الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 ـ باب ما جاء في نهي النبي صلى الله عليه عن اتخاذ قبره عيدا
…
3 -
باب ما جاء في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيدا
127-
(4) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُم قبوراً، ولا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيداً، وَصَلُّوا عَلَيّ، فإن صَلاتَكُم تَبْلُغُنِي حيث كُنْتُم".
قال ابن القَيِّم رحمه الله وقد ساقه بإسناد أبي داود -: "هذا إسناد حسن، رواته كلهم ثقات مشاهير"1.
قلت: هذا الحديث أخرجه أبو داود في (سننه) 2، وأحمد في (مسنده) 3، والحسين بن أحمد بن إبراهيم بن نفيل في (جزئه) 4، من طرق، عن: عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
قال المنذري في (تهذيب السنن) 5: "في إسناده عبد الله بن نافع الصائغ
…
".
ثم نقل كلام الأئمة في تضعيفه، وتوثيق ابن معين وأبي زرعة له.
1 إغاثة اللهفان: (1/ 191) .
(2/ 534) ح 2042، ك المناسك، باب زيارة القبور.
(2/ 367) .
4 كما أفاده ابن القَيِّم رحمه الله في جلاء الأفهام: (ص 17) .
(2/ 447) .
قلت: وعبد الله بن نافع هذا قد تُكُلِّمَ فيه من قِبَلِ حفظه1، ومع ذلك فقد وَثَّقَهُ بعض الأئمة، فقال النسائي:"ثقة"2. ومرة قال: "ليس به بأس"3. وقال ابن معين: "ثقة"4. وقال أبو زرعة: "لا بأس به"5. وقال العجلي: "ثقة"6.
وقال الدارقطني: "يعتبر به"7. وقال الخليلي: "ثقة"8. وقال ابن قانع: "مدني صالح"9. وذكره ابن حبان في (الثقات) 10 وقال: "وكان صحيحَ الكِتَابِ، وإذا حَدَّثَ من حفظه رُبَّمَا أَخْطَأ".
فهذه أقوالُ الأئمةِ في عبد الله بن نافع، ويظهر منها أن الرَّجُلَ قد وَثَّقَهُ أئمةٌ معتبرون، فما قِيل من ضعفٍ في حفظه فإنه لا يُرَدُّ حديثه لأجله، اللهم إلا إذا خالفه من هو أحفظ منه وأثبت، فحينئذ يتوقف في حديثه.
1 انظر ترجمته في: الميزان: (2/ 513)، وتهذيب التهذيب:(6/ 51) .
2 تهذيب التهذيب: (6/ 51) .
3 تهذيب التهذيب: (6/ 51) .
4 تاريخ الدارمي عن يحيى: (ص 153) رقم 532.
5 الجرح والتعديل: (2/2/184) .
6 تاريخ الثقات: (ص 281) .
7 سؤالات البرقاني للدارقطني: (ص 40) رقم 256.
8 الإرشاد: (1/ 316) .
9 تهذيب التهذيب: (6/ 52) .
10 (8/ 348) .
وقد رُوِيَ هذا الحديث من وجهٍ آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه، فأخرجه أبو نعيم في (الحلية) 1 من طريق: عبد الله بن هشام الدستوائي، عن أبيه، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، ولفظه:"لا تتخذوا قَبْرِي عيداً، لَعَنَ اللهُ قوماً اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد يُصَلُّون إليها، وصلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً".
وفي إسناده: عبد الله بن هشام، قال عنه أبو حاتم:"متروك الحديث"2.
وللحديث شاهد من حديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، أخرجه ابنُ أبي شيبة في (مصنفه) 3 - وعنه أبو يعلى في (مسنده) 4 - والضياء المقدسي في (المختارة) كما أفاده ابن القَيِّم5 رحمه الله، كلهم من طريق: جعفر بن إبراهيم، عن علي بن عمر، عن أبيه، عن عليِّ بن الحسين: أَنَّهُ رأى رجلاً يجيء إلى فُرْجَة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها، فيدعو. فنهاه، وقال: ألا أُحَدِّثُكَ حديثاً سمعته من أبي، عن جَدِّي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً،
(6/ 283) .
2 الجرح والتعديل: (2/2/193) .
(2/375) .
(1/361) ح 469.
5 انظر إغاثة اللهفان: (1/ 191) .
وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني أينما كنتم".
قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) 1: "فيه جعفر بن إبراهيم الجعفري، ذكره ابن أبي حاتم2، ولم يذكر فيه جرحاً، وبقية رجاله ثقات".
قلت: "وعليُّ بن عمر" هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال فيه ابن حجر:"مستور"3. فيكون هذا الإسناد - والحالة هذه - ضعيفاً، إلا أنه يصلح للاستشهاد به، وإذا انضم إلى حديث أبي هريرة السابق أعطاه قوة، وتَبَيَّنَ أن للحديث أصلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أورد ابن القَيِّم رحمه الله بعد ذلك حديثين مرسلين من رواية: أبي سعيد مولى المهري، والحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بلفظ قريب من اللفظ الماضي، ثم قال:"فهذان المرسلان من هذين الوجهين المختلفين، يَدُلاّنِ على ثبوتِ الحديث، لاسيما وقد احتجَّ به من أرسله، وذلك يقتضي ثبوته عنده، هذا لو لم يكن رُوِيَ من وجوه مسندة غير هذين، فكيف وقد تَقَدَّمَ مسنداً؟ "4.
(4/ 3) .
2 انظر: الجرح والتعديل: (1/ 1/ 474) ، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 160) .
3 التقريب: (ص 404) .
4 إغاثة اللهفان: (1/ 192) .
فَتَلَخَّصَ من ذلك: أَنَّ حديثَ أبي هريرة الماضي حديثٌ حسنُ الإسناد، كما حَكَمَ ابن القَيِّم رحمه الله عليه، وأنه قد يعتضد بهذه الشواهد - المسند منها والمرسل - فيصبح صحيحاً لغيره، فإن وقف عند كونه حسناً، فحسبه ذلك.
وقد حسنه - أيضاً -: الحافظ ابن حجر1، والشيخ الألباني رحمه الله، فقال:"رواه أبو داود وأحمد بسند حسن"2. وقال مرة: "وسنده حسن، ومن صححه فقد ذهل أو تساهل، نعم الحديث صحيح باعتبار ما له من الشواهد
…
"3.
قلت: وصحح النووي إسناده4، وهو غير مُسَلَّم لما مضى بيانه، والله أعلم.
1 كما في الفتوحات الربانية: (3/ 313) .
2 تحذير الساجد: (ص 142) .
3 التعليق على المشكاة: (1/ 292) .
4 الأذكار: (ص 97) .