الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب ما جاء في المصافحة
106-
(4) عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:"مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ: الأَخْذُ باليَدِ "1.
ذكر ابن القَيِّم رحمه الله هذا الحديث في (تهذيب السنن) 2، ثم قال:"وله علتان:
إحداهما: رواية يحيى بن سُلَيْم له.
والثانية: أن راويه عن ابن مسعود رجلٌ مجهولٌ". ثم نقل عن الترمذي أنه سألَ البخاريَّ عنه، فلم يُعُدَّه محفوظاً.
قلت: هذا الحديث أخرجه: الترمذيُّ في: (جامعه) 3، و (علله) 4، وأبو أحمد الحاكم في (الفوائد) 5 من طريق: يحيى بن سليم الطَّائفي، عن سفيان، عن منصور، عن خيثمة6، عن رجلٍ، عن ابن مسعود رضي الله عنه به.
1 نقل ابن حجر في فتح الباري: (11/56) عن ابن بطال قوله: "الأخذ باليد: هو مبالغة المصافحة
…
".
(8/79) .
(5/75) ح 2730 ك الاستئذان، باب ما جاء في المصافحة.
(2/863) .
5 كما أفاده الشيخ الألباني في الضعيفة: (3/449) .
6 ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة، الجُعْفي، الكوفي، ثقةٌ، وكان يُرْسِلُ، من الثالثة، مات بعد سنة 80هـ/ ع. (التقريب 197) .
وقد أَعَلَّ الأئمة هذا الحديث وَضَعَّفُوه، فقال الترمذي عقبه:"هذا حديث غريبٌ، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم عن سفيان، وسألت محمدَ بنَ إسماعيل عن هذا الحديث، فلم يُعدَّه محفوظاً، وقال: إنما أراد عندي: حديث سفيان، عن منصور، عن خيثمة، عمن سمع ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا سَمَرَ إلا لِمُصَلٍّ أو مُسَافِرٍ".
قلت: فقد حمل البخاريُّ رحمه الله في هذا الحديث على يحيى بن سليم الطائفي، وأنه انقلبَ عليه، فجاء بمتنِ حديثِ الأخذِ باليد فَرَكَّبَهُ على إسناد حديث آخر، وهو حديث: "لا سَمَرَ إلا لِمُصَلٍّ
…
" 1.
وقال البخاري مرة: "هذا حديث خطأ"2. ثم بيَّنَ الصوابَ في حديث المصافحة هذا، فقال: "وإنما يُرْوَى عن منصور، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد - أو غيره - قال: من تَمَام التحية
…
"3. كذا في (جامع الترمذي) ، وفي (العلل) 4 له: "وإنما يُروى عن منصور، عن الأسود بن يزيد - أو عبد الرحمن بن يزيد - أنه قال
…
".
ويحيى بن سليم: سيئُ الحفظ، يَهِمُ ويخطئ، ولذلك قال الإمام
1 جامع الترمذي: (5/75 - 76) .
2 علل الترمذي: (2/863) .
3 جامع الترمذي: (5/76) .
(2/863) .
أحمد: "أتيته فكتبت عنه شيئاً، فرأيته يُخَلِّطُ في الأحاديث فتركته"1. وخطَّأه غيره.
وقال أبو حاتم رحمه الله: "حديثٌ باطلٌ"2 ولَعَلَّه رحمه الله يشير إلى العِلَّة التي ذكرها البخاري. وقد ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة يحيى الطائفي من (ميزانه) 3 على عادته في ذكر شئٍ من حديث الراوي مما انفرد به، أو أُنْكِرَ عليه.
وقد ضَعَّفَ إسناده أيضاً: الحافظُ ابن حجر، فقال:"إسناده ضعيف"4 وقال مرة: "في سنده ضعف"5.
ويضافُ إلى ما تَقَدَّمَ: الجهالةُ في إسناده، حيث لم يُسَمّ الرَّاوي عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقد أشار الزيلعي إلى ذلك، فقال:"وفيه أيضاً مجهولٌ"6. ونقل المناوي في (فيض القدير) 7 عن المنذريِّ مثل ذلك.
وقد أورد الشيخُ الألبانيُّ هذا الحديث في (السلسلة الضعيفة) 8،
1 انظر: الميزان: (4/384)، وتهذيب التهذيب:(11/226 - 227) .
2 علل ابن أبي حاتم: (2/307) ح 2433.
(4/384) .
4 الدارية: (2/234) .
5 فتح الباري: (11/56) .
6 نصب الراية: (4/260) .
(6/11) .
(3/449) ح 1288.
ونقل أقوال الأئمة في تضعيفه، ثم ذكر له بعضَ الشواهد من حديث: أبي أمامة، والبراء بن عازب، وَضَعَّفها، ثم قال:"وجملة القول: أنَّ طرقَ هذا الحديث كلها واهيةٌ، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، فليس فيها ما يمكنُ الاعتمادُ عليه كشاهدٍ صالح، فالذي أستخيرُ الله فيه: أَنَّهُ ضعيفٌ مرفوعاً، صحيحٌ موقوفاً، والله أعلم".
فَتَلَخَّصَ من ذلك أن هذا الحديث:
1-
ضعيف السند؛ لوجود يحيى الطائفي فيه.
2-
ومقلوبُ المتن؛ إذ رُكِّبَ متنه على إسناد آخر.
3-
وفي إسناده راوٍ مجهولٌ.
4-
وأنَّ الصواب فيه: الوقفُ على الأسود بن يزيد، أو عبد الرحمن بن يزيد.
وبذلك يكون للحديث علتان أخريان زيادة على ما ذكر ابن القَيِّم رحمه الله.
ومع كل هذا، فقد رَمَزَ له السيوطي في (الجامع الصغير) 1 بالحُسْن! فلعله حَدَثَ خطأٌ؛ إذ إنَّ هذه الرموزُ قد يغلبُ عليها تحريف النساخ، كما نَبَّه عليه الشيخ الألباني2. فالله أعلم.
1 مع فيض القدير: (6/11) ح 8238.
2 مقدمة ضعيف الجامع: (1/13) .