المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم - ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها - جـ ٣

[جمال بن محمد السيد]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌الباب الثالث: دراسة جملة من الأحاديث المختارة مما تكلم عليه ابن القيم

- ‌من كتاب الطلاق

- ‌1 ـ باب ما جاء في المحلل والمحلل له

- ‌2- باب المبتوتة: هل تجب لها السكنى والنفقة

- ‌3- باب من قال: إن لها السكنى والنفقة

- ‌4- باب في عدة أم الولد

- ‌ من كتاب البيوع

- ‌1 - باب ما جاء في أداء الأمانة واجتناب الخيانة

- ‌2- باب ما جاء من الرخصة في ثمن الكلب

- ‌3- باب ما جاء في بيع الْمُغنيات

- ‌4- باب ما جاء في النهي عن العينة

- ‌5- باب في بيع أمهات الأولاد

- ‌ من كتاب الأطعمة والصيد والذبائح

- ‌1- باب في الطافي من صيد البحر

- ‌2- باب الفأرة تقع في السمن فتموت فيه

- ‌3- باب في الأكل مع المجذوم

- ‌ من كتاب الأيمان والنذور

- ‌1 - باب النذر في المعصية، ومن رأى أن عليه الكفارة

- ‌ من كتاب العتق

- ‌1 - باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم

- ‌ من كتاب الحدود والديات

- ‌1 - باب الشفاعة في الحدود

- ‌2 - باب في قطع جاحد العارية

- ‌3 - باب ما جاء في الرجل يزني بجارية امرأته

- ‌4- باب فيمن تزوج بامرأة أبيه

- ‌5- باب في أنه لا يقتل المسلم بالكافر

- ‌6 - باب البدء في القسامة بأيمان المدعي

- ‌من كتاب الأدب

- ‌1 ـ باب كم مرة يشمت العاطس

- ‌2 - باب هل يجزئ عن الجماعة أن يسلم أو يرد أحدهم

- ‌3 - باب ما جاء في المصافحة

- ‌4 ـ باب الرجل يدعى إلى طعام، هل يكون ذللك إذنا له

- ‌5 - باب ما جاء في التنفير من الكذب

- ‌6 - باب ما جاء في ذَم الغناء

- ‌7 - باب في الأمر بتحسين الأسماء

- ‌8 - باب ما جاء في الديك

- ‌ من كتاب الفرائض

- ‌1- باب ما جاء في ميراث ذوي الأرحام

- ‌2 - باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل

- ‌ من كتاب الأذكار

- ‌1 - باب ما يقول من نسي التسمية في أول طعامه

- ‌2 - باب ما يقول إذا دخل السوق

- ‌3 - باب من قال: يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عند العطاس

- ‌ من كتاب الفضائل

- ‌1 - باب في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ من كتاب التفسير

- ‌1 - باب في تفسير قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}

- ‌ من كتاب التوحيد والأسماء والصفات

- ‌1 - باب في علو الله - عزوجل - واستوائه على عرشه

- ‌2 - باب آخر منه

- ‌3 ـ باب ما جاء في نهي النبي صلى الله عليه عن اتخاذ قبره عيدا

- ‌4 - باب ما جاء في أطفال المشركين

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌1 - باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم

14-

‌ من كتاب العتق

‌1 - باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم

93-

(1) عن سمرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُو حُرُّ ".

قال ابن القَيِّم رحمه الله: "هذا الحديث له خمسُ عللٍ:

إحداها: تَفَرد حماد بن سلمة به، فإنه لم يحدث به غيره1.

العلة الثانية: أنه اختلف فيه حماد وشعبة، عن قتادة، فشعبة أرسله، وحمادٌ وصله، وشعبةُ هو شعبةُ.

العلة الثالثة: أن سعيد بن أبي عروبة خالفهما، فرواه: عن قتادة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله.

العلة الرابعة: أن محمدَ بن يسار رواه: عن معاذ، عن أبيه، عن قتادة، عن الحسن قوله. وقد ذكر أبو داود هذين الأثرين.

العلة الخامسة: الاختلاف في سماع الحسن من سمرة"2.

قلت: هذا الحديث أخرجه: أبو داود في (سننه) 3، والترمذي في:(جامعه) 4، و (علله) 5، والنسائي في (الكبرى) 6، وأحمد، والطيالسي

1 ومراده: أنه تفرد بوصله، وأنه لم يُحَدِّث به كذلك غيره.

2 تهذيب السنن: (5/407) .

(4/259) ح 3949 ك العتق، باب فيمن ملك ذا رحم محرم.

(3/637) ح 1365 ك الأحكام، باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم.

(1/561) .

(5/14) ح 4881.

ص: 131

في (مسنديهما) 1، وابن الجارود في (المنتقى) 2، والطبراني في (الكبير) 3، والبيهقي في (سننه) 4 - من طريق أبي داود - من طرق، عن:

حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن5، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم به، ولفظه كما تقدم، لكن وقع في إحدى روايات الإمام أحمد:"فهو عتيقٌ" بدل: "فهو حر".

ووقع عند أبي داود من طريق موسى بن إسماعيل - أحد رواته عن حماد -: "عن سمرة بن جندب فيما يحسب حماد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

".

قال أبو داود: "لم يُحَدِّث ذلك الحديث إلا حماد بن سلمة، وقد شكَّ فيه". وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه مسنداً إلا من حديث حماد بن سلمة". وسأل الترمذي البخاريَّ عنه؟ فلم يعرفه عن الحسن، عن سمرة إلا من حديث حماد بن سلمة"6. ونقل المنذري عن علي بن المديني قوله:"هذا عندي منكرٌ"7.

1 حم: (5/15، 18، 20) . طس: (ح 910) .

(ح 973) .

(7/248) ح 6852.

(10/289) .

5 ابن أبي الحسن البصري، واسم أبيه: يسار، الأنصاري مولاهم، ثقةٌ فقيهٌ فاضلٌ مشهورٌ، وكان يُرْسِلُ كثيراً ويُدَلِّس، وهو رأس أهل الطبقة الثالثة، مات سنة110هـ / ع. (التقريب 160) .

6 علل الترمذي: (1/561) .

7 مختصر السنن: (5/408) .

ص: 132

وكلام هؤلاء الأئمة رحمهم الله ظاهرٌ في كون حماد تَفَرَّدَ بوصل هذا الحديث، وعبارة الترمذي صريحة في ذلك، فإن هذا الحديث يُروى من وجه آخر عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، بدون ذكر "سمرة". وقد نقل المنذري وغيره عن أبي داود أنه قال:"شعبة أحفظ من حماد بن سلمة". قال المنذري: "يعني أنَّ شعبة رواه مرسلاً"1. وقال الخطابي: "أراد أبو داود من هذا: أنَّ الحديثَ ليس بمرفوع، أو ليس بمتصل، إنما هو: عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم"2.

قلت: وكلمة أبي داود هذه لم أرها هكذا، والذي في (السنن) قوله:"سعيد أحفظ من حماد". وذلك أن أبا داود – رحمه الله – أخرجه من طريق: سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن موقوفاً عليه3. وأخرجه مرة أخرى عن سعيد، عن قتادة، عن جابر بن زيد والحسن مثله4. وأخرجه - قبل هذين الأثرين - من حديث سعيد أيضاً، عن قتادة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: "من ملك ذا رحم

" الحديث5. وأشار إلى الموقوف على عمر: الترمذيُّ6، والبخاريُّ7،

1 مختصر السنن: (5/408) .

2 معالم السنن: (5/408) .

3 سنن أبي داود: (4/261) ح 3951.

4 سنن أبي داود: (ح3952) .

5 المصدر السابق: (ح3950) .

6 في جامعه: (3/638) .

7 علل الترمذي: (1/561) .

ص: 133

لكنهما قالا: عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عمر رضي الله عنه، فلعلها رواية أخرى عن قتادة. فهذه الروايات من طريق سعيد هي التي قال أبو داود عقبها:"سعيد أحفظ من حماد".

فَتَحَصَّلَ من ذلك أن هذا الحديث يُروى عن قتادة على عدة أوجه:

1-

حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، مرفوعاً.

2-

شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، ولم أقف على هذه الرواية، ولكن تَقَدَّمَ نقل المنذري لكلام أبي داود فيها، وكذا كلام الخطابي.

3-

سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن من قوله. مقطوعاً.

4-

سعيد، عن قتادة، عن الحسن وجابر بن زيد من قولهما.

5-

سعيد، عن قتادة، عن عمر بن الخطاب من قوله، وتقدم أن أبا داود أخرج هذه الروايات الثلاث الأخيرة، وأخرجها أيضاً: النسائي في (سننه الكبرى)1.

6-

سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عمر رضي الله عنه موقوفاً عليه. ولم أقف على هذه الرواية أيضاً، لكن ذكرها البخاري والترمذي كما تقدم.

(5/14 – 15) ح 4883 – 4886.

ص: 134

فهذه وجوه رواية هذا الحديث عن قتادة، والخوف أن يكون ذلك اضطراباً في هذا الحديث، لكن الذي يهمنا في هذا المقام: أن هذا الحديث لا يصحُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولاً، فهو ما بين: موقوف على عمر رضي الله عنه، أو مُرْسَل: عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ضَعَّفَ مراسليه جماعة -1 أو مقطوع من كلام الحسن رحمه الله. وقد تَقَدَّمَ كلامُ أبي داود في ترجيح الرواية المرسلة، وكذا ترجيح الموقوف من طريق سعيد، وقال الحافظ ابن حجر:"وَرَجَّحَ جمعٌ من الحفاظ أنه موقوف"2.

وحتى لو حُكِمَ للرواية الموصولة، فإنها تبقى معلولةً – كما أشار ابن القَيِّم – بالخلاف في سماع الحسن من سمرة؛ فإنَّ كثيرين لا يثبتون له سماعاً منه، والحسن مدلس، وقد عنعن في هذا الحديث.

وَثَمَّةَ شاهدٌ لحديث سمرة هذا، يُروى عن ابن عمر رضي الله عنهما، ولم يتعرض له ابن القَيِّم رحمه الله:

وهو ما أخرجه: النسائي في (الكبرى) 3، وابن ماجه في (سننه) 4، وابن الجارود في (المنتقى) 5، والحاكم في (المستدرك)

1 انظر جامع التحصيل: (ص 100 – 101) .

2 بلوغ المرام مع سبل السلام: (4 / 1501) ح 1339.

(5/13) ح 4877.

(2/844) ح 2525.

(ح 972) .

(2/214) .

ص: 135

والبيهقي في (سننه) 1، وَعَلَّقَهُ الترمذي في (جامعه) 2، كلهم من طريق: ضمرة بن ربيعة3، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً بمثل حديث سمرة. ووقع عند ابن الجارود، والبيهقي:"فهو عتيق ".

وقد ضَعَّفَ الأئمة هذا الحديث - عن ابن عمر رضي الله عنهما وأنكروه: فأنكره الإمام أحمد وردَّه ردّاً شديداً، وقال:"لو قال رجلٌ: إن هذا كذبٌ، لما كان مخطئاً"4. وذُكِرَ له مرة، فقال: "ليس من ذا شيء، وَهِمَ ضمرة"5. وقال الترمذي: "ولم يُتابع ضمرة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث"6. وقال النسائي: "لا نعلم أن أحداً روى هذا الحديث عن سفيان غير ضمرة، وهو حديث منكر"7. ونقل البيهقي عن الطبراني - وقد رواه من طريقه - قوله: "لم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا ضمرة"8. وقال البيهقي: "وهم فيه

(10/289) .

(3/638) .

3 الفلسطيني.

4 تهذيب التهذيب: (4/461) .

5 مسائل أبي داود للإمام أحمد: (ص 314) .

6 جامع الترمذي: (3/638) .

7 السنن الكبرى: (5/13) ح 4877.

8 سنن البيهقي: (10/289) .

ص: 136

راويه

المحفوظ بهذا الإسناد: حديث نهى عن بيع الولاء وهبته"1. وقال البوصيري: "هذا إسناد فيه مقال"2.

ومع ذلك، فقد صححه الحاكم! فقال:"صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي! وصححه كذلك: عبد الحق، وابن حزم3، وابن القطان4. والقول ما قاله هؤلاء الأئمة، من أنَّ هذا الحديث منكرٌ؛ فإنَّ ضمرة وإن كان صدوقاً، فإنه كان يَهِمُ، وعنده بعض المناكير5، ولعل هذا من مناكيره، والله أعلم.

فتلخص من ذلك: أنَّ حديث سمرة بن جندب هذا معلولٌ كما ذكر ابن القَيِّم رحمه الله، وأن ما وُجدَ له من شاهد عن ابن عمر: منكرٌ، فلا يصلح لتقويته، وبذلك يبقى الحديث على ضعفه، والله أعلم.

ثم ذكر ابن القَيِّم رحمه الله حديثاً آخر في هذا الباب، وَأَعَلَّهُ، فقال: "وقد روى البيهقيُّ وغيره، من حديث أبي صالح، عن:

94-

(2) ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: جاء رجلٌ - يقال له: صالح - بأخيه فقال: يا رسول الله، إني أريد أن أَعْتِقَ أخي هذا، فقال:"إِنَّ اللهَ أَعْتَقَهُ حِينَ مَلَكْتَهُ ".

1 سنن البيهقي: (10/289) .

2 مصباح الزجاجة: (2/67) . ط / يوسف الحوت.

3 المحلى: (10/223) . تحقيق / حسن زيدان.

4 التلخيص الحبير: (4/212) .

5 تهذيب التهذيب: (4/461) .

ص: 137

قال ابن القَيِّم: "ولكن في هذا الحديث بَلِيَّتَانِ عظيمتان: العرزمي - وهو عبد الرحمن بن محمد - عن الكلبيِّ: كُسَيْرٌ عن عُوَيْرٍ"1.

قلت: هذا الحديث: أخرجه الدارقطني في (سننه) 2 – ومن طريقه: البيهقي3 – من طريق:

عبد الرحمن بن محمد4 العرزمي، عن أبي النضر5، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

قال الدارقطني عقبه: "العرزميُّ تركه ابن المبارك، ويحيى القطان، وابن مهدي. وأبو النضر هو: محمد بن السائب الكلبي، المتروك أيضاً، وهو القائل: كل ما حَدَّثْتُ عن أبي صالح كذب".

وَتَعَقَّبَ ابن القطان عبد الحق بأنه ذَكَرَ هذا الحديث ولم يُبَيِّنْ علته، ثم أَعَلَّهُ بنحو ما أعله به الدراقطني6.

1 تهذيب السنن: (5/409) .

(4/129) ح 15.

3 السنن: (10/290) .

4 ابن عبيد الله الفزاري، العَرْزَمي. يروي عن: جابر الجعفي، وعبد الملك بن أبي سليمان، وجماعة. روى عنه: ابنه محمد، وعبيد الرحمن بن صالح العتكي وغيرهما. قال أبو حاتم:"ليس بقوي". وضعفه الدارقطني. الجرح والتعديل: (2/2/282)، والضعفاء والمتروكين للدارقطني:(ص 275) رقم 339.

5 هو: محمد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر الكوفي، النسَّابة، مُتَّهَمٌ بالكذب، ورمي بالرفض، من السادسة، مات سنة 146هـ/ ت فق. (التقريب 479) .

6 بيان الوهم والإيهام: (3/553) ح 1332.

ص: 138

فَتَحَصَّلَ من ذلك: أن الأمر على ما وصف ابن القَيِّم رحمه الله، وأن هذا الحديث لا يصحُّ؛ لأن في إسناده مَتْرُوكَيْن كما تقدم، والله أعلم.

ص: 139