الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - باب في الأمر بتحسين الأسماء
111-
(9) عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي، أنه قال:"إِنَّكُم تُدْعَونَ يَومَ القِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُم وأَسْمَاءِ آبَائِكُم، فَأَحْسِنُوا أَسَمَاءَكُم".
قال ابن القَيِّم رحمه الله: "رواه أبو داود بإسناد حسن"1.
قلت: هذا الحديث أخرجه أبو داود في (سننه)2. وأحمد في (مسنده) 3، وابن حبان في (صحيحه) 4، والبيهقي في (سننه) 5، كلهم من طريق:
هشيم، عن داود بن عمرو6، عن عبد الله بن أبي زكريا7، عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وهذا الإسناد لا يقلُّ عن درجة الحَسَنِ إذا سَلِمَ من الانقطاع. قال عنه النووي: "إسناد جيدٌ"8. ولكنه إسناد منقطع كما بيَّنه غيرُ واحدٍ:
1 تحفة المودود: (ص 111) .
(5/236) ح 4948 ك الأدب، باب في تغيير الأسماء.
(5/194) .
4 الإحسان: (7/528) ح 5788.
(9/306) .
6 الأزدي، الدمشقي، عاملُ واسط، صدوقٌ يخطئ، من السابعة/د. (التقريب199) .
7 الخُزاعي، أبو يحيى الشَّامي، واسم أبيه: إياس، وقيل: زيد، ثقةٌ فقيهٌ عابدٌ، من الرابعة، مات سنة 119هـ/د. (التقريب303) .
8 الأذكار: (ص246) .
قال أبو داود عقب إخراجه: "ابن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء". وقال البيهقي: "هذا مرسلٌ، ابن أبي زكريا لم يسمع من أبي الدرداء"1. وقال المنذري: "عبد الله بن أبي زكريا: كنيته أبو يحيى
…
ثقةٌ عابدٌ، لم يسمع من أبي الدرداء، فالحديث منقطع"2. وقال ابن حجر:"رجاله ثقات، إلا أنَّ في سنده انقطاعاً بين عبد الله بن أبي زكريا - راويه عن أبي الدرداء - وأبي الدرداء؛ فإنه لم يدركه"3.
وقد رمز له السيوطي في (الجامع الصغير) 4 بالحُسْنِ، فلم يصب، وقد أورده الشيخ الألباني في (ضعيف الجامع) 5 وقال:"ضعيف".
فَتَبَيَّنَ من ذلك أنَّ ابن القَيِّم رحمه الله لا يُوافَقُ على الحكم بحُسْنِ هذا الإسناد؛ لما فيه من الانقطاع.
ولكن يشهد لمعنى هذا الحديث: ما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم من تغييره بعض الأسماء إلى أسماء حسنة، وأيضاً: ما صحَّ من أن الناس يُنْسَبُونَ يوم القيامة إلى آبائهم.
وقد أشار ابن القَيِّم رحمه الله إلى هذا المعنى، فقال - عند كلامه على حديث أبي الدرداء الذي معنا -: "وفي هذا الحديث رَدٌّ على
1 سنن البيهقي: (9/306) .
2 مختصر السنن: (7/251) .
3 فتح الباري: (10/577) . وانظر: المراسيل لابن أبي حاتم: (ص113) .
4 مع فيض القدير: (2/553) ح2533.
(ح2035) .
من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يُدْعَوْنَ بأمهاتهم لا آبائهم، وقد تَرْجَمَ البخاري في صحيحه لذلك، فقال: باب يُدْعَى الناس بآبائهم، وذكر فيه حديث نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الغَادِرُ يُرْفَعُ له لواءٌ يومَ القيامة، يقال له: هذه غدرة فلان بن فلان"1.
قال ابن حجر رحمه الله في كلامه على هذا الحديث: "فَتَضَمَّنَ الحديث: أنه ينسب إلى أبيه في الموقف الأعظم"2.
وأما الأحاديث التي فيها الأمر بتغيير الأسماء إلى أحسن منها: فقد أخرج البخاري - أيضاً - منها جملة3.
فثبتَ بذلك: أن حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وإن كان منقطعاً، فإن معناه قد صحَّ من جهات أخرى، وأن إطلاق ابن القَيِّم رحمه الله الحكم بحسنِ إسناده فيه نظر، والله أعلم.
1 تهذيب السنن: (7/250) . وانظر: صحيح البخاري: ك الأدب، باب ما يُدْعى الناس بآبائهم ح6177، 6178. (فتح الباري10/563) .
2 فتح الباري: (10/563) .
3 صحيح البخاري: ك الأدب، باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه، ح6191 - 6193. (فتح الباري 10/575) .