المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حين ينقلب الحب بغضا وعداوة - ثم أبصرت الحقيقة

[محمد سالم الخضر]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقدمة

- ‌خطوات إلى الأمام

- ‌الوحدة التي نريد

- ‌دين موروث

- ‌حبك للشيء يعمي ويصم

- ‌هذا ديني وذاك مذهبي

- ‌سهام رمتني وأخرى سترميني

- ‌نحن مع الحق وإن قاله خصومنا

- ‌لماذا لا نتحاور

- ‌نريده حواراً من أجل الحقيقة

- ‌من هنا كانت البداية

- ‌في السيدة زينب

- ‌في حب أهل البيت

- ‌حبهم إيمان وتُقى وبغضهم نفاق وضلال

- ‌مَنْ هم آل البيت

- ‌أهل البيت بين الشرف والخصوصية

- ‌حين ينقلب الحب بغضاً وعداوة

- ‌تحت أي بند يُصنّف هذا الحب

- ‌الغلو في أمهات كتب الشيعة

- ‌كيف ينظر كبار علماء الشيعة إلى الأئمة الإثنى عشر

- ‌1 - آية الله العظمى الخميني

- ‌2 - آية الله العظمى الخوئي

- ‌3 - آية الله العظمى جواد التبريزي

- ‌4 - آية الله العظمى محمد بن مهدي الحسيني الشيرازي

- ‌5 - آية الله العظمى محمد محمد صادق الصدر

- ‌6 - آية الله العظمى وحيد خراساني

- ‌7 - آية الله العظمى المولى ميرزا حسن الحائري الإحقاقي

- ‌8 - آية الله العظمى المولى ميرزا عبد الرسول الحائري الإحقاقي

- ‌9 - آية الله العظمى محمد الحسيني الشاهرودي

- ‌10 - الإمام الأكبر محمد الحسين آل كاشف الغطاء

- ‌11 - العلامة جعفر التستري

- ‌الخلافة والإمامة

- ‌المرجعيات ولغة التكفير

- ‌خطوات نحو إصلاح ما أفسدته الطائفية

- ‌لماذا لم يُذكر الأئمة في القرآن

- ‌الإمام والإمامة في القرآن الكريم

- ‌القرآن وعقيدة الإمامة الشيعية

- ‌القول بالإمامة الإلهية بعد النبي طعن في ختم نبوته

- ‌نصوص شيعية اشترطت العدل في الحاكم لا العصمة

- ‌الأحلام لا تصلح لأن تكون دستوراً

- ‌نهج البلاغة ينقض عقيدة الإمامة التي يعتقدها الشيعة الإثنا عشرية

- ‌عندما يمتزج وهم الإمامة النصية بالخرافة الحسية

- ‌مناقشة أدلة الإمامة عند الشيعة الإثني عشرية

- ‌من الأفضل أبو بكر أم علي

- ‌الإمامية أضعف حجة قرآنية من أهل الكتاب

- ‌آية {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين}

- ‌آية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}

- ‌آية التطهير وحديث الكساء

- ‌آية المباهلة

- ‌آية {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَاد}

- ‌مناقشة ما يُستدل به على الإمامة من السنة النبوية

- ‌أ - حديث غدير خم

- ‌ب - حديث الاستخلاف على المدينة

- ‌جـ - حديث الطائر

- ‌د - حديث الدار

- ‌هـ - حديث (علي مني وأنا من علي)

- ‌و - أحاديث الإثني عشر إماماً

- ‌لا - أحاديث صحيحة في النص على الأئمة الإثني عشر بأسمائهم

- ‌روايات شيعية دامغة

- ‌المرتضى لا يستبعد كون الأئمة أكثر من إثني عشر

- ‌من هم الخلفاء الإثنا عشر

- ‌تساؤلات أنتجت تنوعاً في الآراء

- ‌تحرير المسألة

- ‌مع صحابة رسول الله

- ‌حوار مع زميل

- ‌المرء على دين خليله

- ‌ماذا عن امرأتي نوح ولوط عليهما السلام

- ‌حديث (قرن الشيطان) هل أُريد به عائشة رضي الله عنها

- ‌أم المؤمنين عائشة وموقعة الجمل

- ‌مع مبغض لعمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌شرعنة الكذب وعقلنة اللامعقول

- ‌المحقق الثاني وعادة لعن الشيخين (أبي بكر وعمر)

- ‌أحسن طريقة لسب صحابة نبيك

- ‌تشبيه الاسترابادي أم المؤمنين عائشة بحيوان

- ‌سب صحابة رسول الله كفر عند أئمة أهل البيت

- ‌الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) يتبرأ من مبغضي الصحابة

- ‌من هو جد الإمام جعفر الصادق

- ‌حب الإمام علي للصحابة

- ‌نهج البلاغة والثناء العطر على عمر بن الخطاب

- ‌هل يُسمّي الرجل أبناءه بأسماء أعدائه

- ‌مالك الأشتر والشيخين أبو بكر وعمر

- ‌بيعة الرضوان تشهد لعثمان بن عفان بالرضوان

- ‌شرف صحبة رسول الله

- ‌المقدّس الأردبيلي - من الذي قدّسه

- ‌صحابة رسول الله كما تصورهم كتب الشيعة الإثني عشرية وعلماؤها

- ‌الطعن في الصحابة يستلزم الطعن في الدين الذي نقلوه لهذه الأمة

- ‌لا بد من التمييز بين الصحبة اللغوية والصحبة الشرعية

- ‌هل في الصحابة منافقون

- ‌عدالة الصحابة

- ‌محمد حسين فضل الله ومفهوم العدالة

- ‌بعض أهل السنة أساءوا لمفهوم (العدالة)

- ‌ماذا وراء طرح موضوع العدالة

- ‌عدالة الصحابة مستحيلة وعدالة (مراجع التقليد) لا غبار عليها

- ‌الخلل قديم

- ‌منقلبون على أعقابهم ومرتدون من أجل ماذا

- ‌من المرتد - صحابة رسول الله أم هؤلاء

- ‌هل بشّر القرآن الصحابة بردتهم وكفرهم

- ‌نموذجان حَيّان للمزاجية في تفسير النصوص الشرعية

- ‌أ - آية آل عمران

- ‌ب - حديث المذادة عن الحوض

- ‌التعامل مع الصحابة من خلال أخطائهم

- ‌وبالمكيال الذي تكيل تُكال

- ‌رؤية ناصبي للإمام علي

- ‌1 - الإمام علي والدّين

- ‌2 - إهانة اسم الله

- ‌3 - النظرة السلبية للمرأة

- ‌4 - اتهام الإمام علي بخيانة صحابي استضافه في بيته

- ‌خلاصة الكلام

- ‌خاتمة

- ‌مراجع البحث

الفصل: ‌حين ينقلب الحب بغضا وعداوة

ما أجرى الله في أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أن نكون كما تقول، إنا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر ولمسيئنا ضعفين من العذاب. ثم قرأ الآيتين).

وروى الإمام محمد بن عاصم الأصبهاني رحمه الله عن الفضيل بن مرزوق قال: سمعت (الحسن بن الحسن) أخا (عبد الله بن الحسن) وهو يقول لرجل ممن يغلو فيهم: (ويحكم

أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا وإن عصينا الله فأبغضونا) ثم قال:(والله إني لأخاف أن يُضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، والله إني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين)(1).

فهذه روايات ثلاث بأسانيد سنية وشيعية تشير إلى احتساب أئمة آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يؤتي الله تعالى للمحسن منهم أجره مرتين والمسيء منهم العذاب ضعفين إن أساء العمل.

‌حين ينقلب الحب بغضاً وعداوة

..

إنّ حب آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام وموالاتهم ونصرتهم والذب عنهم معنى إيماني رائع، تجيش له مشاعر المؤمنين الصادقين، طالما بقي الحب حباً إيمانياً شرعياً لا تكدره تحريفات المبطلين.

لكنه حين يتعدى حدود الشرع فإنه ينقلب ولا بد بغضاً وعداوة لآل البيت النبوي.

ذلك لأنّ التقوّل على الأتقياء الصالحين ونسبة ما يضاد دينهم وأخلاقهم إليهم، لا يُمكن بحال من الأحوال أن يُعتبر حباً وولاء وإنما يُصنّف مباشرة تحت عنوان (البغض والمعاداة)!

(1) جزء محمد بن عاصم الأصبهاني ص125 والرواية صحيحة السند.

ص: 80

ولو جاز لنا أن نسأل المسيح عليه السلام على سبيل المثال عن رأيه وموقفه ممن غلا فيه ونسب إليه ما لم يقل – باسم حبه وتوليه – أتراه يصرّح بحب هذا المغالي وتمني الاجتماع به في الجنان عند مليك مقتدر؟ أم يذكره بالسوء ويبرأ إلى الله تعالى منه ومن صنيعه بما أفسد به دين الله وعقائد الناس؟

إنّ أبغض الناس عند المسيح عليه السلام هم الذين غالوا فيه وجعلوه نداً لله تارة، وابناً له تارة أخرى، واستبدلوا رسالته التي بُعث من أجلها إلى (مسخ) من عقائد وثنية وضعية أقنعوا أنفسهم والناس بأنها دين المسيح عليه السلام!

وقد أخبر الله تعالى عن موقف المسيح عليه السلام من النصارى يوم يدعوه ويسأله {أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ؟!

فيتبرأ قائلاً {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَاّمُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَاّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَن اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (1).

نعم

لقد ادعى النصارى ذلك وصنعوا له الروايات، والقصص والأحلام والمنامات. وبنوا الكنائس، وصنعوا الصلبان. وصوروا الصور، ونصبوا التماثيل التي تصور صلب المسيح -الإله! وصرفوا الأموال، وبذلوا الجهود والأوقات. وسفكوا الدماء

كل ذلك من أجل وهم لا وجود له، ولا دليل عليه. اللهم إلا المتشابهات!

(1) سورة المائدة آية 116 - 117

ص: 81

فالحب الذي لا ضابط له هو شؤم على صاحبه وعلى الناس، وإن لم يلجم المؤمن حبه للأخيار بلجام من التقوى والوقوف عند الشرع الحنيف فإنه سيبتعد عن الدين أميال وفراسخ.

والحال في أهل البيت لا يختلف كثيراً عن الحال في المسيح عليه السلام، فأبغض الناس عند أهل البيت عليهم السلام ليس النواصب الذي جهروا بمعاداتهم ونصبهم، فهؤلاء أعداء واضحون مفضوحون ومخذولون.

لكن الخوف كل الخوف من الذي تلبسوا بلباس أهل البيت ونطقوا باسمهم وغالوا فيهم وأسبغوا عليهم صفات الإلوهية، واستبدلوا دعوتهم المستمدة من معين سيدهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدعوة أخرى لا تشترك مع الأولى إلا بالعنوان أو بالشعارات الرنانة!

وفي هذا يقول الإمام جعفر الصادق: (لقد أمسينا وما أحد أعدى لنا ممّن ينتحل مودّتنا!)(1).

ويقول أيضاً: (إنّ ممن ينتحل هذا الأمر (2) لمن هو شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا!!) (3).

ويقول أيضاً: (ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع!!)(4).

(1) رجال الكشي ص373 – رواية رقم (555).

(2)

أي التشيع لآل البيت

(3)

بحار الأنوار 65/ 166 ورجال الكشي ص364 – رواية رقم (528).

(4)

رجال الكشي ص366 – رواية رقم (535) ومعجم رجال الحديث للخوئي 15/ 265

ص: 82

إنّ أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام لا يتحملون مسؤولية ما أحدثه الناس في زمانهم ومن بعدهم من العقائد والأفكار التي لا تمت إلى عقيدتهم ودينهم وأخلاقهم بصلة، وإنما يتحملها الغلاة وحدهم.

وسيسألهم الله تعالى عنها يوم القيامة. .. بل قد يسأل الإمام علي نفسه: أأنت قلت للناس استغيثوا بي عند الشدائد وتناسوا الحي الذي لا يموت (1)؟

وربما يسأل الأئمة واحداً بعد واحد: أأنتم قلتم للناس فضّلونا على الأنبياء والمرسلين واستثنوا منهم محمداً صلى الله عليه وآله وسلم؟

(1) يعد دعاء (حلال المشاكل) من أكثر الأدعية انتشاراً بين عامة الشيعة في العراق وإيران والخليج، وهو دعاء تنبض عروقه بالشرك بالله تعالى، إذ يستغيث المرء فيه بالإمام علي طالباً منه النصرة وحل المشكلات ورفع البلاء وجلب المصالح ودفع الضر بكل انكسار وخشوع! قائلاً:

يا أبا الغيث أغثني

يا علي الدرجات

حل عقدتي بك قيدي

أنت لي إن ناب دهري

أنت لي إن حط قدري

يا محل المشكلات

سيدي أنت منائي

سيدي أنت رجائي

لك أخلصت ولائي

يا محل المشكلات

سيدي أنت سندي

سيدي أنت عمادي

في مماتي ومعادي

يا محل المشكلات

أحد الأصدقاء زار إحدى المكتبات الشيعية لاقتناء بعض الكتب، وحدثني عن حادثة طريفة حدثت له حول هذا الدعاء، يقول: كنت أمام البائع فوقفت بالقرب مني امرأة وطلبت من البائع كتاب (حلال مشاكل) فتحرك في نفسي الفضول: فقلت لها، عن ماذا يتحدث هذا الكتاب؟ فشرحت لي الفكرة والدعاء.

يقول: فقلت لها

سبحان الله

تعتقدين أنّ علي بن أبي طالب لم يحل مشكلته مع أبي بكر وعمر وتريدينه أن يحل مشكلتك!! فقالت لي: (اصمت) وأحمد الله أني لم أُصب منها بأذى.

ص: 83

أأنتم قلتم للناس بأنّ ولايتكم عُرضتْ على الأنبياء والمرسلين وجعلتموها شرطاً لقبول أعمال العباد؟

وسيتبرأ هؤلاء جميعاً من الدعاوى الباطلة التي نُسبت إليهم زوراً وبهتاناً وممن نسبها إليهم.

إنّ أهل البيت لا يتحملون مسؤولية ما نسبه إليهم أدعياء التشيع لهم من التكفير لخصومهم (1) والطعن في أعراضهم بغير حق (2) واستحلالهم اللعن والسباب لصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

(1) ساق العلامة يوسف البحراني في "الشهاب الثاقب" أقوالاً عدة لكبار علماء الشيعة الإثنى عشرية يصّرحون فيها بتكفير مخالفي الإمامية وحرمة تغسيلهم والصلاة عليهم.

منها قول الشيخ المفيد في "المقنعة ص85": (ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يُغسل مخالفاً للحق في الولاية ولا يصلّي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية، فيغسّله تغسيل أهل الخلاف، ولا يترك معه جريدة، وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له فيها)!!

وقول الشيخ الطوسي في "تهذيب الأحكام 1/ 335" بعد نقل عبارة "المقنعة": (إنّ المخالف لأهل الحق كافر، فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالف أيضاً غير جائز، وأما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان يصلي النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام على المنافقين)!

(2)

يقول آية الله العظمى وقائد الثورة الإيرانية (الخميني) في رسالته "المكاسب المحرّمة 1/ 379 - 380" عن غير الشيعة: (فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروريّ المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم. فعن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قلت له: إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال: الكفّ عنهم أجمل، ثم قال: يا أبا حمزة، إنّ الناس كلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا

). والظاهر منها جواز الافتراء والقذف عليهم لكن الكفّ أحسن وأجمل= = لكنّه مشكل إلا في بعض الأحيان، مع أنّ السيرة أيضاً قائمة على غيبتهم، فنِعم ما قال المحقق صاحب الجواهر: إنّ طول الكلام في ذلك كما فعله في الحدائق من تضييع العمر في الواضحات)!!

فإذا كان هذا كلام قائد الثورة والإمام الأعظم الذي يفخر به علماء الشيعة وعوامهم كابراً عن كابر فماذا يقول غيره؟!

ص: 84

كما أنهم بمنأى عن استغلال البسطاء وسرقة أموالهم كما يفعل أرباب الزعامات والتحزبات اليوم من استحلاب الرزق السريع باسم ولاية أهل البيت (1)!

(1) حاول أيها القارئ أن تدرس قضية الخمس بإنصاف بَدءاً بقراءة تفاسير جماهير المسلمين لآية الخمس ومقارنتها بتفاسير الشيعة الإثنى عشرية، انتقالاً إلى التنافس التاريخي بين نواب المهدي المنتظر على أموال الشيعة، ثم ما يحصل اليوم من تنافس بين الوكلاء والمرجعيات والأرصدة الخيالية لبعض المراجع.

وإلى ذلك يشير آية الله العظمى أحمد الحسني البغدادي في كلام صريح وخطير يقول فيه: (نرى اليوم بأم أعيننا مرجعاً دينياً إقليمياً ظهر على الساحة النجفية يحاول بكل ثقله الاستراتيجي ترشيح أحد حواشيه لمنصب المرجعية الإمامية، بل فتح له رصيداً من الدولار الأصفر بلا حدود من أرزاق الكادحين والمحرومين، وهو بالإجماع الحوزوي لم يكن مجتهداً مطلقاً بل ديكوراً، بل يظن أنه تحكم في كل شيء وأصبح قادراً على كل شيء، لذا نراه ينفق في تبذير ويتلذذ في تبذير، وهو لا يتقي غضب الله ولا سخط المستضعفين، ويحسب أنّ أجله ممدود وأن ليس وراءه حسيب ولا رقيب، وحتى نسي أنّ هناك واجباً وأنّ هناك حراماً، وأنّ هناك موتاً وأنّ هناك نشوراً، وكانت نهاية طموح مخططه التضليلي إذ أمات الله خليفته المرتقب فجأة وبلا علة، وفق المداولة القرآنية {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس}).

ويقول: (إني أنتقد لأني أبكي وأتعذب لا لأني أكره وأعادي، أنتقد هؤلاء بالأساليب العلمية الهادفة لأني أريدهم بمستوى المسؤولية الحركية الإسلامية التاريخية، وأنتقد المرجعية الدينية لأنها لا تحترم منطق الحوزة العلمية الملتزمة، أنتقد الحياة الفكرية لأني أعيشها بمعاناة بلا شروط، بلا اقتناع، بلا نظرية. إنّ كل دموع هؤلاء الضحايا من رجال الحوزات الدينية تنصب في عيوني، وأحزانهم تتجمع في قلبي، وآلامهم تأكل أعضائي، ليس لأني قديس بل لأني إنسان متألم حزين يتصور العذاب الحوزوي ويجربه ويعيشه معايشة ميدانية معمّقة). "حق الإمام في فكر السيد البغدادي ص65 - 66".

والمفاجأة التي نشير إليها هاهنا هي أنّ المراد بكلام البغدادي السابق هو آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي وابنيه محمد وعبد المجيد! =

= ولعل من أهم ما يُذكر في موضوع الخمس هو اعتراف أحد مدّعي النيابة عن القائم المنتظر واسمه (محمد بن علي الشلمغاني)، وكان إذ ذاك يتنافس مع أبي القاسم بن روح على النيابة عن القائم الغائب وأخذ الخمس من الناس فظفر أبو القاسم ولم تتسنى للشلمغاني فرصة الاقتيات على أموال الخمس فكان مما قاله:(ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح إلا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، لقد كنا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على الجيف)"كتاب الغيبة للطوسي ص241".

ومن الطريف أن تجد كتب بعض كبار علماء الشيعة تنص وبكل وضوح على أنّ من لا يدفع الخمس لهم فهو ابن زنا!!

فقد عنون العلامة يوسف البحراني في "الكشكول 3/ 16" لأحد مواضيعه بعنوان (من جملة أسباب الزنا أكل الخمس) قال فيه بالنص: (وقد تواترت الأخبار معنى بتحليل الخمس للشيعة لتطيب ولادتهم، وفي بعضها أنّ الزنا خبث الولادة إنما دخل على المخالفين من جهة الخمس)!

فإلى هذه الدرجة يصل الحرص على أكل أموال الناس بالباطل!

ص: 85

إنّ التوسط في حب أهل البيت ومعرفة حقهم هو المطلوب.

فقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى أنه ما من أمر يأمر به سبحانه عباده بفعله إلا كان للشيطان فيه حظان كلاهما حبيب إلى نفسه: إما غلو وإفراط وإما تقصير وتفريط.

ولأقف هاهنا على رائعة من روائع الإمام علي وهو يصف الناس في نظرتهم له فيقول: (وسيهلك فيّ صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب البغض به إلى غير الحق، وخير الناس فيّ حالاً: النمط الوسط فالزموه، والزموا السواد الأعظم فإنّ يد الله مع الجماعة وإياكم والفرقة فإنّ الشاذ من الناس للشيطان كما أنّ الشاذ من الغنم للذئب)(1)، ويظهر للمتمعن بالنص أنّ الفئات الثلاث المشار إليها هي: الشيعة والنواصب وجمهور المسلمين (أهل السنة).

(1) نهج البلاغة ص127 (ومن كلام له (ع) وفيه يبين بعض أحكام الدين ويكشف للخوارج الشبهة وينقض حكم الحكمين).

ص: 86