الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيوب الأنصاري ومات ودُفِن هناك.
ويزيد هذا ليس هو من الصحابة، بل وُلِد في خلافة عثمان، وأما عفُه يزيد بن أبي سفيان فهو من الصحابة، وهو رجلٌ صالح، أمَّره أبو بكر في فتوح الشام ومَشى في ركابه، ووَصَّاه بوصايا معروفةٍ عند الفقهاء يعملون بها، ولما مات في خلافة عمر وَلَّى عمرُ أخاه معاويةَ مكانَه، ثمَّ وَلِي عثمانُ فأقره وولاه إلى أن قُتِل عثمان، ووُلِد له يزيد ابنُه في خلافة عُثمان.
و
لم يُسْبَ قطُّ في الإسلام أحدٌ من بني هاشم
، لا علوي ولا غير علوي، لا في خلافة يزيد ولا غيرها، وإنما سَبَى بعضَ الهاشمياتِ الكُفَّارُ من المشركين وأهلِ الكتاب، كما سَبَى التركُ المشركون من سَبَوه لما قَدِموا بغداد، وكان من أعظم [أسباب] سَبْي الهاشميات معاونةُ الرافضةِ لهم كابن العَلْقَمي وغيرِه. بل ولا قَتَلَ أحدٌ من بني مروان أحدًا من بني هاشم- لا علويّ ولا عباسيّ ولا غيرهما- إلاّ زيدَ ابن علي، قُتِلَ في خلافة هشام. وكان عبد الملك قد أرسلَ إلى الحجاج: إيَّايَ ودماء بني هاشم، فلم يَقتل الحجاجُ أحدًا من بني هاشم لا علويّ ولا عباسيّ. بل لمّا تزوج بنتَ عبدِ الله بن جعفر فأمره عبد الملك أن يُفارقَها، لأنه ليس بكُفْؤٍ لها، فلم يروه كُفْوا أن يتزوج بهاشمية.
وأما معاوية لما قُتِلَ عثمانُ مظلومًا شهيدًا، وكان عثمان قد أمرَ الناس بأن لا يُقاتِلُوا معه، وكَرِهَ أن يُقتَل أحدٌ من المسلمين بسببه،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بَشَّره بالجنَّة على بَلْوى تُصِيبُه
(1)
، فأحبَّ أن يَلقَى الله سالمًا من دماءِ المسلمين، وأن يكون مظلومًا لا ظالمًا، كخيرِ ابنَيْ اَدمَ الذي قال:(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28))
(2)
. وعلي بن أبي طالب بريءٌ من دمه لم يَقتُلْه ولم يُعِنْ عليه ولم يَرضَ، بل كان يَحلِفُ وهو الصادق المصدوقُ أني ما قتلتُ عثمانَ ولا أَعَنتُ على قتلِه ولا رضيتُ بقتلِه. ولكن لمَّا قُتِلَ عثمان وكان عامة المسلمين يحبون عثمانَ لحِلْمِه وكرمِه وحسنِ سيرتِه، وكان أهلُ الشام أعظمَ محبةَ له، فصارت شيعةُ عثمانَ إلى أهل الشام، وكثُر القيلُ والقالُ كما جَرتِ العادةُ بمثل ذلك من الفتن، فشَهِدَ قوم بالزُّور على علي أنه أعان على دم عثمان، فكان هذا مما أوغَرَ قلوبَ شيعة عثمان على عليّ، فَلم يبايعوه، وآخرون يقولون: إنه خَذَلَه وتَرَك ما يَجبُ من نَصْرِه، وقَوىَ هذا عندهم أنَّ القَتَلَة تحيَّزتْ إلى عسكرِ عليَّ، وكان عليّ وطلحة والزبيرُ قد اتفقوا في الباطن على إمساك قَتَلَةِ عثمان، فسَعَوا بذلك، فأقاموا الفتنةَ عامَ الجمل، حتى اقتتلوا من غير أن يكون عليٌّ أرادَ القتالَ ولا طلحةُ ولا الزبيرُ، بل كان المحرِّكُ للقتال الذين أقاموا الفتنةَ على عثمان.
فلمَّا طلبَ عليّ من معاوية ورعيتِه أن يبايعوه امتنعوا عن بيعته، ولم يبايعوا معاويةَ، ولا قالَ أحدٌ قطُّ: إن معاويةَ مثلُ علي، أو إنّه أحق من علي بالبيعة، بل الناس كانوا متفقين على أن عليَّا أفضلُ وأحق،
(1)
أخرجه البخاري (3674) ومسلم (2403) من حديث أبي موسى الأشعري.
(2)
سورة المائدة: 28.