المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صحابة رسول الله كما تصورهم كتب الشيعة الإثني عشرية وعلماؤها - ثم أبصرت الحقيقة

[محمد سالم الخضر]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌مقدمة

- ‌خطوات إلى الأمام

- ‌الوحدة التي نريد

- ‌دين موروث

- ‌حبك للشيء يعمي ويصم

- ‌هذا ديني وذاك مذهبي

- ‌سهام رمتني وأخرى سترميني

- ‌نحن مع الحق وإن قاله خصومنا

- ‌لماذا لا نتحاور

- ‌نريده حواراً من أجل الحقيقة

- ‌من هنا كانت البداية

- ‌في السيدة زينب

- ‌في حب أهل البيت

- ‌حبهم إيمان وتُقى وبغضهم نفاق وضلال

- ‌مَنْ هم آل البيت

- ‌أهل البيت بين الشرف والخصوصية

- ‌حين ينقلب الحب بغضاً وعداوة

- ‌تحت أي بند يُصنّف هذا الحب

- ‌الغلو في أمهات كتب الشيعة

- ‌كيف ينظر كبار علماء الشيعة إلى الأئمة الإثنى عشر

- ‌1 - آية الله العظمى الخميني

- ‌2 - آية الله العظمى الخوئي

- ‌3 - آية الله العظمى جواد التبريزي

- ‌4 - آية الله العظمى محمد بن مهدي الحسيني الشيرازي

- ‌5 - آية الله العظمى محمد محمد صادق الصدر

- ‌6 - آية الله العظمى وحيد خراساني

- ‌7 - آية الله العظمى المولى ميرزا حسن الحائري الإحقاقي

- ‌8 - آية الله العظمى المولى ميرزا عبد الرسول الحائري الإحقاقي

- ‌9 - آية الله العظمى محمد الحسيني الشاهرودي

- ‌10 - الإمام الأكبر محمد الحسين آل كاشف الغطاء

- ‌11 - العلامة جعفر التستري

- ‌الخلافة والإمامة

- ‌المرجعيات ولغة التكفير

- ‌خطوات نحو إصلاح ما أفسدته الطائفية

- ‌لماذا لم يُذكر الأئمة في القرآن

- ‌الإمام والإمامة في القرآن الكريم

- ‌القرآن وعقيدة الإمامة الشيعية

- ‌القول بالإمامة الإلهية بعد النبي طعن في ختم نبوته

- ‌نصوص شيعية اشترطت العدل في الحاكم لا العصمة

- ‌الأحلام لا تصلح لأن تكون دستوراً

- ‌نهج البلاغة ينقض عقيدة الإمامة التي يعتقدها الشيعة الإثنا عشرية

- ‌عندما يمتزج وهم الإمامة النصية بالخرافة الحسية

- ‌مناقشة أدلة الإمامة عند الشيعة الإثني عشرية

- ‌من الأفضل أبو بكر أم علي

- ‌الإمامية أضعف حجة قرآنية من أهل الكتاب

- ‌آية {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين}

- ‌آية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}

- ‌آية التطهير وحديث الكساء

- ‌آية المباهلة

- ‌آية {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَاد}

- ‌مناقشة ما يُستدل به على الإمامة من السنة النبوية

- ‌أ - حديث غدير خم

- ‌ب - حديث الاستخلاف على المدينة

- ‌جـ - حديث الطائر

- ‌د - حديث الدار

- ‌هـ - حديث (علي مني وأنا من علي)

- ‌و - أحاديث الإثني عشر إماماً

- ‌لا - أحاديث صحيحة في النص على الأئمة الإثني عشر بأسمائهم

- ‌روايات شيعية دامغة

- ‌المرتضى لا يستبعد كون الأئمة أكثر من إثني عشر

- ‌من هم الخلفاء الإثنا عشر

- ‌تساؤلات أنتجت تنوعاً في الآراء

- ‌تحرير المسألة

- ‌مع صحابة رسول الله

- ‌حوار مع زميل

- ‌المرء على دين خليله

- ‌ماذا عن امرأتي نوح ولوط عليهما السلام

- ‌حديث (قرن الشيطان) هل أُريد به عائشة رضي الله عنها

- ‌أم المؤمنين عائشة وموقعة الجمل

- ‌مع مبغض لعمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌شرعنة الكذب وعقلنة اللامعقول

- ‌المحقق الثاني وعادة لعن الشيخين (أبي بكر وعمر)

- ‌أحسن طريقة لسب صحابة نبيك

- ‌تشبيه الاسترابادي أم المؤمنين عائشة بحيوان

- ‌سب صحابة رسول الله كفر عند أئمة أهل البيت

- ‌الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) يتبرأ من مبغضي الصحابة

- ‌من هو جد الإمام جعفر الصادق

- ‌حب الإمام علي للصحابة

- ‌نهج البلاغة والثناء العطر على عمر بن الخطاب

- ‌هل يُسمّي الرجل أبناءه بأسماء أعدائه

- ‌مالك الأشتر والشيخين أبو بكر وعمر

- ‌بيعة الرضوان تشهد لعثمان بن عفان بالرضوان

- ‌شرف صحبة رسول الله

- ‌المقدّس الأردبيلي - من الذي قدّسه

- ‌صحابة رسول الله كما تصورهم كتب الشيعة الإثني عشرية وعلماؤها

- ‌الطعن في الصحابة يستلزم الطعن في الدين الذي نقلوه لهذه الأمة

- ‌لا بد من التمييز بين الصحبة اللغوية والصحبة الشرعية

- ‌هل في الصحابة منافقون

- ‌عدالة الصحابة

- ‌محمد حسين فضل الله ومفهوم العدالة

- ‌بعض أهل السنة أساءوا لمفهوم (العدالة)

- ‌ماذا وراء طرح موضوع العدالة

- ‌عدالة الصحابة مستحيلة وعدالة (مراجع التقليد) لا غبار عليها

- ‌الخلل قديم

- ‌منقلبون على أعقابهم ومرتدون من أجل ماذا

- ‌من المرتد - صحابة رسول الله أم هؤلاء

- ‌هل بشّر القرآن الصحابة بردتهم وكفرهم

- ‌نموذجان حَيّان للمزاجية في تفسير النصوص الشرعية

- ‌أ - آية آل عمران

- ‌ب - حديث المذادة عن الحوض

- ‌التعامل مع الصحابة من خلال أخطائهم

- ‌وبالمكيال الذي تكيل تُكال

- ‌رؤية ناصبي للإمام علي

- ‌1 - الإمام علي والدّين

- ‌2 - إهانة اسم الله

- ‌3 - النظرة السلبية للمرأة

- ‌4 - اتهام الإمام علي بخيانة صحابي استضافه في بيته

- ‌خلاصة الكلام

- ‌خاتمة

- ‌مراجع البحث

الفصل: ‌صحابة رسول الله كما تصورهم كتب الشيعة الإثني عشرية وعلماؤها

وقال الشيخ علي أصغر البروجردي في "طرائف المقال 2/ 399": (وهو من جملة من رأى القائم (ع) ومن جملة من انفتحت له أقفال الروضة المقدّسة وكلّمه الإمام في حكاية ذكرها السيد الجزائري في الأنوار النعمانية).

وكان من الواجب على الشيعة الإثني عشرية أن يعتبروا الصحابة مقدّسين أيضاً لأنه رأوا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم الذي ينص الشيعة على أنه أفضل من القائم، لكن هؤلاء الصحب الكرام لا مكانة لهم عند الشيعة ولا احترام بل هم عندهم شرار الخلق والخليقة!

‌صحابة رسول الله كما تصورهم كتب الشيعة الإثني عشرية وعلماؤها

عندما كنت أتصفح كتب الشيعة الإثني عشرية وهي ترمي صحابة رسول الله مرة بالانقلاب على أعقابهم ومرة بالتآمر على الإمام علي والسعي إلى إزهاق روح الدين، كان يُخيل لي بأني أتصفح سيرة عتاة مكة وكفارها أمثال أبي جهل أو أبي لهب أو أمية بن خلف أو غيرهم لكن عيني ترى شيئاً آخر!

إنّ هذه الفئة الملعونة الظالمة الجارية وراء مصالحها كما تذكر ذلك كتب الشيعة الإثني عشرية ليست إلا الفئة التي قاتلت مع رسول الله في بدر وأحد والخندق وغيرها والتي صبرت وجاهدت وتركت الأهل والولد في سبيل رفعة هذا الدين!!!

وما أنقله هنا ما هو إلا نموذج بسيط لما يُقال في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصفهم التيجاني السماوي (1) بقوله: (الصحابة أغضبوا رسول الله، استأجروا ضعفاء

(1) هذه الكلمات كانت متفرقة في كتابه (ثم اهتديت) اعتنيت بجمعها لبيان رأيه في صحابة رسول الله.

ص: 439

العقول ليرووا لهم الأحاديث الموضوعة في فضائلهم، خالفوا أمر ربهم، انقلبوا على أعقابهم .. لا يستحقون ثواب الله ولا غفرانه، تثاقلوا عن الجهاد وركنوا إلى الدنيا، ارتدوا على أدبارهم بدّلوا وغيّروا وقالوا سمعنا وعصينا).

ويصفهم النوري الطبرسي فيقول: (الذين آمنوا بألسنتهم ليحقنوا دماءهم وهم بين جاهل غبي ومعاند غوي، ولاه عن الدين وتاه في شيع الأولين، وصارف همته في ترويج كفره، وجبار يخاف من مخالفة نهيه وأمره وليس فيهم من يُرجى خيره ويؤمن شره، لا يكاد يُشك أنهم أخس قدراً وأعجز تدبيراً وأضل سبيلاً وأخسر عملاً وأجهل مقاماً وأشر مكاناً وأسفه رأياً وأشقى فطرة)(1).

ويصفهم الخميني قائد الثورة الإيرانية والنائب السابق للإمام الغائب في كتابه كشف الأسرار ما ترجمته: (أولئك الصحابة الذين لم يكن يهمهم إلا الدنيا والحصول على الحكم دون الإسلام والقرآن، والذين اتخذوا القرآن مجرد ذريعة لتحقيق نواياهم الفاسدة، قد سهل عليهم إخراج تلك الآيات من كتاب الله التي تدل على خلافة الإمام علي بلا فصل، وعلى إمامة الأئمة، وكذلك تحريف الكتاب السماوي، وإقصاء القرآن عن أنظار أهل الدنيا على وجه دائم، بحيث يبقى هذا العار في حق القرآن والمسلمين إلى يوم الدين)(2).

ويقول عنهم يوسف البحراني: (غير خفي - على ذوي العقول من أهل الإيمان وطالبي الحق من ذوي الأذهان - ما بُلي به هذا الدين من أولئك المردة المعاندين بعد موت سيد

(1) النوري الطبرسي في كتابه فصل الخطاب ص47 الباب الأول (الدليل الثاني).

(2)

كشف الأسرار ص114 الترجمة الشرعية.

ص: 440

المرسلين، وغصب الخلافة من وصيه أمير المؤمنين، وتواثب أولئك الكفرة عليه، وقصدهم بأنواع الأذى والضرر إليه) (1).

ويقول كلاماً آخر أقبح من سابقه: (اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن أهل العصمة عليهم السلام بارتداد الصحابة بعد رحلته صلى الله عليه وآله من بين أظهرهم، وهو مصداق قوله سبحانه {أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} (2) ومن المعلوم أنه ليس منشأ ذلك الارتداد إلا العكوف على عجل السامري (3)، ونقض بيعة الوصي) (4).

ويقول مرتضى محمد الحسيني النجفي: (إنّ الرسول ابتلي بأصحاب قد ارتدوا من بعده عن الدين إلا القليل)(5).

ويقول نعمة الله الجزائري: (فإنّ أغلب الصحابة كانوا على النفاق لكن كانت نار نفاقهم كامنة في زمنه، فلمّا انتقل إلى جوار ربه برزت نار نفاقهم لوصيّه ورجعوا القهقرى، ولذا قال عليه السلام (ارتد الناس كلهم بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا أربعة سلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار) وهذا مما لا إشكال فيه!) (6).

هذه هي الصورة التي يعرفها هؤلاء عن صحابة رسول الله، وقرآن المسلمين يعرف حقيقة أخرى ويجهر بها ليصك بها أسماعهم!

(1) الحدائق الناضرة 1/ 4 - 5

(2)

سورة آل عمران آية 144

(3)

يريد بذلك أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه.

(4)

الشهاب الثاقب في معنى الناصب ص202

(5)

السبعة من السلف ص7

(6)

الأنوار النعمانية ص81 (نور مرتضوي).

ص: 441

صورتان متضادتان

لا يحتاج المسلم التالي لكتاب الله الكريم أن يتجشم عناء دراسة علم التفسير حتى يستشعر التفاوت الكبير بل التضاد بين رؤية القرآن الكريم للصحابة وبين رؤية الشيعة الإثني عشرية لهم، بين الآيات التي تبشرهم بالجنان وبرضا الله عنهم وبين روايات الطعن فيهم واللعن لهم عند الشيعة الإثني عشرية.

تُرى هل كان رب العزة والجلال الذي مدحهم في القرآن يجهل من هم الصحابة وما سيفعلونه قبل مماتهم؟! كلا والله وحاشاه سبحانه عن هذا الإفك، إذاً كيف يمدحهم ويثني عليهم ويبشرهم بمغفرته ورضوانه وجنانه وهم مرتدون منقلبون على أعقابهم لم ينج منهم إلا القليل؟!!

هنا يكمن السؤال

لكن استعراضاً سريعاً لبعض النصوص القرآنية يكفي لإدراك مدى تفاوت النظرتين:

1 -

القرآن يترضى عن الصحابة والشيعة الإثنا عشرية تلعنهم!!!

قال سبحانه وتعالى {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} (1).

فالآية صريحة الدلالة على رضاء الله سبحانه وتعالى عن المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، وتبشيرهم بالفوز العظيم والخلود في جنات النعيم.

(1) سورة التوبة آية 100

ص: 442

فأي عاقل يلعن من يترضى الله عنهم؟!!

وأي لسان يستطيع أن يشتم ويلعن من زكّاهم رب العالمين؟!

وأي ضمير يستطيع أن يقول بردتهم وقد وعدهم الله الذي لا يخلف الميعاد أنهم سيغادرون الدنيا إلى جنات تجري تحتها الأنهار وأنهم خالدين فيها أبداً وأنهم من الفائزين؟!

وقال سبحانه {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} (1).

فمن أخبرنا الله سبحانه أنه علم ما في قلوبهم ورضي عنهم وأنزل السكينة عليهم فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم ولا الشك فيهم البتة (2).

وممن بايع تحت الشجرة كما هو معروف الخلفاء الراشدون وجميع من ينعتهم الشيعة الإثنا عشرية بالانقلاب على أعقابهم والردة من الصحابة رضوان الله عليهم، وهذا متفق عليه عند السنة والشيعة الإثني عشرية.

فهل علم الشيعة الإثنا عشرية عن الصحابة ما لم يعلمه الله حين امتدحهم ثم تبين بعد ذلك أنهم غير أهلٍ للمدح؟!! هل كان مدحهم خطأ؟!! حاشا الله عز وجل ذلك.

2 -

القرآن يعدهم بالحسنى والشيعة الإثنا عشرية تنزلهم منزلة أهل النفاق!!!

قال سبحانه وتعالى {لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} (3).

(1) سورة الفتح آية 18

(2)

ابن حزم في الفصل 4/ 116

(3)

سورة الحديد آية 10

ص: 443

فوعد الله عز وجل الصحابة الذين أنفقوا قبل الفتح وبعده بالحسنى، وقد حكم الله لمن وعد بالحسنى بالأمن من عذاب يوم القيامة بقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ. لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ. لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (1).

فهل بدا لله بعد ذلك أنّ من قال فيهم هذه الآيات لا يستحقونها وأنهم ارتدوا على أعقابهم وسلبوا علياً حقه في الخلافة وفعلوا وفعلوا؟!! أم نقول: صدق الله في جميع أقواله وكذب من قال بغير قوله؟

3 -

القرآن يفتخر بهم والشيعة الإثنا عشرية تتبرأ منهم!!!

قال تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (2).

فهل ذكر الله أوصافاً كهذه لصحابة رسول الله في التوراة التي يقرأها اليهود، والإنجيل الذي يقرأه النصارى تعظيماً لشأن الصحابة وافتخاراً بهم كخير صحب لخير نبي وهو سبحانه يعلم أنهم سيرتدون وينقلبون على أعقابهم ويثبتون عكس ما قيل فيهم في تلك الكتب السماوية لكي تُعطى الحجة بعد ذلك لليهودي والنصراني بأن يطعن في صدق نبوة

(1) سورة الأنبياء آية 102 - 103

(2)

سورة الفتح آية 29

ص: 444

محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنّ أصحاب ذاك النبي المبشر عندهم مذكورون بالإيمان والصلاح والتقوى ونصرة الدين بينما أصحاب محمد مرتدون ومنقلبون على أعقابهم وهم ليسوا أشداء على الكفار ورحماء بينهم بل أشداء بينهم وأرأف بالكفار منهم بقرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم!! هل كان الله يفتخر برجال لم يثبت على الإيمان منهم سوى سبعة؟!!

إنّ رجالاً كهؤلاء ممن لهثوا وراء الدنيا ونسوا نبيهم وكلام ربهم لعنة السماء أولى بهم فكيف يعدهم الله بالحسنى وبخير العاقبة؟!! بل كيف يفاخر بهم الأمم السابقة (اليهود والنصارى) وهم ليسوا أهلاً للفخر بل للاستحياء؟!!

4 -

الله يتوب عليهم ويغفر لهم زلاتهم والشيعة الإثنا عشرية لا تذكرهم إلا بتلك الزلات!!!

قال تعالى {وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} (1) وقال تعالى {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَاخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (2).

فهذه الآيات تحدثت عن الصحابة وبيّنت سعة رحمة الله لمن أذنب منهم، وبيّنت كذلك إرادة الله ومحبته للتوبة عليهم وغفران ذنوبهم، وبيّنت بالمقابل ما يريده أرباب الشهوات والضلالة بأصحاب رسول الله من الميل.

(1) سورة النساء آية 27

(2)

سورة التوبة آية 102 - 104

ص: 445

ويُضاف إلى هذه الآيات العامة ما قاله تعالى فيمن أخطأ يوم أحد ففر من القتال كعثمان ابن عفان رضي الله عنه {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيم} (1).

لكنك تجد الشيعة الإثني عشرية إلى اليوم يعيبون عثمان بن عفان ويذكرون من جملة هذه المعائب (فراره من أحد)!!

سبحان الله

أما يكفي أن يعفو الله عنه؟!

من ذا الذي يستطيع أن يسلب العباد رحمة ربهم ويستبدل عفو الله لهم بسخطه فيُعيّرهم بذنوبهم وأخطائهم التى تجاوز الله عنها وندموا هم عليها؟

لو أنّ الله عز وجل قد ملّك أحداً من البشر خزائن رحمته لما رأينا أحداً في الجنة {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً} (2).

لكن قف عند قول الله عز وجل {وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} (3) وتفكّر، من ذا الذي يجرؤ على مخالفة ما يريده الله، فيريد في قرارة نفسه أن يفتك بهؤلاء الصحابة، لاعناً كبارهم شاتماً صغارهم، طاعناً في أعراض أمهاتهم (أمهات المؤمنين) ثم يدّعي بعد ذلك أنه متبع للقرآن والسنة وأهل البيت؟!

(1) سورة آل عمران آية 155

(2)

سورة الإسراء آية 100

(3)

سورة النساء آية 27

ص: 446