الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن وعقيدة الإمامة الشيعية
من يتأمل كتاب الله الكريم الذي جعله الله نوراً تهتدي به العقول والقلوب، سيجد أنّ الإيمان بكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين يحصل به مقصود الإمامة في حياته وبعد مماته.
(فالذي يؤمن بأنّ محمداً صلى الله عليه وآله وسلم هو رسول الله حقاً وأنّ طاعته واجبة إن قيل بأنه يدخل الجنة استغنى عن مسألة الإمامة ولم يلزمه طاعة سوى الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن قيل لا يدخل الجنة إلا باتباعه الإمام كان هذا خلاف نصوص القرآن الكريم، فإنه سبحانه وتعالى أوجب الجنة لمن أطاع الله ورسوله في غير موضع من القرآن ولم يعلق دخول الجنة بطاعة إمام أو إيمان به أصلاً كمثل قوله تعالى {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} (1) وقوله تعالى {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2)(3).
ولو كانت الإمامة أصلاً للإيمان الذي لا يقبل الله عمل العبد إلا به كما تقول الروايات الشيعية، لذكر الله عز وجل الإمامة في تلك الآيات وأكّد عليها لعلمه بحصول الخلاف فيها بعد ذلك، ولا أظن أحداً سيأتي ليقول لنا بأنّ الإمامة في الآيات مذكورة ضمناً تحت طاعة الله
(1) سورة النساء آية 69
(2)
سورة النساء آية 13
(3)
منهاج السنة النبوية 1/ 87 بتصرف.
وطاعة الرسول لأنّ في هذا تعسفاً في التفسير، بل يكفي بياناً لبطلان ذلك أن نقول بأنّ طاعة الرسول في حد ذاتها هي طاعة للرب الذي أرسله، غير أنّ الله عز وجل لم يذكر طاعته وحده سبحانه ويجعل طاعة الرسول مندرجة تحت طاعته بل أفردها لكي يؤكد على ركنين مهمين في عقيدة الإسلام (طاعة الله، وطاعة الرسول)، وإنما وجب ذكر طاعة الرسول بعد طاعة الله كشرط لدخول الجنة لأنّ الرسول مبلّغ عن الله وأنّ طاعته طاعة لمن أرسله أيضاً، ولمّا لم يثبت لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جانب التبليغ عن الله، فإنّ الله عز وجل علّق الفلاح والفوز بالجنان بطاعة رسوله والتزام أمره دون الآخرين.
وثمت دليل قاطع يقطع على الشاك دربه ويزيل عنه الشك وهو قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (1).
فإنّ الله عز وجل أمر المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر منهم، لكنه جعل الرد عند التنازع إلى الله والرسول دون أولي الأمر، لأنّ الله عز وجل هو الرب، والرسول هو المبلغ عن الله وهو معصوم لا يخطئ في بيان الحق عند التنازع، أما أولو الأمر فليسوا بمعصومين وإلا لجعل الله الرد إليهم، لكن الله عز وجل أظهر بهذه الآية أنهم كسائر الناس يرجعون في التنازع إلى كتاب الله وسنة نبيه، وقد يكونون خصوماً لأحد ويكون الحق معه حين الرد إلى كتاب الله وسنة نبيه.
فأين يذهب القائلون بنظرية الإمامة من دلالة هذه الآية الكريمة؟!
(1) سورة النساء آية 59