليفة بن خياط، عن عمر بن علي المقدمي4، عن موسى5 الجهني، عن القاسم ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود6، عن أبيه7، عن جده رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"من نَسِيَ أن يذكر الله في أول طعامه، فليقل حين يذكر: بسم الله في أوله وآخره؛ فإنه يستقبل طعاماً جديداً، ويمنع الخبيث ما كان يصيب منه ".
1 الإحسان: (7/ 322) ح 5190.
(10/210) ح 10354.
(ص 217) ح 459.
4 بصري، أصله واسطي، ثقة وكان يدلس تدليساً شديداً، من الثامنة، مات سنة 190 هـ/ ع. (التقريب 416) .
5 ابن عبد الله، ويقال: ابن عبد الرحمن، أبو سلمة الكوفي، ثقة عابد، لم يصح أنَّ القطان طَعَنَ فيه، من السادسة، مات سنة 144 هـ/ م ت س ق. (التقريب552) .
6 المسعودي، أبو عبد الرحمن، الكوفي، ثقةٌ عابدٌ، من الرابعة، مات سنة 120 هـ أو قبلها/ خ 4. (التقريب 450) .
7 عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، الكوفي، ثقة، من صغار الثانية، مات سنة79 هـ، وقد سمع من أبيه، لكن شيئاً يسيراً / ع. (التقريب 344) .
وهذا الإسناد رجاله ثقات، غير أنه يُخْشَى من عَدَمِ سماع عبد الرحمن بن عبد الله هذا الحديث من أبيه، فإنه قد تُكُلِّمَ في سماعه منه، واختلف الأئمة في ذلك، فمنهم من أثبت له السماع، ومنهم من نفاه، وقال علي بن المديني:"سمع من أبيه حديثين: حديث الضبِّ، وحديث تأخير الوليد للصلاة"1.
وفي الإسناد أيضاً: عمر بن علي الْمُقَدَّمي، وهو شديد التدليس، كما وصفه بذلك ابن حجر2 رحمه الله، ولكنه صَرَّحَ هنا بالسماع، فانتفى بذلك احتمال تدليسه.
وذكر له الشيخ الألباني شاهداً ثالثاً3: من رواية امرأة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعزاه لأبي يعلى4، وقال:"بسند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم، غير إبراهيم بن الحجاج، وهو ثقة". ثم نقل عن الهيثمي قوله: "رجاله ثقات"5. وصحح إسناده أيضاً: محقق المسند.
فَتَحَصَّلَ من ذلك: أن حديثَ الباب وإن كان فيه ضعف، فإنه يَتَقَوَّى بهذه الشواهد، ويصير بذلك حسناً على أقل أحواله. أما تصحيح
1 تهذيب التهذيب: (6/215 - 216) . وانظر: جامع التحصيل: (ص 272) .
2 طبقات المدلسين: (ص 130) في الطبقة الرابعة، وانظر: تهذيب التهذيب: (7/486) .
3 إرواء الغليل: (7/27) .
4 المسند: (13/78) ح7153.
5 مجمع الزوائد: (5/22) .
ابن القَيِّم رحمه الله إياه فلا يوافق عليه، لما تقدم من الكلام في طرقه، فلعله رحمه الله وقف عليه من طرق صحيحة غير هذه، أو قصد: أنه صحيح بشواهده، والله أعلم.
وقد رمز له السيوطي بالصحة1، وصححه الشيخ الألباني2، مع ما تقدم من تصحيح الترمذي والحاكم والذهبي لرواية عائشة رضي الله عنها.
1 الجامع الصغير مع فيض القدير: (1/296) ح476.
2 إرواء الغليل: (7/24) ح 1965، وصحيح الجامع رقم:(380) .