الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماعات التكفير
مداخلة:
…
لا يسلم جنسه من المسلمين
…
ويذكرونهم بحجة أنهم
…
الشيخ: نأسف لهذا؛ لأن هذه الجماعة كانت قد ظهرت منذ بضع سنين، وأثارت المشاكل بين الشباب المسلم وانحرفوا عما كان عليه سلفنا الصالح، والبحث في هذا في الواقع طويل الذيل؛ لأن هؤلاء اندفعوا بعواطف إسلامية جامحة لم تقترن مع المعرفة الصحيحة بالكتاب والسنة، وقد كنا التقينا مع جماعات عديدة هناك في دمشق ثم في عمان منذ نحو قريب من عشر سنين، وتداولنا البحث والنقاش معهم طويلًا وطويلًا جدًا، وأذكر أننا اجتمعنا في ليلة بعد صلاة المغرب واستمر النقاش، وكان رئيسهم قد استحضر كتاب الظلال لسيد قطب رحمه الله، وكتاب التوحيد وشرحه يحتج ببعض المقالات أو الأقوال التي جاءت هناك على تكفير المسلمين جملًة وتفصيلًا، فكانوا لا يحضرون الجمعة ولا الجماعة، ولا يصلون في مساجد المسلمين، ويكفرونهم جميعًا بدءاً من الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله وهذا بلا شك حقيقة مؤسفة، وإن كان ليس هذا الإطلاق على بابه تمامًا، ولكنهم مع ذلك لم يتخذوا الإسلام حكَمًا لهم وحكْمًا لهم.
الشاهد: بدءاً من الحاكم إلى الكناس الذي يكنس المسجد، كل هؤلاء عندهم كفار، استمر الحديث إلى أذان العشاء، فقلنا لأحدهم: أذن، فاستأذن فعرفنا أنهم لا يصلون خلفنا، فانصرفوا وصلينا نحن متواعدين معهم على أن نجتمع في بيتهم في ليلة أخرى بيناها، فكان اللقاء الثاني في دارهم استمر إلى نصف الليل، بعد صلاة المغرب إلى نصف الليل، وقبل نصف الليل أقمنا صلاة العشاء فشعرنا بأن جهدنا وتعبنا في هذه الليلة والليلة السابقة لم يذهب والحمد لله سدى حيث أنهم شاركونا في الصلاة في الاجتماع الثاني، ثم اتفقنا على الاجتماع في ليلة ثالثة، وكان ذلك فاستمر الاجتماع من بعد صلاة المغرب إلى أذان الفجر،
…
لكنها كانت الضربة القاضية كما يقولون في الرياضة والمصارعة ونحو ذلك، وهم إلى الآن والحمد لله معنا؛ لأنه تبين لهم أنهم كانوا في ضلال مبين، كانوا لا يفهمون بعض النصوص من الكتاب والسنة إلا على طريقة الخوارج القدامى.
ولذلك فنحن لم ننتسب إلى السلف عبثًا ولا نقول عبثًا حينما نقول: لا يكفي للمسلمين أن يقولوا: نحن ندعو إلى الكتاب والسنة وفقط، بل نحن نزيد ونقول: إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، ما هو السبب، من أين جاءت هذه الإضافة؟ من قوله تعالى ومن قوله عليه السلام، من ذلك مثلًا قوله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ
سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] فنجد هنا في هذه الآية يقول ربنا عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] ترى! قوله عز وجل: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] هذه الجملة لها فائدة .. لها حكمة من ذكرها وإلا ذكرت من باب زيادة البيان، فلو أنها حذفت لم ينقض من حكمها شيئًا طبعًا؟ الجواب: كلام الله عز وجل كله حكم وكله حق، فقوله تبارك وتعالى:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] بينه الإمام الشافعي حينما استدل بهذه الآية على إثبات إجماع المسلمين، أي: إثبات عمل المسلمين على شيء فهو حجة على الذين يأتون من بعدهم.
فهذه الآيات والأحاديث التي يستدل بها هؤلاء الذين يقال عنهم أحيانًا: إنهم جماعة تكفير أو جماعة الهجرة أو الخوارج أو نحو ذلك هذه الآيات يجب أن تفهم على ضوء ما جرى عليه السلف الصالح، فلا هم يلوون رؤوسهم إذا ما جاء في تفاسير علمائنا عن السلف بل هم يركبون رؤوسهم ويفسرون النصوص بتفاسير غير صحيحة وبحيث تتعارض مع بعض النصوص التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وختامًا للكلام على هذه المسألة أقول: إذا عرفتم أن البحث جرى في أول ليلة من بعد المغرب إلى العشاء وثاني ليلة من بعد المغرب إلى قرابة نصف
الليل، وفي الليلة الثالثة من بعد المغرب إلى مطلع الفجر فتعلمون أن المسألة ليست من السهولة حتى ندخل في مناقشة هؤلاء في أدلتهم أو على الأصح في أوهامهم.
فنسأل الله عز وجل لهم الهداية والتوفيق لاتباع ما كان عليه سلفنا الصالح في فهمهم لنصوص الكتاب والسنة.
(فتاوى جدة - 5/ 00: 21: 01)